الفطور الصباحي في بغداد
شذرات لذكريات الفطور الصباحي في بغداد للمطاعم المتنقلة والثابتة في الهواء الطلق في الأزقة والحارات والساحات في الزمن الجميل كما عايشناها
عندما نكتب أي موضوع هادف ونابع لمجريات تراثنا والذي يشغل حيزاً من تفكيرنا، نطرحه للقراء للأطلاع وأبداء الرأي سلبياً وأيجابيأ، كما ننتظر أغنائه بالملاحظات والتوضيحات والمقترحات والتصحيحات، تاركين فسحة لتكملة ماكتبناه وتطويرا له وبعنوان يتماشى على مانكتبه، فعندما كتبنا مقالة عن الأكلات الشعبية الخفيفة ومن كان يبيعها، وردتنا الكثير من أغناءات ومساهمات وبتشجيع من الأصدقاء والمعارف...
فيتوجب علينا الكتابة لتكملتها لتكون رافداً لموروثنا الشعبي الذي كان يشغل حيزاً من حياتنا، لنتجول ونطوف في سحر الماضي وعبق التأريخ الحديث لصور كانت تتكرر وقسم لازال يتكرر ولكن بطرق مختلفة وقسم بدأ بالنسيان والأندثار.
فالعراقيون جميعاً ذواقين للأكل نتيجةً لثراء مطبخهم وتنوع أكلاتهم، جاء ذلك مع تنوع ملامح حضارة شعوبه منذ زمن العراق القديم مرورا بالآرامية والأسلامية العباسية والعثمانية والى يومنا الحالي، وتشير الدلائل حول عثور الآثاريين على 24 رقعة طينية تحوي على أنواع أكل العراقيين في عهدهم القديم وهي 800 نوع من الأكلات والمشروبات، فمن الخطأ القول بأن المطبخ العراقي هو خليط بين المطبخ التركي والأيراني، فالدولمة وجدت في العهد البابلي وكانت تسمى الملفوف والباسطرما هي حشي المصارين وغيرها من أكلات اللحوم والطيور والأسماك والبقوليات وهكذا، لقد أستفادت منها أيران وتركيا ونقلتها عنهم، فهي أصيلة عراقية ثبتتها أكتشافات الآثاريين حديثاً، وهذ التنوع الثري هو الذي جعل وجبات الأكل في العراق متنوعة في الصباح والظهر والمساء، ومع تعدد انواع الأكلات الشعبية في مختلف أنحاء العراق يبقى هناك تشابه الى حد كبير مايتناوله العراقيون في الصباح مع أختلاف بسيط لطريقة التقديم الناجمة عن أختلاف الواقع الجغرافي والبيئى والتعدد الثقافي.
يعرف البغداديون بائعي وبائعات الأكلات المتنقلة والثابتة في الهواء الطلق والتي هي جزء من ثقافة هذه الأكلات العتيقة والعريقة بما كانت تحويه من تنوع مفيد لقدرة جسم الأنسان البشرية ، وكيف كلنا إستطعمنا وتلذذنا بأكلاتهم التي سنذكرها وكيف كانت أبتساماتهم ومساعداتهم لمن كانت نقودهم تعوزعند الشراء ومساعدة الفقراء رغم قلة ربحهم وطالما يسد مصروف حياة عوائلهم، لنستعرض الأكلات الصباحية التي تعايشنا معها في الزمن الجميل وليس هناك ضرر..أن يتذكر الأنسان أوقاتاً بعيدة أملاً بأن يطلع عليها الجيل الحالي ويقارن مشاهداته الحالية مع ما كنا نعيشه نحن، كذلك بالنسبة لنا الأحتفاظ والعودة للحياة والتأثيرفيها وكما يلي:
صباح اللحوم والفشافيش: تعود العراقيون أكل اللحم في الصباح فترى كثيراً من الموظفين وألتجار يقدمون عل أكل التكة والفشافيش والكباب أحياناُ والحلولو لدى بائعيه المتجولين، وهم يتواجدون من الصباح وحتى الضحى بعرباتهم ومنقلتهم والفحم والمهفة التي تحرك نار الفحم في الساحات وبعض من الأزقة في كافة مناطق بغداد وعلى الهواء الطلق ، شيشين تكة أو عدة شياش من الفشافيش أو شيشين كباب، مع الخضروات والبصل المشوي والطماطة المشوية ورغيف من خبز التنور أو الصمون الحجري( الذي كنا نأكل الگمع(القمع) كلما كان أهلنا يرسلوننا لجلب الصمون من الفرن الحجري ونصل البيت بصمون مأكول منه (الگمع)، توجد أماكن للجلوس وأحينا حول طاولة، وتبدأ الاحاديث والنكات والسياسة وتختم بشاي سنكين من القوري الموضوع على الفحم.
