سينما الحرب في سوريا.. حضور بلا صالات وغياب مقاربة المعاناة
2/2
المصدر:
التاريخ: 02 ديسمبر 2023
ت +ت -الحجم الطبيعي
فرضت الحرب في سوريا حضورها على الإنتاج السينمائي المحلي، خلال السنوات الماضية، فقدمت عشرات الأعمال الروائية والوثائقية، لكن هل قدمت هذه الأعمال قيمة مضافة للواقع الحالي للسينما السورية؟ وما مدى حضورها الجماهيري؟
تتباين الآراء حول سوية هذه الأعمال؛ بين من يراها مهمة بأغلبيتها، تناولت جملة من القضايا، وعالجتها بشكل جيد، وبين من يعتبر أن معظمها جاء دون المستوى، بحيث لم تستطع مقاربة ولو جزء يسير مما عاناه السوريون، خلال الحرب.
حبيسة العلب
المخرج السينمائي غسان شميط قال في حديثه لـ«البيان»: «مع بداية الأزمة بدأت المؤسسة العامة للسينما بإنتاج خمسة أفلام سنوياً، بعد أن كان إنتاجها لا يتجاوز فيلماً واحداً قبل الحرب، لكن الذي حدث بالمقابل هو توقف معظم دور العرض عن العمل، إضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة، ما جعل هذه الأعمال تبقى حبيسة العلب، مع أنني اعتبر أن الكثير منها كان مهماً، إذ تناول جملة من القضايا وعالجها بشكل جيد، وإن كان هناك تباين في وجهات النظر تجاهها فهذا أمر طبيعي كون الحرب ولدت الكثير من القضايا، التي أثرت على مختلف مناحي الحياة».
وقال شميط: بشكل عام يمكن القول إن السينما السورية ما زالت تراوح مكانها لأسباب كثيرة، وحالياً لا أرى أفقاً في المستقبل القريب خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي الذي نعيشه، مضيفاً: «الموضوع الشائك جداً هو موضوع العرض الجماهيري للأفلام المنتجة، ومشكلة التوزيع، فما زلنا نعاني من ضعف التوزيع، سابقاً كنا نعطي أفلامنا للاتحاد السوفييتي مقابل الحصول على أفلامهم على مبدأ «المقايضة»، لكن لم يكن هناك توزيع بمعنى الكلمة».
عرض لمرة واحدة
وأشار شميط أيضاً إلى توقف معظم صالات العرض عن العمل في دمشق باستثناء واحدة، وقال: «لم يكن لدينا أكثر من عشر صالات في أفضل الحالات، ويعرض الفيلم المنتج حديثاً في صالة واحدة فقط، وعلى سبيل المثال فيلمي «ليليت السورية» قُدم في عرض افتتاحي فقط، بينما في مصر يقدم العرض الأول لفيلم ما في مئات الصالات».
وتابع: «في ظل هذا الواقع لجأت المؤسسة لعرض أفلامها في المراكز الثقافية في المدن لمرة واحدة فقط، وهذا الأمر لا يعطي مردوداً». وخلص شميط إلى أن القطاع الخاص هو الذي يجعل السينما تزدهر، لكن في بلدنا لا تجلب السينما للقطاع الخاص الإيرادات التي تجلبها الدراما؛ لذلك آثر الابتعاد عن السينما، لأنها غير مجدية مادياً.
موضة
الناقد بديع صنيج قال لـ«البيان»: «على مدى العقد الأخير أنتجت مؤسسة السينما العديد من الأفلام، التي صبغتها الحرب بصبغتها، سواء أكانت الحرب في الواجهة الرئيسية للأحداث، أم خلفية تدور في فلكها الأحداث والشخصيات، لكن معظم تلك الأفلام جاءت دون المستوى بكثير، إذ إنها لم تكن على صعيد الحكاية والحبكة والشخصيات قادرة على مقاربة ولو جزء يسير مما مر على رؤوس السوريين».
وأعرب صنيج عن اعتقاده أن «الحرب في السينما السورية بأفلامها الأخيرة لم تكن أكثر من موضة، لجأ إليها بعض كتاب السيناريو والمخرجين لإنتاج أفلام أقل ما يقال عنها إنها دون المستوى الفني، وفي كثير من الأحيان لا تنتمي إلى فن السينما أساساً، عبر أفكار مستهلكة، لا تمتلك أي خصوصية من الواقع السوري».
تكرار
وقال: يا للأسف فإن الأسماء المكرسة لم تستثمر الفرصة في الولوج إلى مناطق فريدة لجهة العوامل النفسية المحيطة بالشخصيات، ولا مداورة الأحداث بطريقة إبداعية، وإنما تكرارات لا تصلح لأن تكون حتى سهرات تلفزيونية، وكأن المقصود هو الإنتاج للإنتاج».
وتابع: «الجمهور السوري يتابع دائماً بشغف، رغم قسوة الأوضاع المعيشية التي تحاصره، لكنه بات يتردد كثيراً، إما نتيجة سوية هذه الأفلام، وإما من البكائيات المجانية، التي تنقلب في كثير من الأحيان إلى ضحك على سوء المنتج».
