تاريخ استراليا
خريطة قديمة لأستراليا رسمها كارلوس ألارد نحو 1650م وتوضح بدقة ما عرف آنذاك باسم هولندا الجديدة.
أستراليا، تاريخ. الأستراليون الأصليون (الأبورجين)أول من عاش في أستراليا، وقد جاءوها قبل 50,000 سنة من جنوب شرقي آسيا.
وعرف الصينيون ومن بعدهم الإندونيسيون شواطئ أستراليا الشمالية قبل أن يعرفها الأوروبيون. والاعتقاد السائد اليوم هو أن البرتغاليين أول من وصل إليها من الأوروبيين، ثم جاءها بعد ذلك المكتشفون الهولنديون في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، ثم وصلت إليها حملة البحار البريطاني جيمس كوك حيث وصلت بالتحديد إلى شواطئها الشرقية، التي ألحقها كوك ببريطانيا، بعد أن أطلق عليها اسم نيوساوث ويلز. وكانت رحلة كوك أول رحلة أوروبية موثقة بالمعلومات عنها. ثم جاءتها السفن البريطانية حاملة السجناء المنفيين ليستقروا هناك في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وأخيرًا وصل إليها المستوطنون الجدد من أقطار كثيرة، أوروبية وغير أوروبية. وكان قدومهم ملحوظًا خلال القرن التاسع عشر الميلادي. ولقدكان استقرار كل أولئك المهاجرين على حساب الأستراليين الأصليين ـ الأبورجين، والذين عانوا الكثير من نشاط هؤلاء القادمين، حتى إن بقاءهم أصبح في خطر واضحٍ.
تلت هذه الحقبة من تاريخ أستراليا مرحلة استكشاف الأراضي الداخلية، والاستيلاء عليها بشتَّى الوسائل الشرعية وغيرها، وإنشاء المراعي، والعمل في تجارة الصوف، وازدهار تلك التجارة، حيث أصبحت أستراليا مصدرًا مهمًا للصوف، تمد به مصانع بريطانيا. ثم جاءت فترة اكتشف فيها الذهب في أستراليا، فكانت آثار ذلك الاكتشاف عظيمة، أهمها أنه أدى إلى نمو اقتصادي واضح، وساعد في إدخال الديمقراطية إلى المستعمرات الأسترالية فيما بعد. ثم تلا ذلك إنشاء الاتحاد الفيدرالي لتلك المستعمرات، وإعلانها بلدًا مستقلاً استقلالاً محدودًا عام 1901م.
حاربت أستراليا في الحربين العالميتين الأولى والثانية ـ واستبسل جنودها في معارك جاليبولي وغيرها، وتأثرت كغيرها من البلاد بأزمة العشرينيات الاقتصادية. واتخذها الأمريـكيـون قاعـدة للهجـوم على اليابان في الحرب العالمية الثانية. وتأثر اقتصادها بالحرب؛ حيث بدأت حكوماتها المختلفة بعد تلك الحرب سياسة تهدف إلى تعمير البلاد، عن طريق الهجرة، وعن طريق خطط اقتصادية أخرى.
أستراليا قبل الاستيطان الأوروبي
جيمس كوك البحار البريطاني ادعى أن أراضي ساحل أستراليا الشرقي ممتلكات بريطانية وذلك في جزيرة بوسيشن بعيدًا عن كيب يورك في 22 أغسطس 1770م.
كان الأستراليون الأصليون (الأبورجين) أول قاطني أستراليا الذين جاءوها قبل 50,000 سنة على أقل تقدير. وكان هؤلاء قومًا رحلاً، عاشوا على الصيد، وعلى جمع الطعام من الأرض أثناء ترحالهم من مكان لآخر، ولم يكن لهم قانون يحكمهم أو رؤساء، وإنما كان اتخاذ القرارات بيد الرجال المسنين منهم، ذوي الخبرة والدراية. وعرفوا نوعًا من العبادات الوثنية. كانت أعدادهم عند وصول الأوروبيين لأستراليا نحو 300,000 نسمة، موزعين بين 500 مجموعة، سموها أحيانًا قبائل.
هناك دلائل تشير إلى أن كلاً من العرب والهنود والصينيين، والإندونيسيين، كانوا على معرفة ودراية بقارة أستراليا قبل أن يعرفها الأوروبيون.
وعلى الرغم من أن البرتغاليين كانوا أول من وصل إليها، إلا أن الهولنديين كانوا أول من سجل رؤيتهم لها. فعل ذلك وليم جانسز في نحو 1606م، ثم تبعه بعض المكتشفين الأسبان، ولكن معرفة أوروبا بأستراليا ظلت مستقاة من الهولنديين؛ إذ إنهم رسموا خرائط لسواحلها الشمالية والغربية والجنوبية الغربية، ثم جاءت رحلة كوك في عام 1768م، فأوضحت الكثير من معالم القارة الأسترالية، وأبانت أن كلاً من نيوزيلندا وغينيا الجديدة منفصلتان عنها.
تأسيس أستراليا (1788 - 1850م)
وصلت إلى أستراليا أول سفينة بريطانية تحمل سجناء منفيين في عام 1788م وكانت تحت قيادة آرثر فيليب، الذي صار أول حاكم لمستعمرة نيوساوث ويلز التي أنشأها الكابتن كوك. وتتابع الحكام البريطانيون على تلك المستعمرة. وفي أثناء القرن التاسع عشر الميلادي أقيمت أربع مستعمرات جديدة في أستراليا هي: 1- فان ديمنزلاند (تسمانيا الآن) 1803م 2- مستعمرة أستراليا الغربية في عام 1829م 3- مستعمرة أستراليا الجنوبية في عام 1836م 4- مستعمرة فكتوريا في عام 1850م.
ونتج عن ذلك تدفق المستوطنين الأحرار من غير السجناء المنفيين على أستراليا، وتقلص إرسال أولئك السجناء إليها، وتلا ذلك عملية اكتشاف داخلها، فاكتُشِف الجزء الشمالي الشرقي منها، وتزايد عدد المستوطنين الأوروبيين، وأرقام السكان، وانتشرت حركة الاستيطان إلى ما بعد الحدود المسموح بها، فتوطن بعض المستوطنين الأراضي الحكومية وغيرها دون حق قانوني، وركزوا على تربية الضأن؛ الأمر الذي أدى إلى ازدهار صناعة الصوف في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، إذ كان الطلب عليه متزايدًا في بريطانيا، فأًصبح من صادرات المستعمرات الأسترالية الأساسية.
وكان أثر تلك الهجرة المتزايدة وَبَالاً على الأستراليين الأصليين الذين كادوا أن ينقرضوا من جَرّاء استيلاء المهاجرين عليهم وعلى أراضيهم.
