سيرة فرانز فانون بأعين جزائرية في الدورة الـ74 لمهرجان برلين
المخرج عبدالنور زحزاح يستحضر مسيرة مفكر ومناضل إنساني.
الخميس 2023/12/21
ShareWhatsAppTwitterFacebook
سيرة تدافع عن فكر قاوم الاستعمار
يمثل المفكر والطبيب النفسي المارتينيكي فرانز فانون شخصية سينمائية ثرية للغاية، لما في حياته من تقلبات وأحداث ساهمت في نشر فكره المعارض للاستعمار، كما أن انخراطه الفعلي في مقاومة الاستعمار الفرنسي للجزائر إلى حين وفاته مثل قصة مهمة عن الالتزام الإنساني للمثقف العالمي، وهو ما نشاهده في فيلم جديد عن سيرة هذا المناضل الكوني.
الجزائر - اُختير فيلم روائي طويل جديد يتناول حياة ومسار المناضل والطبيب النفسي فرانز فانون للمخرج الجزائري عبدالنور زحزاح ليعرض في الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي الدولي (برلينالي) بألمانيا، والتي تجري فعالياتها من السادس عشر إلى السادس والعشرين من فبراير 2024، حسب ما جاء في الموقع الإلكتروني للمهرجان.
وسيقدم هذا العمل، الذي يحمل عنوان “وقائع حقيقية حدثت في القرن الماضي بمستشفى الطب النفسي بالبليدة – جوانفيل، في الوقت الذي كان فيه الدكتور فرانز فانون رئيسا للقسم الخامس بين عامي 1953 و1956”، خارج المنافسة الرسمية ضمن قسم “فوروم”، وهذا في عرض عالمي أول.
سيرة مناضل
يتناول الفيلم، وهو إنتاج مشترك جزائري – فرنسي، جزءا من حياة ومسار فانون، الذي عرف بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية، ونضاله ضد الاستعمار الفرنسي أثناء فترة إقامته كطبيب نفسي بمستشفى البليدة الجزائري من 1953 إلى غاية 1956، مع التركيز خصوصا على أفكاره السياسية والفلسفية المعادية للعنصرية والكولونيالية، وكذلك أساليبه العلاجية.وجاء العمل في شكل سيرة ذاتية تغوص في جوانب من حياة وعمل ونضال الطبيب النفسي والفيلسوف الاجتماعي المارتينيكي المولد فرانز فانون (1925 – 1961)، في الفترة الممتدة بين 1953 و1956، وهي فترة التحاقه بمنصب رئيس قسم بمستشفى الأمراض العقلية في البليدة (الذي يحمل حاليا اسمه) إلى غاية التحاقه بالثورة التحريرية.
الفيلم يتناول جزءا من حياة الطبيب والفيلسوف الاجتماعي، خصوصا أفكاره السياسية والفلسفية المعادية للعنصرية
وشارك في هذا الفيلم، الذي انطلق تصويره في فبراير من عام 2022، فنانون من الجزائر وخارجها أبرزهم الممثل الفرنسي من أصل هاييتي ألكسندر دوزان في دور شخصية الطبيب فرانز فانون، وقد تم تصوير العمل في مستشفى فرانز فانون بالبليدة، فضلا عن تصوير مشاهد في متحف فرانز فانون الكائن بنفس المستشفى والذي كان المنزل الوظيفي لفانون وعائلته خلال فترة عمله في المستشفى.
وبدخول هذه السنة الجديدة يكون قد مضت على وفاة المفكر المارتينيكي فانون ثلاث وستون سنة، وهو الذي انتقل من خدمته في جيش فرنسا الحرة ومحاربته ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية إلى العمل طبيبا عسكريا في الجزائر في فترة الاستعمار الفرنسي، ثم عمل رئيسا لقسم الطب النفسي في مستشفى البليدة – جوانفيل في الجزائر، حيث انخرط منذ ذالك الحين في صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية.
استحضار سيرة فانون، وفق القائمين على العمل، يتأتى كنوع من الدفاع عن فكر مقاوم مستميت ضد الاستعمار، وهو الفكر الذي صقلته تجربة مقاومته للاستعمار في الجزائر، ومع الأسف احتكرته الأكاديمية الغربية، التي سعت لتقزيمه واختزاله في مسألتيْن هما الغضب والعنف، وهو التلفيق الذي يستميت الفكر الغربي في إلصاقه بعدد من المفكرين الثوريين والتحرريين غير البيض كمالكوم إكس وحركة الفهود السوداء، والكثير من المفكرين والقادة العرب والمسلمين والأفارقة وقادة مفكرين من الدول المستضعفة.
