أين العدالة.. سؤال غير مشروع في عالم الأقوياء
النزاهة حلم البشر الذي لا يتحقق حتى في الأفلام والروايات.
عالم ظالم لا يعترف بالضعيف (لوحة للفنان عمران يونس)
ادعاءات الطيبة وانتصار الخير على الشر والضعيف على القوي كلها قصص ترسخها أفلام وأعمال فنية وأدبية متعددة ليستهلكها نمط معين من الناس، تحجب عنهم الحقيقة التي لا يتقبلونها، وهي أن القوي هو من ينتصر وأن الأخلاق والضمائر، رغم أهميتها، ما هي إلا أفكار في العقل، قد تنحدر على رتبة الوهم في أحيان كثيرة.
أحسبني في غنى عن القول إن من يضع تعريفات الخطأ والصواب، الخير والشر، هو القوي الغالب، لهذا السبب يقول المثل الأميركي MIGHT IS RIGHT (القوة على حق) الذي هو بالمناسبة عنوان كتاب لرنجر ريدبيرد، تكلم فيه عن الداروينية الاجتماعية.
ويقول المثل الآخر WINNER TAKES ALL (الرابح يأخذ كل شيء)، ولقد عبر دان براون عن هذه المسألة باقتدار في فقرة وردت في روايته “شيفرة دافنشي” يقول “في الحرب بين الرموز الوثنية والرموز المسيحية، خسرت الوثنية، فأصبح رمح بوصيدون الثلاثي شوكة الشيطان، وقبعة العجوز الحكيمة المدببة أصبحت رمز الساحرة الشمطاء، ونجمة فينوس الخماسية أصبحت رمز الشيطان”.
القوي من ينتصر
◙ رواية تنطلق من نعرة قومية دينية، كالكثير من أفلام هوليوود التي تروج لفكرة الرجل الغربي البطل الذي يهزم الشر ويؤسس لمجتمع عادل
من هنا لا أراني مبالغا إذا قلت إن سؤالا مثل أين العدالة؟ سؤال غير مشروع، فالعدالة وأخواتها قيم موجودة في السماء، أما ونحن نعيش في الحياة الدنيا، فالسؤال الوحيد المشروع هو من الأقوى؟
وقد عبر كريستوفر مارلو عن هذا المعنى في مسرحيته “يهودي مالطا”، من خلال مونولوج يفتتح به المسرحية، وهذا جزء منه “إن ما يجعل الملك ملكا ليس الحق، وإنما القوة وحدها، وإن خير ضمان لاحترام القوانين هو أن تكتب نصوصها بالدماء”. ثم يوضح لنا أن الكاثوليكية المتمركزة في جنوب أوروبا كثيرا ما اتبعت هي الأخرى -كما يشهد بذلك تاريخ الفاتيكان- مبادئ ميكيافيلي، تماما مثل باراباس بطل المسرحية، الذي لا ضمير له، فهو يسخر مما يسمى الضمير. يقول “لم أر إنسانا يعمل بما يمليه عليه هذا الضمير، الذي يزعم البشر وجوده”.
ولذا “لا يوجد فن ينفذ إلى وعينا ووجداننا مباشرة وإلى أعماق الغرف المظلمة في أرواحنا ماسا مشاعرنا كالأفلام”، كما يقول إنغمار برغمان.
هناك مشهد عبقري في فيلم “السبعة الرائعون” The Magnificent Seven حين يدور حوار بين الأشخاص السبعة الذين أتوا لحماية القرية من اللصوص وبين زعيم اللصوص كالبيرا (إيلاي والاك) فيعرض عليهم أن يقسم بينهم “بالعدل والقسطاس” ما سينهبه من القرية، فيقول له أحدهم “وكيف سيعيش أهل القرية؟”، يجيب كالبيرا متوجها بكلامه إليه وإلى الجميع “أترك لكم الحكم، هل يهتم رجال يمارسون مهنة كمهنتنا بأشياء كهذه؟ ستكون فضيحة في حقنا إن نحن فكرنا بهذه الطريقة، فلو لم يكن الله يريد لهم أن يجزوا ما كان ليخلقهم خرافا”.
