ما هو عمل اللذة والالم في الحياة .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هو عمل اللذة والالم في الحياة .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    ما هو عمل اللذة والالم في الحياة

    ه ـ ما هو عمل اللذة والالم في الحياة

    إذا تأملت ما ذكرنا من شروط اللذة والألم علمت وتبين لك أن لكل منها دورا يقوم به في الحياة ، فما هي وظيفة اللذة ، وما هي وظيفة الألم .

    ١ - وظيفة اللذة : - اللذة نداء يدعو الإنسان إلى العمل ، لأنها تقوي الميول وتغذي الرغائب ، فتترك الإنسان في ظلال من الامل ، وتوهمه أنه لم يتمتع بها كل التمتع ، فيرغب في الحصول على لذة ثانية أكمل من الاولى - هذا ما حمل فلاسفة الاخلاق منذ القدم على القول : إن اللذة غاية الحياة ، وخيرها الاعلى ، حتى انك لتجد مبدأ اللذة هذا . في فلسفة ( استوارت میل ) و ( سبنسر ) . ولسنا نريد الآن أن نبحث في اللذة والالم من الوجهة الخلقية ، لاننا سنعود إلى ذلك في علم الاخلاق ، إلا أننا نريد أن نقول في ذلك قولاً واحداً وهو : أن اللذة ليست غاية الحياة وأساس الفعل ، وإنما هي كما قال ( ارسطو ) كمال نهائي ينضم إلى الفعل ويتوجه ، فالأم التي تجد لذة في التضحية بنفسها في سبيل أولادها لا تبحث بالتضحية اللذة ، بل عن سعادة أولادها . لا شك أن اللذة ساعدت على التضحية وجعلتها حلوة ، الا أنها ليست علتها الضرورية ولا هـي غايتها . وكذلك البخيل الذي يحد لذته في جمع الذهب ، فهو مولع بالذهب لا باللذة ( ۱ ) . فغاية الحياة إذن هي الفعل لا الانفعال .

    ومع ذلك فاللذة دليل يرشد الإنسان إلى غايته ، ويحثه على جر المنفعة إلى نفسه ، أو دفع المضرة عنها ، وهي تنعش قواه ، وتحيي نشاطه ، وتحبب اليه الحياة والعمل . وكلما نجح الإنسان في أمر ، وقضى لبانته منه ، وجد فيه لذة ، فتبعثه هذه اللذة على النشاط والإقدام ومتابعة الفعل . وما أقسى الحياة التي يرغم الإنسان فيها على العمل دون لذة . إن حياة المصائب والأرزاء ثقيلة الحمل ، ولولا نور الأمل الذي يشرق علينا لعشنا في ظلام دامس . إلا أن دليل اللذة كما رأيت ليس صادقاً دائما ، لأنه كثيراً ما يقود إلى التهلكة . اضف إلى ذلك أن اللذة إذا خرجت عن حد الاعتدال انقلبت إلى ألم يضعف الفاعلية ، ويبعثر النفس ، ويو هن العزم ، وينضب ماء الحياة ، ويحمد القلب ، ويقلب صفاء الإنسان إلى كدر ، ويجعل عذوبة عواطفه شقاء وظلاماً .

    ٢ - وظيفة الألم :
    - الألم أيضاً نداء يدعو الإنسان إلى العمل ، وهو نداء بليغ نصغي اليه بكليتنا ، فينفخ فينـاء ربح النشاط ، ويبعثنا على الاستجابة لندائه بسرعة . و هو كاللذة أيضاً دليل يرشد النفوس الى حفظ أجسادها ، وصيانة هياكلها من الآفات العارضة لها . وما زال فلاسفة التقشف يذكرون محاسن الألم ، حتى جعلوه أساس الحياة الأخلاقية ، لانه يبلو النفس ، فيولد الشجاعة ، والصبر ، والاخلاص ، ولو كان لاحدهم أن ينتخب بين يدي خالقه لفضل الالم على اللذة ( ۱ ) . حتى لقد قال ( مونته ني ) : « الالم أتون تنضج النفس على ناره ، وقال الفريد ) دو موسه ) : « الإنسان صانع والألم معلمه ( ٢ ) . وقال أيضاً : و لا يعرف الإنسان حقيقة نفسه إلا إذا تألم ، ولا شيء كالألم العظيم يجعلنا عظماء ، ، فالبلايا هي التي تنير القلب ، وبقدر الرزايا تكون المعارف . فالالم إذن خير لانه يعيننا على بلوغ غايتنا ، ولولاه لما ذقنا طعم اللذة الحقيقية ، ولا تغلبنا على الكسل والجهل ، ولا عرفنا معنى التعاون والشفقة والرحمة ، فهو مدرسة الحياة التي تتربى فيها النفس ، وتنبثق منها العبقرية . الشاعر ، والموسيقار ، والمصور ، كلهم أبناء الالم . ونحن مدينون للألم بأحسن آثار الفن ، وأجمل الالحان ( ۳ ) وأعظم المشاريع الخيرية والاجتماعية .