السُّجناء المنفيُّون. كانت الحكومة البريطانية مدفوعـة بعدة أسباب لترحيل السجناء المنفيين إلى أستراليا؛ فأستراليا بلد بعيد لا يمكن لأولئك السجناء الهرب منه، كما أنها كانت البديل لأمريكا، وربما كانت بريطانيا مدفوعة أيضًا بالعامل التجاري، وبهدف توسيع إمبراطوريتها، خاصة بعد فقدانها لمستعمراتها الأمريكية. وقد اتبع حكام أستراليا سياستين مختلفتين تجاه أولئك السجناء، وكان لكل سياسة أنصارها، وهما: سياسة إبقاء السجناء المنفيين قوة عاملة رخيصة، تعمل في المزارع والمراعي، وسياسة تحريرهم ومنحهم الأراضي، وجعلهم مواطنين محررين. لكن سرعان ما قامت معارضة قوية في بريطانيا، وفي المستعمرات لسياسة نفي السجناء هذه، واعتبرها الكثيرون بمثابة معاقبة الجريمة بجريمة أخرى، وتزايدت المعارضة لها حتى أوقفت هذه السياسة في 1850م.
حكم المستعمرة. خضعت المستعمرات الأسترالية لنظام حكم واحد؛ إذ كان يحكم كل مستعمرة حاكم مسؤول أمام السلطات في بريطانيا. وبحلول عام 1823م منحت المستعمرات حكمًا ذاتيًا محدودًا؛ فكان لكل مستعمرة مجلس تشريعي يعينه الحاكم، ويقوم بمهمة استشارية فقط، وكانت هذه بداية التطور نحو الحكم الذاتي الكامل، خاصة عندما أيقن الجميع أن أستراليا بلد كسائر البلاد، وليست سجنًا فقط، فأنشئت مجالس تشريعية ذات سلطات محدودة وذات صلاحيات في الأمور الداخلية فقط. أمّا الشؤون الخارجية والدفاع والاقتصاد فهي خارجة عن اختصاصها. وكان محتمًا على الحكومة حماية الأستراليين الأصليين (الأبورجين) ولكنها لم تهتم بذلك، وإنما كانت تنظر إليهم نـظرة عصبية متعالية، وترى أنهم أقل مقامًا من المستوطنين البيض، وأنه لا حق لهم في الأراضي. كما كانت نظرة المستوطنين لهم هي نظرة الحكومة نفسها؛ فقد تجاهلوا وجودهم في مواطن الأراضي الرعوية التي استولوا عليها، بل إنهم كانوا يحاولون القضاء عليهم. فقد ثبت أنهم كانوا يوزعون عليهم الدقيق المسموم، والأطعمة المسمومة بهدف التخلص منهم، وذهبوا إلى أبعد من ذلك عندما أقاموا لهم الكمائن لأسرهم وقتلهم.
وقـد دعت كل هذه السياسات الأستراليين الأصليين إلى مقـاومـة أولئـك المستوطنين والمهـاجرين الأوروبيين، واعتبروهم غــزاة دخــلاء ومغتصبـين لأراضيهم، ولكنها كانت مقاومة قصيرة وغير متكافئة، فسرعان ما أُنْهِيَتْ.
واستمرت الحكومة والمستوطنون في سياستهم الجائرة نحو أولئك السكان وكانوا أحيانًا يقبضون عليهم، ويرحِّلونهم إلى أماكن وجزر بعيدة. حدث ذلك في تسمانيا، حيث رُحل أهلها ووُطِّنوا في جزيرة فلندرز، فكانوا عرضة للأمراض التي أتى بها أولئك الأوروبيون والتي كانت مقاومتهم لها ضعيفة، ففتكت بهم، إلى الحد الذي كاد يؤدي إلى انقراضهم. كما كانوا في أحيان أخرى يُحصرون ويُصفون في مستوطنات لم يتعودوا على جوها وبيئتها، فماتوا من المرض، وسوء التغذية، وإدمان الخمور. وقد أدّى كل ذلك إلى خطر انقراض الأستراليين الأصليين، ويقال إنهم انقرضوا في بعض الأماكن.
نـحــو بـنـاء أمَّـــة (1850-1901م)
معسكرات التعدين مثل هذا المعسكر في باتهيرست (عام 1851م) قد انتشرت بعد اكتشاف الذهب في عام 1851م وكثر عدد المعدِّنين الذين ذهبوا إلى أستراليا من مختلف الأقطار.
حدث في الفترة من 1850 - 1901م تحول واضح في المجتمع الأسترالي، وكذلك في الاقتصاد والسياسة الأسترالية؛ فقد شهدت الفترة ظهور الشعور القومي بين الأستراليين والذي كان يتجه نحو إحداث الوحدة القومية والسياسية المتمثلة في العمل على إيجاد اتحاد فيدرالي بين المستعمرات الأسترالية. كما شهدت الفترة ظهور التكتُّلات العمالية والنقابية، وكذلك شهدت بفضل اكتشاف الذهب زيادة هائلة في السكان؛ فقد زادوا خلال عشر سنوات من 400,000 نسمة إلى 1,144,000 نسمة في 1861م وكان نحو نصف هذا العدد يعيش في مستعمرة فكتوريا، التي اكتشف فيها الذهب.
الحكم الذاتي. تَمّ في هذه الفترة تطوُّر واضح في أنظمة حكم المستعمرات؛ إذ أقيم في عام 1855م برلمان في مستعمرة فكتوريا. وفي العام التالي امتدت التجربة إلى باقي المستعمـرات. وكان البرلمــان مكونًا من مجلسين، المجلـس الأدنى، وهـو منتخب من كــل الذكــور البالغـين، والمجلس الأعلى، وهـو الـذي يتم تعيينــه من قبل الحاكم في بعض المستعمرات، وينتخبه الأغنياء في بعضها الآخر.
قوانين الأراضي ونشوء المدن. بالإضافة إلى ذلك، فقد قامت الحكومة بإصدار العديد من القوانين الإصلاحية. كانت في معظمها قوانين خاصة بالأراضي، كما بدأت بعض المدن في الظهور، كانت أُولاها سيدني التي أسست في عام 1788م، وتبعتها أخريات لعل أهمها مدينة ملبورن التي ازدهرت بفضل اكتشاف الذهب.
التعليم. كذلك بدأت الحكومة والمؤسسات الأخرى ـ دينية وغيرها ـ تهتم بأمر التعليم. وكانت مسألة التعليم الديني وغير الديني (العلماني)، تثير نقاشًا حادًا في المستعمرات؛ فاهتمت الحكومة بإنشاء مدارس للتعليم العلماني، في حين أن بعض الكنائس الكاثوليكية بدأت توسّع وتزيد من مدارسها، والتي كانت تهتم بالطبع بالتعليم الديني.
الزراعة. تطوّرت الزراعة بقطاعاتها المختلفة، بعد عام 1860م، وقطاع الرعي، وقطاع زراعة المحاصيل، فزرع القمح بكميات هائلة، ثم تواردت على أستراليا الاستثمارات من بريطانيا، فكانت الفترة بين 1860 - 1890م فترة ازدهار اقتصادي، ازدهرت فيها صناعات المواد الغذائية، ومواد البناء، والجلود، والأخشاب، وصناعة النسيج والملابس.
