لماذا يغير التقدم في العمر الناس وسلوكياتهم؟
كبار السن يتشاركون أموالًا مع الغرباء أكثر من البالغين الأصغر سنًا.
السبت 2023/12/09
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الأجساد والعقول تتغير مع الكبر
ميامي (الولايات المتحدة ) - كم منا أراد أن يتوفر لديه دليل موثوق وقائم على أدلة بشأن الشيخوخة وسماتها لشرح كيفية تغير الأجساد والعقول كلما تقدم المرء في السن، وكيفية التكيف والتأقلم مع تلك التغييرات؟
تشير صحيفة “ميامي هيرالد” الأميركية في تقرير لها إلى أن توفير عمل من هذا النوع يعد أمرا صعبا للغاية. فمن ناحية، يعمل التقدم في العمر على تغيير الأفراد بصورة تدريجية على مدار عقود، وهي فترة طويلة تشكلها الظروف الاقتصادية والاجتماعية للناس وسلوكياتهم، والأماكن التي يعيشون بها، بالإضافة إلى عوامل أخرى. وعلى الرغم من أن الأفراد يواجهون مشكلات فسيولوجية شائعة في وقت لاحق من حياتهم فإنهم لا يسلكون جيدا مسارا تنمويا مسبق التحديد.
من جانبها تقول روزان لايبسيج، وهي نائبة لرئيس التعليم في قسم بروكديل لرعاية المسنين والرعاية المخففة للآلام بكلية إيكان للطب في ماونت سيناي بنيويورك، “تحدث للمرء تغييرات متوقعة، ولكنها ليست بالضرورة أن تحدث في نفس الوقت أو بنفس التسلسل… فليس هناك مجموعة غير متجانسة أكثر من كبار السن.”
وتعمل لايبسيج (72عاما) بدوام كامل في تدريس الطب للأطباء المقيمين والزملاء، وقد تم طرح كتاب جديد لها يزيد عدد صفحاته عن 400 صفحة، تحت اسم “الشيخوخة الصادقة: دليل المطلعين على النصف الثاني من الحياة”، وهو عمل غني بالمعلومات المفيدة. ويعد الكتاب فحصا أكثر شمولا لما يمكن أن يتوقعه المرء في حياته اللاحقة.
التقدم في العمر يعمل على تغيير الأفراد بصورة تدريجية على مدار عقود، وهي فترة طويلة تشكلها ظروف الناس
وتقول لايبسيج إن لديها هدفين من وراء كتابة هذا الدليل، وهما “التغلب على جميع السلبيات الموجودة بشأن التقدم في السن” و”مساعدة الأفراد على تفهّم أن هناك الكثير من الأمور التي يمكنهم القيام بها من أجل التكيف مع طبيعتهم الجديدة بينما يتقدمون في العمر، والاستمتاع بحياة ممتعة ومتفاعلة وذات معنى.”
وتتساءل لايبسيج قائلة “لماذا نسميها الشيخوخة الصادقة؟”، ثم ترد قائلة “لأن هناك الكثير مما هو موجود غير صادق… أعتقد أن الوقت قد حان لكي نقول هذا هو كل شيء؛ هذا هو ما نحن عليه، وأن نعترف كم نحن محظوظون لأننا لدينا كل هذه الأعوام من الوقت الإضافي”.
وتشير الطبيبة إلى المكاسب غير العادية التي تم تحقيقها في العصر الحديث بشأن متوسط العمر المتوقع. فبفضل التطورات الطبية يعيش الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما فترة أطول بكثير بالمقارنة مع سابقيهم في فجر القرن العشرين. ومع ذلك، فإن معظمنا يفتقر إلى الفهم الجيد لما يحدث لأجسامنا خلال هذه الفترة التي تستمر بعد منتصف العمر.
وكانت إحدى الطالبات اللاتي يدرسن الطب سألت لايبسيج قبل عدة أشهر عمّا إذا كان يجب استبعاد ما يشير إلى “التقدم في العمر” من التاريخ الطبي المكتوب الخاص بكل مريض، مثلما تم حذف ما يشير إلى عرق المريض. وتوضح “قلت لها لا؛ في الطب، يكون العمر دائما ذا صلة… إنه يمنح المرء إحساسا بالمكان الذي يوجد فيه الأشخاص في حياتهم، وما مروا به من تجارب، والاضطرابات التي قد يعانون منها، والتي تختلف عن تلك الموجودة لدى الشباب”.
بفضل التطورات الطبية يعيش الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما فترة أطول بكثير بالمقارنة مع سابقيهم
وقد قامت لايبسيج بإعداد قائمة بشأن الأسئلة التي يميل كبار السن إلى طرحها في أغلب الأحيان بهذا الشأن، وإجاباتها مثل: ماذا يمكنني أن أفعل للبطن المنتفخ (الكِرش)؟ كيف يمكنني تحسين نومي؟ أعاني من صعوبة في تذكر الأسماء؛ هل يعد هذا خرفا؟ هل أحتاج حقا إلى القيام بمنظار للقولون، أو لعمل تصوير للثدي بالأشعة السينية (ماموجرام)؟ ماذا يجب أن أفعل لكي أعود مجددا إلى شكل جسمي؟ هل أحتاج حقا إلى التوقف عن القيادة؟
ويكمن السبب وراء ذلك في سوء فهم المرء لما هو طبيعي في حياته اللاحقة، والتغيرات التي قد تطرأ على جسده وعقليته بسبب التقدم في السن.