صباح آخر مع الكبة: كثير من البغداديين يتناول في فطوره الكبة المحشية بالوز والليَّة ويغمسون الخبز في مرقتها ولهذا كانت تتواجد بعض من البائعات في الأزقة آخذين زاوية منه وقدر الكبة فوق البريمز بأنتظارالكسبة للأفطار،كما أن بعض العوائل ترسل أولادها حاملين الصحون لشراء الكبة، أما الموظفين فتراهم يقصدون مطاعم الكبة المنشرة في بغداد وأشهرها كبة السراي التي تنوال كبتها كبار رجال وسياسي العراق، كما أن البعض يفضل مطاعم الكبة في مناطقهم ،ففي منطقة الفضل كبة (عمعم) والكاظمية كبة (ضياء درويش) والأعظمية في الكسرة وفي الساحة المقابة لجامع أبو حنيفة، وفي الكرادة كبة ( أبو جلال) وفي ساحة الحرية وهكذا..
وصباح آخر مع الباچة والكراعين: تكلمنا عن الباچة في مقالتنا( أوراق متناثرة تسطر بعض من نكهات الأكل العراقي )، وهنا سنشير الى بائعي الباجة وبائعي الكراعين في بسطاتهم في مناطق الفضل وباب الشيخ والأعظمية والشواكة والرحمانية حيث يتواجد العمال المهرة والحدادين وسائقي الكرينات والأسطوات حيث أنهم يحتاجون الى أكلة دسمة في الصباح لتقوية أجسامهم، لذلك فأن باعة الباچة والكراعين يتواجدون منذ الصباح الباكر وحتى الساعة التاسعة صباحاً، فترى أقبالاً جيداً من المتذوقين لهذه الأكلات، وجدير بالأشارة فأن باجة الكراعين تحوي فقط على الكراعين.
أكلة الباقلاء المشربة بالدهن الحر :يتواجد بائعات تشريب الباگلا في أزقة بغداد وكما يقال في رأس الدربونة ومعهم قدر الباقلاء والخبز منقع(منگع)بالتشريب، فتأتي العوائل حاملة صحونها للشراء،وهناك من يجلس ويأكل الباقلاء عندهم وكما يقال على الأرض،وهناك قسم يذهب الى المطاعم للتلذذ بأكلة الباقلاء وقد ذكرنا ذلك في نفس المقالة التي أشرنا أليها عند التطرق للباجة.
المخلمة والجلفراي وعروك الطاوة: هناك من يرغب بفطور المخلمة والجلفراي وعروگ الطاوة وأكثر متذوقيها هم طلبة الكليات والمعلمين حيث بعض من البائعين مع عرباتهم يتواجدون في الساحات وألأماكن المزدحمة في بغداد كالأعظمية وباب المعظم والميدان والعلاوي والباب الشرقي وكان المطعم المشهور (عنجر) في الفضل مكانا يرتاده الكثير من خارج المنطقة لطيبة وجودة أكله.
الشوربة والهريسة: كثيراً من الجنود وطلبة الكليات والعمال من المحافظات يرغبون بتناول شوربة العدس والهريسة في الشتاء وترى بائعي هذه الأكلات يتواجدون في المناطق المزدحمة والساحات مع عرباتهم منذ الصباح الباكر،وهناك ملتقى التحدث بالسياسة وأبداء النكات وهي لمة حلوة تتكرر كثيرا في الصباح.
خبزعرب من التنور:لرائحة خبز التنور الطيني متعلقة بحواسنا وطعم الخبز اللذيذ في مذاقنا، تشير ملحمة كلكامش بأن أنكيدو أول شيء تعلمه بدلاً من أرضاع الحليب من الحيوانات البرية هو أكل الخبز بناء لصوت سمعه (كل الخبز يا أنكيدو)..
