الدورة 20 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش: تنوّع الأجناس الفيلمية
سينما
تميز اختيار المشاريع المشاركة هذه السنة بتنوع الأجناس الفيلمية
شارك هذا المقال
حجم الخط
أسدلت الستارة قبل أيام على الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم في مراكش (المغرب)، الذي شهد عرض 45 شريطًا من 36 دولة، ضمن أقسام عدّة: "المسابقة الرسمية"، و"العروض الاحتفالية"، و"العروض الخاصة"، و"القارة الحادية عشرة"، و"بانوراما السينما المغربية"، و"عروض الأفلام للجمهور الناشئ"، و"عروض ساحة جامع الفنا"، و"التكريمات". إضافة إلى المسابقة الرسمية المخصّصة للأفلام الطويلة الأولى والثانية لمخرجيها، والتي تهدف إلى الكشف عن مواهب جديدة في السينما العالمية.
ترأست لجنة التحكيم الممثلة الأميركية الحائزة على جائزة الأوسكار، جيسيكا شاستين. وعرفت الدورة الحالية تكريم الممثل الدانماركي مادس ميكلسن وسط حضور كثيف لنجوم السينما العالمية. وهو من الممثلين المعاصرين القلائل الذين تفوقوا في تجسيد أدوار في أكثر أفلام هوليوود وسينما المؤلف الأوروبية نجاحًا. إضافة إلى تكريم المخرج المغربي الموهوب فوزي بن السعيدي، الذي استطاع أن يوقع على مسار مهني حافل، سواء خلف الكاميرا، أو أمامها، فهو مؤلف رائد في السينما المغربية، وأحد أبرز ممثليها على الصعيد العالمي. سجلت أفلامه حضورًا لافتًا في عدة مهرجانات عالمية، من كان إلى برلين، مرورًا بتورونتو، والبندقية.
وقد أكد منظّمو المهرجان أنّ الأفلام المرشّحة للفوز بـ"النجمة الذهبية" تنتمي إلى مختلف الأجناس السينمائية؛ من الأساطير الجديدة إلى الأفلام الوثائقية، مرورًا بالفيلم الأسود، إلى السخرية السياسية. إذ قدّم المخرجون ضمن المسابقة الرسمية، قصص الحب والحكايات العائلية، بإنتاجات عالية المستوى، تلامس موضوعات التربية والذاكرة والتاريخ، وتقارب صورة الشباب في بحثه عن الحقيقة والحرية.
لكن، لم تمنع الأجواء الاحتفالية في المهرجان من أن تخيّم أجواء من الحزن على ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة. وقد كانت من مظاهر الحزن إلغاء فقرة التقاط صور النجوم على البساط الأحمر، وعرض الأفلام على شاشات في ساحة "جامع الفنا" الشهيرة.
وضمّت "المسابقة الرسمية" أفلامًا عدّة، من بينها "كذب أبيض" لأسماء المدير، و"عصابات" لكمال الأزرق، و"الهدير الصامت" لجوني بارينكتون، و"يوم الثلاثاء" لداينا. أو. بوسيتش. وضمّت لجنة التحكيم الممثلة الإيرانية زَر أمير، والممثلة الفرنسية كامي كوتان، والممثل والمخرج الأسترالي جويل إدجيرتون، والمخرجة البريطانية جوانا هوك، والمخرجة الأميركية دي ريس، والمخرج السويدي ـ المصري طارق صالح، والممثل السويدي ألكسندر سكارسغارد، والكاتبة الفرنسية ـ المغربية ليلى سليماني. وافتُتحت الدورة بفيلم "قاتل مستأجر"، وهو كوميديا بإيقاع سريع من إخراج ريتشارد لينكلاتر، ويمزج بين الحركة والكوميديا الرومانسية، أدى فيه دور البطولة كلين باول.
