17/9/2017
ضارب الطبل".. رواية عن صراع الإنسان والقدر
في روايته الجديدة بعنوان "ضارب الطبل"، يقدم الروائي المصري أشرف الخمايسي تصورا فلسفيا جديدا لصراع الإنسان مع القدر يقوم على طرح غير مألوف "ماذا لو عرف الإنسان موعد وفاته؟"، وتبعات ذلك على تفكيره وسلوكه وتعامله مع الآخرين.
تبدأ الأحداث في إحدى قرى القرنة بمحافظة الأقصر (جنوبي مصر) في وقت أصبح كل إنسان يعرف موعد وفاته عبر جهاز "الفاحص العمري"، الذي اخترعته إحدى الدول الأوروبية ثم أخذته باقي دول العالم وطبقته على شعوبها.
ويسوق الخمايسي سيلا من قصص وحكايات أهل القرية، ويغوص في أعماقهم كاشفا بعض الجوانب النفسية التي لم تكن لتظهر لولا أن علمت كل نفس منتهاها فباتت الحياة مزيجا غريبا بين الفرح والحزن.
تنوعت الحكايات واختلفت الطبائع، لكن المدهش هو أن جميع شخوص الرواية تقريبا تشغلهم الدنيا وما فيها رغم معرفتهم أنهم مفارقوها.
ووسط الحكايات تبرز قصة "حفار القبور"، بما تمثله من تمرد وكسر للمألوف، فقد ضج أبوه بفكرة انتظار الموت سواء كان العمر طويلا أو قصيرا، وقرر ألا يذهب بمولوده لجهاز "الفاحص العمري" ليزج بابنه في زمرة المنبوذين.
حقيقة أم وهم؟
والمنبوذون في تعريف ذلك الزمن فئتان، إحداهما من بقوا على قيد الحياة بعد انقضاء العمر المحدد لهم ببطاقة الهوية. وهؤلاء عليهم تسليم أنفسهم إلى مراكز رسمية لإنهاء حياتهم أو إنهائها بأنفسهم حتى لا يخلّوا بالمنظومة المجتمعية. أما الفئة الثانية فهم من لم يخضعوا قط لجهاز "الفاحص العمري"، وهؤلاء عليهم الرحيل فورا.
يزود الأب والأم ابنهما "حفار القبور" بحمار وقطيع من الإبل وبعض الزاد الذي يعينه على الخروج إلى الصحراء بعيدا عن السلطات، وفي الصحراء تظهر شخصية "ضارب الطبل" الذي تحمل الرواية اسمه، وهو شخص يظل القارئ أيضا حائرا في حقيقته ما إذا كان إنسانا أم مجرد وهم.
هذه الشخصية الضبابية التي تظهر وتختفي مثل الأشباح، تكررت في الأعمال السابقة للخمايسي بأوجه مختلفة ويستخدمها عادة لتنطق بالحكمة والفلسفة التي يصعب أن تخرج من إنسان عادي.
يصبح "ضارب الطبل" عراب "حفار القبور" ويقدم له النصيحة ويرشده ويحثه على مواصلة طريق التمرد وكسر القيود. تستمر رحلة "حفار القبور" في الصحراء حتى يصل لمقابر القرية التي بدأت منها الأحداث، وهو أنسب مكان لشخص مثله هارب من السلطات، لكنه يقضي حياته حيا بين الأموات.
تعج الرواية بتأملات وتساؤلات كثيرة في أوضاع اجتماعية وحياتية ألفها الناس حتى أصبحت لديهم من المسلّمات، وتساؤلات أكثر عن الكون وخالقه والحكمة من وجود الإنسان ومصيره واختياراته.
لكن يبقى أكثر ما يميز رواية "ضارب الطبل" هو جرس الخطر الذي يدقه الخمايسي عندما يلمّح في أكثر من موضع إلى أن وجود اختراع مثل الفاحص العمري أو ما يشبهه ربما لم يعد أمرا بعيدا سواء كان حقيقة أم وهما.
******
المصدر : رويترز