    ومع ذلك فإن الألم ليس دليلاً صادقاً ، لأنه لا يدلنا دائماً على الضار ، ولا يرشدنا الى الوسائل التي تبعدنا عنه ، فقد نجد اللذة في الضار ، والألم في النافع ، ولا نشعر كما علمت بما يعرض لأعضائنا الداخلية من الآفات المهلكة ، فهل يعادل خطر الداحس شدة الالم الذي نجده فيه ؟. وهل يجد المسلول ألما يتناسب مع التهاب رئتيه ؟ أضف إلى ذلك أن الالم الشديد يعمي البصيرة ، ويوهي العزيمة ، ويضني الجسد ، ويقعد النفس عن طلب المعالي . ألم تر كيف يؤخر الألم فاعلية الجسد ، وكيف يضعف الهضم ، ويقلل التنفس . يقولون : الألم نداء يدعونا إلى الحركة ، فير شدنا إلى صيانة أجسادنا ، ويبعدنا عن الآفات المهلكة ، ولو انصفوا لقالوا أنه هو نفسه آفة مهلكة . لا يمدح الألم الا من لم يجربه . ولكن ، لعل الطبيعة لا تبلغ غايتها إلا به !

    ٣ - النتيجة . - إن كلا من اللذة والألم يمثل دوراً كبيراً في الحياة البشرية ، لأننا نعرف بها حالة أجسامنا ، وحاجتنا إلى الأكل ، والشرب ، والتنفس . دع أن اللذة النفسانية تقربنا من الفضيلة ، والألم النفساني يبعدنا عن الرذيلة ، ويعلمنا الإنتباه والحذر ، لك ذلك عند البحث في العوامل الحيوية ونظرية التطور . وجملة والتبصر ( ۲ ) . وقد تبين القول اننا نقيد غائية اللذة والألم بالملاحظات التالية :

    ١ - إن الشروط العضوية التي ذكرناها تمنع من مطابقة الألم للضار مطابقة تامة ، فقد رأيت أن أعضاء الجسد لم تتوزع الأعصاب الحسية على السواء . فالإحساس قوي في الأعضاء الخارجية ، وضعيف في الأعضاء الداخلية واللذات والآلام لا تكشف لنا إلا عن الأحوال الموقتة . والنفس إنما تعبر بإدراكاتها المباشرة عن أفاعيل الجسد الحاضرة .
    أما الحالات التي تتلو هذه الادراكات المباشرة ، فلا يستطيع الشعور أن يكشف عنها ، فلا اللذات ولا الآلام بقادرة على التنبؤ - والمادة كما ذكرنا تخفف الحساسية ، فاذا تكررت اللذات والآلام خف شعورنا بها ، فلا نجد في الأنغام الساحرة ، ولا في الاطعمة الطيبة ما كنا نجده فيها من اللذة ، ولربما كانت العادة هي العلة في فقدان حساسية التنفس ، ودوران الدم : ، وغير ذلك من الافعال الفيسيولوجية ؛ لانها تتكرر في كل وقت ، فيؤدي ذلك إلى عدم الشعور بها .