- 1
- 2
2/2
المصدر:
- دمشق - جمال الصايغ
التاريخ: 02 ديسمبر 2023
ت +ت -الحجم الطبيعي
فرضت الحرب في سوريا حضورها على الإنتاج السينمائي المحلي، خلال السنوات الماضية، فقدمت عشرات الأعمال الروائية والوثائقية، لكن هل قدمت هذه الأعمال قيمة مضافة للواقع الحالي للسينما السورية؟ وما مدى حضورها الجماهيري؟
تتباين الآراء حول سوية هذه الأعمال؛ بين من يراها مهمة بأغلبيتها، تناولت جملة من القضايا، وعالجتها بشكل جيد، وبين من يعتبر أن معظمها جاء دون المستوى، بحيث لم تستطع مقاربة ولو جزء يسير مما عاناه السوريون، خلال الحرب.
حبيسة العلب
المخرج السينمائي غسان شميط قال في حديثه لـ«البيان»: «مع بداية الأزمة بدأت المؤسسة العامة للسينما بإنتاج خمسة أفلام سنوياً، بعد أن كان إنتاجها لا يتجاوز فيلماً واحداً قبل الحرب، لكن الذي حدث بالمقابل هو توقف معظم دور العرض عن العمل، إضافة إلى الأوضاع المعيشية الصعبة، ما جعل هذه الأعمال تبقى حبيسة العلب، مع أنني اعتبر أن الكثير منها كان مهماً، إذ تناول جملة من القضايا وعالجها بشكل جيد، وإن كان هناك تباين في وجهات النظر تجاهها فهذا أمر طبيعي كون الحرب ولدت الكثير من القضايا، التي أثرت على مختلف مناحي الحياة».
وقال شميط: بشكل عام يمكن القول إن السينما السورية ما زالت تراوح مكانها لأسباب كثيرة، وحالياً لا أرى أفقاً في المستقبل القريب خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي الذي نعيشه، مضيفاً: «الموضوع الشائك جداً هو موضوع العرض الجماهيري للأفلام المنتجة، ومشكلة التوزيع، فما زلنا نعاني من ضعف التوزيع، سابقاً كنا نعطي أفلامنا للاتحاد السوفييتي مقابل الحصول على أفلامهم على مبدأ «المقايضة»، لكن لم يكن هناك توزيع بمعنى الكلمة».
عرض لمرة واحدة
وأشار شميط أيضاً إلى توقف معظم صالات العرض عن العمل في دمشق باستثناء واحدة، وقال: «لم يكن لدينا أكثر من عشر صالات في أفضل الحالات، ويعرض الفيلم المنتج حديثاً في صالة واحدة فقط، وعلى سبيل المثال فيلمي «ليليت السورية» قُدم في عرض افتتاحي فقط، بينما في مصر يقدم العرض الأول لفيلم ما في مئات الصالات».
وتابع: «في ظل هذا الواقع لجأت المؤسسة لعرض أفلامها في المراكز الثقافية في المدن لمرة واحدة فقط، وهذا الأمر لا يعطي مردوداً». وخلص شميط إلى أن القطاع الخاص هو الذي يجعل السينما تزدهر، لكن في بلدنا لا تجلب السينما للقطاع الخاص الإيرادات التي تجلبها الدراما؛ لذلك آثر الابتعاد عن السينما، لأنها غير مجدية مادياً.
موضة
الناقد بديع صنيج قال لـ«البيان»: «على مدى العقد الأخير أنتجت مؤسسة السينما العديد من الأفلام، التي صبغتها الحرب بصبغتها، سواء أكانت الحرب في الواجهة الرئيسية للأحداث، أم خلفية تدور في فلكها الأحداث والشخصيات، لكن معظم تلك الأفلام جاءت دون المستوى بكثير، إذ إنها لم تكن على صعيد الحكاية والحبكة والشخصيات قادرة على مقاربة ولو جزء يسير مما مر على رؤوس السوريين».
وأعرب صنيج عن اعتقاده أن «الحرب في السينما السورية بأفلامها الأخيرة لم تكن أكثر من موضة، لجأ إليها بعض كتاب السيناريو والمخرجين لإنتاج أفلام أقل ما يقال عنها إنها دون المستوى الفني، وفي كثير من الأحيان لا تنتمي إلى فن السينما أساساً، عبر أفكار مستهلكة، لا تمتلك أي خصوصية من الواقع السوري».
تكرار
وقال: يا للأسف فإن الأسماء المكرسة لم تستثمر الفرصة في الولوج إلى مناطق فريدة لجهة العوامل النفسية المحيطة بالشخصيات، ولا مداورة الأحداث بطريقة إبداعية، وإنما تكرارات لا تصلح لأن تكون حتى سهرات تلفزيونية، وكأن المقصود هو الإنتاج للإنتاج».
وتابع: «الجمهور السوري يتابع دائماً بشغف، رغم قسوة الأوضاع المعيشية التي تحاصره، لكنه بات يتردد كثيراً، إما نتيجة سوية هذه الأفلام، وإما من البكائيات المجانية، التي تنقلب في كثير من الأحيان إلى ضحك على سوء المنتج».