نهج «وادي السيليكون» الاستثماري حل فعال لعلاج السرطانات النادرة
المصدر:
التاريخ: 30 نوفمبر 2023
ت +ت -الحجم الطبيعي
الكاتبة رئيسة سابقة لـ«إمبريال كوليدج لندن»
خلال الوقت الذي قضيته في «إمبريال كوليدج لندن»، وستانفورد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وكلية ليهاي في بنسلفانيا، رأيت التأثير الإيجابي لجهود أعظم الباحثين في العالم، وكيف يمكن أن تحسن هذه الجهود حياة الناس. لكن فوائد هذا العمل تجلت لي بقوة عندما كشف تشخيص عن إصابتي بسرطان البنكرياس في عام 2021.
إن نقص الاستثمار في الأبحاث المتعلقة بهذا المرض أدى إلى معدلات منخفضة صادمة بل مروعة للنجاة. ومن المؤسف أن هناك العديد من أنواع السرطانات الأخرى التي جرى إهمالها، بما في ذلك سرطانات المخ والكبد والمعدة والمريء والرئة.
لذلك، نجد معدلات النجاة منها منخفضة وتقل عن 25 %. كما أنها تعرف بأنها السرطانات ذات فرص النجاة الأقل. وفيما تشكل 20 % من حالات الإصابة بالسرطان في المملكة المتحدة، فإنها تسببت في 40 % من الوفيات.
في كثير من الأحيان ينصرف انتباه الباحثين والممولين إلى مكان آخر. ورغم تحقيق المشاريع الكبيرة والمجموعات البحثية معدلات تقدم هائل في العديد من مجالات السرطان الأخرى، فقد حان الآن الوقت للتركيز على الأنواع المصعبة ذات فرص النجاة الأقل والتي لم يتحقق قفيها بعد أية إنجازات.
الخبر السار هو أن الاستثمار يحدث فارقاً. فقد أدت مضاعفة استثمارات الحكومة، والجهات الممولة للبحوث في مجال سرطان الدم إلى ارتفاع معدلات النجاة إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه في السبعينيات، وهو ما ساهم في تقديم أدوات تشخيصية أفضل وعلاجات مثل العقاقير دقيقة الاستهداف.
وتهدف المملكة المتحدة إلى قيادة العالم في مجالات البحث والتطوير والابتكار. ولتحقيق ذلك يجب علينا معالجة النقص المؤسف في تمويل البحوث والنتائج الضعيفة المتعلقة بأنواع السرطانات ذات فرص النجاة الأقل.
لقد أطلقت الحكومة في مارس خطة «لترسيخ مكانة المملكة المتحدة باعتبارها قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا بحلول عام 2030»، مقترحة «اختبار نماذج مختلفة لتمويل العلوم... والعمل مع شركاء الصناعة والمؤسسات الخيرية لفتح مصادر تمويل جديدة». وقد نجح أحد هذه الاختبارات عندما قدمت الحكومة مبلغاً مماثلاً لتبرع خيري حديث بقيمة 20 مليون دولار أمريكي لبنك المملكة المتحدة الحيوي، وهو قاعدة البيانات الطبية الحيوية الرائدة عالمياً، للمساعدة في ثورة العلوم الوراثية والطب.
من الواضح أن بإمكان هذه الخطة النجاح؛ وما علينا الآن سوى التحرك بسرعة نحو شراكات أخرى للاستفادة من دعم الجهات الخيرية. وهناك قائمة ثرية من الشركاء المحتملين بين العديد من الجهات التي تدعم الجمعيات الخيرية الصغيرة، والتي تلعب دوراً حاسماً في توفير التمويل المبكر للأبحاث الخاصة بأنواع السرطانات ذات فرص النجاة الضعيفة.
وتعزز مرونة هذه الجمعيات الخيرية الاختراعات والابتكارات والمواهب لكن حجمها يجعلها غير قادرة على فعل ذلك بمفردها. لذلك، يتوجب علينا اختبار نماذج تمويل جديدة من خلال بناء شراكات بينها وبين الحكومة.
أحد هذه النماذج الجديدة سيكون اتباع نهج وادي السيليكون، ففي المشاريع الريادية، يتم دعم الأعمال الابتكارية المحفوفة بالمخاطر في مراحلها المبكرة بمبالغ تمويلية صغيرة، معروفة باسم الاستثمار الملائكي. وعندما يكون الكيان جاهزاً للتوسع، يبدأ البحث عن مبالغ أكبر. بالطريقة نفسها، يحتاج توسيع نطاق التمويل للمشاريع البحثية الخيرية الصغيرة إلى التحفيز عن طريق المزيد من الاستثمار.