    ٢ - إن الحياة الإجتماعية تمنع اللذات والآلام من الدلالة الصادقة على النافع والضار فتضلل الإنسان ، وتشوش نزعاته الطبيعية ، وتفسد معيار تمييزه بين جر المنفعة إلى جسمه ، ودفع المضرة عنه . لانها تستبدل باللذات الطبيعية لذات مكتسبة اصطناعية . يصبح الإنسان معها أدنى من الحيوان ، لا بل أضل سبيلا ، لأن الحيوان لا يأكل بالجملة إلا النبات النافع لجسمه ، أما الإنسان فيسمم جسده بالكحول والتبغ والافيون - ومع ذلك فان الإنسان لم يوآلف بعد شروط الحضارة الحديثة موآلفة تامة لان النزعات التي رفعت شأنه في المجتمعات الحربية القديمة لا تزال متسلطة عليه ، وهي لا تصلح للحياة في ( المجتمعات الصناعية ، الحديثة . مثال ذلك أن العمل الدائم ، وان كان لا ينافي طبع المتحضر كما يناقض طبع البدوي ، فإن المتحضر لا يزال يجد فيه ألما . ومعنى هذا الشعور بالألم أن التطور البشري لم يصل بعد إلى غايته .

    ٣ - ولما كان الإنسان يستطيع أن يخلق لنفسه بالتأمل والتفكير حياة روحية مستقلة بعض الإستقلال عن حياة الجسد وحياة الجماعة ، كانت الحياة الروحية التي يسمو اليها ذات نزعات وميول مخالفة لنزعاته الطبيعية الأولى ، فيتولد من جراء ذلك نزاع بين المثل الأعلى والواقع ، وتصبح دلالة اللذات والآلام على غاية الإنسان الحقيقية غير صادقة تماماً ؟

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٢٨-١٢-٢٠٢٣ ١٣.٢١_1.jpg 
مشاهدات:	32 
الحجم:	114.1 كيلوبايت 
الهوية:	184191 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٢٨-١٢-٢٠٢٣ ١٣.٢٢_1.jpg 
مشاهدات:	23 
الحجم:	120.5 كيلوبايت 
الهوية:	184192 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٢٨-١٢-٢٠٢٣ ١٣.٢٤_1.jpg 
مشاهدات:	23 
الحجم:	122.4 كيلوبايت 
الهوية:	184193 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٢٨-١٢-٢٠٢٣ ١٣.٢٥_1.jpg 
مشاهدات:	23 
الحجم:	107.0 كيلوبايت 
الهوية:	184194

  • #2
    What is the work of pleasure and pain in life?

    5 - What is the function of pleasure and pain in life?

    If you contemplate what we mentioned regarding the conditions of pleasure and pain, you will know and it will become clear to you that each of them has a role to play in life, so what is the function of pleasure, and what is the function of pain.

    1 - The function of pleasure: - Pleasure is a call that calls a person to action, because it strengthens inclinations and nourishes desires, leaving a person in a shadow of hope, and making him delude him into thinking that he did not fully enjoy it, so he desires to obtain a second pleasure that is more complete than the first - this is what has carried moral philosophers since It is ancient to say: Pleasure is the goal of life, and its highest good, so much so that you find this principle of pleasure. In the philosophy of Stuart Mill and Spencer. We do not want now to discuss pleasure and pain from a moral standpoint, because we will return to that in the science of ethics, except that we want to say one statement about it, which is: that pleasure is not the goal of life and the basis of action, but rather, as Aristotle said, a final perfection that joins Action and direction. The mother who finds pleasure in sacrificing herself for her children does not seek pleasure through sacrifice, but rather the happiness of her children. There is no doubt that pleasure helped the sacrifice and made it sweet, but it is not its necessary cause nor its goal. Likewise, the miserly person who limits his pleasure in collecting gold is fond of gold, not pleasure (1). The purpose of life, then, is action, not emotion.

    However, pleasure is a guide that guides a person to his goal, and urges him to bring benefit to himself, or ward off harm from it. It revitalizes his powers, revives his activity, and makes life and work endearing to him. Whenever a person succeeds in something and fulfills his desire for it, he finds pleasure in it, and this pleasure motivates him to be active, bold, and continue the action. How cruel is the life in which a person is forced to work without pleasure. The life of misfortunes and hardships is heavy, and if it were not for the light of hope that shines upon us, we would live in complete darkness. However, as you have seen, the evidence of pleasure is not always true, because it often leads to destruction. Add to that that if pleasure goes beyond the limit of moderation, it turns into pain that weakens effectiveness, scatters the soul, weakens resolve, dries up the water of life, makes the heart proud, turns the purity of a person into turbidity, and turns the sweetness of his emotions into misery and darkness.