النمو الاقتصادي والمواصلات. كذلك طرأ تحسُّن وتوسُّع في سبل المواصلات البرية والحديدية وانفتحت بذلك آفاق جديدة للاستيطان، وتيسّر أمر نقل المحاصيل، كالقمح مثلاً. ولكن كل هذا النمو الاقتصادي توقَّف في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، وحل محله ركود اقتصادي أثّر على الزراعة والصناعة، والنظام المصرفي وغير ذلك، فتفشَّت البطالة وساءت أحوال العمال والعمل، الأمر الذي أدى إلى ظهور الحركات العمّالية. وإلى قيام إضرابات عام 1890م الشهيرة، التي كانت تطالب بتحسين ظروف العمل والأجور... إلخ.
القومية
السكان
1788م 300,000 -
500,000 أصليون
(أبورجين)
1790م 2000 أوروبيون
1800م 5,200 أوروبيون
1810م 11,000 أوروبيون
1830م 70,000 أوروبيون
1840م 190,000 أوروبيون
1850م 405,000 أوروبيون
1860م 1,450,000 نسمة
1901م 3,373,801 نسمة
1911م 4,455,005 نسمة
1961م 10,508,186 نسمة
1966م 11,599,498 نسمة
1986م 15,602,156 نسمة
الشعــور القــومي. ظلَّت كــل مستعمـرة حتى فترة الثمانينيـات من القـرن التاسـع عشر الميلادي حريصة ومتمسكة باستقلالها. ولكن تُحسُّن سبل الاتصال ساعد على ربط المستعمرات بعضها ببعض، بحيث بــدأ سكانهـا يُحِسُّون بقوميتهم وأنهم أستراليون قبل كل شيء، غير تابعين لبريطانيا وطنهم الأول. وانعكس هـذا الإحســاس القومي في المطالبة بإيجاد نـوع من الفيدراليــة بين المستعمرات، وتطور هذا الشعور تطورًا غير مستحب؛ عندما ظهرت حركة المطالبــة بإقامـة أسترالـيا البيضـاء.
وهي السياسة التي ستكون وقفًا على نوع معين من السكان البيض.
وتمثل هذا الشعور القومي في الفنون والآداب، فأصبح الكُتَّاب والفنانون أستراليين معنىً ومغزًى، مثل الكاتب هنري لوسون ومايلز فرانكلين وبانجو باترسون وستيل ريد الذين كانت أعمالهم أسترالية خالصة موضوعًا ولغة. لكن الأستراليين لم يتخلصوا من شعورهم بالانتماء للإمبراطورية البريطانية. واستمر هذا الشعور المزدوج حتى القرن العشرين الميلادي.
الفيدرالية. بدأت الفوارق، والحواجز الجغرافية والاقتصادية بين المستعمرات تتلاشى، وبدأ الخطر الخارجي ـ خطر النشاط الألماني والفرنسي في المحيط الهادئ ـ يزيد من إحساسهم بالحاجة إلى التكتل لحماية أنفسهم. ونتج عن كل ذلك ظهور تيارين وسط الساسة الأستراليين؛ فكان هناك الموالون لبريطانيا الراغبون في توطيد العلاقة معها، كما كان هناك المنادون بالاتحاد وقطع كل علاقة مع بريطانيا.
في هذا الجو وفي 1880م نادى باركس بإقامة اتحاد فيدرالي بين المستعمرات الأسترالية، خطوة أولى نحو الوحدة. وبدأت الاجتماعات تعقد لهذا الغرض، ولمناقشة دستور فيدرالي. وبعد جهود مضنية أزالت الخلافات بين المناطق، تم صَوْغ الدستور الفيدرالي وأجيز من قبل كل المقاطعات في 1900م. وهو العام نفسه الذي رفع فيه الأمر للبرلمان البريطاني في يوليو 1900م. وأثمرت كل هذه الجهود عن كومنولث أستراليا للوجود في اليوم الأول من يناير عام 1901م.
بناء أُمَّة (1901 - 1960م)
حفل افتتاح البرلمان بوساطة دوق يورك أقيم في مبنى معرض ملبورن في مايو 1901م. وقد رسم المنظر الفنان توم روبرتس.
اجتمع البرلمان الفيدرالي الأول في 1901م وأجاز في اجتماعه ثلاث سياسات دائمة هي:
أستراليا البيضاء، التحكيم، القومية داخل إطار الإمبراطورية. كما ناقش أعضاء البرلمان السياسات الاقتصادية، واختلفوا حولها، أتكون سياسة تجارة واقتصاد حُرَّيْن أم سياسة حماية؟ وكان لكل رأي مناصروه. وقد شهد هذا البرلمان والنشاط الذي أعقبه ظهور نظام الحزبين في أستراليا.
أُستراليا البيضاء. أجاز برلمان 1901م قانون تحديد الهجرة، الذي منع عن أستراليا الهجرة الآسيوية، خاصة هجرة أهالي جزر المحيط الهادئ، وبذلك استطاعت الحكومة تحقيق مبدأ أستراليا البيضاء، وذهبت إلى أبعد من ذلك، عندما بدأت ترحِّل العمال الوافدين من جزر المحيط الهادئ إلى مواطنهم، وأخذت تشجِّع أصحاب المزارع لكي يستخدموا العمال البيض، وذلك بتقديم إعانة مالية لكل مزارع يلتزم بهذه السياسة. كما أصدرت الحكومة الفيدرالية قو انين جنسية صارمة، واهتم البرلمان بدور وسلطات محكمة التحكيم الفيدرالية، واختلف أعضاؤه حول مسألة إدخال الخدمة العسكرية الإجبارية للعمل فيما وراء البحار.
السياسة الخارجية والدفاع. ظلت سياسة أستراليا الخارجية، رغم مظاهر الاستقلال، وقيام الأحزاب، والبرلمان، تحت هيمنة الحكومة البريطانية في لندن، والتي كانت تُصدر كل القرارات السياسية دون الرجوع إلى برلمان أستراليا، أو مشورة حكومتها. وقد بقيت هذه الهيمنة البريطانية بالرغم من عدم رضاء الأستراليين عنها. أما من حيث الدفاع فقد كانت أستراليا مستقلة نوعًا ما، وبخاصة حين صُرِفت أنظار بريطانيا نحو أوروبا. لذا كان هناك جيش أسترالي ولكنه كان صغير الحجم، يعتمد على التجنيد الإلزامي.
أستراليا بين الحربين العالميتين(1918-1939م)
السياسة والمجتمع. ظهر بعد الحرب العالمية الأولى، وفي فترة العشرينيات من القرن العشرين حزبان جديدان في أستراليا، هما حزب الوطن، بقيادة إيرل بيج، والحزب القومي. وكذلك ظهر الحزب الشيوعي ولكن كان حزبًا صغيرًا غير ذي بال. وكان على الحكومة آنذاك الاهتمام بأمر الجنود العائدين من ميادين الحرب، وذلك بمنحهم ضمانات اجتماعية، ومساعدتهم على الاستقرار بكفالة سبل العيش لهم، وإعادتهم إلى كنف الحياة المستقرة.
