إعداد_أحلام شعبان لا يكاد يمر شهر دون أن نرى معارضًا شخصية لفنانين وفنانات في كل …
المعارض التشكيلية .. ترويج حاضر وتتويج غائب
إعداد_أحلام شعبان
لا يكاد يمر شهر دون أن نرى معارضًا شخصية لفنانين وفنانات في كل المدن، مما جعلها موضة موسمية واستدامة فنية يتنافس فيها الكثير لعرض لوحاتهم بحثًا عن تسويقها وترويجها وسعيًا إلى الحصول على مجالات بيع مفترضة في ظل وجود “الفن التشكيلي” كمصدر للاقتناء في مواقع متعددة وسط تراجع المبيعات وعدم الاهتمام بتلك اللوحات وكذلك ابتعاد الجهات المعنية عن تتويج تلك المعارض بالدعم المفترض.
فرقد سبرت أغوار القضية في أكثر من اتجاه لرصد الآراء والرؤى حيال ذلك من واقع الاختصاص والتجارب الإبداعية، و ناقشت القضية من أبعاد متعددة، مع نخبة من أصحاب الرأي والخبرة والأدباء والمثقفين من خلال المحاور التالية:
– هل ترى أن ارتفاع عدد المعارض التشكيلية ظاهرة ثقافية صحية، وبرأيك ما الدور الغائب الذي يضمن لهذا الفن التوازن بين الترويج والتتويج ؟
– ماهي السبل لتقنين افتتاح هذه المعارض التشكيلية، وما الأسس التي تضمن التسويق الاحترافي القائم على المهنية ومنح هذا الفن هويته ؟
– ما هي الأمنيات التي يتطلع لها الفنانون التشكيليون لضمان مستقبل واعد لهم في ظل تجاهل الاهتمام بتلك المعارض من قبل الجهات المعنية ؟
*المعارض وسيلة وقائية للكثير من الظواهر السلبية
تستهل قضيتنا الكاتبة والفنانة التشكيلية الأستاذة فاطمة الشريف بقولها:
أعتقد أن ظاهرة ارتفاع عدد المعارض التشكيلية ظاهرة ثقافية تشكيلية صحية، لأنه لا يمكن أن يظهر معرض إلا ويحمل في زواياه فكر واتجاه جديد سواء للفنان نفسه، أو للمجتمع التشكيلي حوله، أو للمجتمع المحلي، الذي يجد دومًا في هذه المعارض سبلا للتعلم والتنفيس الروحي له.
أمّا عن الدور الغائب الذي يضمن للفن التوازن بين الترويج والتتويج، أعتقد أن ازدهار التجربة الغربية نموذجًا يستحق النظر إليه، ومحاكاة استراتيجياته وطرقه للترويج والتتويج على حد السواء.
ومما وقفت عليها في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وامتدادًا إلى نيويورك شمالًا ونيواورلينز جنوبًا أكثر من عقد من الزمن إلى يومنا هذا ويرجع لعدة أسباب:
أولًا: وفرة صالات العرض الخاصة والمنتشرة في أرجاء المدينة، والتي ترعى أعمال مجموعة تشكيلية لعدد محدد من الفنانين التقت أفكارهم وتوحدت معايير إبداعاتهم مع خصوصية كل فنان في الاتجاه والإنتاج مع توفر موقع إلكتروني خاص بهم، وعلى سبيل العد لا الحصر جاليري في نيويورك.: (Eden Gallery).
ثانيًا: وفرة منصات الشراء العالمية التي تحفظ حق الفنان وتساهم في نجاح التبادل التجاري بين الفنان والمقتني في العالم عبر منصة رقمية موحدة، والتي تبدو معرضًا دائمًا متجدداً على الشبكة، وبطرق علمية وأساليب احترافية تغري المقتني والقيّم والمتذوق الفني، مثل (Artsy).
ثالثًا: غزارة علم وفكر الفنان الأمريكي الذي طوّر الاستديو التشكيلي الخاص به إلى أكاديمية علمية مباشرة ورقمية رفيعة المستوى يعلم فيها من جميع أنحاء العالم.
