تل غويران الغافي على ضفة الخابور . رحلةٌ ممتدة بين "أوروك" والحضارة الإسلامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تل غويران الغافي على ضفة الخابور . رحلةٌ ممتدة بين "أوروك" والحضارة الإسلامية


    تل غويران الغافي على ضفة الخابور . رحلةٌ ممتدة بين "أوروك" والحضارة الإسلامية
    ---------------------------------------------------------------------
    قد لا يعرف الكثيرون عن عراقة تاريخ الجزيرة أو قِدمه، لكن لغة الأرقام لا تعرف الكذب أو المجاملة، ففي "الحسكة" أينما شحت بناظريك ترى تلالاً قد علا بعضها على بعض، وأقرب ما يكون منك وأنت في المدينة "تل غويران" الأثري، الذي لا يعرف مدى قدمه أقرب الناس إليه.
    .
    يقع "تل غويران" على الضفة اليمنى لنهر "الخابور"، تحديداً على بعد 300 متر من مركز المدينة وتبلغ أبعاده / 80×60 /مترا، كما يرتفع عن الأرض العذراء 11 متراً، يحد الموقع من جميع الاتجاهات شوارع خدمية منظمة
    .
    تم اكتشاف التل عام1977 م وكان كبير الحجم وواسع الامتداد، إلا أن الطريق القادم من محافظة "دير الزور" اخترقه من المنتصف، حيث اقتطع منه جزءاً كبيراً أدى إلى تقليص حجمه، ومن خلال دراسة الكسر الفخارية المنتشرة على سطح التل، تبين أنه يعود إلى كل من العصر "الحجري – البرونزي".
    وكان أول من تعرف على تل "غويران" البعثة الأثرية الألمانية، أثناء قيامها بأعمال المسح الأثري للتلال المنتشرة على جانبي نهر الخابور،
    .
    من حيث المدلول اللغوي نقول غار الماء غوراً أي غاض في الأرض، في المستوى الثاني الأرض الغور تعني الأرض المنبسطة أو الممتدة، أيضاً يسمى الغور (ما يفصل بين شيئين) "الأخدود"، كما يقال الغور على المنطقة التي تحتوي على تكهفات، وفي حي "غويران" عندما يبني الناس بيوتهم يفاجأون بوجود الكهوف، وبهذا تكون المنطقة قد أخذت تسميتها من هذا المعنى .
    .
    كانت هذه التلال الاثرية تستخدم للإخبار عن الأحداث، وفي زمن المملكة الآشورية كانت الإشارة تنتقل من أقصى المملكة إلى أقصاها خلال عشرون دقيقة، كانت هذه الإشارات تحمل دلالات مختلفة بحسب شكلها
    بالعموم هذه التلال صناعية أي إنها من صنع الإنسان لكنها عبارة عن سويات أثرية، كان الناس يسكنونها خوفاً من الأمطار والفيضانات، حيث كانت تعتبر ملاذاً آماناً للسكان،
    .
    ومن خلال دراسة الكسر الفخارية المنتشرة على سطح التل تبين أنه يعود إلى كل من العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي.
    .
    في العام /2003م/ بدأت بعثة أثرية سورية أعمالها التنقيبية في الموقع لأربعة مواسم، اكتشفت عدة سويات أثرية وتاريخية وهي:
    - فترة أوروك الحديث،
    - فترة فجر السلالات الباكرة الثالثة،
    - الفترة الأكادية،
    - فترة الحضارة العربية الإسلامية.
    .
    • وكشفت أعمال التنقيب في السوية العائدة إلى فترة "أوروك" الحديث عن أجزاء من غرف مبنية من اللبن عثر بداخلها على لقى فخارية وبرونزية وعظام حيوانية،
    .
    • كما عثر داخل السوية العائدة إلى فترة "فجر السلالات الباكرة الثالثة"، والواقعة مباشرة فوق السوية الاولى"اوروك"على أجزاء من أبنية مبنية من اللبن وحوضاً تم بناؤه من اللبن أيضاً أرضيته وجدرانه مجصصة، وعلى أجزاء من منشأة معمارية مبنية من اللبن على شكل برجين، حيث وصل ارتفاع الجدار الغربي إلى 3.50 أمتار وعرضه إلى 1.20 متر.
    .
    • كما تم التعرف ضمن السوية العائدة للفترة "الأكادية"، على جدران وأجزاء من غرفة مبنية من اللبن القاسي، بلغ ارتفاعها 50 سم لها مدخل من الجهة الجنوبية،
    كما تم العثور على لُقى فخارية داخل حفرة مثل "قواعد، جرار، كأس، طاسة"،
    .
    • أما في السوية العائدة للحضارة الإسلامية فقد تم الكشف عن منشاة معمارية، احتوت على أبنية مبنية من مادة الحجر الكلسي الأبيض، أما الجدران فكانت مبنية من بمادة اللبن والأرضيات مجصصة، يفصل بينها شوارع تتصل ببعضها البعض عبر مداخل احتوت على "أحواض مجصصة، تنانير، إسطبلات، دور للسكن"
    .
    وقد تم التعرف على عدة منازل ثلاثة منها في الجهة الشمالية من التل:
    • تألف المنزل الأول والثاني من غرفتين وفسحة عثر في داخل كلٍ منهما على تنور، كما تم الكشف في الغرفة الثانية عن درج يؤدي إلى الطابق العلوي، بلغت مساحة البيت الأول 32 م² في حين بلغت مساحة البيت الثاني 36 م²،
    • المنزل الثالث تألف من ثلاثة غرف إحداهما لها سقف مقنطر قد بلغت مساحة المنزل
    59.5 م²،
    .
    أما اللقى الأثرية التي كُشف عنها في هذه المنشأة فكانت عبارةً عن نقود فضية وأدوات برونزية "أساور، دبابيس، ملاعق"، وأسرجة فخارية مزججة، دمى حيوانية، قوارير زجاجية، طبعات أختام مصنوعة من الحجر البازلتي والطين المشوي عليها نقوش هندسية.
    .
    إن جميع المكتشفات في الموقع تؤكد أنه تم الاستقرار فيه خلال فترة "أوروك الحديثة"،
    ازدهر خلال النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد، وبلغ أوج ازدهاره وأصبح مدينة متكاملة خلال فترة الحضارة العربية الإسلامية "الفترة الأيوبية"، كان هذا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي.
    .................................................. ....

يعمل...
X