وكان قدماء العراقيون يقدمون الخبز الى الآلهة، ظل خبز التنور يتربع على المائدة العراقية،وكثيراً من البيوت كان عندها تنور طيني لعمل الخبز المستدير والكليچة وشواء الدجاج والسمك.. بأستخدام الحطب، تفننت المرأة العراقية في صناعة الخبزبأنواعه، ففي الأهوار خبز عجينة الرز المعمولة على الصاج وفي الشمال خبز الرگاگ، ويصنع الخبز في الصباح الباكر بشجر التنور من الحطب وكذلك خبز الشعير الطولاني لمرضى السكر الثخين والمعمول من عجينة الشعير وكل له خميرته الخاصة، حيث تقوم بائعات الخبز بالتجول في أزقة ودرابين بغداد وأسوقها لبيعه، وقسم يعمل أيضاً خبز عروك من خلال أضافة اللحم المثروم الدسم مع البصل المثروم والكرفس الى العجينة مع أضافة التوابل، كما أن البعض يعمل أيظاً خبز النذور (خبز العباس)، تطلب بعض العوائل الخبز البائت البارد لتستفاد منه في تشريب الباميا وتشريب اللحم والباگلا، كما أن البعض من البائعات يصنعن المريس حيث بضاف الدهن الى العجينة ويرش عليها السكر، ضربت كثير من الأمثال عن الخبز)وأشهرها بيننا خبز وملح) (خبز باب الأغا حار وكسب ورخيص( ومعروفة ماهو المقصود بهما.
القيمر: لا يخلو بيت من بيوتات العراق الا والگيمر على مائدة الأفطاروخصوصاً يوم الجمعة، ويعتبر قيمر الحلة والسدة من أجود أنواع الگيمر ويضرب به المثل لطعمه اللذيذ والمميز وهو المصنوع في مدينة بابلية وهم أول من صنع الگيمر، تحمل البائعات صواني الگيمر على رأسها بطريقة مميزة مع شروق الشمس كل صباح مرددين گيمر.. گيمر ليعرضوه ويختارون المكان المميز في الأزقة وأماكن الأسواق والساحات، يوزن الگيمر بالأوقية ويقص بواسطة أبرة اللحاف الطويلة، أن الگيمر أفطار صباحي شهي مع الخبز أو الصمون ولذته مع العسل أوالدبس أوالمربى، أصبح مودة في جلسات قبول للنساء وكذلك جلسات الطرب والفرفشة في آخر الليل للرجال.
اللبن والحليب: اللبن مع الگشوة يلتذ به العراقيون وكلما كانت الگشوة صفراء يعني أن الحليب دسم، وهناك من يعمل اللبن بجودة عالية معتمدين على خميرتهم من لبنهم القديم، وهم مثل بائعات القيمر يحملون أطباق اللبن فوق رؤوسهم بطريقة متوازنة تمنع سقوطها، ويتجولون في الأزقة ومعهم قناني الحليب ويوزعزنها على البيوت، وكثيراً من العوائل البغدادية يضعون اللبن الخاثر مع گشوته بجانب الجبن والبيض للفطور الصباحي.
الجبن: عادة الجبن يباع في محلات الجبن المنتشرة في بغداد بمناطق الكسرة وراس الحواش والصدرية والشواكة والكاظمية والكرادة،ولا تخلو مائدة الأفطار من جبن العرب الحلو والمملح والجبن الكردي،وفي موسم الربيع يتوافد أكراد الى محلات وأزقة بغداد لبيع الجبن الكردي والأوشاري اللذيذين والزيتون والعسل وهم ينادون بصوتهم الجهوري أوشاري الجبن.. أوشاري الجبن الزيتون الزيتون، تشتري العوائل منهم ليصبح جزأ من المائدة الصباحية، كما أن البعض يفطر بأكلة جبن العرب اللذيذ أو العروك اللذيذة عند شربت زبالة مع كلاص شربت زبيب.
أن ما كتبناه هو شذرات لآكلات الفطور الصباحي والذي لا نريد منه ألا لتذكير الأجيال الحالية والقادمة لما كان جيلنا وماقبله يمارس أكلاته وتنوعها ورموز صانعيها وبائعيها،عسى أن نكون قد وفقنا بأبراز صورها، ومن الله التوفيق.
