ينافس بمسابقة «الجونة» للفيلم الوثائقي..
«سبعة أشتية في طهران» .. القصة المأساوية لإغتصاب إيرانية
الجونة ـ «سينماتوغراف» : إنتصار دردير
ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة في الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي، عُرض فيلم (سبعة أشتية في طهران ـ Seven Winters in Tehran)، 97 دقيقة، «إنتاج المانيا، فرنسا»، للمخرجة الألمانية شتيفي نيدِرزول، وشهد مهرجان برلين في نسخته الثالثة والسبعين 2023 عرضه الأول.
يحكي الفيلم الوثائقي قصة الشابة الإيرانية ريحانة جبّاري، التي أُعدمت في العام 2014، من قِبل السلطات الإيرانية، بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فيما أصرّت جبّاري حتى آخر يوم في حياتها، على أن الحادثة هي حادثة دفاع عن النفس عندما شرع القتيل في الاعتداء عليها جنسياً.
لم تغِب قصة جبّاري عن الصحافة التي تابعتها من مختلف أنحاء العالم، إلا أن أحداً لا يعرف كيف شعرت والدتها طوال سبع سنوات كانت فيها ريحانة مسجونةً على ذمة القضية، ومصيرها الموت في النهاية، ولا كيف شعر أخواتها الشقيقات، ولا والدها الذي كان عليه تسلّم جثتها بعد الإعدام. كل هذه التفاصيل سردها الفيلم بثقل اللحظات وألمها وقسوتها.
دعا القتيل ريحانة التي كانت مصممة ديكور، لتصميم عيادة له، فهو دكتور تجميل مشهور في طهران، إلا أنها وبعد وصولها إلى المكان، اكتشفت أنه ليس عيادةً بل شقة سكنية، وأن الرجل أقفل الباب بالمفتاح عندما كانت ريحانة تستكشف المكان من أجل الغرض الذي جاءت من أجله، وهو تصميم الديكور الداخلي للعيادة. عندها، بدأ بالاقتراب منها والتحرش بها، وقال لها لا جيران هنا ليسمعوا صراخها، لذا عليها الإذعان له، عندها استعانت جباري بسكين للدفاع عن نفسها وقتلت الرجل.
جبّاري واجهت حكم الإعدام بعد تحوير حيثيات القضية بحيث صارت ريحانة تستهدف الرجل وسمعته ولذا توجهت إلى شقته بغرض قتله، وليس بسبب دعوة وجهها إليها لتصميم ديكور عيادته.
وهكذا كانت تنتظر تنفيذ الحكم لسنوات في أحد سجون طهران، على أمل أن تعفو عنها عائلة القتيل، التي لم تألُ عائلتها جهداً في التواصل معها للحصول على هذا العفو، من دون جدوى.
اللحظات بين المرافعة والحكم، بين اتصال ريحانة وحديثها مع والدتها وغيابها في الزنزانة، بين شكوى ريحانة من تحوير قضيتها وسعي والدتها إلى تحشيد المناصرة للقضية، بين حديث العائلة مع ابن القتيل وطلبها العفو منه ورفضه، بين الطلب من ريحانة الاعتراف بأنها قتلته من دون أن يعتدي عليها ورفضها ذلك، وبين سماع صوت ريحانة للمرة الأخيرة واستلام خبر الإعدام الفعلي.
كل تلك اللحظات وثقها الفيلم الذي كان الكثير من مادته مصوّراً بكاميرا الهاتف من داخل السجن، ومكان الزيارة في السجن، ومن خارج السجن، من داخل المحكمة، ومن شوارع طهران، بالإضافة إلى تسجيلات صوتية لمكالمات ريحانة من السجن التي تستنجد فيها بعائلتها تارةً، وتحكي لهم القصص من داخل السجن تارةً أخرى.
يسلط الفيلم الضوء على قصة سبع سنوات (2007 ـ 2014) من الحياة المؤلمة التي عاشتها ريحانة جباري في السجن، رسائلها كانت دليلاً قوياً على مزيج من المعاناة والوعي الذي كانت تتمتع به الفتاة الصغيرة التي دخلت المعتقل، وهي في التاسعة عشر من عمرها، لتقضي هناك سنوات وهي تنتظر إعدامها، بتهمة قتل رجل حاول اغتصابها.