وكان عليها إلى جانب ذلك معالجة وباء الانفلونزا الذي تفشى في البلاد، وأحدث ضحايا فاقوا ضحايا الحرب، وكذلك كان على الحكومة معالجة أمر الهجرة، فقد دخل البلاد بين عامي 1921 - 1930م نحو 300,000 مهاجر، معظمهم من بريطانيا، فضلتهم الحكومة على غيرهم من المهاجرين، وعملت على مساعدتهم على الاستقرار والعمل في الأراضي الزراعية والرعوية.
الاقتصاد. بدأ الاقتصاد الأسترالي في النمو في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وكانت سياسة الدولة الاقتصادية تقوم على ثلاثة أسس هي: 1- اليد العاملة، 2- رأس المال، 3- الأسواق، بالإضافة إلى توفير الحماية للصناعة والزراعة، والعمل على دعمهما. ولكن الوضع الاقتصادي في نهاية العشرينيات من القرن العشرين الميلادي بدأ في الركود مرة أخرى، وتأثر الاقتصاد بالأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929م، فزادت البطالة، وانخفضت أسعار المنتجات الزراعية، وكذلك الحال في المجال الصناعي، ولم تَسْتَعِد البلاد قوتها إلا في عام 1933م.
الـحــرب العـالمـية الثانـية (1939-1945م) وما بعدها
حاربت القوات الأسترالية إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية؛ في معارك شمالي إفريقيا 1941م، والجبهة اليونانية. ولكن بدخول اليابان الحرب ازداد قلق الساسة الأستراليين، وخوفهم على بلادهم؛ فعملوا على إعادة بعض القوات الأسترالية من الجبهة لحراسة البلاد من الخطر الياباني. والواقع أن اليابان لم تكن تَوَدُّ محاربة أستراليا، وإنما كانت خطتها هي عزل أستراليا أكثر من غزوها. وقد استطاعت أستراليا بمساعدة الولايات المتحدة التي جعلت من أستراليا قاعدة للهجوم على اليابان رَدَّ الخطر الياباني.
وبحلول عام 1945م كانت أستراليا قد شهدت تغيُّرات عدة. فقد ازدهرت صناعاتها بسبب الحرب، واستمر ذلك الازدهار لمدة عشرين عامًا. وتحسنت أوضاع النساء اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وبدأ عدد السكان في الازدياد، بسبب تزايد الهجرة. ونسبة الولادة بين الأستراليين، فقد وصل أستراليا في الفترة 1947 - 1960م حوالي 853,953 مهاجرًا، وكان أثرهم عظيمًا عليها وعلى نموها الاقتصادي؛ حيث استمرت الحكومة في سياسة إعادة البناء، والتوسع الزراعي والصناعي، وكذلك كانت الحكومة تهتم في هذه الفترة اهتمامًا بالغًا بالخطر الشيوعي ـ خاصة أيام اشتداد الحرب الباردة ـ وتعمل للنفوذ الشيوعي ألف حساب، فتخشى من الحزب الشيوعي الأسترالي، وتبالغ في أهميته ودوره، وتهتم بالنقابات، وإبعاد الأثر الشيوعي عنها، وهكذا بدأت أستراليا تحس في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي بضرورة الخروج من عزلتها، وبإحساسها بالعالم من حولها، خاصة العالم الآسيوي. وبالعمل على استقلال سياستها الخارجية.
وقد عملت حكومة كيرتن في 1941م على تحقيق كل تلك المبادئ، ولكن خوفها من الشيوعية جعلها تعتمد أكثر فأكثر على سند الولايات المتحدة. ولعل تلك المخاوف هي التي دفعت بأستراليا للمشاركة بجنودها في الحرب الكورية، وبإرسالهم إلى الملايو، وقد ظلت الحكومات الأسترالية تتجاهل آسيا عامة، على الرغم من أن بعضها أقام علاقات تجارية وطيدة مع اليابان في فترة ما بعد الحرب.
كانت الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الميلادي فترة سلام ورخاء واستقرار سياسي في أستراليا. وقد ظلت الخدمات الصحية والتعليمية في توسّع مستمر، وازدهرت الآداب والفنون، وبدت فيها الذاتية الأسترالية واضحة جلية.
أستراليا منذ 1960م
كان تورط أستراليا في حرب فيتنام يقابل رخاء الستينيات ويلقي بظلاله عليه، وكان هذا التَّورُّط يلقى معارضة في الأوساط الشعبية، ويشير إلى أن الحكومة الائتلافية التي اختطت سياسة التورط تلك، قد فقدت صلتها بالجماهير، الأمر الذي أدى إلى سقوطها وفوز حزب العمال في عام 1972م بعد فترة ثلاثة وعشرين عامًا قضاها في المعارضة. وتمكّن هذا الحزب من الحكم تحت قيادة زعيمه ويتلام غو حتى عام 1975م، حيث أزيح عن الحكم، بسبب معارضة مجلس الشيوخ له، وبسبب المشاكل الاقتصادية التي واجهته والمتمثلة أساسًا في ارتفاع أسعار النفط. وقد استمرت هذه المشاكل وأدت إلى تعاقب الحكومات الائتلافية والعمالية على كرسي الحكم فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين الميلادي.
تغيرات اجتماعية. شهد المجتمع الأسترالي تحولات اجتماعية واضحة في هذه الفترة، انعكست في أزياء شبابه، وفي ثقافتهم، وفي نسائه ومطالبتهن بالأجر العادل، وكذلك في صحوة السكان الأصليين كذلك ومطالبتهم بالأجر العادل، وبحقهم في التصويت، الأمر الذي أدَّى إلى شعور الناس بهم لأول مرة. وقد كانت هناك أسباب عدة لتلك التحوُّلات والتغيُّرات الاجتماعية أهمها:1- التقنية، 2- حرب فيتنام. فالتقنية أنهت عزلة البلاد، وربطتها بما كان يجري في العالم من آراء واتجاهات ومشاكل، والحرب الفيتنامية جعلت الكثير من الأستراليين يتساءلون عن جدوى الحرب، وعن مجتمعهم ككل، ويدركون أن خوفهم من الشيوعية، وسياستهم الموالية للسياسة الأمريكية، هي التي أدخلتهم حرب فيتنام، وهي حرب لا مصلحة لهم فيها، ولا غرو إذ بدأت المعارضة لتلك الحرب تزداد بعد عام 1966م؛ فبدأت حركة الرفض في أوساط الشباب للتجنيد والاشتراك في الحرب، وتفاقمت المظاهرات والاحتجاجات في عامي 1970 و1971م وبدأ بعضهم يتساءل عن جدوى التحالف مع أمريكا.
مظاهرة في مدينة ملبورن في السبعينيات ضد اشتراك أستراليا في حرب فيتنام.