رابعًا: وفرة المتاحف وصالات العرض الوطنية ذات التصانيف المتعددة مما يعني أن هنالك الكثير والكثير من الاقتناءات.
خامسًا: شجاعة وخفة الفنان الأمريكي الذي جعل من الشارع صالة عرض لإبداعاته الفنية، وحرصه على الحضور والمشاركة في البازارت المحلية، مع توفر متجر إلكتروني خاص ببيع انتاجه الفني الذي دأب على تطويره وتطويعه للبيع والاقتناء:
وأخيرًا التنافسيّة والإبداع بين الأقطاب الثلاثة: صالات العرض الخاصة، والمنصة الرقمية العالمية، والمتحف الوطني، ساعدت على ازدهار ووفرة الفن الأمريكي الذي ذكرته على سبيل المثال والتجربة الحية لي، وإلا ففي فناني المملكة، ودول الوطن العربي أمثلة جديرة بالذكر عند الحديث عن الفن بين الترويج والتتويج، كما أن الترويج في سياق حديثي يعتبر كل فن ذو قيمة ومعنى، وأنه يستحق الترويج وإن لم يحظَ بالتتويج.
ولمَِ علي التقنين؟ نحن بحاجة لمساحات تشكيلية يتحاور فيها الفكر والفن، ويتمازج اللون والكلمة، بل إن المعارض باتت وسيلة وقائية للكثير من الظواهر السلبية، وعلاجية للتخفيف من الأعراض والأمراض النفسية، وتطويرية لمهارات العقل والقلب، لاسيما إن تم لها التخطيط الجيد الجديد، ومعرض إحساس المقام في نوفمبر الماضي في مدينة جدة خير نموذج، والأجمل أن المعارض نقطة التقاء الفنانين كبارًا وصغارًا، والنقّاد والكتّاب، وأفراد المجتمع شبابًا وأطفالًا وشيوخًا، تتيح لهم جميعًا الحديث والحوار البنّاء على ضفاف اللون والتشكيل.
كما أشارت إلى أهمية التركيز على التسويق الرقمي الذي يتيح عرض الأعمال التشكيلية دون حواجز فيزيائيّة، مثل توظيف أدوات البريد الالكتروني (مثل أداة MailChimp وActiveCampaign)، والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفيديوهات التسويق والإعلانات الرقميّة، والتسويق الإشهاري، والمرتبط ببعض الرموز أو الجهات أو المواقع الاجتماعية المشهورة ذات قاعدة جماهيرية وشهرة اجتماعية.
كما أن الأمنيات التي يتطلع لها الفنانون التشكيليون لضمان مستقبل واعد لهم هي المنصات الوطنية الرسمية ذات المعايير العالمية التي تتيح الفرصة لجميع الفنانين بلا استثناء لعرض أعمالهم والترويج لها محليًا وعالميًا، لاسيما أن ذلك يتواكب مع رؤية 2040 في اقتصاد للمملكة منافسًا عالميًا بإذن الله.
وتشاركنا الرأي الصحفية والروائية السعودية بجريدة الوطن نورة السعيدي بقولها :
المعارض الفنية التشكيلية هي تجسيد للطاقة الفنية الشبابية بأن يخرجوا ما بدواخلهم من مشاعر وأحاسيس في نظري هي صورة تفاعلية أخاذه بين إبداع اللوحات وتناغم الألوان ليلتقي الفن التشكيلي بجمهور شغوف ومحب للفن والفنانين
ارتفاع عدد المعارض التشكيلية هو بمثابة استثمار للطاقات المخزونة للشباب والشابات، وهو سباق ماراثوني ليخرجوا أفضل ما لديهم من الفن الجميل وإن تفاوت جماله، بين إتقان لظهور الصورة بشكل ملموس ومن لا يستطيع إخراجها جيدًا.. والتعبير المتقن لفهم مشاعره.