قُرأت رسائل ريحانة جباري في الفيلم بصوت الممثلة الإيرانية زهرا أمير إبراهيمي، كما استعرض الفيلم سلسلة من الملفات الصوتية والمرئية التي تم تسجيلها وإخراجها سراً من إيران من قبل عائلة ريحانة خلال سنوات سجنها، وهي تحكي عن التضامن الذي أبدته زميلاتها السجينات، اللواتي أجبرتهن بعض عائلاتهن على ممارسة الدعارة.
من الناحية الفنية، صُمّم الفيلم ببراعة - من اللغة المرئية إلى أسلوب التحرير- ونجحت المخرجة في تقديم رؤيتها الإبداعية وقدرتها على التنفيذ، فهو لا يُظهر فقط شجاعة الأفراد في مواجهة انتهاكات وعنف ممنهجين، لكنه يذكّرنا أيضاً أنه حتى الموت لا يمكن أن يهزم إرادة المرء في القتال من أجل عالم أفضل.
تختصر قضية ريحانة حكاية شابّات ونساء إيرانيات، ربما لم ولن نسمع عنهن، ففيها تربض ملامح ثقافة اغتصاب تستبيح أجساد النساء وتنتهك خصوصياتهن، وفيها تكمن محنة نساء ابتلين بوجودهن في هذه البقعة من العالم المحكومة عدالتها بتفسيرات متشدّدة وعقائد متطرّفة، فضلاً عن قوانين أبوية تحتقر مصائر وانحيازات كل مَن تمتّ لجنس النساء بصفة.
«سبعة أشتية في طهران» شهادة قوية على المقاومة اليائسة التي أبدتها ريحانة جبّاري، وعائلتها أيضاً التي قبلت قرارها وظلّت تناضل من أجل إعادة تذكير الناس بقضيتها وحفظ ذكراها حتى يومنا هذا.
http://cinematographwebsite.com/
#فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك
«سبعة أشتية في طهران» .. القصة المأساوية لإغتصاب إيرانية
الجونة ـ «سينماتوغراف» : إنتصار دردير
ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة في الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي، عُرض فيلم (سبعة أشتية في طهران ـ Seven Winters in Tehran)، 97 دقيقة، «إنتاج المانيا، فرنسا»، للمخرجة الألمانية شتيفي نيدِرزول، وشهد مهرجان برلين في نسخته الثالثة والسبعين 2023 عرضه الأول.
يحكي الفيلم الوثائقي قصة الشابة الإيرانية ريحانة جبّاري، التي أُعدمت في العام 2014، من قِبل السلطات الإيرانية، بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، فيما أصرّت جبّاري حتى آخر يوم في حياتها، على أن الحادثة هي حادثة دفاع عن النفس عندما شرع القتيل في الاعتداء عليها جنسياً.
لم تغِب قصة جبّاري عن الصحافة التي تابعتها من مختلف أنحاء العالم، إلا أن أحداً لا يعرف كيف شعرت والدتها طوال سبع سنوات كانت فيها ريحانة مسجونةً على ذمة القضية، ومصيرها الموت في النهاية، ولا كيف شعر أخواتها الشقيقات، ولا والدها الذي كان عليه تسلّم جثتها بعد الإعدام. كل هذه التفاصيل سردها الفيلم بثقل اللحظات وألمها وقسوتها.
دعا القتيل ريحانة التي كانت مصممة ديكور، لتصميم عيادة له، فهو دكتور تجميل مشهور في طهران، إلا أنها وبعد وصولها إلى المكان، اكتشفت أنه ليس عيادةً بل شقة سكنية، وأن الرجل أقفل الباب بالمفتاح عندما كانت ريحانة تستكشف المكان من أجل الغرض الذي جاءت من أجله، وهو تصميم الديكور الداخلي للعيادة. عندها، بدأ بالاقتراب منها والتحرش بها، وقال لها لا جيران هنا ليسمعوا صراخها، لذا عليها الإذعان له، عندها استعانت جباري بسكين للدفاع عن نفسها وقتلت الرجل.
جبّاري واجهت حكم الإعدام بعد تحوير حيثيات القضية بحيث صارت ريحانة تستهدف الرجل وسمعته ولذا توجهت إلى شقته بغرض قتله، وليس بسبب دعوة وجهها إليها لتصميم ديكور عيادته.
