اليونسكو تعيد السوريين إلى نفخ الزجاج
نفخ الزجاج مهنة تراثية عريقة في سوريا لكنها تأثرت مثل باقي المهن التراثية بالحرب التي اندلعت في البلاد عام 2011.
الأحد 2023/12/31
عودة الروح إلى مهنة تاريخية
دمشق - يشعر الستيني محمد الحلاق، صاحب المعمل الوحيد لصناعة نفخ الزجاج في سوريا، بالاعتزاز والفخر، بعد أن أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في ديسمبر الجاري مهنته التقليدية العريقة كعنصر تراثي جديد باسم سوريا على قائمة الصون العاجل ضمن قوائم التراث الثقافي الإنساني.
ونفخ الزجاج مهنة تراثية عريقة في سوريا، ولكنها تأثرت مثل باقي المهن التراثية بالحرب التي اندلعت في البلاد عام 2011، مع غياب السائح الأجنبي الذي كان يشتري منتجات مصنعة يدويا، والنقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل الورش، وهجرة أصحاب الخبرة في مثل هذه المهن.
وخلال تواجده في معمله القريب من منطقة باب شرقي شرق دمشق قال محمد الحلاق (63 عاما) في حديثه لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا) إن "إدراج هذه المهنة على قائمة التراث اللامادي شيء مهم، لأن هذه المهنة من أقدم المهن، وهي مدعاة للفخر لمن يعمل بها، وخصوصا لنا كوننا شيوخ كار (عمداء) فيها”.
◙ مهنة تتطلب جهدا كبيرا وتحمل حرارة الفرن والصبر لأن العمل مستمر على مدار اليوم
وتقوم هذه الصناعة على تشكيل الزجاج المصهور وتضخيمه ليصبح على شكل فقاعة باستخدام أنبوب النفخ. ويؤكد الحلاق أن منتجات الزجاج اليدوي مطلوبة في الدول الأوروبية والبيوت الدمشقية القديمة التي يعاد ترميمها والمطاعم وبعض الفنادق التي لديها قاعة دمشقية يتم وضع زجاج يدوي فيها من إنتاج المعمل.
وكانت صناعة الزجاج يدويا حتى وقت قريب من أهم الصناعات الحرفية، خاصة وأن الناس كانوا بحاجة ماسة إلى أدوات مختلفة للمطابخ، بدءا من أكواب الماء وصولا إلى أوعية تخزين الزيت وأنواع مختلفة من الطعام في بيوت الدمشقيين. واليوم، بعد إعلان منظمة اليونسكو إدراج مهنة نفخ الزجاج التقليدي كعنصر تراثي جديد باسم سوريا على قائمة الصون العاجل ضمن قوائم التراث الثقافي الإنساني، عاد الأمل للعاملين بهذه المهنة التي كادت تغيب عن أذهان الكثير من الناس وأعينهم.
ويشعر الحلاق بشغف شديد بمهنة الآباء والأجداد، مشيرا إلى أنها كانت على وشك الاندثار. وبدأ الحلاق العمل في صناعة نفخ الزجاج منذ كان عمره تسع سنوات، وعاصر كل التطورات التي مرت بها، ويقول "شعرت بالأمل عندما تم إدراج هذه المهنة على قائمة التراث الثقافي والإنساني، خاصة وأنها كانت مهددة بالانقراض، والبعض نسيها".
وتابع "أعمل في هذه الحرفة منذ كان عمري تسع سنوات وأحبها كثيرا، وأفتخر بأنني شيخ كار (عميد) فيها وأشعر بالاعتزاز اليوم بعد أن تم إدراجها على قائمة التراث الثقافي والإنساني"، آملا أن تتعلم الأجيال القادمة هذه الصناعة وتحبها حتى يعود إليها الألق مثلما كانت أو أفضل.
ولكنه يؤكد أن الأمر يتطلب جهدا كبيرا وتحمل حرارة الفرن والصبر لأن العمل مستمر على مدار اليوم. ويحرص الرجل الستيني على نقل خبرته إلى عائلته وآخرين، قائلا "قمت بتعليم ابني هذه المهنة، والآن حفيدي يسعى لتعلمها، وإخوتي وأولاد أخوتي يعملون بهذه المهنة، وهذا الأمر يحفزنا من جديد كي نتمسك بها أكثر حتى لا تندثر".
