وداعا عصام نور الدين ... سلاما عصام نور الدين
في باريس و في يوم الجمعة الواقع في 15 ديسمبر ، كانون الأول 2023م، رحل المفكر ، و العالم اللغوي ، و أستاذ اللغويات و اللسانيات و النحو و الصرف العالم اللبناني الشهير الجليل، أخي و صديقي و أستاذي البروفيسور عصام نور الدين ، الرجل المحبوب النبيل ، الذي عاش حياته وفيا صاحب يد بيضاء كريمة ، كان يمدّها بسخاء و نبل لكل طلابه و زملائه و معارفه.
بيته الجميل في زقاق البلاط ، في بيروت، كان منارة للعلم و الثقافة ، يؤمه طلاب العلم ، و الباحثين في شعبة الدراسات العليا ، و ينهلون منه الإشراف و المعرفة .
مرات عديدة زرته في منزله ، و كان و زوجته السيدة خديجة و أولاده يستقبلون ضيوفهم بنبل و كرم ، قلّ نظيره.
من جامعة صنعاء باليمن، حيث عملنا معا و السيدة زوجته، في كليتي مركز اللغات و الآداب و العلوم الإنسانية إلى الجامعة اللبنانية في بيروت، إلى منزله في زقاق البلاط ، إلى مقر سكنه الأخير في باريس، كان يكلله عطر أخلاقه الفوّاح، و كانت ابتسامته الدافئة الودودة الوفية تستقبلنا، بالبهاء و الألق و الترحاب، مستنفرا إنسانيته الفياضة ، و كرمه المعهود الذي اشتُهر به، و سرعان ما تحضر زوجته السيدة الأستاذة خديجة ، كريمة الخلق، مرحبة بنا ، حاملة العصير و الحلويات ثم القهوة، ثم مائدة الطعام.
و في منزله العامر علما و معرفة و أدبا ، و كتبا تملأ جدران غرف المنزل، لتمتد حتى جدران المطبخ، كان عصام نور الدين، عليه واسع الرحمة و المغفرة، يحكي لنا ، عن الذي يقال و لا يقال، بحرية و جرأة معرفية في الأدب و الحياة و السياسة و الاقتصاد و أحوال الفساد الضاربة جذورها في مفاصل عالمنا المعاصر و بنياته و أخلاقياته ، و يصغي إلينا رانيا بعين المحب و قلبه، فاردا عطور معرفته، و خبراته و تجاربه في الكتابة و التأليف ، و في آخر ما توصلت إليه نظريات الأدب و النقد و أحدث ما نشرته دور النشر اللبنانية من كتب مهمة ، سيكون لها تأثير عميق في الفكر و الثقافة العربية المعاصرة.
و كان أستاذنا رائد الترجمة المعاصرة، و التأليف و البحث في حقل علم الاجتماع، و المفكر و الفيلسوف البروفيسور خليل أحمد خليل، أطال الله في عمره ، دائم الحضور البهي في سهراتنا ، ودودا و أنيقا و مفعما بالغبطة و الألق.
بفقدان عصام نور الدين، يفقد العالم العربي رجلا عالما كبيرا، و مفكرا تنويريا معاصرا، و أستاذا جامعيا محبوبا تخرّج من على يديه الكريمتين مئات الطلاب و الأساتذة ، و إنسانا نبيلا قضى حياته باحثا و مؤلفا و محاضرا في العديد من جامعات العالم العربي.
و لن ينسى من تتلمذ على يدي عصام نور الدين ، هذه الأيادي البيضاء الكريمة الممتدة لمساعدته في إنجاز أطروحته للدكتوراه، أو رسالته في الماجستير، و تقديم الكتب التي تشكل مصادر و مراجع مهمة ، هذه الكتب المتنوعة و العديدة في شتى المعارف و العلوم الإنسانية.
رحمة الله على أستاذنا الغالي البروفيسور عصام نور الدين ، رحمة واسعة، تكلله و تحسن إليه ، و تغفر له ، و تنقله إلى جنان ربه الكريم.
و تعازي القلبية الخالصة إلى أختنا العزيزة زوجته لأستاذة السيدة خديجة أبو ظهر، و أولاده الكرام الأساتذة : تمام و وائل، و عدي. و إلى جميع أفراد أسرته و طلابه و محبيه و أصدقائه المقربين، و بخاصة أقرب أصدقائه علما و معرفة ، أستاذنا الغالي البروفيسور خليل أحمد خليل.
الرحمة و المغفرة الرضوان تكلل روحك الطاهرة ، أيها الرجل الكريم النبيل ، العالم الجليل، أستاذي و صديقي البروفيسور عصام نور الدين، و البقية لله سبحانه و تعالى في عزه و عليائه و ملكوته و عرشه .