بقلم سرور ميرزا محمود
م ن
شذرات لذكريات الفطور الصباحي في بغداد للمطاعم المتنقلة والثابتة في الهواء الطلق في الأزقة والحارات والساحات في الزمن الجميل كما عايشناها
عندما نكتب أي موضوع هادف ونابع لمجريات تراثنا والذي يشغل حيزاً من تفكيرنا، نطرحه للقراء للأطلاع وأبداء الرأي سلبياً وأيجابيأ، كما ننتظر أغنائه بالملاحظات والتوضيحات والمقترحات والتصحيحات، تاركين فسحة لتكملة ماكتبناه وتطويرا له وبعنوان يتماشى على مانكتبه، فعندما كتبنا مقالة عن الأكلات الشعبية الخفيفة ومن كان يبيعها، وردتنا الكثير من أغناءات ومساهمات وبتشجيع من الأصدقاء والمعارف...
فيتوجب علينا الكتابة لتكملتها لتكون رافداً لموروثنا الشعبي الذي كان يشغل حيزاً من حياتنا، لنتجول ونطوف في سحر الماضي وعبق التأريخ الحديث لصور كانت تتكرر وقسم لازال يتكرر ولكن بطرق مختلفة وقسم بدأ بالنسيان والأندثار.
فالعراقيون جميعاً ذواقين للأكل نتيجةً لثراء مطبخهم وتنوع أكلاتهم، جاء ذلك مع تنوع ملامح حضارة شعوبه منذ زمن العراق القديم مرورا بالآرامية والأسلامية العباسية والعثمانية والى يومنا الحالي، وتشير الدلائل حول عثور الآثاريين على 24 رقعة طينية تحوي على أنواع أكل العراقيين في عهدهم القديم وهي 800 نوع من الأكلات والمشروبات، فمن الخطأ القول بأن المطبخ العراقي هو خليط بين المطبخ التركي والأيراني، فالدولمة وجدت في العهد البابلي وكانت تسمى الملفوف والباسطرما هي حشي المصارين وغيرها من أكلات اللحوم والطيور والأسماك والبقوليات وهكذا، لقد أستفادت منها أيران وتركيا ونقلتها عنهم، فهي أصيلة عراقية ثبتتها أكتشافات الآثاريين حديثاً، وهذ التنوع الثري هو الذي جعل وجبات الأكل في العراق متنوعة في الصباح والظهر والمساء، ومع تعدد انواع الأكلات الشعبية في مختلف أنحاء العراق يبقى هناك تشابه الى حد كبير مايتناوله العراقيون في الصباح مع أختلاف بسيط لطريقة التقديم الناجمة عن أختلاف الواقع الجغرافي والبيئى والتعدد الثقافي.
يعرف البغداديون بائعي وبائعات الأكلات المتنقلة والثابتة في الهواء الطلق والتي هي جزء من ثقافة هذه الأكلات العتيقة والعريقة بما كانت تحويه من تنوع مفيد لقدرة جسم الأنسان البشرية ، وكيف كلنا إستطعمنا وتلذذنا بأكلاتهم التي سنذكرها وكيف كانت أبتساماتهم ومساعداتهم لمن كانت نقودهم تعوزعند الشراء ومساعدة الفقراء رغم قلة ربحهم وطالما يسد مصروف حياة عوائلهم، لنستعرض الأكلات الصباحية التي تعايشنا معها في الزمن الجميل وليس هناك ضرر..أن يتذكر الأنسان أوقاتاً بعيدة أملاً بأن يطلع عليها الجيل الحالي ويقارن مشاهداته الحالية مع ما كنا نعيشه نحن، كذلك بالنسبة لنا الأحتفاظ والعودة للحياة والتأثيرفيها وكما يلي:
صباح اللحوم والفشافيش: تعود العراقيون أكل اللحم في الصباح فترى كثيراً من الموظفين وألتجار يقدمون عل أكل التكة والفشافيش والكباب أحياناُ والحلولو لدى بائعيه المتجولين، وهم يتواجدون من الصباح وحتى الضحى بعرباتهم ومنقلتهم والفحم والمهفة التي تحرك نار الفحم في الساحات وبعض من الأزقة في كافة مناطق بغداد وعلى الهواء الطلق ، شيشين تكة أو عدة شياش من الفشافيش أو شيشين كباب، مع الخضروات والبصل المشوي والطماطة المشوية ورغيف من خبز التنور أو الصمون الحجري( الذي كنا نأكل الگمع(القمع) كلما كان أهلنا يرسلوننا لجلب الصمون من الفرن الحجري ونصل البيت بصمون مأكول منه (الگمع)، توجد أماكن للجلوس وأحينا حول طاولة، وتبدأ الاحاديث والنكات والسياسة وتختم بشاي سنكين من القوري الموضوع على الفحم.