لكن المفاجأة والحدث هو فوز المخرجة المغربية أسماء المدير بالنجمة الذهبية للمهرجان عن فيلمها "كذب أبيض"، وهو الفيلم الذي سبق أن فاز بجائزة أفضل إخراج خلال مهرجان كان السينمائي، الدورة 76، في فقرة "نظرة ما"، عام 2023. وقد قضت المخرجة عشر سنوات في تصويره، وسبق للجزيرة الوثائقية أن دعمت هذا الفيلم خلال مراحل إنجازه المبكرة، وهو فيلم وثائقي يروي قصة المخرجة المغربية الشابة التي تذهب إلى منزل والديها في مدينة الدار البيضاء لمساعدتهما على الانتقال إلى بيت جديد، فتبدأ في فرز أغراض طفولتها. وفجأة تعثر على صورة أطفال يبتسمون في ساحة مدرسة للأطفال. تتوالى المشاهد وتنخرط الأسرة برمتها في صناعة دُمى ومجسمات تمثل كل فرد من العائلة والجيران، من خلال ورشة مفتوحة، تنتهي في نهاية الفيلم باكتمال صورة الحي الذي كانت تقطن فيه المخرجة رفقة عائلتها، بينما الجدة تبدي تعنتًا في الانخراط في هذه العملية، رغم إلحاح الحفيدة/ المخرجة لاستدراجها نحو إشراكها مع باقي أفراد الأسرة.
واختُتمت العروض الاحتفالية بفيلم "ميكينك أوف" لسيدريك خان، وهو كوميدي اجتماعي يعرض كواليس التصوير السينمائي، من بطولة جوناثان كوهين. أما قسم العروض الخاصة فقدّم ستة عشر فيلمًا معاصرًا، بعضها من إنجاز مخرجين مرموقين، أمثال نيكولاي أرسيل، برتراند بونيلو، ومنية شكري... وقدّم هذا القسم إلى دائرة الضوء الموجة الجديدة للسينما العالمية من خلال فيلم "أنيماليا"، الذي تروي فيه صوفيا علوي قصة شاعرية؛ و"أووبا" لسودابة مرتضى، التي سبق أن فازت بـ"النجمة الذهبية" للمهرجان المغربي؛ و"شرح كل شيء" لجابور ريس، الذي يتناول مسألة التربية.
تميز اختيار المشاريع والأفلام المشاركة هذه السنة بتنوع الأجناس الفيلمية التي تعكس إبداع المخرجين والمخرجات من المنطقة؛ وفي أغلب الأنواع الفيلمية، من فيلم الرعب، والفيلم الطويل والفيلم الوثائقي، وفيلم الواقعية السوداء والشاعرية في الآن نفسه. وتجدر الإشارة إلى أن عدد المهنيات قد ارتفع هذه الدورة، إذ بلغ إحدى عشرة مخرجة سينمائية بينهن أربع مغربيات.
كما استقبلت هذه الدورة مواهب جديدة تحمل رؤى مفعمة بالجرأة، مثل ليلى بسمة من لبنان، التي عرضت فيلمها القصير لأول مرة في المسابقة الرسمية بمهرجان البندقية، والفنان المتعدد المواهب سامي بالوجي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، والذي يحظى بالاعتراف بإبداعاته على الصعيد الدولي. وقد تمّ اقتباس فيلمه في مشروع سيناريو لبيير باولو بازوليني.
وفي باب الورشات، عرضت هذه الدورة ورشات الأطلس، وقدمت مشاريع جديدة لمخرجين معروفين في الساحة الدولية، مثل التونسيين يوسف الشابي، وأريج السحيري، اللذين سبق لهما أن شاركا في قسم "أسبوع المخرجين" في مهرجان كان، إضافة إلى خضر عيدروس أحمد من الصومال، الذي حقق فيلمه "زوجة حفار القبور" نجاحًا كبيرًا.
كما استفاد 25 فيلمًا ومشروعًا تم اختيارها من مواكبة خاصة ذات جودة عالية من قبل مستشارين في كتابة السيناريو والإنتاج والتوزيع والمونتاج والموسيقى، وذلك قبل المشاركة في سوق الإنتاج المشترك الذي يجمع زهاء 250 مهنيًا دوليًا معتمدًا. ومنحت لجان التحكيم جوائز مالية تبلغ قيمتها الإجمالية 126 ألف يورو.
