"نساء هاربات".. ثلاث يمنيات تائهات في أميركا حيث تسقط الأحلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "نساء هاربات".. ثلاث يمنيات تائهات في أميركا حيث تسقط الأحلام


    "نساء هاربات".. ثلاث يمنيات تائهات في أميركا حيث تسقط الأحلام


    الرواية تعالج أزمة الحرب المستعرة في اليمن والتي كانت سببا في فرار الكثيرين من أهله ليتحولوا إلى لاجئين وهاربين إلى المجهول.
    السبت 2023/12/09

    لكل امرأة حلم (لوحة للفنانة هيلدا حياري)

    عمّان - "عندما وصلت إلى نيويورك كنت أخاف من كل شيء، وكان يجرحني أني ضعيفة ومنكسرة أمام نفسي المشوهة داخلي، لذا هزمتني المدينة القاسية، وهزمني الناس الذين لا أعرف لغتهم، وهزمتني الشوارع التي كنت أتشرد فيها لساعات، وهزمتني ليالي الصقيع الطويلة، وهزمتني الحيرة بيني وبينه، وهزمني الخوف على مستقبل الصغار".

    أجواء من الاغتراب والتوهان تقحمنا فيها رواية “نساء هاربات” للكاتبة والروائية اليمنية نجلاء العمري، التي أتقنت سرد تفاصيل فقدان الوطن وآلام الهجرة أو المنفى بالنسبة إلى اللاجئ إن صح التعبير.

    عندما تشتعل الحرب داخل الوطن يفر من استطاع من أهله أن يفر، ويعلق في أول مكان يمكنه اللجوء إليه، فيشعر بالغربة حتى لو كان في أفضل بلد في العالم، فيكفي أنه ليس وطنه، وإذا أضفنا إلى الشعور بالاغتراب قسوة الظروف والبعد عن الأهل والوطن فسيكون الناتج نفسيات مدمرة وأشخاصا بلا مستقر.

    وتحول الأمر إلى سؤال كبير يدور في أذهان النازحين جميعا، ذكرته نجلاء العمري على لسان السيدة العجوز والدة ميساء، إحدى بطلات الرواية “تركنا بيوتنا وأهلنا وأولادنا وجيراننا وكل شيء، والآن ها نحن نازحون ولاجئون في كل مكان، ولا ندري أيّ أرض ستقبلنا”.


    أجواء من الاغتراب والتوهان


    وتعالج الكاتبة في روايتها، الصادرة حديثا عن “الآن ناشرون وموزعون” بالأردن في 128 صفحة من القطع المتوسط، أزمة الحرب المستعرة في اليمن، والتي كانت سببا في فرار الكثيرين من أهل اليمن خارج حدود البلاد.

    واختارت العمري لروايتها عددا من الشخصيات النسائية التي تحمل كلّ منهن على كاهلها أزمتها الخاصة، والتي تعد صورة للحالة العامة في اليمن، فما عائدة سوى امرأة يمنية تحلم بالعودة إلى صنعاء، وتكابد من أجل الاستمرار في الحياة خارجها، وإن كان يتضح من خلال سردها لمعاناتها في أميركا كم يتوهم الناس أن أميركا بلد الأحلام، ولكنها في الواقع ليست كذلك، حتى إن فكرة الهروب بعيدا عنها تخايل أحلام البطلات الثلاث في الوقت نفسه، فيقررن اللجوء إلى كندا.

    هناك تخوف مستمر لدى عائدة وسارة وميساء وحياة، وغيرهن الكثيرات، من أن يبقيْن عالقات دون إقامة شرعية، أيا كان اسم البلد الذي سيستقررن فيه مثلما جاء على لسان سارة، لسان إحدى بطلات الرواية “الذي أعرفه تماما أنه سيكون علينا إعادة صياغة علاقتنا بكل شيء حتى نستطيع أن نألف الأشياء وتألفنا، كما أنني كنت أخشى أننا بهذه المحاولة نقوم بتغيير البلد الذي سنعلق فيه لاحقا لا غير”. وكأن الحياة خارج الوطن ما هي إلا موت مؤجل.

    وقالت الكاتبة نجلاء العمري إن الرواية تعكس معاناة النساء واضطرارهن إلى اللجوء إلى بلدان أخرى للحصول على الاستقرار والأمان.

    وأضافت العمري أن إحدى بطلات الرواية هي عائدة التي نزحت من صنعاء إلى تعز بعد انقلاب الحوثيين ثم غادرت إلى أميركا لتبدأ رحلة معاناة جديدة تختلف تفاصيلها عن معاناة النساء في الداخل.

    وتشير الأديبة إلى أن “نساء هاربات” هي أكثر من رواية، إنها رحلة وجع لثلاث نساء ألقت بهن الحرب بعيدا عن بلدهن. وخذلتهن الملاجئ.

    الكاتبة اختارت لروايتها عددا من الشخصيات النسائية التي تحمل كلّ منهن على كاهلها أزمتها الخاصة

    وأردفت “في عوالم تمور بالصراعات الداخلية والخارجية يكون أول المتضررين هن النساء. يحملن أوجاعهن وخيباتهن ويتحملن الأعباء للبحث عن ملاذ آمن لأرواحهن التي افتقدت السكينة”.

    جاءت الرواية في أربعة أجزاء يحمل كل جزء منها عنوانا منفصلا، لكن الأحداث تأتي متضافرة ومتكاملة، إذ جاء الفصل الأول بعنوان “عائدة”، وهي إحدى بطلات الرواية، ثم جاء الجزء الثاني بعنوان “سارة”، والتي تتحدث عن تجربتها بداخل اليمن ثم خارجه، فتشير إلى تجربة زواجها الفاشلة بسبب أنانية الزوج وعدم إيمانه الكامل بموهبتها، وجاء الجزء الثالث تحت عنوان “الصديقتان” وإن جاء تخوف سارة في جملة ترد بها على حفيد السيدة التي ترافقها كجليسة “أثارته جملتي قائلا: نعم الجميع يأتي هنا حاملا معه خيالات لا أساس لها من الصحة، أميركا، الحلم الأميركي”.

    وجاء الجزء الرابع تحت عنوان “الهروب”، ويأتي الهروب عنوانا على الرغبة الجماعية التي فشت في عقول البطلات للفرار من أميركا إلى كندا، ويعد هذا الهروب هو كلمة السر التي التففن كلهن حولها، مقررات التنفيذ على وجه العجلة.

    ومن الجدير ذكره أن نجلاء العمري أديبة وكاتبة يمنية. صدرت لها مجموعتان قصصيتان هما “أوجاع بنكهة اللیمون” (2001)، و”قلبك یا صدیقي” (2007)، كما أصدرت روايتين “ذاكرة لا تشیخ” وقد نالت المرتبة الأولى في جائزة العفیف سنة 2002، و”مراكب الضوء” التي صدرت سنة 2017.
يعمل...
X