لا يوجد قمة هرمية للفن والابداع فالساحة تتسع للجميع ولا يبقى سوى الأفضل، هناك دول خارجية تهتم بالفن التشكيلي وتحتاج إلى تجديد دماء الشباب من فترة لأخرى
ونرى أن هذه خطوة إيجابية بمساعدة الشباب ووضعهم تحت مظلة أو هيئة تهتم بأعمالهم.. ليروا النجاح وليصلوا للقمة. والاشتراك بالمعارض الدولية الكبرى ودمج الشباب السعودي والشابات بالفنانين من دول العالم وجعل لهم نقطة تجمع أو معرض لترى أعمالهم النور ويتم تقييمها.. وعمل دورات تدريبيه ليتطور الفنان التشكيلي ويواكبون الجديد في عالم الفن والألوان.
وذكرت في حديثها عن الأمنيات التي يتطلع لها الفنانون التشكيليون لضمان مستقبل واعد بأنها أمنيات ستتحقق بإذن الله في ظل حكومة سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الكريم /محمد بن سلمان والاهتمام بفئة الشباب والشابات تحت مظلة الدعم والتطوير ومد يد العون لهم والسعي للتقدم وخروج هذا الفن الجميل تحت منصة تتوج، وتهتم باللوحات الفنية ووضع مزادات تعرض بها أعمالهم ولوحاتهم الفنية، القيمة، كبقية الدول المتطورة في مجال الفن التشكيلي.
*على الفنان أن يتكل على موهبته وتنميتها
وترى الشاعرة والأدبية الدكتورة سلوى آل خليل الأمين رئيسة ديوان أهل القلم في لبنان :
أن الفن التشكيلي هو تمثيل لفكرة وخيال يجسدهما الرسام عبر ريشة تتحرك بالألوان عبر قطعة من قماش مشدودة وسط أطر ثابتة مختلفة الأشكال كي تخلق لوحة تعبر عما يراه ويشعر به الرسام فيترجمه عبر الألوان إلى لوحة تجسد مكنونات قلبه وأحاسيسه المرهفة بتعبير دقيق من خلال الرسم.
وظهر الرسم بمفهومه وعناصره في القرن التاسع عشر وتطور في القرن العشرين فأصبحت فكرة الفن تتراوح بين مسميات عديدة تميز الفنان ورسوماته وصراعه الطويل مع الحياة، فمن الرسم التجريدي إلى الكلاسيكي إلى الانطباعي إلى التكعيبي حتى الخربشات بالألوان في عصرنا الحاضر.
حيث بدأ يطغى الفن الرقمي على الرسم الكلاسيكي الذي أنبت أهم الرسامين الذين تميزوا بالرسم الكلاسيكي عبر العصور وما زالت لوحاتهم تباع بالملايين وتسكن العالمية كمتحف اللوفر في فرنسا ومتحف الفن العالمي في واشنطن ومتاحف إيطاليا وكندا وسواها.
أما في عصرنا الحاضر فقد تطورت مدارس الفن وبات يدرس في الجامعات، وبتنا نشهد العديد من الخريجين الذين يهوون الرسم والنحت وما شابه، لكن هنا يرتسم السؤال! فهل كل من حصل على شهادة رسمية بالرسم هو فنان؟ هنا يرتسم السؤال حين نشهد كثرة المعارض في دولنا ومنها لبنان، لكن قل أن نجد بينهم المبدع في فنه، فالرسم قبل ان يكون مسألة احترافية ضليعة بمزج الألوان وتحريك الريشة على الرسام أو النحات أن يمتلك الموهبة ويغذيها بالدراسة
فالموهبة تنمى بالدراسة وتحكي لنا الحكايات إما التاريخية أو جمالية الطبيعة، كلوحة العشاء السري للرسام ليونارد دافنشي الإيطالي، ولوحة عباد الشمس للرسام فان جوخ الهولندي، ولوحة القيامة الأخيرة لمايكل أنجلو الإيطالي، وغيرهم من الرسامين الكلاسيكيين القدامى الذين برزت أعمالهم في عصر النهضة في أوروبا.
