لمن هذه القبعة!؟ بعد حوالي ست سنوات اكتشفت من كانت صاحبتُها!؟
اسمعوا:
عندي لوثة عشقية مع #الزمن_الجميل ? أردتُ لاشيائي أن تحمل رائحة الماضي. لا يمكنني التفاهم مع من لا تاريخ له، أو من ليس له حكاية. معظم فرش منزلي من "الأنتيك" أي منزلي مؤثثٌ بحكايات الآخرين المجهولين. لا أحتمل خشبًا، بينَ بين! اللاتيه مثلًا سخيف فارغ مكتئب، مثل قهوة اللاتيه، وشاربيها. وكل ماله علاقة باللاتيه ممنوع في قاموسي.
إمّا سنديان أو لا معنى للخشب، عندي قناعة أنّ خفايا وماضي ما نؤثث به منازلنا تتسرّب على نحوٍ ما إلى حياتنا، ولشدّة كرهي للتشابه فإن أثاث منزلي ال "فنتج" يشهد على مزاجي هذا: مرايا مختلفة تنتمي إلى موديلات وأزمان متنوعة، ولكن كل مرايا منزلي تخبرني أنّي الأجمل والأروع. . الخ
عندي كل طربيزة، شكل! وطاولة السفرة تنتمي الى زمن غير زمن الكراسي. .
لكل قطعة أثاث عندي حكاية. لا يمكنني التفاهم مع أثاث لا يقول شيئًا، أثاث صامت وموّحد، يمكن أن تعثر عليه في كل بيت.
في احدى جولاتي على محلات سوق المفروشات الانتيك في "الخندق الغميق"، بيروت، فتح لي أحد أصحاب المحلات حقيبة سفاري فاخرة وقديمة جدًا تعود لحقبة الأربعينات.
تحتوي حوالي عشر قبعات بموديلات مختلفة، ورحتُ أجرّبُ الواحدة تلو الأخرى وصديقتي تلتقط لي صورًا كيفما اتفق وبالفعل نشرتُ يومها بعضها على حسابي "انستغرام" كصور مرافقة لاقتباسات من روايتي نازك خانم وألماس ونساء.
بين تلك القبعات كانت واحدة مزيّنة بريش طائر الكركي، شرح البائع أنّ مثل تلك القبعات كانت تُصنّع في ايطاليا بناءًا على طلب السيدات في بيروت زمن الخمسينيات.
وتلك التي تُزيّن بريش الكركي هي قبعة تجلبُ الحظ،
تحمّست صديقتي واشترتها كهديّة لي- سعرها عادي جدًا-
سألته يومها عن صاحبة ذلك الكوليكشن الفاخر من القبعات، شرح كيف أنّ الورثة يبيعون كل ما قد يوجد في البيت، بعد وفاة الأبوين وبينها ألبومات صور.
بالفعل اقتنيتُ مجموعة ألبومات لعائلات السراسقة وغيرهم، بل ذات مرّة ارتكبتُ حماقة أنّي أعدتُ أحد الألبومات بعد أن اكتشفتُ أنّه يعود لعائلة شهيرة وكانت الصورة لشهر عسل لشابة جميلة جدًا ومعروفة. سبب الحماقة أنّي افترضت أن ثمنه المطلوب غاليًا وأن البورتريه الرائعة لتلك الشابة لايمكنني استخدامها كغلاف لاحدى رواياتي، في حال تعرّف الورثة على صاحبة الصورة!؟
ع فكرة معظم صور النساء على أغلفة رواياتي هي هكذا حكايتها: وصورة غلاف " ليست رصاصة طائشة تلك التي قتلت بيلا" صورة أخذتُها من ألبوم صور "معفّش" من أخد فيلات مدينة حلب، واشتريته من سوق الأحد في بيروت!؟
أما قصّة قبعة الحظّ السعيد وريش الكركي الوردي، فقد ظلّت قابعة في أحد رفوف خزانتي منذ ربيع ٢٠١٧ ومنذ مدة خطر لي تزيين الحائط في واحدة من شطحاتي الديكورية وخطر لي تفقد ثناياها وباعجاب كبير تأملتها وتفحصتُها بحشرية زائدة وعثرتُ على ورقة كُتب عليها اسم صاحبتها بالفرنسية، يبدو أنها كانت قد ارسلتها للتنظيف أو ما شابه، ولا أعتقد أبدًا أن ورثة مثل تلك السيدة -معروفة ومتألقة في زمن بهي من تاريخ لبنان-يمكن أن يبيعوا أغراضها، غالبًا قد تمّ تعفيشها خلال الحرب الأهلية، نعم، بعد أن يقتلُ أحدنا الآخر بحجة "دينية" طبعًا، ينهبه!؟
المهم، أعياد مجيدة يا أصدقاء، والحظوظ تُصنع بكفّ يدك، وهمّتك، وقرارُك، ودأبك، وحرصك، واصرارك، وعزيمتك، وريشة الكُركي بالنسبة لي ذكرى لمشهدٍ لا يُنسى رأيته في سنة ٢٠٠١ آلاف الطيور من الكراكي وقد اتخذت سبخة الجبول، جنوبي مدينة حلب، مكانًا لتبات فيه خلال رحلاتها الطويلة الى الجنوب. .
لم أنس قط أزرق السماء وهو يلتقي اللون الوردي المشتعل بكل درجات الورد والفتنة مع انعكاسها على صفحة مياه السبخة وسط الصحراء . .
#لينا_هويان_الحسن