ومثل تصوير الفيلم في أماكن حقيقية، حسب كاتبه ومخرجه عبدالنور زحزاح، سعيا لإضفاء مصداقية أكثر على العمل، هذا فضلا عن تصوير مشاهد في متحف فانون الكائن بنفس المستشفى والذي هو المنزل الوظيفي الذي كان يقيم فيه هذا الطبيب مع عائلته خلال فترة عمله بالمستشفى، والذي افتتح مع الانطلاق الرسمي لتصوير هذا الفيلم عقب إعادة تهيئته من طرف جمعية “أحباب متحف فانون” بدعم من الشركة المنتجة للفيلم “أطلس فيلم للإنتاج”.
شخصية ثرية
استعادة تاريخ مؤثر
يكشف الفيلم العديد من الخفايا في حياة فانون الذي لم يكن مجرد مفكر وطبيب نفسي، بل مثالا على الالتزام الإنساني بالقضايا العادلة، وصوتا رافضا للاستعمار، وهو ما خلده في تراثه الأدبي والفكري الذي تركه، ومن أبرز ما كتب “معذَّبو الأرض” و”بشرة سوداء.. أقنعة بيضاء” و”العام الخامس للثورة الجزائرية” و”لأجل الثورة الأفريقية”.
ويبقى تصوير فيلم عن شخصية ثرية مثل فانون تحديا كبيرا لأي سينمائي، وهو ما أكده مدير الإنتاج إسماعيل ليف في تصريح إعلامي له بأن “التصوير كان بمثابة تحد، ولكنه تم في ظروف جيدة”. بينما لفت المخرج إلى أهمية اعتناء العمل بإبراز ملامح فكر فانون الذي يدرس حاليا بأكبر الجامعات العالمية كاليابان وكوريا والولايات المتحدة.
إضافة إلى الفيلم الجزائري ستقدم القائمة النهائية لكل الأفلام المشاركة في مختلف مسابقات المهرجان، بما فيها أفلام المسابقة الرسمية وأفلام قسم “فوروم”، في منتصف يناير المقبل.
وسبق لزحزاح، وهو من مواليد 1973 بالبليدة، إخراج العديد من الأفلام الروائية والوثائقية التي توجت في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية على غرار الوثائقي “فرانز فانون: ذاكرة منفى” (2002)، والفيلم الروائي القصير “قراقوز” (2010)، والفيلم الوثائقي الطويل “الواد الواد” (2013).
ويذكر أن مهرجان برلين السينمائي الدولي، الذي تأسس في 1951، يعتبر من بين أعرق المهرجانات السينمائية الدولية بعد جوائز الأوسكار في الولايات المتحدة الأميركية ومهرجان كان في فرنسا والموسترا (البندقية) في إيطاليا.
المخرج عبدالنور زحزاح يستحضر مسيرة مفكر ومناضل إنساني.
الخميس 2023/12/21
ShareWhatsAppTwitterFacebook
سيرة تدافع عن فكر قاوم الاستعمار
يمثل المفكر والطبيب النفسي المارتينيكي فرانز فانون شخصية سينمائية ثرية للغاية، لما في حياته من تقلبات وأحداث ساهمت في نشر فكره المعارض للاستعمار، كما أن انخراطه الفعلي في مقاومة الاستعمار الفرنسي للجزائر إلى حين وفاته مثل قصة مهمة عن الالتزام الإنساني للمثقف العالمي، وهو ما نشاهده في فيلم جديد عن سيرة هذا المناضل الكوني.
الجزائر - اُختير فيلم روائي طويل جديد يتناول حياة ومسار المناضل والطبيب النفسي فرانز فانون للمخرج الجزائري عبدالنور زحزاح ليعرض في الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي الدولي (برلينالي) بألمانيا، والتي تجري فعالياتها من السادس عشر إلى السادس والعشرين من فبراير 2024، حسب ما جاء في الموقع الإلكتروني للمهرجان.
وسيقدم هذا العمل، الذي يحمل عنوان “وقائع حقيقية حدثت في القرن الماضي بمستشفى الطب النفسي بالبليدة – جوانفيل، في الوقت الذي كان فيه الدكتور فرانز فانون رئيسا للقسم الخامس بين عامي 1953 و1956”، خارج المنافسة الرسمية ضمن قسم “فوروم”، وهذا في عرض عالمي أول.
سيرة مناضل
يتناول الفيلم، وهو إنتاج مشترك جزائري – فرنسي، جزءا من حياة ومسار فانون، الذي عرف بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية، ونضاله ضد الاستعمار الفرنسي أثناء فترة إقامته كطبيب نفسي بمستشفى البليدة الجزائري من 1953 إلى غاية 1956، مع التركيز خصوصا على أفكاره السياسية والفلسفية المعادية للعنصرية والكولونيالية، وكذلك أساليبه العلاجية.وجاء العمل في شكل سيرة ذاتية تغوص في جوانب من حياة وعمل ونضال الطبيب النفسي والفيلسوف الاجتماعي المارتينيكي المولد فرانز فانون (1925 – 1961)، في الفترة الممتدة بين 1953 و1956، وهي فترة التحاقه بمنصب رئيس قسم بمستشفى الأمراض العقلية في البليدة (الذي يحمل حاليا اسمه) إلى غاية التحاقه بالثورة التحريرية.