أما ارتفاع العديد من المعارض التشكيلية في دولنا فليس إلا دليل عافية ننتظره من هذه الأجيال التي عانت ما عانته من تلبك المسارات في دولها، فأجيالنا تعيش حالة الاستقرار النفسي بسبب حالات الحروب التي كتبت علينا وبالتالي نرى العديد من هذه الأجيال تعبر بطرق مختلفة عما يعج داخل النفس، لكن يبقى الحكم أولا وأخيرا للمتلقي الذي يوازن ما بين الترويج والتتويج بخبرة قلما أن نجدها عند كل من يحضر المعارض الفنية ويشاهد اللوحات المعروضة، إذ يبقى للخبير بفن الرسم.
عملية التقدير الفنية. وعملية التقنين صعبة، فتلك المعارض لا يمكن ضبطها لأنها تملك من الحرية ما يجعلها قائمة، خصوصًا عندما يمتلك الرسام أو الهاوي مكانة معينة في مجتمعه أو المال الوفير الذي يجعله قادرًا على المشاركة بمعرض يصرف عليه المبلغ المرقوم، ويحيط به العدد الوفير من الإعلاميين الذين يشيدون بالعمل ولو كان غير ذي قيمة فنية، فالنقاد الفنيين الحقيقيين اختفوا من صحفنا وبتنا نلوك الحاضر بما هو متوفر وبما نحن عليه، علمًا أن الفن الراقي والمتقن يفرض نفسه في النهاية إذا توفرت له المساحات لإيصاله إلى الناس التي تقدر قيمة العمل الفني.
أما الأسس التي يجب أن تعتمد لتسويق العمل الفني الجيد فهذه مسؤولية وزارة الثقافة في كل بلد، إذ عليها ألا تسمح بهذه الفوضى التي نشهدها من تعدد المعارض الفنية ومنها المبتذل باسم الفن، وذلك بتشكيل لجان من كبار الرسامين المشهود لهم لدراسة اللوحات ومدى حرفتها التي ستعرض في أي معرض وأن لا يترك الأمر على غاربه.
كما تقع على الفنان نفسه إن كان رسامًا أو نحاتًا، من حيث أن البعض يتجاهل دور وزارة الثقافة التي وجدت من أجل احتضان الكتاب، من أدباء وشعراء وفنانين ونحاتين وموسيقيين وخلافه، علمًا أن وزارة الثقافة في كل بلد يجب أن يتولاها شاعر أو أديب أو فنان أو موسيقي، وعليه تشكيل لجنة لمساعدته من الكبار المشهود لهم في حقل الفكر بمختلف صنوفه وأشكاله وهكذا نحمي كل مبدع أي كان حقله الذي اتخذه مسارا له.
وختمت قولها برسالة لكل من يحمل ريشة ليعبر بها إما عن تاريخ بلده أو عن جمال طبيعته أو عن أفكاره المشوشة التي دخلت إلى عقله عبر هذا التحول الذي سمي بالرقمي وبالتالي قضى على كل حضارة كتبناها بالقلم أو بالريشة أو الإزميل، أن يتكل على موهبته أولا وأن ينميها بالدراسة ثانيا.
فالرسم رسالة راقية كما الشعر وكل من يسكن خيال الأديب وفكره وعقله ويترجمه على الورق كي يكتب أو يرسم، هو يقوم بتكوين حضارة لوطنه تتجاوز المألوف وتخترق القارات حاملة تاريخًا مشرفًا لهذه الأمة العربية عبر العالم.. فجبران خليل جبران اخترق العالم بشعره وفنه وشكل لبلده تراثا حضاريا مستقرًا في ذاكرة الأجيال وشمسًا حضارية مازالت تشع حتى يومنا هذا.
