تاريخ التصوير الطبّي
History of medical imaging
التصوير الطبّي هو تصوير تشخيصي يهدف لإتاحة النظر لداخل الجسم ومعرفة أماكن الأمراض فيه، وجميع طرق التصوير الطبي التشخيصية لا تخضع للجراحة، أو حتّى إدخال أجهزة جراحيّة للجسم.
تاريخ التصوير الطبي
ترجع فحوصات التصوير الأولى إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث تم اكتشاف الأشعة السينية (X ray) واختراقها لجسم الإنسان، وتم ذلك بواسطة ويليام كونرد رنتجن عام 1895 وسُمّيت الطريقة تيمُّنًا به أيضًا بأشعّة رنتجن، كما أنه فاز بجائزة نوبل عام 1901 لاكتشافه إياها.
ترتكز الطريقة على استخلاص حزمة أشعّة إلكترومغناطيسيّة ذات طول موجة قصير وطاقة عالية، وتستطيع هذه الأشعّة اختراق الجسم وترك تسجيلاتها على شريط تصوير عادي يقع وراءه.
أحيانًا يتم إدخال مواد تباين إلى الجسم (Contrast agents) عن طريق الشرب، أو الحقنة الشرجية، أو الحقن الوريدي، بهدف تلوين الأعضاء المستهدفة بشكل مؤقت، وتتميّز بعدد ذرّي عالي وبخاصيّة تُخلّص الجسم منها بسرعة.
منذ أول عملية تصوير تم إجراؤها في التاريخ وكانت تستهدف يد زوجة ويليام رنتجن كان بالإمكان فهم قدرة هذه الأشعة وكذلك محدودياتها، ففي الصورة كان من الممكن تمييز عظام كفّة اليد، ولكنّ تفاصيل الأنسجة الرخوة كالعضلات، والأوتار، والأعصاب، والأوعية الدموية لم تظهر في الصورة.
تطور التصوير الطبي
بعد اكتشاف الأشعة السينية تطور التصوير على النحو الآتي:
1. التصوير المقطعي المحوسب (CT scan)
تطوير التصوير بأشعّة رنتجن العادي للتصوير المقطعي المحوسب بفضل استعمال أنبوب رنتجن متحرّك، وبمساعدة التصوير المقطعي المحوسب يُمكن التغلّب على التقييد بتصوير رنتجن العادي، وكذلك التمييز بين أنواع مختلفة من الأنسجة، والعظام، وهواء، والأنسجة الرخوة، وكذلك تُمييز الكثير من العناصر والمركبات الدقيقة الأخرى.
بمساعدة التصوير المقطعي المحوسب تم التمكن للمرّة الأولى من بناء صورة ثلاثية الأبعاد للجسم بدلًا عن الصورة ثنائيّة الأبعاد، ومن التحديثات الأخرى يُمكن إعطاء قيم عدديّة للأنسجة المختلفة، وبهذا يكون بالإمكان تحليل النتائج المختلفة بشكل موضوعي أكثر دون أن نعتمد فقط على الانطباع العيني الشخصي.
2. التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound imaging)
تطوير التصوير بمساعدة الأمواج ذات التردّد العالي تُسمى أموج فوق الصوتية، أدّى ذلك إلى تغيير جذري في التصوير.
خلوّ هذه الطريقة من التأثيرات الإشعاعيّة يجعل من التصوير ممكنًا لدى النساء الحوامل، والأجنّة، والأطفال، كما يُمكن الحصول على حوالي 25 صورة في الثانية، لذا فإنها لا تُعد طريقة حساسّة لحركة المريض، وتكلفتها متواضعة جدًّا مقارنة بغيرها، لكن المشكلة الأساسيّة تكمن في التعلّق بمهارة مُجري الفحص.
3. التصوير بالرّنين المغناطيسي (MRI - Magnetic Resonance Imaging)
بمساعدة التصوير بالرّنين المغناطيسي يُمكن التعمق بالمعلومات التي يتم الحصول عليها بالتصوير المقطعي المحوسب، وباستطاعة هذه الطريقة تقديم التمييز الأكبر بين الأنسجة المختلفة، ومن هنا تأتي فعاليتها الكبيرة في تمييز الأمراض.
يُمكن بواسطة التصوير تمييز المركّبات الكيميائيّة للأنسجة المختلفة، والأمراض الخبيثة، على الرّغم من فعاليتها فإنّ هذه الطريقة ليست شائعة بسبب ثلاث سلبيّات رئيسيّة: تكلفة الأجهزة العالية، والبنية معقدة، والمسح البطيء.
شاهدوا بالفيديو: عن التصوير بالرنين المغناطيسي - MRI
4. التصويرات الطبية الأحدث
تطوير تقني إضافي في نفس الفترة كان أنبوب الأشعّة السينيّة الذي يعتمد على المولبدينوم (Molybdenum) والذي قلل بشكل كبير من الأشعّة، وزاد من الحدّة وسرّع في تطوير تصوير الثدي الحديث بالماموغرام (Mammography).
أهميّة تطوير طرق التصوير تكمن في الحصول على الكثير من المعلومات دون إحداث أضرار، أو بأقلّ أضرار ممكنة للمريض.
مجالات التصوير الطبي
التصوير الطبي الذي كان يختص بالتشخيص في بداياته أخذ الآن بالتطوّر في اتجاهات حديثة وعلى رأسها المجال العلاجي، ومن أهمّ هذه المجالات:
1. العمليّات الموجّهة تصويريًّا (Imaging guided procedure)
هو تصوير بهدف توجيه العمليّات العلاجيّة والتقليل من أضرارها، على سبيل المثال:
- أخذ عيّنة من ورم يُثير الشك بواسطة إبرة موجّهة بمساعدة التصوير بالموجات فوق الصوتية، أو التصوير المقطعي المحوسب، عوضًا عن إجراء العمليّة الجراحيّة لأخذ العيّنة للتشخيص.
- القضاء على الأورام عن طريق التجميد (Cryogenic therapy)، أو عن طريق التسخين إلى ما فوق 60 درجة مئويّة (Thermal ablation)، أو عن طريق حقنها بالكحول.
2. التصوير الوظيفي (Functional Imaging)
على سبيل المثال يتخلّل نشاط المراكز المختلفة في الدماغ استهلاك متزايد للأكسجين، وبمساعدة التصوير بالرّنين المغناطيسي يُمكن ملاحظة التغييرات الناجمة عن الاستهلاك المتزايد، ووقت حدوثها تقريبًا، وهكذا يُمكن متابعة نشاط الدماغ، وزمن رد فعله للمنبهات الحركيّة والعاطفيّة والذهنيّة.