يريد أن يقول: لا تأسفن على حال الخراف، فالبقاء للأقوى لأن الحياة غابة، والرحمة فضيحة بجلاجل في الغابة.
إذن هذا هو الوضع الطبيعي. القاعدة أن ينتصر مستر هايد على الدكتور جيكل، أن تنتصر المصالح على المبادئ، أن يرى القوي نفسه أكثر إنسانية من الضعيف، وأن يعتبر الشخص الجميل الشخص القبيح أقل إنسانية منه، والأمر ذاته ينسحب على نظرة الغني إلى الفقير، ونظرة العالم إلى الجاهل، ونظرة المشهور إلى المغمور… إلخ، ودونكم الواقع والتاريخ فتأملوهما.
“وجدت المدينة شجرة مسنة هائلة، تغوص جذورها عميقا في الأرض، وتعلو أغصانها فوق الغيوم، أما ثمارها فويل وشقاء، وقد حاول بعض المصلحين إصلاحها، فماتوا مقهورين”، هكذا قال يوسف الفخري بطل قصة العاصفة لجبران خليل جبران.
الانحياز للمعنى على حساب المصالح حالة شاذة في التاريخ البشري. يقول جلال، الذي كان يسعى لإقامة العدل في الحارة، في فيلم أصدقاء الشيطان “أنا ببص لبعيد” تجيبه زينات “يا خويا بص لنفسك”.
الحلم المرجأ
◙ رواية تقدم لنا مجموعة من الأطفال نجح إله الذباب في السيطرة عليهم وتوجيههم، فهو يعيش في نفس كل منهم، لذلك تنتهي محاولات الخير بالفشل
من بين الأعمال الأدبية العجيبة والغريبة التي تؤمن بأن البشر مخلوقات لا تفعل إلا الخير إذا تركت لفطرتها، رواية “جزيرة الشعاب المرجانية” لروبرت مايكل بالانتاين، وهذه فكرة ساذجة، يغني بطلانها عن إبطالها، وقد تبناها أيضا ابن طفيل في حي ابن يقظان.
لكن بالانتاين كان أكثر سذاجة، فالأشخاص الذين يقدمهم لنا في روايته يفعلون الخير وحده لسببين، أولا لأنهم بريطانيون، وثانيا لأنهم مسيحيون. أي أن رواية “جزيرة الشعاب المرجانية” تنطلق في الواقع من نعرة قومية دينية، كالكثير من أفلام هوليوود التي تروج لفكرة الرجل الغربي البطل الذي يهزم الشر ويؤسس لمجتمع عادل، في حين أن الغرب منذ الحقبة الإغريقية الرومانية إلى يومنا هذا يتفنن في خلق وإيجاد العدو ليتمكن من ممارسة عدوانيته وشره ولكي يتسلط على بقية الشعوب، لهذا صرح ألكسندر أرباتوف المستشار الدبلوماسي للرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف مخاطبا الأميركيين “سوف نقدم لكم أسوأ الخدمات، سنحرمكم من العدو”.
ويليام غولدينغ نفى نفيا قاطعا في روايته “ملك الذباب” ما حاول أن يروج له “بالانتاين”، حيث قدم لنا مجموعة من الأطفال، والأطفال بالذات، لأننا نصفهم عادة بالبراءة، وهم بريطانيون ومسيحيون، لكن إله الذباب، أي الشيطان، الشر الذي نحاول عبثا أن نطارده ونقتله، ينجح سريعا في السيطرة على الأطفال وتوجيههم، فهو يعيش في نفس كل منهم، لذلك تنتهي محاولات الخير بالفشل، دون أن تنفع الأطفال بريطانيتهم أو مسيحيتهم.