كما يقوم الحلاق بتعليم سيدة وابنتها نفخ الزجاج، مبينا أن هذا الأمر تم قبل شهرين من إدراج المهنة على قائمة التراث الثقافي والإنساني. وعن ذلك يقول “قبل إعلان اليونسكو كانت هناك أم وابنتها في زيارة إلى المعمل وترغبان في تعلم المهنة، وبعد فترة سيتم الإعلان عن أول فتاة تنفخ الزجاج في الشرق الأوسط”.
◙ إعلان اليونسكو إدراج مهنة نفخ الزجاج التقليدي كعنصر تراثي جديد باسم سوريا عاد الأمل للعاملين بهذه المهنة التي كادت تغيب عن أذهان الكثير من الناس
وأعربت الشابة ياسمين درويش (18 سنة) عن سعادتها بالعمل في أقدم معمل زجاج يدوي في سوريا، مؤكدة أنها ستستمر كي تصبح محترفة في هذا العمل، وقالت “أتيت إلى المعمل مع أمي وتعرفنا على الحاج محمد الملقب بأبي نعيم وشاهدنا العمل، وأحببنا أن نتعلمه. ومنذ شهرين نعمل هنا، واليوم نتعلم كيفية تركيب ثريا مصنوعة من الزجاج”.
وأضافت “نتعلم الآن مراحل العمل بشكل تدريجي، وبعد فترة سأجلس أمام الفرن وأنفخ الزجاج”، متحدثة عن شغفها وتعلقها بهذه المهنة. وأوضحت “في البداية أحسست أن هذه المهنة صعبة، ولكن بعد مرور الوقت شعرت بأنها سهلة، وعندما أعود إلى المنزل أتمنى أن يمر الوقت سريعا كي أعود إلى العمل مرة ثانية”.
وأبدت بسمة مجذوب (41 عاما)، وهي والدة ياسمين، سعادتها بتعلم مهنة يدوية مثل نفخ الزجاج، إلى جانب عملها في مهنة الخياطة سابقا. وقالت “كنت أعمل بمهنة الخياطة، وهي مهنة يدوية وأنا أحب الأعمال اليدوية”، مؤكدة أن “هذه المهنة ستبقى بالنسبة إلي هواية وتراثا، وفي المستقبل ستكون عملا، ولن أتركها لأنني أحببتها كثيرا”.
نفخ الزجاج مهنة تراثية عريقة في سوريا لكنها تأثرت مثل باقي المهن التراثية بالحرب التي اندلعت في البلاد عام 2011.
الأحد 2023/12/31
عودة الروح إلى مهنة تاريخية
دمشق - يشعر الستيني محمد الحلاق، صاحب المعمل الوحيد لصناعة نفخ الزجاج في سوريا، بالاعتزاز والفخر، بعد أن أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في ديسمبر الجاري مهنته التقليدية العريقة كعنصر تراثي جديد باسم سوريا على قائمة الصون العاجل ضمن قوائم التراث الثقافي الإنساني.
ونفخ الزجاج مهنة تراثية عريقة في سوريا، ولكنها تأثرت مثل باقي المهن التراثية بالحرب التي اندلعت في البلاد عام 2011، مع غياب السائح الأجنبي الذي كان يشتري منتجات مصنعة يدويا، والنقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل الورش، وهجرة أصحاب الخبرة في مثل هذه المهن.
وخلال تواجده في معمله القريب من منطقة باب شرقي شرق دمشق قال محمد الحلاق (63 عاما) في حديثه لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا) إن "إدراج هذه المهنة على قائمة التراث اللامادي شيء مهم، لأن هذه المهنة من أقدم المهن، وهي مدعاة للفخر لمن يعمل بها، وخصوصا لنا كوننا شيوخ كار (عمداء) فيها”.
◙ مهنة تتطلب جهدا كبيرا وتحمل حرارة الفرن والصبر لأن العمل مستمر على مدار اليوم
وتقوم هذه الصناعة على تشكيل الزجاج المصهور وتضخيمه ليصبح على شكل فقاعة باستخدام أنبوب النفخ. ويؤكد الحلاق أن منتجات الزجاج اليدوي مطلوبة في الدول الأوروبية والبيوت الدمشقية القديمة التي يعاد ترميمها والمطاعم وبعض الفنادق التي لديها قاعة دمشقية يتم وضع زجاج يدوي فيها من إنتاج المعمل.