*التوازن ضمان لاستدامة وجاذبية هذا الفن
ويدلي الشاعر والكاتب والروائي الأستاذ الحسن الكَامح من المغرب برأيه قائلًا :
لا يمكن للفنان التشكيلي أن يستمر في إبداع لوحاته التي تتطلب مجهودات فكرية ونفسانية بالإضافة إلى الجانب المادي الذي يصرفه على كل لوحة (الورق، الثوب، الفرش والألوان)، دون أن يعرض عمله على الجمهور، الجمهور هو المتلقي وهو العامل الأساسي التحفيزي لكل مبدع، لهذا أرى أن ارتفاع في عدد المعارض التشكيلية يمكن أن يُعتبر ظاهرة ثقافية إيجابية، فهي تعكس زيادة الاهتمام والتفاعل مع الفنون التشكيلية وتعزز التنوع الثقافي والإبداع. لكن التوازن بين الترويج والتتويج هو أمر مهم لضمان استدامة وجاذبية هذا الفن، والدور الغائب الذي قد يسهم في تحقيق هذا التوازن هو توجيه أكبر للجمهور حول معايير التقدير الفني والتفاعل العميق مع الأعمال الفنية. من خلال تعزيز فهم الجمهور وتوجيههم حول القيم الفنية المختلفة وتأثيرها، يمكن تعزيز التفاهم والاحترام لعمل الفنانين وتعزيز التقدير للفنون التشكيلية بشكل عام.
ولا يمكن هذا إلا بإنشاء منصات تثقيفية وتوعوية حول الفن التشكيلي، وتنظيم جلسات نقاش وورش عمل للجمهور يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تعزيز هذا التوازن. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمؤسسات الثقافية والفنية دورها في تعزيز الترويج للمعارض بطرق تتيح فهماً أكبر للعمل الفني وخلق تجارب تفاعلية للزوار.
التوجيه والتثقيف بشأن القيم الفنية والتعبير الفني يمكن أن يؤدي إلى تحقيق توازن صحي بين الترويج للمعارض التشكيلية وبين التتويج والتقدير لها بشكل مستدام وعميق
بخصوص السبل لتقنين افتتاح هذه المعارض التشكيلية ومن الأسس التي تضمن التسويق الاحترافي بحكم أني أدرت معارض فوتوغرافية لفنان فوتوغرافي، وسأنطلق من خلال تجربتي:
يجب أولا تقنين افتتاح المعارض التشكيلية ولا يمكن ذلك إلا بالالتزام بعدة خطوات وأساليب حسب رأيي الخاص:
1- تخطيط مسبق وتنظيم دقيق: يجب تحديد موعد ومكان مناسبين للمعرض بشكل مسبق، وضمان توافر البنية التحتية والإمكانيات الضرورية مثل الإضاءة والعرض والأمان والتسهيلات للزوار.
2- التصريحات والتراخيص: يتطلب فتح معرض تشكيلي الحصول على التصاريح والتراخيص اللازمة من السلطات المحلية أو الحكومية المعنية.
3- الترويج والدعاية: يجب الترويج للمعرض بشكل فعّال باستخدام وسائل الإعلام المختلفة مثل الإعلانات، وسائل التواصل الاجتماعي، والدعوات الخاصة للمهتمين بالفن. وهذه النقطة مهمة جدا، فبدون ترويج إعلامي للمعرض فلن ينجح أبدا. والإعلام أصبح ضروريًا لكل اللقاءات الثقافية.
اللقاءات الثقافية.
4- إدارة المعرض: يجب وجود فريق يدير عملية المعرض بشكل فعّال من حيث استقبال الزوار، وتوفير المعلومات، وضمان حسن سير الفعاليات المصاحبة، وتلعب عرض اللوحات في قاعة العرض دورا مهما في جلب الجمهور. وتحفيزه على مشاهدة كل اللوحات المعروضة.
الأمنيات التي يطمح لها الفنانون التشكيليون عدة أمور لضمان مستقبل واعد لهم، خاصةً في حال تجاهل الاهتمام بالمعارض الفنية من قبل الجهات المعنية:
– التعاون والشراكات الإبداعية: يتطلع الفنانون إلى إمكانية تشجيع التعاون والشراكات مع المؤسسات الثقافية الخاصة أو الأفراد المهتمين بالفنون التشكيلية لتنظيم معارض مشتركة أو فرص إقامة ورش عمل أو برامج فنية تشجع على التفاعل والتبادل الإبداعي.
– استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي: يمكن للفنانين استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لعرض أعمالهم والتواصل مع جمهور أوسع دون الحاجة للتبعية من الجهات الرسمية.
