اذا أتى الشتاءْ
وحرَّكت رياحُهُ ستائري
أحسُّ ياصديقتي
بحاجةٍ إلى البكاء
على ذراعيكِ ..
على دفاتري ..
إذا اتى الشتاء
وانقطعت عندلةُ العنادلِ
وأصبحت ..
كلُّ العصافير بلا منازلِ
يبتديء النزيفُ في قلبي .. وفي أناملي .
كأنَّما الأمطارُ في السماء
تهطُلُ ياصديقتي في داخلي …
عندئذٍ .. يغمرني
شوقُ طفوليٌّ إلى البكاء ..
على حرير شعرك الطويل كالسنابلِ ..
كمركبٍ أرهقه العياءْ
كطائرٍ مهاجرِ ..
يبحث عن نافذةٍ تُضاء
يبحث عن سقفٍ لهُ ..
في عُتمة الجدائلِ …
إذا أتى الشتاءْ ..
واغتالَ مافي الحقل من طُيوبِ ..
وخبَّأ النجومَ في ردائه الكئيبِ
يأتي إليَّ الحزنُ من مغارة المساء
ياتي كطفلٍ شاحبٍ غريبِ
مبلَّلِ الخدَّين والرداء ..
وأفتحُ البابَ لهذا الزائرِ الحبيبِ
أمنحُهُ السريرَ .. والغطاء
أمنحُهُ .. جميعَ ما يشاءْ
*
من أين جاء الحزنُ يا صديقتي ؟
وكيف جاء ؟
يحملُ لي في يدهِ ..
زنابقاً رائعةَ الشحوبِ
يحملُ لي …
حقائبَ الدموعِ والبكاءْ
نزار قباني "حقائب البكاء"
*****
تصوير: suher.sabour