وهل من الممكن تقسيم مراحل الشيخوخة بحسب العقد، تقريبا؟ تقول لايبسيج إنه غير ممكن، حيث تشير إلى أن الأشخاص في الستينات والسبعينات من العمر، يختلفون بشكل كبير من حيث الصحة والأداء. وتوضح أن التغيرات المتوقعة والمرتبطة بالتقدم في العمر، عادة ما “تبدأ في الحدوث بشكل أكبر خلال الفترة بين سن الـ75 عاما والـ85 عاما”. وتقدم لايبسيج نصحية للجميع، حيث تقول “لا تقل من المستحيل أبدا… فهناك دائما شيء يمكن القيام به لتحسين وضع المرء كلما تقدم في العمر، وذلك إذا كان مستعدا للقيام بذلك.”
ووجدت الدراسات السابقة أن الشيخوخة تؤثر على كفاءة المعالجة والسرعة، والتعلم الصريح، والذاكرة العاملة، والانتباه وحل المشكلات. وقد تنتج هذه التغييرات عن تقليل حجم المادة الرمادية في مناطق الدماغ مع تقدم الشخص في العمر، بما في ذلك القشرة الحزامية الأمامية والقشرة الجبهية المدارية.
وتتغير السلوكيات الاجتماعية والاستجابات العاطفية أيضًا مع تقدم العمر. ويقضي كبار السن وقتًا أطول في التطوع والتبرع بنسبة أكبر من دخلهم للجمعيات الخيرية مقارنة بالبالغين الأصغر سنا. وأكدت الدراسات المختبرية أن كبار السن يتشاركون أموالًا مع الغرباء أكثر من البالغين الأصغر سنًا. وترتبط عدة عوامل اجتماعية أكبر في الأشخاص الذين عاشوا فترة طويلة. وهذا يشمل زيادة المودة الإيجابية. وقد يطور كبار السن مهارات تحسين الحالة المزاجية التي تقل احتمالية استخدامها من قبل البالغين الأصغر سنًا، على الرغم من أن العلماء يقبلون أن هناك اختلافًا كبيرًا بين الأفراد.
كبار السن يتشاركون أموالًا مع الغرباء أكثر من البالغين الأصغر سنًا.
السبت 2023/12/09
ShareWhatsAppTwitterFacebook
الأجساد والعقول تتغير مع الكبر
ميامي (الولايات المتحدة ) - كم منا أراد أن يتوفر لديه دليل موثوق وقائم على أدلة بشأن الشيخوخة وسماتها لشرح كيفية تغير الأجساد والعقول كلما تقدم المرء في السن، وكيفية التكيف والتأقلم مع تلك التغييرات؟
تشير صحيفة “ميامي هيرالد” الأميركية في تقرير لها إلى أن توفير عمل من هذا النوع يعد أمرا صعبا للغاية. فمن ناحية، يعمل التقدم في العمر على تغيير الأفراد بصورة تدريجية على مدار عقود، وهي فترة طويلة تشكلها الظروف الاقتصادية والاجتماعية للناس وسلوكياتهم، والأماكن التي يعيشون بها، بالإضافة إلى عوامل أخرى. وعلى الرغم من أن الأفراد يواجهون مشكلات فسيولوجية شائعة في وقت لاحق من حياتهم فإنهم لا يسلكون جيدا مسارا تنمويا مسبق التحديد.
من جانبها تقول روزان لايبسيج، وهي نائبة لرئيس التعليم في قسم بروكديل لرعاية المسنين والرعاية المخففة للآلام بكلية إيكان للطب في ماونت سيناي بنيويورك، “تحدث للمرء تغييرات متوقعة، ولكنها ليست بالضرورة أن تحدث في نفس الوقت أو بنفس التسلسل… فليس هناك مجموعة غير متجانسة أكثر من كبار السن.”
وتعمل لايبسيج (72عاما) بدوام كامل في تدريس الطب للأطباء المقيمين والزملاء، وقد تم طرح كتاب جديد لها يزيد عدد صفحاته عن 400 صفحة، تحت اسم “الشيخوخة الصادقة: دليل المطلعين على النصف الثاني من الحياة”، وهو عمل غني بالمعلومات المفيدة. ويعد الكتاب فحصا أكثر شمولا لما يمكن أن يتوقعه المرء في حياته اللاحقة.