سينما
تميز اختيار المشاريع المشاركة هذه السنة بتنوع الأجناس الفيلمية
شارك هذا المقال
حجم الخط
أسدلت الستارة قبل أيام على الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم في مراكش (المغرب)، الذي شهد عرض 45 شريطًا من 36 دولة، ضمن أقسام عدّة: "المسابقة الرسمية"، و"العروض الاحتفالية"، و"العروض الخاصة"، و"القارة الحادية عشرة"، و"بانوراما السينما المغربية"، و"عروض الأفلام للجمهور الناشئ"، و"عروض ساحة جامع الفنا"، و"التكريمات". إضافة إلى المسابقة الرسمية المخصّصة للأفلام الطويلة الأولى والثانية لمخرجيها، والتي تهدف إلى الكشف عن مواهب جديدة في السينما العالمية.
ترأست لجنة التحكيم الممثلة الأميركية الحائزة على جائزة الأوسكار، جيسيكا شاستين. وعرفت الدورة الحالية تكريم الممثل الدانماركي مادس ميكلسن وسط حضور كثيف لنجوم السينما العالمية. وهو من الممثلين المعاصرين القلائل الذين تفوقوا في تجسيد أدوار في أكثر أفلام هوليوود وسينما المؤلف الأوروبية نجاحًا. إضافة إلى تكريم المخرج المغربي الموهوب فوزي بن السعيدي، الذي استطاع أن يوقع على مسار مهني حافل، سواء خلف الكاميرا، أو أمامها، فهو مؤلف رائد في السينما المغربية، وأحد أبرز ممثليها على الصعيد العالمي. سجلت أفلامه حضورًا لافتًا في عدة مهرجانات عالمية، من كان إلى برلين، مرورًا بتورونتو، والبندقية.
وقد أكد منظّمو المهرجان أنّ الأفلام المرشّحة للفوز بـ"النجمة الذهبية" تنتمي إلى مختلف الأجناس السينمائية؛ من الأساطير الجديدة إلى الأفلام الوثائقية، مرورًا بالفيلم الأسود، إلى السخرية السياسية. إذ قدّم المخرجون ضمن المسابقة الرسمية، قصص الحب والحكايات العائلية، بإنتاجات عالية المستوى، تلامس موضوعات التربية والذاكرة والتاريخ، وتقارب صورة الشباب في بحثه عن الحقيقة والحرية.
لكن، لم تمنع الأجواء الاحتفالية في المهرجان من أن تخيّم أجواء من الحزن على ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة. وقد كانت من مظاهر الحزن إلغاء فقرة التقاط صور النجوم على البساط الأحمر، وعرض الأفلام على شاشات في ساحة "جامع الفنا" الشهيرة.
"ترأست لجنة التحكيم الممثلة الأميركية الحائزة على جائزة الأوسكار، جيسيكا شاستين. وعرفت الدورة الحالية تكريم الممثل الدانماركي مادس ميكلسن" |
وضمّت "المسابقة الرسمية" أفلامًا عدّة، من بينها "كذب أبيض" لأسماء المدير، و"عصابات" لكمال الأزرق، و"الهدير الصامت" لجوني بارينكتون، و"يوم الثلاثاء" لداينا. أو. بوسيتش. وضمّت لجنة التحكيم الممثلة الإيرانية زَر أمير، والممثلة الفرنسية كامي كوتان، والممثل والمخرج الأسترالي جويل إدجيرتون، والمخرجة البريطانية جوانا هوك، والمخرجة الأميركية دي ريس، والمخرج السويدي ـ المصري طارق صالح، والممثل السويدي ألكسندر سكارسغارد، والكاتبة الفرنسية ـ المغربية ليلى سليماني. وافتُتحت الدورة بفيلم "قاتل مستأجر"، وهو كوميديا بإيقاع سريع من إخراج ريتشارد لينكلاتر، ويمزج بين الحركة والكوميديا الرومانسية، أدى فيه دور البطولة كلين باول.