صباح آخر مع الكبة: كثير من البغداديين يتناول في فطوره الكبة المحشية بالوز والليَّة ويغمسون الخبز في مرقتها ولهذا كانت تتواجد بعض من البائعات في الأزقة آخذين زاوية منه وقدر الكبة فوق البريمز بأنتظارالكسبة للأفطار،كما أن بعض العوائل ترسل أولادها حاملين الصحون لشراء الكبة، أما الموظفين فتراهم يقصدون مطاعم الكبة المنشرة في بغداد وأشهرها كبة السراي التي تنوال كبتها كبار رجال وسياسي العراق، كما أن البعض يفضل مطاعم الكبة في مناطقهم ،ففي منطقة الفضل كبة (عمعم) والكاظمية كبة (ضياء درويش) والأعظمية في الكسرة وفي الساحة المقابة لجامع أبو حنيفة، وفي الكرادة كبة ( أبو جلال) وفي ساحة الحرية وهكذا..
وصباح آخر مع الباچة والكراعين: تكلمنا عن الباچة في مقالتنا( أوراق متناثرة تسطر بعض من نكهات الأكل العراقي )، وهنا سنشير الى بائعي الباجة وبائعي الكراعين في بسطاتهم في مناطق الفضل وباب الشيخ والأعظمية والشواكة والرحمانية حيث يتواجد العمال المهرة والحدادين وسائقي الكرينات والأسطوات حيث أنهم يحتاجون الى أكلة دسمة في الصباح لتقوية أجسامهم، لذلك فأن باعة الباچة والكراعين يتواجدون منذ الصباح الباكر وحتى الساعة التاسعة صباحاً، فترى أقبالاً جيداً من المتذوقين لهذه الأكلات، وجدير بالأشارة فأن باجة الكراعين تحوي فقط على الكراعين.
أكلة الباقلاء المشربة بالدهن الحر :يتواجد بائعات تشريب الباگلا في أزقة بغداد وكما يقال في رأس الدربونة ومعهم قدر الباقلاء والخبز منقع(منگع)بالتشريب، فتأتي العوائل حاملة صحونها للشراء،وهناك من يجلس ويأكل الباقلاء عندهم وكما يقال على الأرض،وهناك قسم يذهب الى المطاعم للتلذذ بأكلة الباقلاء وقد ذكرنا ذلك في نفس المقالة التي أشرنا أليها عند التطرق للباجة.
المخلمة والجلفراي وعروك الطاوة: هناك من يرغب بفطور المخلمة والجلفراي وعروگ الطاوة وأكثر متذوقيها هم طلبة الكليات والمعلمين حيث بعض من البائعين مع عرباتهم يتواجدون في الساحات وألأماكن المزدحمة في بغداد كالأعظمية وباب المعظم والميدان والعلاوي والباب الشرقي وكان المطعم المشهور (عنجر) في الفضل مكانا يرتاده الكثير من خارج المنطقة لطيبة وجودة أكله.
الشوربة والهريسة: كثيراً من الجنود وطلبة الكليات والعمال من المحافظات يرغبون بتناول شوربة العدس والهريسة في الشتاء وترى بائعي هذه الأكلات يتواجدون في المناطق المزدحمة والساحات مع عرباتهم منذ الصباح الباكر،وهناك ملتقى التحدث بالسياسة وأبداء النكات وهي لمة حلوة تتكرر كثيرا في الصباح.
خبزعرب من التنور:لرائحة خبز التنور الطيني متعلقة بحواسنا وطعم الخبز اللذيذ في مذاقنا، تشير ملحمة كلكامش بأن أنكيدو أول شيء تعلمه بدلاً من أرضاع الحليب من الحيوانات البرية هو أكل الخبز بناء لصوت سمعه (كل الخبز يا أنكيدو)..
