ما هو الفعل المعتدل
ج - ما هو الفعل المعتدل :
- كيف يمكن تحديد هذا الفعل ؟
قال ( ريبو ) ( ۲ ) :
إذا كان معنى هذه الفاعلية كمية كبيرة من العمل الحاصل ، كانت اللذة ناشئة عن تناقص القدرة الموجودة في الجسد - كما قال ( لئون دومون ) أي عن الفقر ، وهذا مناقض للتجربة . فمعنى ازدياد هذه الفاعلية اذن هو أن لا يصرف العمل الحاصل قدرة لا تستطيع الأفعال العضوية توليدها » .
" وبعبارة أخرى يجب أن تكون كمية الفاعلية المصروفة أقل من التعويضات التي يستطيع الجسد أن يوفرها في كل وقت . وقد قال ( لودانتك ) : ( ۳ ) الفرق بين الابدان والآلات أن فاعلية الابدان باعثة على النمو ، لأنها خاضعة لقانون ) التمثيل الوظيفي Assimilation fonctionnelle ) ، أما فاعلية الآلات فتبعث على ذوبانها وانتكالها بالحك والدلك . وعلى ذلك ، فإنه يجب تحديد الفعل المعتدل بالكمية المدخرة ، لا بالكمية المصروفة وحدها ، حق لقد قال ( غروت ) . لا تتولد اللذة إلا إذا وجد تعادل بين القوة المدخرة والقوة المصروفة . ومعنى ذلك أنه يجب أن لا تكون الكمية المصروفة أكثر من القدرة التي يستطيع الجسد أن يستغني عنها . وهذا يختلف بالنسبة إلى الاشخاص ، فقد تجد اللذة فيها يؤلمني وقد أتألم مما تتلذذ به أنت . وبعض الناس يتلذذ بالضجة ، والحركة ، والصيد ، والنور ، والأطعمة الحارة ، وبعضهم يتلذذ بالسكون والعزلة والراحة ، والظلام ، والاطعمة الباردة . فلكل انسان مقياس خاص به ، واللذة تختلف باختلاف طبائع الأشخاص .
د - ملاحظة استوارت ميل :
- وقد أضاف ( استوارت ميل ) إلى ما تقدم ملاحظة صحيحة قال فيها . إذا كانت اللذة تتولد من الفاعلية الحرة المعتدلة فلماذا يكون بعض المؤثرات ملائماً وبعضها منافياً في جميع درجاته ومقاديره ؟ إن من الأفعال ما هو ملائم بذاته لا سبيل فيه إلى الالم ، ومنها ما هو مناف بطبيعته لا سبيل فيه إلى اللذة . فحياة التأمل والتفكير لذيذة بذاتها ليس فيها افراط ولا تفريط ، فكلما حصلت على لذة بإرضاء احدى حاجاتك الفكرية تولد فيك ميل آخر وحاجة إلى لذة ثانية .
إن الإنسان لا يمل التأمل ، ولا يؤلمه البحث عن الحقيقة ، ولا يقتنع بما انكشف له من بدائع الفن ، ولا بما فعله من الخير ، وإذن يجب علينا عند النظر في طبيعة اللذات والآلام أن نلاحظ كيفية المؤثر ونوعه لا كميته وحدها . ويمكن تعديل نظرية ارسطو على هذا الشكل : اللذة في الفعل
المعتدل ، وهذا المقدار من الفعل المعتدل يختلف بحسب طبائع الأشخاص . و بحسب كيفية المؤثر ونوعه .
ه - مناقشة هذه النظرية : - يقتصر هذا القول على وصف ما يجري في النفس من غير أن يوضحه ويعلله بأسباب محددة . يقول ( هاميلتون ) : اللذة في القدرة الكاملة ، ولكن ما هو مقياس القدرة الكاملة ، ولماذا تتولد اللذة من الاعتدال في الفعل . فإذا قيل إن من خواص المشاعر أن تدرك اللذة في الاعتدال ، وأن ذلك متعلق أيضاً بكيفية المؤثر ، قلنا هذا لا يزيد الأمر إلا شبهات على شبهات وظلمات فوق ظلمات . فالفكر لا يقتنع بتعليل يجعل اللذة متعلقة بخواص المشاعر وطبائع الأشياء ( ۱ ) ، لأن طبائع الأشياء مجهولة ، والتعليل العلمي الصحيح يوجب ربط المجهول بالمعلوم ( ص ٦- ٧ ) لا المجهول بالمجهول .
ثم إن هذه النظرية تعلل كل شيء بلغة الميول والنزعات : لماذا وجدت في شرب هذا النبيذ لذة ؟ - لأنه وافق طبيعة حاسة الذوق - لماذا وجدت في كثرة المشي ألما ؟ ـ لأن كثرة المشي مضادة لراحة الجسد - لماذا ينقلب بعض اللذات إلى ألم بعد استمرار الفعل ؟
لأن الملكات الإنسانية عاجزة عن الفعل باستمرار - لماذا لا تكون اللذة واحدة بالنسبة إلى جميع الناس ـ لأن اللذة تختلف باختلاف طبائع الاشخاص وتباين نزعاتهم .
