منذ ذلك اليوم البعيد في نادي الضباط البحري في مدينة اللاذقية وأنا طفلة في الخامسة يلفنّي أبي بمعطف جوخ أحمر، وأرافقه مثل ظله إلى كل مكان. وكل يوم بعد قيلولة الغداء يذهب إلى النادي، ليلعب الشطرنج مع صحبته من بقية الضباط الشباب وفي الصيف يذهب أيضًا عصر كل يوم للسباحة ولعبة المضارب، وأنا ضمن كل مشاريعه، طبًعا. ومفتاح سعادتي فستق وعصير برتقال ومراقبة لاعبي الشطرنج الذين يتحدثون دائمًا عن الخطط العسكرية، خالد بن الوليد والاسكندر المكدوني وصلاح الدين وهانيبعل، ورومل ثعلب الصحراء- بعد سنوات سميّت قطي المشاكس "رومل"- حتى في اصطياد السمك أكون معهم وكلهن يتذكرون مصير بضع سمكات، وصلت يدي وأنا أغافلهم، وسُجلت أوّل محاولة تمرّد مريبة قمت بها، حتى اليوم يذكرون أبي بتلك القصّة . .
ولم أنس حماسهم وهم يتركون رقعة الشطرنج تنتظر، بينما يعمد أحدهم إلى ورقة وقلم، ورسم خطة عسكرية لقائد ما، وكانت خطّة أبي المفضلة هي الطريقة التي احتلّ بها صلاح الدين قلعة المرقب، وكيف مرر عساكره بين برج "الصبي" والقلعة- برج الصبي برج مراقبة دفاعي متقدم يمكن لكل سالك الطريق بين طرطوس واللاذقية أن يشاهده-
وأنا لم أنس كولونيا أبي وأناقته اليومية وحرصه بالمثل على ما أرتديه من ثياب. . تعلمتُ دائمًا أن أقابل النهار بمنطق أبي المتعطّر في كلّ الظروف. .
?
الصور من يومياتي وأنا واللابتوب وعصافير أفكاري، في طريقي إلى المقهى البحري المفضل في بيروت، وكما ترون تتزيّن هذه المدينة وتتجمّل، وتتحمّل. . تُصر هذه المدينة الحرّة على أن تحتفي بأعيادها رغم أنف "تُجارها". .
#لينا_هويان_الحسن
#بيروت
منذ ذلك اليوم البعيد في نادي الضباط البحري في مدينة اللاذقية وأنا طفلة في الخامسة يلفنّي أبي بمعطف جوخ أحمر، وأرافقه مثل ظله إلى كل مكان. وكل يوم بعد قيلولة الغداء يذهب إلى النادي، ليلعب الشطرنج مع صحبته من بقية الضباط الشباب وفي الصيف يذهب أيضًا عصر كل يوم للسباحة ولعبة المضارب، وأنا ضمن كل مشاريعه، طبًعا. ومفتاح سعادتي فستق وعصير برتقال ومراقبة لاعبي الشطرنج الذين يتحدثون دائمًا عن الخطط العسكرية، خالد بن الوليد والاسكندر المكدوني وصلاح الدين وهانيبعل، ورومل ثعلب الصحراء- بعد سنوات سميّت قطي المشاكس "رومل"- حتى في اصطياد السمك أكون معهم وكلهن يتذكرون مصير بضع سمكات، وصلت يدي وأنا أغافلهم، وسُجلت أوّل محاولة تمرّد مريبة قمت بها، حتى اليوم يذكرون أبي بتلك القصّة . .
ولم أنس حماسهم وهم يتركون رقعة الشطرنج تنتظر، بينما يعمد أحدهم إلى ورقة وقلم، ورسم خطة عسكرية لقائد ما، وكانت خطّة أبي المفضلة هي الطريقة التي احتلّ بها صلاح الدين قلعة المرقب، وكيف مرر عساكره بين برج "الصبي" والقلعة- برج الصبي برج مراقبة دفاعي متقدم يمكن لكل سالك الطريق بين طرطوس واللاذقية أن يشاهده-
وأنا لم أنس كولونيا أبي وأناقته اليومية وحرصه بالمثل على ما أرتديه من ثياب. . تعلمتُ دائمًا أن أقابل النهار بمنطق أبي المتعطّر في كلّ الظروف. .
?
الصور من يومياتي وأنا واللابتوب وعصافير أفكاري، في طريقي إلى المقهى البحري المفضل في بيروت، وكما ترون تتزيّن هذه المدينة وتتجمّل، وتتحمّل. . تُصر هذه المدينة الحرّة على أن تحتفي بأعيادها رغم أنف "تُجارها". .
#لينا_هويان_الحسن
#بيروت