– المشاركة في معارض دولية أو فرص عالمية: بحث الفنانين عن فرص المشاركة في معارض دولية أو برامج فنية عالمية يمكن أن يفتح لهم أفاقًا جديدة وفرصًا أوسع في مجال الفنون التشكيلية،
– الكتابة النقدية: لا يمكن لأي إبداع أن يذهب بعيدًا في مسيرته، أو تطوره تطورًا متوازنًا إلا إذا صاحبه النقد، لذا فلا بد من الكتابة النقدية للأعمال الفنية، إظهار المتخفي فيها والجانب الإيجابي والسلبي. فبالنقد البناء يتطور كل مشروع كيفما كان، فما بالك بالإبداع الذي يحتاج إلى محفزات لاستمراره، ورغم تجاهل بعض الجهات الفنون التشكيلية، فالفنانون دائما يسعون إلى إيجاد طرق بديلة لعرض أعمالهم وتسويقها وتشجيع التفاعل الفني والثقافي، وهذا يحتاج إلى الإبداع والعمل الشاق للمحافظة على وجودهم ونجاحهم في مجال الفن.
* الابداعات المتاحة للجميع نشر للثقافة البصرية
ومن جهته يرى الأستاذ حجاج سلامة كاتب مصري مهتم بشئون الثقافة والتراث والفنون البصرية :
تحتل المعارض التشكيلية أهمية كبيرة في المشهد التشكيلي عربياً وعالمياً، وتسهم في نشر الثقافة البصرية لدي الجمهور، وتتيح للمبدعين من الفنانين التشكيليين فرصة التلاقي مع جمهورهم، وعرض أعمالهم، ونشر رسالتهم.
وأرى بأن انتشار تلك المعارض يتنامى ويزداد يومًا بعد يوم، لكن هل هذا التنامي يحقق الهدف المنشود، هذا بالطبع أمر يحتاج لنقاش واسع من قبل الفنانين والنقاد والمتابعين للحركة التشكيلية.
ولأن هناك من هم أجدر مني في مناقشة ما اشرت إليه، ولأنني لست بفنان ولا ناقد، ومن موقع المتلقي والمتابع بحب للحركة التشكيلية سواءً داخل المملكة العربية السعودية، أو بعالمنا العربي، فإنني أرى بأن الإشكالية الكُبرى التي تحول دون أن يتحقق الهدف المنشود من إقامة تلك المعارض هو أنها غالبًا داخل فنادق الخمس نجوم، أو داخل قاعات مغلقة على فئة معينة من الناس، وبالطبع فإن الجمهور يكون من الخاصة، ويبقى الجمهور الأكبر محروماً أو غير متاح له حضور تلك المعارض والتمتع بما تقدمه من أعمال فنية، وما تحمله تلك الأعمال من رسائل من المؤكد أن لها دورها في الارتقاء بالمجتمعات.
واسمحوا لي أن أسرد هنا بعض مشاهداتي الخاصة في مدينتي الأقصر – وهي مدينة أثرية بها كلية للفنون الجميلة وتنتشر بها المعارض التشكيلية – والمشاهدة الأولى أنني لاحظت أن بعض المعارض تكتب تفاصيلها باللغة الإنجليزية، وكأن المعرض موجه للسياح الأجانب ومن يتحدثون الإنجليزية فقط.
والمشاهدة الثانية أنني والجمهور العادي كُنا نسعد في كل عام برؤية أعمال فنية تُزين ميدان سيدي ابي الحجاج في قلب مدينتي، وهي الأعمال التي يقدمها الفنانون المشاركون في أحد الملتقيات الفنية الدولية في كل عام، اليوم صارت تلك الأعمال تعرض في ذات المنتجع السياحي الذي يقيم به المشاركون بذلك الملتقى، ومن ثم فقد باتت رؤيتها متاحة للفنانين والنقاد المرافقين لهم والمسئولين الذين يحضرون لافتتاح المعرض الذي يقام بنهاية ذلك الملتقى.
واختتم بأنني أرى بأنه لا بد من أن نقدم الابداعات التشكيلية في الميادين والساحات، وأن تكون متاحة للجمهور العادي بما يحقق دور الفنون في الارتقاء بالمجتمعات، وما يحقق ما نسعى له جميعا من انتشار للثقافة البصرية في مجتمعاتنا العربية.