الفيلم يتناول جزءا من حياة الطبيب والفيلسوف الاجتماعي، خصوصا أفكاره السياسية والفلسفية المعادية للعنصرية
وشارك في هذا الفيلم، الذي انطلق تصويره في فبراير من عام 2022، فنانون من الجزائر وخارجها أبرزهم الممثل الفرنسي من أصل هاييتي ألكسندر دوزان في دور شخصية الطبيب فرانز فانون، وقد تم تصوير العمل في مستشفى فرانز فانون بالبليدة، فضلا عن تصوير مشاهد في متحف فرانز فانون الكائن بنفس المستشفى والذي كان المنزل الوظيفي لفانون وعائلته خلال فترة عمله في المستشفى.
وبدخول هذه السنة الجديدة يكون قد مضت على وفاة المفكر المارتينيكي فانون ثلاث وستون سنة، وهو الذي انتقل من خدمته في جيش فرنسا الحرة ومحاربته ضد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية إلى العمل طبيبا عسكريا في الجزائر في فترة الاستعمار الفرنسي، ثم عمل رئيسا لقسم الطب النفسي في مستشفى البليدة – جوانفيل في الجزائر، حيث انخرط منذ ذالك الحين في صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية.
استحضار سيرة فانون، وفق القائمين على العمل، يتأتى كنوع من الدفاع عن فكر مقاوم مستميت ضد الاستعمار، وهو الفكر الذي صقلته تجربة مقاومته للاستعمار في الجزائر، ومع الأسف احتكرته الأكاديمية الغربية، التي سعت لتقزيمه واختزاله في مسألتيْن هما الغضب والعنف، وهو التلفيق الذي يستميت الفكر الغربي في إلصاقه بعدد من المفكرين الثوريين والتحرريين غير البيض كمالكوم إكس وحركة الفهود السوداء، والكثير من المفكرين والقادة العرب والمسلمين والأفارقة وقادة مفكرين من الدول المستضعفة.
ومثل تصوير الفيلم في أماكن حقيقية، حسب كاتبه ومخرجه عبدالنور زحزاح، سعيا لإضفاء مصداقية أكثر على العمل، هذا فضلا عن تصوير مشاهد في متحف فانون الكائن بنفس المستشفى والذي هو المنزل الوظيفي الذي كان يقيم فيه هذا الطبيب مع عائلته خلال فترة عمله بالمستشفى، والذي افتتح مع الانطلاق الرسمي لتصوير هذا الفيلم عقب إعادة تهيئته من طرف جمعية “أحباب متحف فانون” بدعم من الشركة المنتجة للفيلم “أطلس فيلم للإنتاج”.
شخصية ثرية
استعادة تاريخ مؤثر
يكشف الفيلم العديد من الخفايا في حياة فانون الذي لم يكن مجرد مفكر وطبيب نفسي، بل مثالا على الالتزام الإنساني بالقضايا العادلة، وصوتا رافضا للاستعمار، وهو ما خلده في تراثه الأدبي والفكري الذي تركه، ومن أبرز ما كتب “معذَّبو الأرض” و”بشرة سوداء.. أقنعة بيضاء” و”العام الخامس للثورة الجزائرية” و”لأجل الثورة الأفريقية”.
ويبقى تصوير فيلم عن شخصية ثرية مثل فانون تحديا كبيرا لأي سينمائي، وهو ما أكده مدير الإنتاج إسماعيل ليف في تصريح إعلامي له بأن “التصوير كان بمثابة تحد، ولكنه تم في ظروف جيدة”. بينما لفت المخرج إلى أهمية اعتناء العمل بإبراز ملامح فكر فانون الذي يدرس حاليا بأكبر الجامعات العالمية كاليابان وكوريا والولايات المتحدة.
إضافة إلى الفيلم الجزائري ستقدم القائمة النهائية لكل الأفلام المشاركة في مختلف مسابقات المهرجان، بما فيها أفلام المسابقة الرسمية وأفلام قسم “فوروم”، في منتصف يناير المقبل.
وسبق لزحزاح، وهو من مواليد 1973 بالبليدة، إخراج العديد من الأفلام الروائية والوثائقية التي توجت في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية على غرار الوثائقي “فرانز فانون: ذاكرة منفى” (2002)، والفيلم الروائي القصير “قراقوز” (2010)، والفيلم الوثائقي الطويل “الواد الواد” (2013).
ويذكر أن مهرجان برلين السينمائي الدولي، الذي تأسس في 1951، يعتبر من بين أعرق المهرجانات السينمائية الدولية بعد جوائز الأوسكار في الولايات المتحدة الأميركية ومهرجان كان في فرنسا والموسترا (البندقية) في إيطاليا.