العنصر الذهني ، طبيعة الهيجان
٢ - طبيعة الهيجان
قلنا ان الهيجان حالة انفعالية :
١ - متولدة من فكرة ،
٢ - ومصحوبة بتبدلات فيسيولوجية . ونريد الآن ان نبحث في كل من هذين المنصرين .
١ - العنصر الذهني
تبين لك ان الهيجان لا يخلو من العناصر الفكرية ، مثال ذلك الخوف ، فهو لا يخلو من ادراك الخطر ، وكذلك الغضب ، فهو لا يخلو من ذكرى المعايب والمشاين والمعاير التي اصابتنا . وكلما كان الهيجان أشد كان العنصر الذهني الموجود فيه أغنى . مثال ذلك العاطفة الدينية والعاطفة الأدبية ، والعاطفة الفنية ، وغيرها من العواطف المركبة ، فهي تشتمل على كثير من العناصر الفكرية .
هذا الذي حمل أصحاب المذهب الذهني على القول ان الهيجان متولد من الفاعلية العقلية . وقدرأيت كيف كان ( ديكارت ) يعلل اللذات والآلام النفسانية بالآراء والأحكام . أما ( هربارت ( فقد زعم ان السيكولوجيا هي ( ميكانيكا الروح ، ، وان التصورات هي القوى الوحيدة التي تحرك النفس ، وأن الحساسية تتولد من تأثير التصورات بعضها في بعض ، فيجد الانسان لذة في توافق التصورات ، وألماً في تباينها وتخالفها . لأن كل تصور قوة ، فاذا اتجهت هذه القوى إلى جهة واحدة انضم بعضها إلى بعض و ازدادت فاعليتها وإذا تخالفت عاق بعضها بعضاً وتأخرت سرعتها . فاللذة تتولد من اتساق القوى المتحدة و انسجامها ، والألم ينشأ عن تخالفها وتوقفها ( Hemmung ) . ولنوضح ما تقدم بمثال : هبني انتظرت مجيء صديق لي مدة طويلة ، فعللت نفسي بلقائه ، وأعددت له ما بوسعي من أسباب الحفاوة ووسائل التسلية ، ووضعت خطة للمتنزهات التي سنؤمها معا . فاذا جاءني نبأ بوصوله فرحت ، وإذا ذهبت إلى المحطة استقبله زاد سروري به ، لأن وصوله يحدث في نفسي
تصوراً موافقاً للتصورات الأولى ، فيتحد بها وينسجم معها . ولكني إذا انتظرته طويلا ثم عدت بخفي حنين آلمني تأخره ، أو عدم مجيئه ، لأن هذا التصور الأخير مخالف لجميع تصوراتي السابقة .
ومع أن ظاهر هذه النظرية يدل على أنها مخالفة لنظرية أرسطو ، فإن العلماء وجدوا بين النظريتين تشابها ، لأن التصور في زعم ) هربارت ( ليس حالة ساكنة ، وإنما هو قوة محركة ، ولذلك كان اتفاق القومى باعثاً على ازدياد الفاعلية ، وتخالفها داعياً إلى نقصانها . قال ( نهلوسكي Nahlowsky ) أحد تلاميذ ( هربارت ) :
يمكننا تعريف العاطفة بقولنا انها إدراك مباشر لتوقف حركة التصورات الموجودة في النفس أو لازديادها . ولكن ، لما كانت التصورات هي القوى الفاعلة في النفس ، كان كل توقف أو ازدياد في حركتها باعثاً على التوقف أو الازدياد في فاعلية النفس . فيمكننا التعبير إذن عن المعنى السابق بقولنا : العاطفة . الشعور بازدياد فاعلية النفس أو بتناقصها ، ( ۱ )
ولذلك قال جورج دوماس : ان نظرية ( هربارت ( تفسر الإنفعالي بالعقلي ( راجع كتاب الحزن والسرور ص - ٤٠٣ )
وجملة القول أن عناصر الهيجان الثلاثة يتلو بعضها بعضاً في المذهب الذهني على الوجه التالي : ١ - الفكرة ، ٢ - الإنفعال ، ٣ - الظواهر الفيسيولوجية . مثال ذلك : اني ادرك الخطر ، فأخاف ، ثم ارتجف ؛ وأطلع على الرزية التي أصابتني ، فأحزن ، ثم أبكي .