حرب فيتنام. كانت حرب فيتنام إحدى المسائل المهمة في انتخابات عام 1972م، وكذلك كان دور البناء والتعليم موضوعين آخرين في تلك الانتخابات، التي فازت فيها حكومة ويتلام العمالية. فقامت في أيامها الأولى بإنهاء التجنيد الإلزامي (الإجباري)، وبسحب الجنود من فيتنام، والاعتراف بالصين الشعبية. كما قامت في المجال الخارجي بإنشاء علاقات اقتصادية وثقافية مع دول آسيا البيضاء، وبدأت إصلاحات داخلية في التعليم، واهتمت بحقوق الأستراليين الأصليين ومنحت النساء حقهن في الأجر العادل. ولكن معارضة مجلس الشيوخ لتلك الحكومة، وعدم خبرة وزرائها، وبعض المشاكل الاقتصادية أدّت إلى سقوطها؛ وذلك عندما أدت معارضة الشيوخ لسياستها إلى حل المجلسين: النواب والشيوخ، وإجراء انتخابات جديدة، أتت بحكومة ائتلافية تحت زعامة فريزر، تابعت سياسات سابقتها، ولكن المشاكل الاقتصادية والركود الاقتصادي، ومشاكلها مع النقابات، وتَفَشِّي البطالة، كانت كلها تحد من فاعليتها.
شهدت فترة الثمانينيات مجيء حكومة العمال بقيادة زعيم الحزب بوب هوك وقد اتّسمت سياستها بالمحافظة؛ فحاولت إنعاش الاقتصاد، وذلك عن طريق تعويم الدولار الأسترالي، وتخفيض قيمة الفائدة، وتحديد الأجور، وإصلاح النظام المصرفي، ولكن الأمور الاقتصادية ازدادت سوءًا باستمرار تدهور الدولار الأسترالي، وتزايد عجز الميزان التجاري، كذلك شهدت هذه الفترة زيادة مطردة في أعداد المهاجرين القادمين من جنوبي أوروبا وآسيا، وإن بقي معظم المهاجرين من إنجلترا، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية صارت هي الشريك التجاري الأقوى لأستراليا بدلاً من أوروبا، وكذلك ازدادت التجارة مع اليابان بصفة ملحوظة. ورغم كل ذلك بقيت أستراليا دولة أوروبية في محيط جغرافي آسيوي أطلسي، كما أنها ظلت مدركة لموقعها الجغرافي أكثر من ذي قبل، وبدأت تحاول إيجاد دور مستقل لها في المحيط العالمي. وفي الانتخابات التي أجريت في أعوام 1996م و1998م و 2001م، فاز الائتلاف المكون من الحزب الوطني والحزب الليبرالي وأصبح جون هوارد زعيم الحزب الليبرالي رئيسًا للوزراء. دعا كثير من الأستراليين خلال تسعينيات القرن الماضي إلى ضرورة تحول بلادهم من تبعية التاج البريطاني إلى النظام الجمهوري الرئاسي. وفي عام 1998م، صدر مرسوم دستوري قضى بتحول أستراليا إلى جمهورية بحلول الأول من يناير 2001م.وفي عام 1999م، تم إجراء استفتاء شعبي للموافقة على صيغة المرسوم إلا أن الشعب الأسترالي اختار ان تكون بلادهم تابعة للتاج البريطاني.
أستراليا ( حضارة )
أستراليا الدولة الوحيدة التي تشغل قارة بأكملها، وهي أصغر قارات العالم، إذ تبلغ مساحتها نحو 7,7 مليون كم² تقريبًا؛ أو مايعادل 5% من مساحة اليابسة. تقع أستراليا بين المحيطين الهادئ الجنوبي والهندي، وذلك على بعد 3,000كم من جنوب شرقي آسيا.
وتُعد جزيرة تسمانيا، التي تبعد نحو 209كم عن أستراليا، جزءاً من القارة الأسترالية، حيث كانت متصلة بأستراليا حتى ماقبل 12,000 سنة، ثم فُصلت عنها بسبب ارتفاع مستوى مياه المحيط.
السطح والمناخ
خريطة أستراليا
على الرغم من أن أستراليا يغلب عليها طابع الأراضي السهلية (90% من مساحة القارة)، إلا أنها يمكن أن تقسم إلى ثلاثة أقاليم طبيعية على النحو التالي:
المرتفعات الشرقية أخصب مناطق أستراليا، وتمتد في حزام ضيق على طول الساحل الشرقي للبلاد، من شمالي كوينزلاند إلى جنوبي تسمانيا.
المرتفعات الشرقية. يضم هذا الإقليم أعلى مناطق أستراليا، ويمتد شرقيها من شبه جزيرة كيب يورك حتى الساحل الجنوبي لتسمانيا، ويُطلق أحيانًا على المرتفعات الشرقية الجبال العظمى الفاصلة؛ لأنها تشكل خط تقسيم مياه الأنهار، فالأنهار التي تجري إلى الشرق تصب في المحيط، والأنهار التي تتجه غرباً تنتهي إلي المناطق المنخفضة الوسطى. ومهما يكن الأمر، فإن المرتفعات الشرقية ليست سلسلة جبلية واحدة، وإنما هي سلاسل وهضاب مرتفعة تتخللها ممرات وتلال.
الأراضي الوسطى المنخفضة. إقليم الأراضي الوسطى المنخفضة أراض منبسطة في معظمها، تجري فيه بعض الأنهار عند سقوط الأمطار الغزيرة، والأمطار ليست منتظمة، إلا في الأجزاء الشمالية والجنوبية المحازية للسهل الساحلي والمرتفعات الشرقية، وتنتشر زراعة القمح في بعض الأجزاء الجنوبية، كما تستغل بعض المناطق المنخفضة في الرعي. وتتكون الأجزاء الوسطى الغربية من هذا الإقليم من صحراء رملية قاحلة، وتقع بحيرة أير على الحافة الجنوبية للصحراء وهي أكثر بقعة في أستراليا انخفاضاً عن سطح البحر، حيث تنخفض 16م تحت مستوى سطح البحر.
الهضبة الغربية. يغطى هذا الإقليم ثلثي أراضي أستراليا، وتغطي الصحاري الأجزاء الوسطى منه، وتتصف أجزاؤه الجنوبية والشمالية الشرقية بوجود الشجيرات والأعشاب، حيث تستغل لرعي الحيوانات، وتُعرف المنطقة الجنوبية من هذا الإقليم، والتي تمتد لمسافة 640كم باسم سهل نولاربور وتعني المنطقة الخالية من الأشجار؛ لأنها تكاد تخلو تمامًا من الأشجار.
أهم مظاهر السطح في أستراليا
الجليد يغطي قمة جبل كوسيياسكو وغيرها من القمم في جبال الألب الأسترالية. ويزور هذه المنطقة كثير من محبي التزلج على الجليد.
الجبال. تمثل جبال الألب الأسترالية الواقعة في أقصى جنوبي المرتفعات الشرقية أعلى جبال أستراليا، وتتكون من مجموعة من السلاسل الجبلية، وأعلى قممها كوسيياسكو التي ترتفع 2,228م فوق سطح البحر وهي بذلك أعلى قمة بأستراليا، وفي وسط أستراليا توجد جبال ماكدونل ومسغريف، وتقع صخرة آيرز إلى الجنوب من ماكدونل، وهي من الأماكن المشهورة التي يزورها السياح.