غادة السمان بدورها تبنت نفس الرأي في روايتها “بيروت 75″، ويظهر ذلك بسطوع في الكابوس القصير والأخير الذي يروى على لسان فرح “حين هربت من المستشفى كان أول ما فعلت هو أنني سرقت عن المدخل لافتتها ‘مستشفى المجانين’ حملت اللافتة إلى مدخل بيروت، واقتلعت اللافتة التي تحمل إسم بيروت وغرست مكانها اللافتة الأخرى. وانفجرت أضحك وأنا أقرأ مستشفى المجانين وخلف اللافتة أطلت بيروت في الفجر مثل أحشاء وحش جهنمي يتأهب للانقضاض.. وعدت هاربا إلى وكري”.
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم، كما يقول المتنبي.
لا أكون قد حدت عن موضوع المقال، وإنما أكون قد أكدت وجهة نظري إن قلت أعلم أن الكثيرين سيخالفونني الرأي، الكثيرين من المصابين بما يحلو لي أن أطلق عليه اسم “متلازمة الهرم”، والهرم هو تاجر مخدرات في فيلم “الكيت كات” تصدر عنه هذه العبارة “صح، بس هأنكر”، وهي جملة تعبر عن سلوك بشري أصيل، سلوك التمسك بالخطأ وممارسته، وإنكاره حتى الرمق الأخير. تماما مثل فران كوبليك في فيلم “الشقة” The Appartement 1960 التي يكون تعليقها على المرآة المكسورة بأنها تحب أن تنظر إلى نفسها فيها لأنها تظهرها على حقيقتها. ولهذا دلالة رمزية عميقة عن تعايش فران مع أخطائها، وأنها لا تنوي التخلي عنها، فهي تخادن رجلا متزوجا.
هكذا هم البشر، فما أحكم قول “زينات” في فيلم “أصدقاء الشيطان” إن “طبع الناس ما لوش حل”.
أريد أن أخلص إلى الآتي: أينما يوجد الإنسان يوجد الظلم والقهر، والانفلات والعربدة، لذا ستظل النزاهة دوما حلم البشرية المرجأ.
◙ أينما يوجد الإنسان يوجد الظلم والقهر والانفلات والعربدة لذا ستظل النزاهة على الدوام حلم البشرية المرجأ
وليد الأسطل
ناقد وشاعر فلسطيني
النزاهة حلم البشر الذي لا يتحقق حتى في الأفلام والروايات.
عالم ظالم لا يعترف بالضعيف (لوحة للفنان عمران يونس)
ادعاءات الطيبة وانتصار الخير على الشر والضعيف على القوي كلها قصص ترسخها أفلام وأعمال فنية وأدبية متعددة ليستهلكها نمط معين من الناس، تحجب عنهم الحقيقة التي لا يتقبلونها، وهي أن القوي هو من ينتصر وأن الأخلاق والضمائر، رغم أهميتها، ما هي إلا أفكار في العقل، قد تنحدر على رتبة الوهم في أحيان كثيرة.
أحسبني في غنى عن القول إن من يضع تعريفات الخطأ والصواب، الخير والشر، هو القوي الغالب، لهذا السبب يقول المثل الأميركي MIGHT IS RIGHT (القوة على حق) الذي هو بالمناسبة عنوان كتاب لرنجر ريدبيرد، تكلم فيه عن الداروينية الاجتماعية.
ويقول المثل الآخر WINNER TAKES ALL (الرابح يأخذ كل شيء)، ولقد عبر دان براون عن هذه المسألة باقتدار في فقرة وردت في روايته “شيفرة دافنشي” يقول “في الحرب بين الرموز الوثنية والرموز المسيحية، خسرت الوثنية، فأصبح رمح بوصيدون الثلاثي شوكة الشيطان، وقبعة العجوز الحكيمة المدببة أصبحت رمز الساحرة الشمطاء، ونجمة فينوس الخماسية أصبحت رمز الشيطان”.