نقد هذه النظرية . - ليس غرض أصحاب المذهب الذهني تعليل اللذات والآلام الجسمانية بالأفكار والتصورات ، لأنه لا أثر للتصور الواضح في علاقة طعم التفاح بالغدد اللعابية ولكن غرضهم إيضاح اللذات والآلام النفسانية ) أي الهيجانات أو الإنفعالات ) ونريد الآن أن ننقد نظريتهم ضمن هذه الحدود .
ان هذه النظرية لا تستطيع تعليل السرور المفاجيء ، فقد أصادف صديقاً لم أفكر أبداً في
لقائه ، فأفرح بهذا اللقاء من غير أن يكون هناك توافق في التصورات ، فما كل توافق بباعث على اللذة ، ولا كل تخالف بباعث على الألم . مثال ذلك أني أحزن لموت صديقي رغم علمي بأنه سيموت ، وأفرح بشفائه رغم يأسي منه . فالهيجانات الملائمة تتولد من توافق الميول والنزعات ، لا من توافق التصورات . والهيجانات المنافية تتولد من عدم موافقة النزعات للظروف الواقعية . أضف إلى ذلك أن أصحاب هذا المذهب يهملون تأثير العوامل الفيسيولوجية ، وهي ضرورية ، لأنه لا يخلوتهيج نفسي منها . وسيتضح لك ذلك بعد قراءة الفقرات التالية ؟
( شكل - ۱۹ ) ظواهر الهيجانات عند الشمبانزي
من اليمين إلى اليسار ومن فوق إلى تحت : ( ١ ) الهدوه ( ۲ ) الحزن ( ۳ ) الضحك ( ٤ ) الفم ( ٥ ) الغضب ( ٦ ) الهياج .
( نقلا عن ن . كوهتس )
٢ - طبيعة الهيجان
قلنا ان الهيجان حالة انفعالية :
١ - متولدة من فكرة ،
٢ - ومصحوبة بتبدلات فيسيولوجية . ونريد الآن ان نبحث في كل من هذين المنصرين .
١ - العنصر الذهني
تبين لك ان الهيجان لا يخلو من العناصر الفكرية ، مثال ذلك الخوف ، فهو لا يخلو من ادراك الخطر ، وكذلك الغضب ، فهو لا يخلو من ذكرى المعايب والمشاين والمعاير التي اصابتنا . وكلما كان الهيجان أشد كان العنصر الذهني الموجود فيه أغنى . مثال ذلك العاطفة الدينية والعاطفة الأدبية ، والعاطفة الفنية ، وغيرها من العواطف المركبة ، فهي تشتمل على كثير من العناصر الفكرية .
هذا الذي حمل أصحاب المذهب الذهني على القول ان الهيجان متولد من الفاعلية العقلية . وقدرأيت كيف كان ( ديكارت ) يعلل اللذات والآلام النفسانية بالآراء والأحكام . أما ( هربارت ( فقد زعم ان السيكولوجيا هي ( ميكانيكا الروح ، ، وان التصورات هي القوى الوحيدة التي تحرك النفس ، وأن الحساسية تتولد من تأثير التصورات بعضها في بعض ، فيجد الانسان لذة في توافق التصورات ، وألماً في تباينها وتخالفها . لأن كل تصور قوة ، فاذا اتجهت هذه القوى إلى جهة واحدة انضم بعضها إلى بعض و ازدادت فاعليتها وإذا تخالفت عاق بعضها بعضاً وتأخرت سرعتها . فاللذة تتولد من اتساق القوى المتحدة و انسجامها ، والألم ينشأ عن تخالفها وتوقفها ( Hemmung ) . ولنوضح ما تقدم بمثال : هبني انتظرت مجيء صديق لي مدة طويلة ، فعللت نفسي بلقائه ، وأعددت له ما بوسعي من أسباب الحفاوة ووسائل التسلية ، ووضعت خطة للمتنزهات التي سنؤمها معا . فاذا جاءني نبأ بوصوله فرحت ، وإذا ذهبت إلى المحطة استقبله زاد سروري به ، لأن وصوله يحدث في نفسي
تصوراً موافقاً للتصورات الأولى ، فيتحد بها وينسجم معها . ولكني إذا انتظرته طويلا ثم عدت بخفي حنين آلمني تأخره ، أو عدم مجيئه ، لأن هذا التصور الأخير مخالف لجميع تصوراتي السابقة .