واختتم بأنني أرى بأنه لا بد من أن نقدم الابداعات التشكيلية في الميادين والساحات، وأن تكون متاحة للجمهور العادي بما يحقق دور الفنون في الارتقاء بالمجتمعات، وما يحقق ما نسعى له جميعا من انتشار للثقافة البصرية في مجتمعاتنا العربية.
*الفن التشكيلي السعودي له بصمته
وتجيب الأستاذة ميسون أبو بكر شاعرة ومختصة في الإعلام الثقافي على محاور القضية بقولها :
ضمن رؤية المملكة كتوجه أساسي وضعت الثقافة كركيزة أساسية مهمة وكقوة ناعمة مؤثرة ومن أطيافها الفن التشكيلي الذي واجه فيما مضى قيوداً كثيرة جعلته حبيسا عنق الزجاجة. ومعارض الفن التشكيلي على كثرتها مؤخرًا وعرض ما قد لا يرتقي لمواصفات العمل الفني المكتمل إلا أنها بنظري ظاهرة صحية، لأنها ستنعش حضور المتذوقين وإبداع الفنانين وحث النقاد على الكتابة ونقد اللوحات ثم لها أثر اقتصادي كذلك وهو شأن مهم وتشجيع الفنان في المقام الأول على الإنتاج والمنافسة.
قبل أيام انتشت أرواحنا بمبادرة سعادة سفيرة المملكة لدى كندا الأستاذة آمال المعلمي بإهداء لوحة الفنانة السعودية نجلاء محمد السليم (تكهن) لفخامة الحاكم العام السيدة/ ماري سيمون، في قصر الحاكم العام في العاصمة أوتاوا وهو بحد ذاته مبادرة واعية لحركة الفن التشكيلي وتأثير الفن في الآخر وهذا يعتبر حضورًا للفنان التشكيلي السعودي خارج حدود وطنه.
وربما لا أوافق أبدا مقولة البعض أن هناك تجاهل للمعارض التشكيلية أو الفن التشكيلي فقد وجد الفنان التشكيلي له موطئ قدم داخل المنظومة الثقافية واهتمام المسؤول.
الفن التشكيلي السعودي بصمة، وقد برع الفنانون في مدارس فنية متعددة مختلفة المسارات وأبرزها اللوحات التراثية التي تحاكي البيئة السعودية ولوحات تحاكي تمكين المرأة مما نجد هناك اختلافا ملحوظا بين المواضيع التي تناولها الفن قبل الرؤية وبعدها، والفنانة تغريد بقشي نموذج على هذا، حيث أجد نساءها الشامخات الفرحات بعيدًا عن صورة المرأة المنكسرة الحزينة.
سيبقى في الساحة الفن الأصيل الحقيقي ويتلاشى ما هو دون المستوى وأنا متأكدة أن تصميم الفنانين ووجود جمعيات وحواضن الفن سيضيف الكثير.
*المعرض التشكيلي صلة بين الفنان وجمهوره
وتشاركنا برأيها الأستاذة أبرار المطيري كاتبة ومتحدثة ومهتمة في الأدب بقولها:
وكما نرى هنآك الكثير من الفنانين لذلك هم بحاجة إلى عرض إبداعاتهم عبر المعارض التشكيلية والهدف من المعارض التشكيلية عرض إبداعات كثيرة في مجالات مختلفة وزيادة الوعي الفني والقيام بتحاليل فنية بالإضافة إلى النقد الفني
ولكن هو بحاجة إلى تسويق وإعلان والتحدث عن كل فن أو فنان لجذب الكثير من المشاهدين أو حضورهم لتلك المعارض لأن المعرض التشكيلي هو صلة الفنان التشكيلي والجمهور، ولا بد أن يكون هنا تسويق احترافي حتى يكون فيه جزء كبير من الجماهير والداعمين
وهناك الكثير من وسائل التسويق ومنها نشره على برامج السوشيال ميديا إعلانه مسبقًا للمهتمين بتلك المجالات.