وهكذا كانت تنتظر تنفيذ الحكم لسنوات في أحد سجون طهران، على أمل أن تعفو عنها عائلة القتيل، التي لم تألُ عائلتها جهداً في التواصل معها للحصول على هذا العفو، من دون جدوى.
اللحظات بين المرافعة والحكم، بين اتصال ريحانة وحديثها مع والدتها وغيابها في الزنزانة، بين شكوى ريحانة من تحوير قضيتها وسعي والدتها إلى تحشيد المناصرة للقضية، بين حديث العائلة مع ابن القتيل وطلبها العفو منه ورفضه، بين الطلب من ريحانة الاعتراف بأنها قتلته من دون أن يعتدي عليها ورفضها ذلك، وبين سماع صوت ريحانة للمرة الأخيرة واستلام خبر الإعدام الفعلي.
كل تلك اللحظات وثقها الفيلم الذي كان الكثير من مادته مصوّراً بكاميرا الهاتف من داخل السجن، ومكان الزيارة في السجن، ومن خارج السجن، من داخل المحكمة، ومن شوارع طهران، بالإضافة إلى تسجيلات صوتية لمكالمات ريحانة من السجن التي تستنجد فيها بعائلتها تارةً، وتحكي لهم القصص من داخل السجن تارةً أخرى.
يسلط الفيلم الضوء على قصة سبع سنوات (2007 ـ 2014) من الحياة المؤلمة التي عاشتها ريحانة جباري في السجن، رسائلها كانت دليلاً قوياً على مزيج من المعاناة والوعي الذي كانت تتمتع به الفتاة الصغيرة التي دخلت المعتقل، وهي في التاسعة عشر من عمرها، لتقضي هناك سنوات وهي تنتظر إعدامها، بتهمة قتل رجل حاول اغتصابها.
قُرأت رسائل ريحانة جباري في الفيلم بصوت الممثلة الإيرانية زهرا أمير إبراهيمي، كما استعرض الفيلم سلسلة من الملفات الصوتية والمرئية التي تم تسجيلها وإخراجها سراً من إيران من قبل عائلة ريحانة خلال سنوات سجنها، وهي تحكي عن التضامن الذي أبدته زميلاتها السجينات، اللواتي أجبرتهن بعض عائلاتهن على ممارسة الدعارة.
من الناحية الفنية، صُمّم الفيلم ببراعة - من اللغة المرئية إلى أسلوب التحرير- ونجحت المخرجة في تقديم رؤيتها الإبداعية وقدرتها على التنفيذ، فهو لا يُظهر فقط شجاعة الأفراد في مواجهة انتهاكات وعنف ممنهجين، لكنه يذكّرنا أيضاً أنه حتى الموت لا يمكن أن يهزم إرادة المرء في القتال من أجل عالم أفضل.
تختصر قضية ريحانة حكاية شابّات ونساء إيرانيات، ربما لم ولن نسمع عنهن، ففيها تربض ملامح ثقافة اغتصاب تستبيح أجساد النساء وتنتهك خصوصياتهن، وفيها تكمن محنة نساء ابتلين بوجودهن في هذه البقعة من العالم المحكومة عدالتها بتفسيرات متشدّدة وعقائد متطرّفة، فضلاً عن قوانين أبوية تحتقر مصائر وانحيازات كل مَن تمتّ لجنس النساء بصفة.
«سبعة أشتية في طهران» شهادة قوية على المقاومة اليائسة التي أبدتها ريحانة جبّاري، وعائلتها أيضاً التي قبلت قرارها وظلّت تناضل من أجل إعادة تذكير الناس بقضيتها وحفظ ذكراها حتى يومنا هذا.
http://cinematographwebsite.com/
#فيلم، #فيديو، #أفلام، #فيديوهات، #ممثل، #ممثلين، #ممثلة، #ممثلات، #سينما، #سيما، #هوليوود، #فيلم_اليوم، #رعب، #رومانس، #كوميدي، #أكشن، #خيال_علمي، #وثائقي، #تاريخي، #مهرجانات_سينمائية، #سينما_العالم، #سينما_مختلفة، #تقارير_فنية، #مراجعات_أفلام، #بلاتوهات، #نجوم، #أخبار، #ذاكرة_العالم_أمام_عينيك