لكن المفاجأة والحدث هو فوز المخرجة المغربية أسماء المدير بالنجمة الذهبية للمهرجان عن فيلمها "كذب أبيض"، وهو الفيلم الذي سبق أن فاز بجائزة أفضل إخراج خلال مهرجان كان السينمائي، الدورة 76، في فقرة "نظرة ما"، عام 2023. وقد قضت المخرجة عشر سنوات في تصويره، وسبق للجزيرة الوثائقية أن دعمت هذا الفيلم خلال مراحل إنجازه المبكرة، وهو فيلم وثائقي يروي قصة المخرجة المغربية الشابة التي تذهب إلى منزل والديها في مدينة الدار البيضاء لمساعدتهما على الانتقال إلى بيت جديد، فتبدأ في فرز أغراض طفولتها. وفجأة تعثر على صورة أطفال يبتسمون في ساحة مدرسة للأطفال. تتوالى المشاهد وتنخرط الأسرة برمتها في صناعة دُمى ومجسمات تمثل كل فرد من العائلة والجيران، من خلال ورشة مفتوحة، تنتهي في نهاية الفيلم باكتمال صورة الحي الذي كانت تقطن فيه المخرجة رفقة عائلتها، بينما الجدة تبدي تعنتًا في الانخراط في هذه العملية، رغم إلحاح الحفيدة/ المخرجة لاستدراجها نحو إشراكها مع باقي أفراد الأسرة.
واختُتمت العروض الاحتفالية بفيلم "ميكينك أوف" لسيدريك خان، وهو كوميدي اجتماعي يعرض كواليس التصوير السينمائي، من بطولة جوناثان كوهين. أما قسم العروض الخاصة فقدّم ستة عشر فيلمًا معاصرًا، بعضها من إنجاز مخرجين مرموقين، أمثال نيكولاي أرسيل، برتراند بونيلو، ومنية شكري... وقدّم هذا القسم إلى دائرة الضوء الموجة الجديدة للسينما العالمية من خلال فيلم "أنيماليا"، الذي تروي فيه صوفيا علوي قصة شاعرية؛ و"أووبا" لسودابة مرتضى، التي سبق أن فازت بـ"النجمة الذهبية" للمهرجان المغربي؛ و"شرح كل شيء" لجابور ريس، الذي يتناول مسألة التربية.
تميز اختيار المشاريع والأفلام المشاركة هذه السنة بتنوع الأجناس الفيلمية التي تعكس إبداع المخرجين والمخرجات من المنطقة؛ وفي أغلب الأنواع الفيلمية، من فيلم الرعب، والفيلم الطويل والفيلم الوثائقي، وفيلم الواقعية السوداء والشاعرية في الآن نفسه. وتجدر الإشارة إلى أن عدد المهنيات قد ارتفع هذه الدورة، إذ بلغ إحدى عشرة مخرجة سينمائية بينهن أربع مغربيات.
كما استقبلت هذه الدورة مواهب جديدة تحمل رؤى مفعمة بالجرأة، مثل ليلى بسمة من لبنان، التي عرضت فيلمها القصير لأول مرة في المسابقة الرسمية بمهرجان البندقية، والفنان المتعدد المواهب سامي بالوجي من جمهورية الكونغو الديمقراطية، والذي يحظى بالاعتراف بإبداعاته على الصعيد الدولي. وقد تمّ اقتباس فيلمه في مشروع سيناريو لبيير باولو بازوليني.
وفي باب الورشات، عرضت هذه الدورة ورشات الأطلس، وقدمت مشاريع جديدة لمخرجين معروفين في الساحة الدولية، مثل التونسيين يوسف الشابي، وأريج السحيري، اللذين سبق لهما أن شاركا في قسم "أسبوع المخرجين" في مهرجان كان، إضافة إلى خضر عيدروس أحمد من الصومال، الذي حقق فيلمه "زوجة حفار القبور" نجاحًا كبيرًا.
كما استفاد 25 فيلمًا ومشروعًا تم اختيارها من مواكبة خاصة ذات جودة عالية من قبل مستشارين في كتابة السيناريو والإنتاج والتوزيع والمونتاج والموسيقى، وذلك قبل المشاركة في سوق الإنتاج المشترك الذي يجمع زهاء 250 مهنيًا دوليًا معتمدًا. ومنحت لجان التحكيم جوائز مالية تبلغ قيمتها الإجمالية 126 ألف يورو.