القوي من ينتصر
◙ رواية تنطلق من نعرة قومية دينية، كالكثير من أفلام هوليوود التي تروج لفكرة الرجل الغربي البطل الذي يهزم الشر ويؤسس لمجتمع عادل
من هنا لا أراني مبالغا إذا قلت إن سؤالا مثل أين العدالة؟ سؤال غير مشروع، فالعدالة وأخواتها قيم موجودة في السماء، أما ونحن نعيش في الحياة الدنيا، فالسؤال الوحيد المشروع هو من الأقوى؟
وقد عبر كريستوفر مارلو عن هذا المعنى في مسرحيته “يهودي مالطا”، من خلال مونولوج يفتتح به المسرحية، وهذا جزء منه “إن ما يجعل الملك ملكا ليس الحق، وإنما القوة وحدها، وإن خير ضمان لاحترام القوانين هو أن تكتب نصوصها بالدماء”. ثم يوضح لنا أن الكاثوليكية المتمركزة في جنوب أوروبا كثيرا ما اتبعت هي الأخرى -كما يشهد بذلك تاريخ الفاتيكان- مبادئ ميكيافيلي، تماما مثل باراباس بطل المسرحية، الذي لا ضمير له، فهو يسخر مما يسمى الضمير. يقول “لم أر إنسانا يعمل بما يمليه عليه هذا الضمير، الذي يزعم البشر وجوده”.
ولذا “لا يوجد فن ينفذ إلى وعينا ووجداننا مباشرة وإلى أعماق الغرف المظلمة في أرواحنا ماسا مشاعرنا كالأفلام”، كما يقول إنغمار برغمان.
هناك مشهد عبقري في فيلم “السبعة الرائعون” The Magnificent Seven حين يدور حوار بين الأشخاص السبعة الذين أتوا لحماية القرية من اللصوص وبين زعيم اللصوص كالبيرا (إيلاي والاك) فيعرض عليهم أن يقسم بينهم “بالعدل والقسطاس” ما سينهبه من القرية، فيقول له أحدهم “وكيف سيعيش أهل القرية؟”، يجيب كالبيرا متوجها بكلامه إليه وإلى الجميع “أترك لكم الحكم، هل يهتم رجال يمارسون مهنة كمهنتنا بأشياء كهذه؟ ستكون فضيحة في حقنا إن نحن فكرنا بهذه الطريقة، فلو لم يكن الله يريد لهم أن يجزوا ما كان ليخلقهم خرافا”.
يريد أن يقول: لا تأسفن على حال الخراف، فالبقاء للأقوى لأن الحياة غابة، والرحمة فضيحة بجلاجل في الغابة.
إذن هذا هو الوضع الطبيعي. القاعدة أن ينتصر مستر هايد على الدكتور جيكل، أن تنتصر المصالح على المبادئ، أن يرى القوي نفسه أكثر إنسانية من الضعيف، وأن يعتبر الشخص الجميل الشخص القبيح أقل إنسانية منه، والأمر ذاته ينسحب على نظرة الغني إلى الفقير، ونظرة العالم إلى الجاهل، ونظرة المشهور إلى المغمور… إلخ، ودونكم الواقع والتاريخ فتأملوهما.
“وجدت المدينة شجرة مسنة هائلة، تغوص جذورها عميقا في الأرض، وتعلو أغصانها فوق الغيوم، أما ثمارها فويل وشقاء، وقد حاول بعض المصلحين إصلاحها، فماتوا مقهورين”، هكذا قال يوسف الفخري بطل قصة العاصفة لجبران خليل جبران.
الانحياز للمعنى على حساب المصالح حالة شاذة في التاريخ البشري. يقول جلال، الذي كان يسعى لإقامة العدل في الحارة، في فيلم أصدقاء الشيطان “أنا ببص لبعيد” تجيبه زينات “يا خويا بص لنفسك”.
الحلم المرجأ
◙ رواية تقدم لنا مجموعة من الأطفال نجح إله الذباب في السيطرة عليهم وتوجيههم، فهو يعيش في نفس كل منهم، لذلك تنتهي محاولات الخير بالفشل
من بين الأعمال الأدبية العجيبة والغريبة التي تؤمن بأن البشر مخلوقات لا تفعل إلا الخير إذا تركت لفطرتها، رواية “جزيرة الشعاب المرجانية” لروبرت مايكل بالانتاين، وهذه فكرة ساذجة، يغني بطلانها عن إبطالها، وقد تبناها أيضا ابن طفيل في حي ابن يقظان.