ومع أن ظاهر هذه النظرية يدل على أنها مخالفة لنظرية أرسطو ، فإن العلماء وجدوا بين النظريتين تشابها ، لأن التصور في زعم ) هربارت ( ليس حالة ساكنة ، وإنما هو قوة محركة ، ولذلك كان اتفاق القومى باعثاً على ازدياد الفاعلية ، وتخالفها داعياً إلى نقصانها . قال ( نهلوسكي Nahlowsky ) أحد تلاميذ ( هربارت ) :
يمكننا تعريف العاطفة بقولنا انها إدراك مباشر لتوقف حركة التصورات الموجودة في النفس أو لازديادها . ولكن ، لما كانت التصورات هي القوى الفاعلة في النفس ، كان كل توقف أو ازدياد في حركتها باعثاً على التوقف أو الازدياد في فاعلية النفس . فيمكننا التعبير إذن عن المعنى السابق بقولنا : العاطفة . الشعور بازدياد فاعلية النفس أو بتناقصها ، ( ۱ )
ولذلك قال جورج دوماس : ان نظرية ( هربارت ( تفسر الإنفعالي بالعقلي ( راجع كتاب الحزن والسرور ص - ٤٠٣ )
وجملة القول أن عناصر الهيجان الثلاثة يتلو بعضها بعضاً في المذهب الذهني على الوجه التالي : ١ - الفكرة ، ٢ - الإنفعال ، ٣ - الظواهر الفيسيولوجية . مثال ذلك : اني ادرك الخطر ، فأخاف ، ثم ارتجف ؛ وأطلع على الرزية التي أصابتني ، فأحزن ، ثم أبكي .
نقد هذه النظرية . - ليس غرض أصحاب المذهب الذهني تعليل اللذات والآلام الجسمانية بالأفكار والتصورات ، لأنه لا أثر للتصور الواضح في علاقة طعم التفاح بالغدد اللعابية ولكن غرضهم إيضاح اللذات والآلام النفسانية ) أي الهيجانات أو الإنفعالات ) ونريد الآن أن ننقد نظريتهم ضمن هذه الحدود .
ان هذه النظرية لا تستطيع تعليل السرور المفاجيء ، فقد أصادف صديقاً لم أفكر أبداً في
لقائه ، فأفرح بهذا اللقاء من غير أن يكون هناك توافق في التصورات ، فما كل توافق بباعث على اللذة ، ولا كل تخالف بباعث على الألم . مثال ذلك أني أحزن لموت صديقي رغم علمي بأنه سيموت ، وأفرح بشفائه رغم يأسي منه . فالهيجانات الملائمة تتولد من توافق الميول والنزعات ، لا من توافق التصورات . والهيجانات المنافية تتولد من عدم موافقة النزعات للظروف الواقعية . أضف إلى ذلك أن أصحاب هذا المذهب يهملون تأثير العوامل الفيسيولوجية ، وهي ضرورية ، لأنه لا يخلوتهيج نفسي منها . وسيتضح لك ذلك بعد قراءة الفقرات التالية ؟
( شكل - ۱۹ ) ظواهر الهيجانات عند الشمبانزي
من اليمين إلى اليسار ومن فوق إلى تحت : ( ١ ) الهدوه ( ۲ ) الحزن ( ۳ ) الضحك ( ٤ ) الفم ( ٥ ) الغضب ( ٦ ) الهياج .
( نقلا عن ن . كوهتس )
تعليق