أما في أثناء المعرض، فيكون من خلال تصوير أو عمل لقاءات مع الفنان نفسه، وعن إبداعاته، وهل يتوفر لديها قصة تشد انتباه القارئ، وكل فنان تشكيلي يتطلع أن يصل إلى نجاح ويضمن له مستقبلًا واعدًا، حتى وإن كان هناك تجاهل الاهتمام بأهمية هذه المعارض، إلا أن هناك الكثير من الأماكن التي من الممكن عرض إبداعاتهم فيها، والتعبير عنها خلال حساباتهم الشخصية، والذي يملك مهارة أو موهبة الفن سيبقى فنانًا دائمًا.
*للجهات المعنية اهتمام جيد بالفن التشكيلي
وللفنانة التشكيلية دنيا الصالح وجهة نظر حول محافظة الفن السعودي على خصوصيته وهويته الوطنية حيث قالت :
يجب أن لا يتأثر بما يحدث في الأسواق العالمية حتى نستطيع جذب الأنظار والوصول للعالمية، ففي السنوات الأخيرة ازداد الحراك التشكيلي، وتعددت قاعات العرض وعدد المعارض في ازدياد، وهذا الأمر جيد وصحي لكن بعض الأحيان هذا يتعارض مع جودة المعارض وما يقدم فيها من محتوى يستهدف المتلقي، فللأسف بعض قاعات العرض أصبحت لا تولي اهتمامًا للمضمون بقدر ما تهتم بالكم، وهذا يسيء للفن وللحراك التشكيلي التراكمي.
ولتحقيق التوازن بين الترويج والتتويج لابد من تقديم معارض ذات قيمة، وأعمال ذات مضامين جيدة، ومشاركة فنانين تشكيليين موهوبين ومحترفين، وهذا يتم بتكاتف جهود حقيقية بين وزارة الثقافة والجمعية السعودية للفنون التشكيلية، ولجنة الفنون التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون، والتنسيق والمتابعة بينها وبين قاعات العرض.
أما بالنسبة للتسويق للفن التشكيلي فمن المتعارف عليه أن اللوحات التشكيلية تعتبر أصولًا مثلها مثل الأرض والبيت، ويرتفع سعرها بحسب مضمون العمل الفني، واسم الفنان بالإضافة، إلى تاريخ العمل الفني والمواد والخامات المستخدمة، ونحن في السعودية والخليج عمومًا تحكمنا الأسواق العالمية، وبالتالي ما يحدث في سوق الفن العالمي ينعكس علينا؛ يؤثر ويتأثر.. لهذا تصدر الفن المعاصر وانتاجه سوق البورصة وأصبحت لوحة الموزة المعلقة رمز الفن الجميل في العام ٢٠١٩.
والآن لكي يتحصن الفن السعودي وسوقه لابد أن يحافظ على خصوصيته وهويته الوطنية، وهو ما يميزنا ويجعل من أصالة فننا الوصول للعالمية وليس الانزلاق في تيارات تشكيلية أصبحت مثار شك لا تفيد ولا تقدم إلا القبح.
وبالنسبة لضمان مستقبل واعد لهم في ظل تجاهل الاهتمام بتلك المعارض من قبل الجهات المعنية، هناك اهتمام جيد من الجهات المعنية بالفن التشكيلي عمومًا، وذلك من خلال إنشاء الكليات، والمعاهد، وقاعات العروض، والفعاليات التي تستهدف الفنانين من كل الأعمار، بالإضافة لبرامج دعم الموهوبين، لكن المشكلة هي في بعض الإدارات التي تحكمها الشللية والعلاقات الخاصة بغض النظر عن إمكانيات وقدرات هذا الفنان أو ذاك، لهذا ينتظر جميع الفنانين وخصوصًا من يتم تجاهلهم للأسباب المذكورة أن تتاح لهم فرص العرض وتقديم ما لديهم من إبداع وفن، وهذه لا تتحقق إلا إذا قامت دور العرض وإداراتها بواجباتها ودورها المهني تجاه الفن والفنانين.