مهرجان باريسي: رموز ازدهار الفن التشكيلي القطري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مهرجان باريسي: رموز ازدهار الفن التشكيلي القطري



    تشكيل
    سلمان المالك... مجموعة المكان والزمان (2018) إكريليك على ورق(70×70)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط
    ابتسام الصفار... من مجموعة "بقايا وجه" (2022)... تقنية مختلطة على خشب (30×30 سم)
    تتحلق تحت قبة "قصر يينّا" في عاصمة الفن التشكيلي الفرنسية منتخبات أعمال فنية لإحدى وثلاثين صالة عرض في تزاحم على "سيميز" متنافس في حشوده الوافدة من إحدى عشرة دولة عربية وست مؤسسات من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج العربيّ (دول مجلس التعاون)، وبحيث تتناغم سينوغرافية العرض مع العمارة الدائرية للقصر الممثل لعصر التنوير المصَمّم من قبل المهندس أوغست بيري، وهو المهرجان الشمولي "مينارت فير باريس" في دورته الرابعة كما هو كل عام، وأثبت خلالها نجاحًا منقطع النظير.
    تكشف اختيارات هذه الحشود سباق وتنافس صالات العرض في ما يخص المعاصرة والحداثة؛ لذلك نجد إلى جانب اللوحات أعمالًا "ما بعد حداثية" من منشآت وبرفورمانس (مع رفع الحدود ما بين التجريد والتشخيص، وبين التصوير والمسرح والڤيديو والديزاينر [الرسم الصناعي]، والرقص والموسيقى). بل إن ظواهر ما بعد الحداثة تكشف عن التراجع الاستهلاكي "للحروفية" بحيث لا يبقى منها إلا ما يستحق البقاء، مثل تجربة سمير صايغ، وغاليري صالح بركات.

    مبارك آل ثاني... "بدون عنوان" تقنية مختلطة على ورق (2004) (40×50 سم) ـ يوسف الأحمد..."بدون عنوان" ورق بصناعة يدوية مع علبة بليكسي غلاس (2023)
    هنا، وبشكل عام، يقع الالتباس في خلط المحترفين مع الهواة، لمجرد تمثيلهم للصالة نفسها. لكن أغلبهم، ولحسن الحظ، يملكون وعيًا شموليًا للتفريق على غرار صالة بيروتية نخبوية تديرها السيدة نهى محرم، عرضت لثلاثة نحاتين ومصورين في آن واحد، وهم زهير دباغ، الذي يعمل على اللوحة والمنحوتة بالمستوى نفسه، وريم يسوف، التي ترفع الحدود بين التصوير والنحت، ومحمد عمران الذي يمارس التصوير من الجهات الأربع، مثل نحته، وعدد من التجريديين اللبنانيين النخبة.

    ***

    يتبدى في هذه المناسبة الحضور الكثيف والشمولي للصالة القطرية الزاهية "المرخية"، بحيث يغطي انتخابها رموز ازدهار الفن التشكيلي القطري الحديث تمامًا، كما كتبت عنه في "ضفة ثالثة" بانوراميًا (لثلاثة أجيال).
    ليس غريبًا نجاح هذه الصالة النخبوية فقد سطعت نجاحات عروضها وشمولية حيادها في الفترة الأخيرة.
    ودعوني أعرض لكم أسماء الفنانين الثمانية الذين تم تقديمهم من معلمي الجناح القطري الشامل:

    علي حسن... "ن 51" منحوتة من الفولاذ ملونة (2021) (22×60×40 سم) ـ فرج الدهام... "بدون عنوان" تقنية مختلطة على قماش (2004) (60×60 سم)
    يوسف أحمد: قد يكون من أشهر فناني الدوحة، وأشدهم عراقة وثقافة (أستاذ جامعي)، عُرف أسلوبه بمساحات رحبة عملاقة (مثل قياس الفريسك). يتميز بمعرفة تقنية عالية في الاشتقاقات اللونية، وتنوّع الملامس والأنسجة والخامات. يتمسك بالتراث الخطي والبيئي وألوان الوهاد والقلاع والدور الشعبية. يكشف المعرض عمومًا التطوّر الكبير الذي بلغه العارضون من الرواد والمحدثين.