الصحاري. تغطي الصحاري ثلث القارة الأسترالية، ويوجد في أستراليا أربع صحارٍ رئيسية هي: سمبسون، وجبسون، الصحراء الرملية الكبرى، فكتوريا الكبرى. وتتكون جميع صحاري أستراليا من الرمال المتحركة، ماعدا جبسون فيغطي سطحها حجارة وحصى صغير.
الأنهار. معظم أنهار أستراليا موسمية، حيث تجري بها المياه عند سقوط الأمطار فقط، وتسقط الأمطار صيفاً شمالي أستراليا، وشتاءً في جنوبها. وأهم أنهار أستراليا الدائمة نهر موراي، وينبع من المرتفعات الشرقية ويصل طوله إلي 2,589كم، وأطول أنهار أستراليا هو نهر دارلنج، حيث يصل طوله 2,739كم وينبع من وسط المرتفعات الشرقية ويتصل بنهر موراي.
الحاجز المرجاني الكبير أكبر جرف مرجاني.
البحيرات. توجد في أستراليا بعض البحيرات ذات المياه الدائمة وهي بحيرات اصطناعية مثل: بحيرة أرجيل في أستراليا الغربية وبحيرة جوردون في تسمانيا، أما البحيرات الطبيعية الأسترالية فهي جافة في معظم أشهر السنة وهي سبخات ملحية تعرف باسم بلايا وهي شائعة في أستراليا الجنوبية وأستراليا الغربية، ومن أهم هذه البحيرات الجافة في أستراليا الجنوبية بحيرة أير وبحيرة تورنز.
ومن الجدير بالذكر أن المياه الجوفية تتوافر بكثرة في أستراليا، ولكنها لا تصلح للشرب بسبب ملوحتها، ويعد الحوض الأرتوازي الكبير من أشهر أحواض المياه الجوفية الأرتوازية في أستراليا، ويشمل هذا الحوض أجزاء واسعة من شرقي أستراليا، لكن مشكلة هذا الحوض تكمن في ارتفاع نسبة الملوحة في مياهه. أما المياه الجوفية الساحلية فتقل فيها نسبة الملوحة، وتستمد بعض المدن مثل أديليد وبيرث حاجاتها المائية منها.
الحاجز المرجاني الكبير. يعد الحاجز المرجاني الكبير في أستراليا أشهر حاجز مرجاني في العالم، وهو من أهم المعالم السياحية في أستراليا. ويمتد هذا الحاجز لمسافة 2,010كم، ويتكون من أجزاء وسلاسل يصل عددها إلى 2,500، بعضها يشكل جزرًا صغيرة. ويضم هذا الحاجز نحو 400 نوع من المرجان، تختلف في أشكالها وألوانها. وتتميز المياه التي تحيط بالمناطق المرجانية بدفئها طوال العام، مما يساعد على جذب هواة السباحة والغوص.
طقس أستراليا
المناخ. تقع أستراليا جنوبي خط الاستواء، ولهذا فإن فصول السنة فيها على عكس فصول السنة في نصف الكرة الشمالي، حيث يمتد فصل الشتاء من شهر يونيو وحتى نهاية أغسطس، أما فصل الصيف فهو فصل الحرارة والجفاف ـ ويمتد من ديسمبر وحتى نهاية فبراير. وعلى الرغم من وجود أربعة فصول مناخية متميزة في جنوبي أستراليا، إلا أن شمالي أستراليا المداري يَتَّسِم بوجود فصلين مناخيين فقط؛ أحدهما رطب، والآخر جاف.
حيوانات أستراليا
الحياة النباتية والحيوانية. تتميز أستراليا بوجود حيوانات لاتوجد في القارات الأخرى مثل: الكنغر والكوالا والولَّب، ويُعد حيوان البلاتيبوس وقنفذ النمل من أغرب الحيوانات؛ لأنها ثدييات تخرج من البيض، ويوجد في أستراليا أكثر من 700 نوع من الطيور البرية؛ منها 60 نوعًا من الببغاوات، ويعيش في أستراليا أكثر من 140 نوعاً من الأفاعي معظمها سام. كما يوجد أكثر من 370 نوعًا من السحالي.
نباتات أستراليا
وينتشر في أستراليا نوعان من الأشجار، الأكاسيا والأوكالبتوس حيث يوجد مايزيد على 500 نوع من الأوكالبتوس وأكثر من 700 نوع من الأكاسيا، وتنمو أشجار النخيل في بعض أجزاء أستراليا، كما توجد آلاف من أنواع الزهور البرية.
السكان
الأماكن التي يعيش فيها السكان
يبلغ عدد سكان أستراليا نحو 19,231,000 نسمة، يعيش 80 % منهم في الربع الجنوبي الشرقي من القارة، وخصوصًا في المدن الساحلية الكبرى، ويشكل سكان أستراليا الأصليون (الأبورجين) نحو 1,5% من مجموع السكان. ويوجد بأستراليا نحو 4,75 مليون مهاجر، جاء نصفهم من الجزر البريطانية، وجاء الباقون من أوروبا، وقد تزايد عدد المهاجرين من نيوزيلندا وجنوب شرقي آسيا منذ السبعينيات من هذا القرن. وتقدر نسبة الأستراليين الذين ولدوا في الخارج بنحو 20% من السكان. ويقيم معظم السكان الأصلييين في المناطق الريفية في المقاطعة الشمالية وكوينزلاند وأستراليا الغربية، وهم أقل حظًا من السكان البيض في مجال التعليم والصحة والدخل. وقد وضعت الحكومة الأسترالية برامج متعددة لتحسين الأوضاع التي يعيش فيها السكان الأصليون.
المهاجرون الجدد يصبحون مواطنين أستراليين وذلك بعد أن يؤدوا قسم الولاء في احتفالات تنظمها إدارة الهجرة.
وتعد نسبة التحضُّر في أستراليا واحدة من أعلى النسب في دول العالم، حيث يعيش 85% من السكان في المدن التي أهمها : سيدني وملبورن وبرزبين وبيرث وأديليد وهوبارت. ويزيد عدد سكان سيدني على ثلاثة ملايين، ويزيد عدد سكان ملبورن على ثلاثة ملايين أيضًا.
ويعيش 15% من سكان أستراليا في المناطق الريفية، ويعني الريف بالنسبة للأستراليتين المناطق البعيدة أو الهامشية.
التعليم. التعليم في أستراليا إجباري في جميع المقاطعات من سن خمس أو ست سنوات إلى 15سنة، أما في تسمانيا فهو من سن ست سنوات إلى 16 سنة، وتستوعب مدارس الحكومة 75% من الطلاب، أما النسبة الباقية فتستوعبها مدارس خاصة بعضها تابع للكنيسة الكاثوليكية.
ويتلقى الطلبة الذين يعيشون في المناطق النائية تعليمهم بالمراسلة. ويوجد في أستراليا 33 جامعة، تدير الحكومة منها 30 جامعة، والجامعات الثلاث الباقية يديرها القطاع الخاص.