وكانت صناعة الزجاج يدويا حتى وقت قريب من أهم الصناعات الحرفية، خاصة وأن الناس كانوا بحاجة ماسة إلى أدوات مختلفة للمطابخ، بدءا من أكواب الماء وصولا إلى أوعية تخزين الزيت وأنواع مختلفة من الطعام في بيوت الدمشقيين. واليوم، بعد إعلان منظمة اليونسكو إدراج مهنة نفخ الزجاج التقليدي كعنصر تراثي جديد باسم سوريا على قائمة الصون العاجل ضمن قوائم التراث الثقافي الإنساني، عاد الأمل للعاملين بهذه المهنة التي كادت تغيب عن أذهان الكثير من الناس وأعينهم.
ويشعر الحلاق بشغف شديد بمهنة الآباء والأجداد، مشيرا إلى أنها كانت على وشك الاندثار. وبدأ الحلاق العمل في صناعة نفخ الزجاج منذ كان عمره تسع سنوات، وعاصر كل التطورات التي مرت بها، ويقول "شعرت بالأمل عندما تم إدراج هذه المهنة على قائمة التراث الثقافي والإنساني، خاصة وأنها كانت مهددة بالانقراض، والبعض نسيها".
وتابع "أعمل في هذه الحرفة منذ كان عمري تسع سنوات وأحبها كثيرا، وأفتخر بأنني شيخ كار (عميد) فيها وأشعر بالاعتزاز اليوم بعد أن تم إدراجها على قائمة التراث الثقافي والإنساني"، آملا أن تتعلم الأجيال القادمة هذه الصناعة وتحبها حتى يعود إليها الألق مثلما كانت أو أفضل.
ولكنه يؤكد أن الأمر يتطلب جهدا كبيرا وتحمل حرارة الفرن والصبر لأن العمل مستمر على مدار اليوم. ويحرص الرجل الستيني على نقل خبرته إلى عائلته وآخرين، قائلا "قمت بتعليم ابني هذه المهنة، والآن حفيدي يسعى لتعلمها، وإخوتي وأولاد أخوتي يعملون بهذه المهنة، وهذا الأمر يحفزنا من جديد كي نتمسك بها أكثر حتى لا تندثر".
كما يقوم الحلاق بتعليم سيدة وابنتها نفخ الزجاج، مبينا أن هذا الأمر تم قبل شهرين من إدراج المهنة على قائمة التراث الثقافي والإنساني. وعن ذلك يقول “قبل إعلان اليونسكو كانت هناك أم وابنتها في زيارة إلى المعمل وترغبان في تعلم المهنة، وبعد فترة سيتم الإعلان عن أول فتاة تنفخ الزجاج في الشرق الأوسط”.
◙ إعلان اليونسكو إدراج مهنة نفخ الزجاج التقليدي كعنصر تراثي جديد باسم سوريا عاد الأمل للعاملين بهذه المهنة التي كادت تغيب عن أذهان الكثير من الناس
وأعربت الشابة ياسمين درويش (18 سنة) عن سعادتها بالعمل في أقدم معمل زجاج يدوي في سوريا، مؤكدة أنها ستستمر كي تصبح محترفة في هذا العمل، وقالت “أتيت إلى المعمل مع أمي وتعرفنا على الحاج محمد الملقب بأبي نعيم وشاهدنا العمل، وأحببنا أن نتعلمه. ومنذ شهرين نعمل هنا، واليوم نتعلم كيفية تركيب ثريا مصنوعة من الزجاج”.
وأضافت “نتعلم الآن مراحل العمل بشكل تدريجي، وبعد فترة سأجلس أمام الفرن وأنفخ الزجاج”، متحدثة عن شغفها وتعلقها بهذه المهنة. وأوضحت “في البداية أحسست أن هذه المهنة صعبة، ولكن بعد مرور الوقت شعرت بأنها سهلة، وعندما أعود إلى المنزل أتمنى أن يمر الوقت سريعا كي أعود إلى العمل مرة ثانية”.
وأبدت بسمة مجذوب (41 عاما)، وهي والدة ياسمين، سعادتها بتعلم مهنة يدوية مثل نفخ الزجاج، إلى جانب عملها في مهنة الخياطة سابقا. وقالت “كنت أعمل بمهنة الخياطة، وهي مهنة يدوية وأنا أحب الأعمال اليدوية”، مؤكدة أن “هذه المهنة ستبقى بالنسبة إلي هواية وتراثا، وفي المستقبل ستكون عملا، ولن أتركها لأنني أحببتها كثيرا”.