وعلى ذلك فإن وراء كل لذة نزعة . فالعطش حاجة يلتهب بها الجسد ، فلا تسكن إلا بشرب الماء ، فتحس النفس عند التهاب حرارة العطش ألما ، وعند سكونها راحة ، والنفوس تجد لذة عند تناول الغذاء ، وهو نزعة طبيعية تحث الانسان على طلب ما يصلح للجسد حفظاً لمادة بقائه .
إلا أن هذا التعليل ناقص ، لأن الإنسان لا يطلع على ميوله ونزعاته إلا بوساطة اللذات والآلام . فكيف أعلم أني أميل إلى هذا الأمر إذا كنت لا أجد فيه لذة . إن الميول والنزعات أكثر غموضاً من اللذات والآلام ، ولولا ذلك لكان في تعليق الثانية بالأولى شيء من العلم ، لأن التعليل العلمي هو ربط الحوادث الغامضة بالحوادث الواضحة ، إلا أن النزعات خفية لا يمكن الإطلاع عليها مباشرة ، فتعليل اللذات والآلام الواضحة بهذه النزعات الخفية الغامضة لا ينفعنا .
نحن لا ننكر الميول بل نعتقد أن الإنسان مؤلف من أضغاث ميول ونزعات ملازمة لكيانه النفسي والفيسيولوجي معاً . إلا أننا كما ذكرنا لا ندركها مباشرة ، بل نستدل عليها باللذات والآلام ، فهي اذن غير ظاهرة . ولولا ذلك لكان تعليلنا علميا . نعم إن اللذات تنشأ عن النزعات الراضية المرضية ، والآلام عن النزعات الساخطة . إلا أن تعليل الأحوال الانفعالية الظاهرة بالعوامل الخفية لا ينفعنا إلا إذا أصبح هذا الخفي واضحاً عندنا .
ولكن ما هي الوسيلة لمعرفة النزعات ؟ لا يمكن تحديد النزعات ومعرفتها معرفة تامة إلا إذا استبدلنا بالطريقة الذاتية طريقة موضوعية ، وبالملاحظة الداخلية ملاحظة خارجية وسبيل ذلك أن ننهج في تعريف النزعات طريقاً شبيهاً بالطريق الذي سلكه فلاسفة التطور .
ج - ما هو الفعل المعتدل :
- كيف يمكن تحديد هذا الفعل ؟
قال ( ريبو ) ( ۲ ) :
إذا كان معنى هذه الفاعلية كمية كبيرة من العمل الحاصل ، كانت اللذة ناشئة عن تناقص القدرة الموجودة في الجسد - كما قال ( لئون دومون ) أي عن الفقر ، وهذا مناقض للتجربة . فمعنى ازدياد هذه الفاعلية اذن هو أن لا يصرف العمل الحاصل قدرة لا تستطيع الأفعال العضوية توليدها » .
" وبعبارة أخرى يجب أن تكون كمية الفاعلية المصروفة أقل من التعويضات التي يستطيع الجسد أن يوفرها في كل وقت . وقد قال ( لودانتك ) : ( ۳ ) الفرق بين الابدان والآلات أن فاعلية الابدان باعثة على النمو ، لأنها خاضعة لقانون ) التمثيل الوظيفي Assimilation fonctionnelle ) ، أما فاعلية الآلات فتبعث على ذوبانها وانتكالها بالحك والدلك . وعلى ذلك ، فإنه يجب تحديد الفعل المعتدل بالكمية المدخرة ، لا بالكمية المصروفة وحدها ، حق لقد قال ( غروت ) . لا تتولد اللذة إلا إذا وجد تعادل بين القوة المدخرة والقوة المصروفة . ومعنى ذلك أنه يجب أن لا تكون الكمية المصروفة أكثر من القدرة التي يستطيع الجسد أن يستغني عنها . وهذا يختلف بالنسبة إلى الاشخاص ، فقد تجد اللذة فيها يؤلمني وقد أتألم مما تتلذذ به أنت . وبعض الناس يتلذذ بالضجة ، والحركة ، والصيد ، والنور ، والأطعمة الحارة ، وبعضهم يتلذذ بالسكون والعزلة والراحة ، والظلام ، والاطعمة الباردة . فلكل انسان مقياس خاص به ، واللذة تختلف باختلاف طبائع الأشخاص .
د - ملاحظة استوارت ميل :
- وقد أضاف ( استوارت ميل ) إلى ما تقدم ملاحظة صحيحة قال فيها . إذا كانت اللذة تتولد من الفاعلية الحرة المعتدلة فلماذا يكون بعض المؤثرات ملائماً وبعضها منافياً في جميع درجاته ومقاديره ؟ إن من الأفعال ما هو ملائم بذاته لا سبيل فيه إلى الالم ، ومنها ما هو مناف بطبيعته لا سبيل فيه إلى اللذة . فحياة التأمل والتفكير لذيذة بذاتها ليس فيها افراط ولا تفريط ، فكلما حصلت على لذة بإرضاء احدى حاجاتك الفكرية تولد فيك ميل آخر وحاجة إلى لذة ثانية .