التقدم في العمر يعمل على تغيير الأفراد بصورة تدريجية على مدار عقود، وهي فترة طويلة تشكلها ظروف الناس
وتقول لايبسيج إن لديها هدفين من وراء كتابة هذا الدليل، وهما “التغلب على جميع السلبيات الموجودة بشأن التقدم في السن” و”مساعدة الأفراد على تفهّم أن هناك الكثير من الأمور التي يمكنهم القيام بها من أجل التكيف مع طبيعتهم الجديدة بينما يتقدمون في العمر، والاستمتاع بحياة ممتعة ومتفاعلة وذات معنى.”
وتتساءل لايبسيج قائلة “لماذا نسميها الشيخوخة الصادقة؟”، ثم ترد قائلة “لأن هناك الكثير مما هو موجود غير صادق… أعتقد أن الوقت قد حان لكي نقول هذا هو كل شيء؛ هذا هو ما نحن عليه، وأن نعترف كم نحن محظوظون لأننا لدينا كل هذه الأعوام من الوقت الإضافي”.
وتشير الطبيبة إلى المكاسب غير العادية التي تم تحقيقها في العصر الحديث بشأن متوسط العمر المتوقع. فبفضل التطورات الطبية يعيش الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما فترة أطول بكثير بالمقارنة مع سابقيهم في فجر القرن العشرين. ومع ذلك، فإن معظمنا يفتقر إلى الفهم الجيد لما يحدث لأجسامنا خلال هذه الفترة التي تستمر بعد منتصف العمر.
وكانت إحدى الطالبات اللاتي يدرسن الطب سألت لايبسيج قبل عدة أشهر عمّا إذا كان يجب استبعاد ما يشير إلى “التقدم في العمر” من التاريخ الطبي المكتوب الخاص بكل مريض، مثلما تم حذف ما يشير إلى عرق المريض. وتوضح “قلت لها لا؛ في الطب، يكون العمر دائما ذا صلة… إنه يمنح المرء إحساسا بالمكان الذي يوجد فيه الأشخاص في حياتهم، وما مروا به من تجارب، والاضطرابات التي قد يعانون منها، والتي تختلف عن تلك الموجودة لدى الشباب”.
بفضل التطورات الطبية يعيش الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما فترة أطول بكثير بالمقارنة مع سابقيهم
وقد قامت لايبسيج بإعداد قائمة بشأن الأسئلة التي يميل كبار السن إلى طرحها في أغلب الأحيان بهذا الشأن، وإجاباتها مثل: ماذا يمكنني أن أفعل للبطن المنتفخ (الكِرش)؟ كيف يمكنني تحسين نومي؟ أعاني من صعوبة في تذكر الأسماء؛ هل يعد هذا خرفا؟ هل أحتاج حقا إلى القيام بمنظار للقولون، أو لعمل تصوير للثدي بالأشعة السينية (ماموجرام)؟ ماذا يجب أن أفعل لكي أعود مجددا إلى شكل جسمي؟ هل أحتاج حقا إلى التوقف عن القيادة؟
ويكمن السبب وراء ذلك في سوء فهم المرء لما هو طبيعي في حياته اللاحقة، والتغيرات التي قد تطرأ على جسده وعقليته بسبب التقدم في السن.
وهل من الممكن تقسيم مراحل الشيخوخة بحسب العقد، تقريبا؟ تقول لايبسيج إنه غير ممكن، حيث تشير إلى أن الأشخاص في الستينات والسبعينات من العمر، يختلفون بشكل كبير من حيث الصحة والأداء. وتوضح أن التغيرات المتوقعة والمرتبطة بالتقدم في العمر، عادة ما “تبدأ في الحدوث بشكل أكبر خلال الفترة بين سن الـ75 عاما والـ85 عاما”. وتقدم لايبسيج نصحية للجميع، حيث تقول “لا تقل من المستحيل أبدا… فهناك دائما شيء يمكن القيام به لتحسين وضع المرء كلما تقدم في العمر، وذلك إذا كان مستعدا للقيام بذلك.”
ووجدت الدراسات السابقة أن الشيخوخة تؤثر على كفاءة المعالجة والسرعة، والتعلم الصريح، والذاكرة العاملة، والانتباه وحل المشكلات. وقد تنتج هذه التغييرات عن تقليل حجم المادة الرمادية في مناطق الدماغ مع تقدم الشخص في العمر، بما في ذلك القشرة الحزامية الأمامية والقشرة الجبهية المدارية.
وتتغير السلوكيات الاجتماعية والاستجابات العاطفية أيضًا مع تقدم العمر. ويقضي كبار السن وقتًا أطول في التطوع والتبرع بنسبة أكبر من دخلهم للجمعيات الخيرية مقارنة بالبالغين الأصغر سنا. وأكدت الدراسات المختبرية أن كبار السن يتشاركون أموالًا مع الغرباء أكثر من البالغين الأصغر سنًا. وترتبط عدة عوامل اجتماعية أكبر في الأشخاص الذين عاشوا فترة طويلة. وهذا يشمل زيادة المودة الإيجابية. وقد يطور كبار السن مهارات تحسين الحالة المزاجية التي تقل احتمالية استخدامها من قبل البالغين الأصغر سنًا، على الرغم من أن العلماء يقبلون أن هناك اختلافًا كبيرًا بين الأفراد.