لكن بالانتاين كان أكثر سذاجة، فالأشخاص الذين يقدمهم لنا في روايته يفعلون الخير وحده لسببين، أولا لأنهم بريطانيون، وثانيا لأنهم مسيحيون. أي أن رواية “جزيرة الشعاب المرجانية” تنطلق في الواقع من نعرة قومية دينية، كالكثير من أفلام هوليوود التي تروج لفكرة الرجل الغربي البطل الذي يهزم الشر ويؤسس لمجتمع عادل، في حين أن الغرب منذ الحقبة الإغريقية الرومانية إلى يومنا هذا يتفنن في خلق وإيجاد العدو ليتمكن من ممارسة عدوانيته وشره ولكي يتسلط على بقية الشعوب، لهذا صرح ألكسندر أرباتوف المستشار الدبلوماسي للرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف مخاطبا الأميركيين “سوف نقدم لكم أسوأ الخدمات، سنحرمكم من العدو”.
ويليام غولدينغ نفى نفيا قاطعا في روايته “ملك الذباب” ما حاول أن يروج له “بالانتاين”، حيث قدم لنا مجموعة من الأطفال، والأطفال بالذات، لأننا نصفهم عادة بالبراءة، وهم بريطانيون ومسيحيون، لكن إله الذباب، أي الشيطان، الشر الذي نحاول عبثا أن نطارده ونقتله، ينجح سريعا في السيطرة على الأطفال وتوجيههم، فهو يعيش في نفس كل منهم، لذلك تنتهي محاولات الخير بالفشل، دون أن تنفع الأطفال بريطانيتهم أو مسيحيتهم.
غادة السمان بدورها تبنت نفس الرأي في روايتها “بيروت 75″، ويظهر ذلك بسطوع في الكابوس القصير والأخير الذي يروى على لسان فرح “حين هربت من المستشفى كان أول ما فعلت هو أنني سرقت عن المدخل لافتتها ‘مستشفى المجانين’ حملت اللافتة إلى مدخل بيروت، واقتلعت اللافتة التي تحمل إسم بيروت وغرست مكانها اللافتة الأخرى. وانفجرت أضحك وأنا أقرأ مستشفى المجانين وخلف اللافتة أطلت بيروت في الفجر مثل أحشاء وحش جهنمي يتأهب للانقضاض.. وعدت هاربا إلى وكري”.
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم، كما يقول المتنبي.
لا أكون قد حدت عن موضوع المقال، وإنما أكون قد أكدت وجهة نظري إن قلت أعلم أن الكثيرين سيخالفونني الرأي، الكثيرين من المصابين بما يحلو لي أن أطلق عليه اسم “متلازمة الهرم”، والهرم هو تاجر مخدرات في فيلم “الكيت كات” تصدر عنه هذه العبارة “صح، بس هأنكر”، وهي جملة تعبر عن سلوك بشري أصيل، سلوك التمسك بالخطأ وممارسته، وإنكاره حتى الرمق الأخير. تماما مثل فران كوبليك في فيلم “الشقة” The Appartement 1960 التي يكون تعليقها على المرآة المكسورة بأنها تحب أن تنظر إلى نفسها فيها لأنها تظهرها على حقيقتها. ولهذا دلالة رمزية عميقة عن تعايش فران مع أخطائها، وأنها لا تنوي التخلي عنها، فهي تخادن رجلا متزوجا.
هكذا هم البشر، فما أحكم قول “زينات” في فيلم “أصدقاء الشيطان” إن “طبع الناس ما لوش حل”.
أريد أن أخلص إلى الآتي: أينما يوجد الإنسان يوجد الظلم والقهر، والانفلات والعربدة، لذا ستظل النزاهة دوما حلم البشرية المرجأ.
◙ أينما يوجد الإنسان يوجد الظلم والقهر والانفلات والعربدة لذا ستظل النزاهة على الدوام حلم البشرية المرجأ
وليد الأسطل
ناقد وشاعر فلسطيني