إن الإنسان لا يمل التأمل ، ولا يؤلمه البحث عن الحقيقة ، ولا يقتنع بما انكشف له من بدائع الفن ، ولا بما فعله من الخير ، وإذن يجب علينا عند النظر في طبيعة اللذات والآلام أن نلاحظ كيفية المؤثر ونوعه لا كميته وحدها . ويمكن تعديل نظرية ارسطو على هذا الشكل : اللذة في الفعل
المعتدل ، وهذا المقدار من الفعل المعتدل يختلف بحسب طبائع الأشخاص . و بحسب كيفية المؤثر ونوعه .
ه - مناقشة هذه النظرية : - يقتصر هذا القول على وصف ما يجري في النفس من غير أن يوضحه ويعلله بأسباب محددة . يقول ( هاميلتون ) : اللذة في القدرة الكاملة ، ولكن ما هو مقياس القدرة الكاملة ، ولماذا تتولد اللذة من الاعتدال في الفعل . فإذا قيل إن من خواص المشاعر أن تدرك اللذة في الاعتدال ، وأن ذلك متعلق أيضاً بكيفية المؤثر ، قلنا هذا لا يزيد الأمر إلا شبهات على شبهات وظلمات فوق ظلمات . فالفكر لا يقتنع بتعليل يجعل اللذة متعلقة بخواص المشاعر وطبائع الأشياء ( ۱ ) ، لأن طبائع الأشياء مجهولة ، والتعليل العلمي الصحيح يوجب ربط المجهول بالمعلوم ( ص ٦- ٧ ) لا المجهول بالمجهول .
ثم إن هذه النظرية تعلل كل شيء بلغة الميول والنزعات : لماذا وجدت في شرب هذا النبيذ لذة ؟ - لأنه وافق طبيعة حاسة الذوق - لماذا وجدت في كثرة المشي ألما ؟ ـ لأن كثرة المشي مضادة لراحة الجسد - لماذا ينقلب بعض اللذات إلى ألم بعد استمرار الفعل ؟
لأن الملكات الإنسانية عاجزة عن الفعل باستمرار - لماذا لا تكون اللذة واحدة بالنسبة إلى جميع الناس ـ لأن اللذة تختلف باختلاف طبائع الاشخاص وتباين نزعاتهم .
وعلى ذلك فإن وراء كل لذة نزعة . فالعطش حاجة يلتهب بها الجسد ، فلا تسكن إلا بشرب الماء ، فتحس النفس عند التهاب حرارة العطش ألما ، وعند سكونها راحة ، والنفوس تجد لذة عند تناول الغذاء ، وهو نزعة طبيعية تحث الانسان على طلب ما يصلح للجسد حفظاً لمادة بقائه .
إلا أن هذا التعليل ناقص ، لأن الإنسان لا يطلع على ميوله ونزعاته إلا بوساطة اللذات والآلام . فكيف أعلم أني أميل إلى هذا الأمر إذا كنت لا أجد فيه لذة . إن الميول والنزعات أكثر غموضاً من اللذات والآلام ، ولولا ذلك لكان في تعليق الثانية بالأولى شيء من العلم ، لأن التعليل العلمي هو ربط الحوادث الغامضة بالحوادث الواضحة ، إلا أن النزعات خفية لا يمكن الإطلاع عليها مباشرة ، فتعليل اللذات والآلام الواضحة بهذه النزعات الخفية الغامضة لا ينفعنا .
نحن لا ننكر الميول بل نعتقد أن الإنسان مؤلف من أضغاث ميول ونزعات ملازمة لكيانه النفسي والفيسيولوجي معاً . إلا أننا كما ذكرنا لا ندركها مباشرة ، بل نستدل عليها باللذات والآلام ، فهي اذن غير ظاهرة . ولولا ذلك لكان تعليلنا علميا . نعم إن اللذات تنشأ عن النزعات الراضية المرضية ، والآلام عن النزعات الساخطة . إلا أن تعليل الأحوال الانفعالية الظاهرة بالعوامل الخفية لا ينفعنا إلا إذا أصبح هذا الخفي واضحاً عندنا .
ولكن ما هي الوسيلة لمعرفة النزعات ؟ لا يمكن تحديد النزعات ومعرفتها معرفة تامة إلا إذا استبدلنا بالطريقة الذاتية طريقة موضوعية ، وبالملاحظة الداخلية ملاحظة خارجية وسبيل ذلك أن ننهج في تعريف النزعات طريقاً شبيهاً بالطريق الذي سلكه فلاسفة التطور .
تعليق