    2- The function of pain:
    Pain is also a call that calls a person to action, and it is an eloquent call that we listen to with all our might. It fills the air of activity’s profit, and encourages us to respond to its call quickly. Like pleasure, it is also a guide that guides souls to preserving their bodies and protecting their structures from the harms that come upon them. The philosophers of austerity still mention the virtues of pain, to the point that they make it the basis of moral life, because it tests the soul, generating courage, patience, and sincerity, and if one of them were to choose in the hands of his Creator, he would prefer pain over pleasure (1). He even said (Monte Ney): “Pain is a furnace on whose fire the soul is cooked,” and Al-Farid (De Musset) said: “Man is a maker and pain is his teacher (2). He also said: A person does not know the truth about himself unless he suffers, and there is nothing like great pain that makes us great. Calamities are what illuminate the heart, and knowledge is equal to calamities. Therefore, pain is good because it helps us achieve our goal. Without it, we would not have tasted true pleasure, nor would we have overcome laziness and ignorance, nor would we have known the meaning of cooperation, compassion, and mercy. It is the school of life in which the soul is educated, and from which genius emerges. The poet, the musician, and the photographer are all children of pain. We owe pain the best effects of art, the most beautiful melodies (3) and the greatest charitable and social projects.

    However, pain is not a true guide, because it does not always guide us to what is harmful, nor does it guide us to the means that will keep us away from it. We may find pleasure in what is harmful, and pain in what is beneficial, and we do not feel, as you know, what fatal lesions are exposed to our internal organs. Is the danger of paronychia equivalent to the severity of the pain? The pain we find in it? Does the incontinent person experience pain that is consistent with the inflammation of his lungs? In addition, severe pain blinds one's vision, weakens one's resolve, exhausts the body, and prevents the soul from seeking glory. Have you not seen how pain delays the activity of the body, how it weakens digestion, and reduces breathing? They say: Pain is a call that calls us to movement. It draws us to take care of our bodies and keeps us away from deadly pests. If they were fair, they would say that it is itself a deadly pest. Pain is only praised by those who have not experienced it. However, perhaps nature cannot achieve its goal without it!

    3- The result. Both pleasure and pain play a major role in human life, because we know the condition of our bodies and our need to eat, drink, and breathe. Let psychological pleasure bring us closer to virtue, and psychological pain distance us from vice, and teach us to be attentive and cautious, and that is the case when researching biological factors and the theory of evolution. And the sentence and insight (2). The statement that we limit the teleology of pleasure and pain has been demonstrated by the following observations:

    1 - The organic conditions that we mentioned prevent the pain from matching the harm completely. You have seen that the organs of the body and the sensory nerves are not distributed equally. Sensation is strong in the external organs, and weak in the internal organs, and pleasures and pains reveal to us only temporary conditions. The soul expresses, through its direct perceptions, the present actions of the body.
    As for the states that follow these direct perceptions, the feeling cannot reveal them, as neither pleasures nor pains are able to be predicted - and matter, as we mentioned, reduces sensitivity. If pleasures and pains are repeated, our feeling of them decreases, so we do not find in charming melodies or in good foods what we used to find. There is pleasure in it, and perhaps habit is the cause of the loss of sensitivity of breathing, blood circulation, and other physiological actions. Because it is repeated all the time, this leads to not feeling it.

    2 - Social life prevents pleasures and pains from being a true indication of what is beneficial and harmful, so it misleads a person, confuses his natural inclinations, and corrupts his criterion for distinguishing between bringing benefit to his body and repelling harm from it. Because it replaces natural pleasures with an artificial acquired self. With it, man becomes lower than animals, and even more astray, because animals eat only plants that are beneficial to their bodies, while man poisons his body with alcohol, tobacco, and opium. However, man has not yet fully adapted to the conditions of modern civilization because of the tendencies that raised his status in warlike societies. The ancients still dominate him, and they are not suitable for life in (industrial and modern societies). For example, permanent work, even if it does not contradict the nature of the civilized person as it contradicts the nature of the Bedouin, the civilized person still finds pain in it. The meaning of this feeling of pain is that human evolution has not He then reaches his goal.

    3 - Since a person can create for himself, through contemplation and thinking, an independent spiritual life with some independence from the life of the body and the life of the community, the spiritual life to which he ascends has tendencies and inclinations that are contrary to his first natural tendencies, and as a result a conflict is generated between the ideal and reality, and it becomes the meaning of pleasures and pains. Is man's true purpose completely insincere?

    تعليق

    يعمل...
    X