الدين واللغة. يكفل دستور أستراليا حرية الأديان؛ ويدين غالبية السكان بالنصرانية، ويذهب 16% فقط منهم إلى الكنيسة بانتظام، وتوجد في أستراليا أقلية مسلمة وأخرى يهودية؛ وتعد اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية لأستراليا.
الاقتصاد
التعدين في أستراليا
تعد أستراليا من الدول المتطورة اقتصاديًا حيث يعتمد اقتصادها على الزراعة والتعدين، أما في مجال الصناعة فتعتمد على رؤوس الأموال الخارجية من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان.
الصناعات الخدمية. أنشطة خدمية تقدم الخدمات ولا تنتج سلعاً. يعمل في الصناعات الخدمية نحو 75% من القوى العاملة الأسترالية و تمثل ثلثي الناتج الوطني الإجمالي للبلاد. و الناتج الوطني الأجمالي هو القيمة الإجمالية للسلع و الخدمات المنتجة في بلد من خلال سنة كاملة.
الزراعة. يعمل في الزراعة مايقرب من 5% من مجموع القوى العاملة الأسترالية، وينتجون ما يفيض على حاجة البلاد فيصدرون الفائض للخارج. وتغطي الأراضي الزراعية والرعوية نحو 65% من مساحة البلاد، ومعظم هذه الأراضي رعوية جافة. وتزرع المحاصيل الحقلية في 5% من الأراضي الزراعية، وأهم منتجات أستراليا الزراعية والرعوية؛ القمح والفواكه وقصب السكر، والأبقار والأغنام والصوف.
صناعة التعدين الأسترالية تنتج كميات كبيرة من البوكسيت والفحم الحجري والنحاس والحديد الخام والرصاص والمنجنيز والكبريت. ويقع منجم النحاس الموجود في الصورة بالقرب من كوينزلاند في تسمانيا.
التعدين. أستراليا دولة غنية بالمعادن، لكن معظم هذه المعادن تقع في مناطق جافة وبعيدة عن المدن، وتمتلك الشركات الأجنبية 50% من قيمة الصناعات التعدينية. وكانت أهم المعادن حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي النحاس والذهب والرصاص والفضة والزنك، وبعد عام 1950م اكتُشف البوكسيت والفحم الحجري والحديد والمنجنيز والنيكل والغاز الطبيعي والنفط.
الصناعة. تنتج المصانع الأسترالية المواد الغذائية والأدوات المنزلية والورق والمواد الكيميائية والأقمشة والأحذية. وتعد مقاطعتا نيوساوث ويلز وفكتوريا من أهم المقاطعات الصناعية، حيث يوجد بهما ثلثا العاملين في الصناعة الأسترالية، كما تتركز معظم المصانع في سيدني وملبورن. وبالرغم من هذا فإن أستراليا تستورد من المنتجات الصناعية أكثر مما تصدر.
الزراعة في أستراليا
الغابات وصيد الأسماك. تغطي الغابات نحو 6% من مساحة أستراليا، ويقع معظمها في المرتفعات الشرقية وعلى الساحل الشمالي الشرقي، وتعد أشجار الأوكالبتوس أكثر الأشجار انتشارًا، ويستغل خشبها في صناعة الورق والأثاث، أما الثروة السمكية فهي محدودة.
نباتات أستراليا
السياحة. تضم أستراليا معالم سياحية برية وبحرية متنوعة، ويزور أستراليا نحو مليون سائح سنويًا، وتعاني السياحة في أستراليا من بُعد المسافة عن أوروبا والولايات المتحدة وبعد المسافة بين المناطق السياحية في أستراليا نفسها.
التجارة الخارجية. كانت صادرات أستراليا حتى عام 1950م زراعية بما يقرب من 50%، أما الآن فلا تشكل الزراعة أكثر من 35%، بينما تسهم صادرات المعادن بنسبة 45% والصناعات بنسبة 20%. وتشكل الواردات الصناعية 75% من جملة واردات أستراليا، وتعد اليابان من أهم عملاء أستراليا، وكذلك الولايات المتحدة، وقد حلَّتا محل بريطانيا في مجال تصدير الآلات إلى أستراليا، ومازالت بريطانيا تستورد المعادن والقمح والفواكه من أستراليا.
النقل. تُعدّ السيارات أهم وسائل الانتقال في أستراليا، حيث تمتد شبكة من الطرق المعبدة تربط المدن الكبرى وعواصم المقاطعات، ويوجد في أستراليا خطان جويان للرحلات الداخلية، وهناك خدمات طبية بالطائرات لجميع مناطق أستراليا تقريبًا. ويوجد في أستراليا خط حديدي عابر للقارة يصل طوله إلى نحو 1,787كم تمتلكه الحكومة، إضافة إلى خطوط أخرى تمتلكها شركات خاصة. وتمتلك أستراليا أسطولاً من السفن التجارية التي تتنقل بين موانئ أستراليا الساحلية وموانئ العالم الخارجي.
الاتصالات. تدير الحكومة الأسترالية أنظمة البريد والبرق والهاتف ويستخدم السكان أجهزة اللاسلكي للاتصال في المناطق النائية، وتشرف الشركات الخاصة على نصف محطات البث الإذاعي وثلث محطات التلفاز، وتصدر في أستراليا نحو 60 جريدة يومية، يشرف القطاع الخاص على معظمها.
أستراليا الغربية
أكبر ولايات أستراليا الست، حيث تشكل الثلث الغربي من البلاد، وتمتد من الشمال إلى الجنوب لمسافة 2,400كم، ومن الشرق إلى الغرب لمسافة 1,600كم. ونظرًا لوجود مساحات كبيرة من الصحاري وشبه الصحاري في المناطق الداخلية من أستراليا الغربية، فإن نسبة سكانها لا تتعدى 9% من مجموع سكان أستراليا.
ويطلق على أستراليا الغربية عدة تسميات منها: ولاية الزهور البرية وذلك لتعدد نباتات الزهور البرية فيها. وتعرف كذلك بولاية الإثارة للاكتشافات المعدنية الكبيرة في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين. وفي الفترة ما بين عامي 1984 و1987م رفعت شعارًا جديدًا هو بيت الكأس الأمريكي وذلك بعد أن تم سباق الكأس الأمريكي في مياه خليج بيرث عام 1987م.
وفي عام 1987م غيرت المقاطعة شعار لوحات سياراتها ليصبح الولاية الذهبية؛ لأن مناجم أستراليا الغربية تنتج ثلثي أرباع الذهب المنتج في أستراليا.
حقائق موجزة عن أستراليا الغربية
المدن الرئيسية: بيرث وفريمانتل وبنبري وكالجورلي وجيرالدتون وألباني وبورت هدلاند.
المساحة: 2,525,000كم² (أكبر مقاطعات أستراليا).
السكان: تعداد 1996م 1,586,393 نسمة.
المنتجات الرئيسية: الزراعة: الفواكه، القمح.
الغابات: الخشب الصلب.
الصيد البحري: سرطان البحر، الأبقار، الصوف.
التعدين: البوكسيت، الماس، الذهب، الحديد، الغاز الطبيعي، النيكل، النفط، الملح.