    "يتبدى في هذه المناسبة الحضور الكثيف والشمولي للصالة القطرية الزاهية "المرخية"، بحيث يغطي انتخابها رموز ازدهار الفن التشكيلي القطري الحديث"


    هذا التطور الكبير الذي أصاب خاصة أعمال ابتسام الصفار، فتحولت وجوهها إلى تعبيرية عاطفية حادة أقرب إلى البرفورمانس الذي لا يقبل التعديل.
    علي حسن: يناظر زميله يوسف أحمد في الشهرة والثقافة وتطويع الحروفية، وحتى في تاريخ الولادة (1955م في الدوحة). يتميز علي حسن بأنه في الأساس خطاط مُجيد متدرب على شتى أنواع الخطوط، خاصة النص تعليق. في لوحته المعروضة احتفاء صوفي بحرف "النون" المتناسل من الباء. ليست المرة القدسية الأولى: "ن والقلم وما يسطرون".
    يشغل الاثنان مسؤولية في المؤسسات والمنتديات التشكيلية والجامعية والبحثية، لوحات الأول عملاقة مترامية الأبعاد، بعكس الثاني: لوحات لونية مجهرية بأقلام الباستيل.
    فرج الدهام: تجربة أصيلة ومعرفة نوعية في هارموني الألوان. ينتمي إلى الجيل نفسه (مواليد 1956م)، يوسم بفن اللامرئي، كما نتبين لفترة طويلة أجسادًا تشكيلية تقاربت من التجريد حتى رسا في لوحات العرض على تشكيلات لونية بالغة الرهافة الموسيقية.
    حسن الملا: أكبر العارضين، وينتمي إلى جيل الرائد الأول المرحوم جاسم الزيني. تعانق لوحاته صخبًا لونيًا محببًا ضمن محاولات تجريدية دؤوبة.

    حسن الملا... مستوحاة من الدوحة... أقلام باستيل على ورق (2021) (48×68) ـ شوق المانع... "عقال" منحوتة معدنية (2022)... ارتفاع 70 سم
    سلمان المالك: من مواليد 1958م، وهو الوحيد الذي اهتم بالرسم الصحافي، واختصت صفحاته بتصوير النسوة بملابسهن المحلية، يتوصل في لوحاته إلى دوائر تجريدية متمفصلة تكشف موهبته اللونية النادرة.
    مالك آل ثاني: من المحدثين، ويعتمد أسلوبه على موتيف معزول صغير متوحد ضمن خواء أبيض رحب يتفوق فيه الفراغ على الامتلاء.
    شوق المانع: أصغر العارضين (مواليد عام 1996م)، موهبة متسارعة في النحت المعدني. تبدي منحوتتها توازنًا قلقًا بسبب اعتمادها على النوابض المعدنية التي تحمل دائرة الغترة أو العقال الرمزي المحلي، لكن اختزالها للشكل يتواصل مع المنماليزم الحركي، أو بالأحرى السينيتيك النابض،
    هذا هو شأن التجارب القطريه عمومًا؛ ويبدو العنصر النسائي بالغ الفعالية، ومنه الفنانة الواعدة المشاركة في العرض بثينة مفتاح. وكذلك شأن هاجسه الجمعي: مصالحة البيئة، أو التراث الخطي مع مستقبلية الحداثة المغرقة.

    ***

    أخيرًا، لا بد من استدراك قوة شكيمة الشخصيات اللبنانية ـ السورية الساخرة والتي لا تستنفد تأويلاتها المسرحية المتفجرة بالضحك، كتوليف بين وجه الممثل المسرحي شوشو وشخصية أبو العبد من حي البسطة وأبو عنتر... إلخ، والتي يصورها الفنان رؤوف رفاعي في صالة السيدة نادين فياض، حيث يؤكد انتشار لوحاته خيبة الجمهور من الواقع، ومن الأساليب الجدية التعبيرية.
يعمل...
X