وكان قدماء العراقيون يقدمون الخبز الى الآلهة، ظل خبز التنور يتربع على المائدة العراقية،وكثيراً من البيوت كان عندها تنور طيني لعمل الخبز المستدير والكليچة وشواء الدجاج والسمك.. بأستخدام الحطب، تفننت المرأة العراقية في صناعة الخبزبأنواعه، ففي الأهوار خبز عجينة الرز المعمولة على الصاج وفي الشمال خبز الرگاگ، ويصنع الخبز في الصباح الباكر بشجر التنور من الحطب وكذلك خبز الشعير الطولاني لمرضى السكر الثخين والمعمول من عجينة الشعير وكل له خميرته الخاصة، حيث تقوم بائعات الخبز بالتجول في أزقة ودرابين بغداد وأسوقها لبيعه، وقسم يعمل أيضاً خبز عروك من خلال أضافة اللحم المثروم الدسم مع البصل المثروم والكرفس الى العجينة مع أضافة التوابل، كما أن البعض يعمل أيظاً خبز النذور (خبز العباس)، تطلب بعض العوائل الخبز البائت البارد لتستفاد منه في تشريب الباميا وتشريب اللحم والباگلا، كما أن البعض من البائعات يصنعن المريس حيث بضاف الدهن الى العجينة ويرش عليها السكر، ضربت كثير من الأمثال عن الخبز)وأشهرها بيننا خبز وملح) (خبز باب الأغا حار وكسب ورخيص( ومعروفة ماهو المقصود بهما.
القيمر: لا يخلو بيت من بيوتات العراق الا والگيمر على مائدة الأفطاروخصوصاً يوم الجمعة، ويعتبر قيمر الحلة والسدة من أجود أنواع الگيمر ويضرب به المثل لطعمه اللذيذ والمميز وهو المصنوع في مدينة بابلية وهم أول من صنع الگيمر، تحمل البائعات صواني الگيمر على رأسها بطريقة مميزة مع شروق الشمس كل صباح مرددين گيمر.. گيمر ليعرضوه ويختارون المكان المميز في الأزقة وأماكن الأسواق والساحات، يوزن الگيمر بالأوقية ويقص بواسطة أبرة اللحاف الطويلة، أن الگيمر أفطار صباحي شهي مع الخبز أو الصمون ولذته مع العسل أوالدبس أوالمربى، أصبح مودة في جلسات قبول للنساء وكذلك جلسات الطرب والفرفشة في آخر الليل للرجال.
اللبن والحليب: اللبن مع الگشوة يلتذ به العراقيون وكلما كانت الگشوة صفراء يعني أن الحليب دسم، وهناك من يعمل اللبن بجودة عالية معتمدين على خميرتهم من لبنهم القديم، وهم مثل بائعات القيمر يحملون أطباق اللبن فوق رؤوسهم بطريقة متوازنة تمنع سقوطها، ويتجولون في الأزقة ومعهم قناني الحليب ويوزعزنها على البيوت، وكثيراً من العوائل البغدادية يضعون اللبن الخاثر مع گشوته بجانب الجبن والبيض للفطور الصباحي.
الجبن: عادة الجبن يباع في محلات الجبن المنتشرة في بغداد بمناطق الكسرة وراس الحواش والصدرية والشواكة والكاظمية والكرادة،ولا تخلو مائدة الأفطار من جبن العرب الحلو والمملح والجبن الكردي،وفي موسم الربيع يتوافد أكراد الى محلات وأزقة بغداد لبيع الجبن الكردي والأوشاري اللذيذين والزيتون والعسل وهم ينادون بصوتهم الجهوري أوشاري الجبن.. أوشاري الجبن الزيتون الزيتون، تشتري العوائل منهم ليصبح جزأ من المائدة الصباحية، كما أن البعض يفطر بأكلة جبن العرب اللذيذ أو العروك اللذيذة عند شربت زبالة مع كلاص شربت زبيب.
أن ما كتبناه هو شذرات لآكلات الفطور الصباحي والذي لا نريد منه ألا لتذكير الأجيال الحالية والقادمة لما كان جيلنا وماقبله يمارس أكلاته وتنوعها ورموز صانعيها وبائعيها،عسى أن نكون قد وفقنا بأبراز صورها، ومن الله التوفيق.
بقلم سرور ميرزا محمود
م ن