الصناعات التحويلية: مواد البناء والمواد الغذائية والآلات والمعادن ومنتجات النفط ومنتجات الأخشاب.
السكان. بلغ عدد سكان أستراليا الغربية عام 1996م نحو 1,586,393 نسمة، وكانت غالبية السكان من الشباب والمهاجرين الجدد، وقد بلغت نسبة الأشخاص دون العشرين 40% من السكان، وقد بلغت نسبة الذين بلغت أعمارهم 65 سنة فما فوق 10% فقط. وتتميز ولاية أستراليا الغربية بارتفاع معدل التحضر، إذ يعيش 65% من السكان في مدن ومستوطنات يزيد عدد سكان الواحدة منها على 1,000 نسمة، ويعيش 70% من السكان في إقليم مدينة بيرث، وتتوافر في ولاية أستراليا الغربية خدمات التعليم، من رياض الأطفال (506 روضة أطفال) والتعليم الابتدائي (677 مدرسة) والتعليم الثانوي (292 مدرسة). وحتى التعليم الجامعي (ثلاث جامعات) وهناك 16 كلية في المقاطعة.
الاقتصاد. أدى الجفاف الذي يسود مساحات كبيرة من أستراليا الغربية إلى ترك معظم أراضيها دون استغلال، حتى ولو كانت التربة خصبة، ولا تتوافر الأمطار المناسبة للزراعة إلا في الأطراف الجنوبية الغربية. وهناك مساحات محدودة من المراعي الدائمة؛ بالإضافة إلى ثروة خشبية مهمة على أطراف الهضبة الجنوبية الغربية. وهناك ثروة معدنية، تتمثل في: الحديد، حيث يقدر احتياطي خام الحديد بنحو 40,000 مليون طن، وتحوي أراضي المقاطعة معادن أخرى مثل : البوكسيت والماس والذهب والنفط والغاز الطبيعي والرمل المعدني والنيكل.
الزراعة. يعمل في الزراعة 9% فقط من القوى العاملة، والزراعة متوافرة في الجنوب الغربي وفي وسط الولاية، وتنتج مزارع الألبان في السهول الساحلية المروية وغير المروية الحليب والزبدة والجبن لأسواق بيرث، وتنتج المزارع الصغيرة الدواجن والبيض والبطاطس والخضراوات، وتزرع الأشجار المثمرة كالتفاح والحمضيات، ويربي كثير من المزارعين أبقار اللحوم. وينتج القمح في نطاق يمتد من إسبيرانس في الجنوب حتى جيرالدتون في الشمال الغربي. وتتميز المزارع هنا بكبر مساحاتها (500 إلى 1,200 هكتار) وينتج هنا كذلك 96% من أصواف أستراليا الغربية. وتربى الأبقار في كمبرلي وبلبارا.
التعدين. يعمل في التعدين 4% من القوى العاملة، ويستخرج ثلثا ذهب أستراليا من مقاطعة أستراليا الغربية من منجم جولدن مايل (الميل الذهبي)، وجدير بالذكر أن إنتاج الذهب وصل إلى ذروته بالولاية عام 1903م، حيث أنتجت المقاطعة 64 طنًا. ويستخرج الحديد من جزيرة كولان، ويصدر معظمه إلى اليابان، وينتج النيكل من عدة مناطق منها؛ كمبالدا، وأجنيو، ونبيان ويصدر النيكل إلى كل من اليابان وكندا. أما النفط فقد بدأ استخراجه بكميات تجارية من جزيرة برو عام 1967م، وينتج الغاز الطبيعي من حقول دونجارا وشيلف الشمالية الغربية. ويستخرج البوكسيت من جنوبي بيرث، واكتشف الماس في آرجل في إقليم كمبرلي عام 1979م، ويسهم بنسبة عالية في الإنتاج العالمي.
التصنيع. يتركز التصنيع في المنطقة الحضرية لمدينة بيرث، حيث يعمل 65% من القوى العاملة في الصناعة، وتعد كوينانا من أهم المراكز الحضرية الصناعية. ومن أهم الصناعات: الأسمدة الكيميائية والألواح الخشبية، والورق المقوى، وقضبان السكك الحديدية، وإطارات السيارات والمواد الغذائية، والمعدات الثقيلة.
بيرث
هي العاصمة السياسية لولاية أستراليا الغربية، ويبلغ عدد سكانها نحو 1,143,265 نسمة، أي نحو 70% من سكان أستراليا الغربية، ويزيد عدد سكان المنطقة الحضرية على المليون نسمة. وتصل مساحة المنطقة الحضرية لمدينة بيرث إلى 5,360كم². وتقع مدينة بيرث على بعد 3,335كم غربي مدينة سيدني. وشهدت المدينة تطورًا كبيرًا عامي 1892 و1893م حينما اكتشف فيها الذهب، حيث توسعت الضواحي شمالاً وشرقًا. وفي الفترة ما بين عامي 1918م و1930م تطورت المدينة أيضًا بسبب تطوير نطاق مزارع القمح ومزارع الألبان الكبيرة في الجنوب الغربي، وقد أدى التخطيط دورًا مهمًا في نمو المدينة، حيث نفذ أول تخطيط عام 1928م وقد عُدِّل هذا التخطيط عدة مرات بسبب التطورات السريعة التي تعرضت لها المدينة التي تضم ناطحات السحاب جنبًا إلى جنب مع المباني القديمة.
السكان. شهدت مدينة بيرث منذ الحرب العالمية الثانية تغيرات كبيرة في حجم السكان وخصائصهم، بسبب برنامج الهجرة الذي وضعته أستراليا. وتصل نسبة الذين ولدوا في مدينة بيرث إلى 70% من سكانها. ومعظم هؤلاء من الجزر البريطانية، ومعظم المهاجرين إلى المدينة من الجزر البريطانية أيضًا ومن بقية أقطار أوروبا وفيتنام.
الاقتصاد. تُعد منطقة كوينانا روكنجهام مركز الصناعات الثقيلة في بيرث، وقد أنشئت فيها عام 1954م أكبر مصفاة للنفط، كما أقيم فيها مصنع للفولاذ وعدد كبير من مصانع إنتاج المعادن والمواد الكيميائية. وفي بداية الستينيات من القرن العشرين أنشئ في منطقة جراديل أكبر مصنع للألومينا في العالم. ويعد مركز شحن الحبوب في ميناء كوينانا من أكبر تجمعات النقل البحري في العالم.
النقل والاتصالات. تمتد شبكة الخطوط الحديدية من مدينة بيرث وميدلاند إلى مناطق التعدين والزراعة والرعي والغابات الواقعة خارج حدود المنطقة الحضرية. وتتوافر خدمات الحافلات والعبَّارات، ويقع المطار الدولي شرقي المدينة، وهناك مطار لخدمات الطبيب الطائر والطائرات الخاصة.
وتصدر في بيرث صحيفتان يوميتان إضافة إلى صحيفتين توزعان يوم الأحد، ومجلة أسبوعية، وهناك محطتان للبث الإذاعي ومحطتان للتلفاز.