في المملكة المتحدة يجب أن يأتي هذا الدعم من الحكومة. ويتوجب علينا إنشاء «صندوق النجاة من السرطان» بقيمة 50 مليون جنيه استرليني لبدء نهج من نوع التمويل الاستثماري. وستختار الحكومة والشركاء الأبحاث الواعدة في مرحلة مبكرة بمجال علاج أنواع السرطانات ذات فرص النجاة الأقل، وسيسرع الاستثمار الحصول على النتائج. وعلى عكس الاستثمار الملائكي بوادي السيليكون، فلن تتم مكافأة الجهات الخيرية المانحة بعائدات مادية، بل من خلال تحقيق التقدم البحثي والوصول إلى نتائج صحية أفضل للمرضى.
ثمة ابتكارات جاهزة وتحتاج للاستثمار للتوسع. فعلى سبيل المثال، طور البروفيسور جورج هانا في «لندن إمبريال كوليدج»، بفضل الدعم المقدم من مؤسسة سرطان البنكرياس في المملكة المتحدة وغيرها، منهجاً جديداً ومثيراً ومنخفض التكلفة للفحص المبكر لسرطان البنكرياس من خلال اختبار تنفس بسيط يمكن أن يحسن النتائج الصحية بشكلٍ هائل. ويعد نهج الاستجابة السريعة والريادي ضرورياً لتسريع مثل هذه الاكتشافات في مجال علاج أنواع السرطانات ذات فرص النجاة الأقل.
وهكذا، بإمكاننا تغيير نتائج هذه السرطانات الأشد فتكاً. لكن يتوجب علينا التحرك الآن.
المصدر:
- آليس جاست
التاريخ: 30 نوفمبر 2023
ت +ت -الحجم الطبيعي
الكاتبة رئيسة سابقة لـ«إمبريال كوليدج لندن»
خلال الوقت الذي قضيته في «إمبريال كوليدج لندن»، وستانفورد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وكلية ليهاي في بنسلفانيا، رأيت التأثير الإيجابي لجهود أعظم الباحثين في العالم، وكيف يمكن أن تحسن هذه الجهود حياة الناس. لكن فوائد هذا العمل تجلت لي بقوة عندما كشف تشخيص عن إصابتي بسرطان البنكرياس في عام 2021.
إن نقص الاستثمار في الأبحاث المتعلقة بهذا المرض أدى إلى معدلات منخفضة صادمة بل مروعة للنجاة. ومن المؤسف أن هناك العديد من أنواع السرطانات الأخرى التي جرى إهمالها، بما في ذلك سرطانات المخ والكبد والمعدة والمريء والرئة.
لذلك، نجد معدلات النجاة منها منخفضة وتقل عن 25 %. كما أنها تعرف بأنها السرطانات ذات فرص النجاة الأقل. وفيما تشكل 20 % من حالات الإصابة بالسرطان في المملكة المتحدة، فإنها تسببت في 40 % من الوفيات.
في كثير من الأحيان ينصرف انتباه الباحثين والممولين إلى مكان آخر. ورغم تحقيق المشاريع الكبيرة والمجموعات البحثية معدلات تقدم هائل في العديد من مجالات السرطان الأخرى، فقد حان الآن الوقت للتركيز على الأنواع المصعبة ذات فرص النجاة الأقل والتي لم يتحقق قفيها بعد أية إنجازات.
الخبر السار هو أن الاستثمار يحدث فارقاً. فقد أدت مضاعفة استثمارات الحكومة، والجهات الممولة للبحوث في مجال سرطان الدم إلى ارتفاع معدلات النجاة إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه في السبعينيات، وهو ما ساهم في تقديم أدوات تشخيصية أفضل وعلاجات مثل العقاقير دقيقة الاستهداف.
وتهدف المملكة المتحدة إلى قيادة العالم في مجالات البحث والتطوير والابتكار. ولتحقيق ذلك يجب علينا معالجة النقص المؤسف في تمويل البحوث والنتائج الضعيفة المتعلقة بأنواع السرطانات ذات فرص النجاة الأقل.
لقد أطلقت الحكومة في مارس خطة «لترسيخ مكانة المملكة المتحدة باعتبارها قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا بحلول عام 2030»، مقترحة «اختبار نماذج مختلفة لتمويل العلوم... والعمل مع شركاء الصناعة والمؤسسات الخيرية لفتح مصادر تمويل جديدة». وقد نجح أحد هذه الاختبارات عندما قدمت الحكومة مبلغاً مماثلاً لتبرع خيري حديث بقيمة 20 مليون دولار أمريكي لبنك المملكة المتحدة الحيوي، وهو قاعدة البيانات الطبية الحيوية الرائدة عالمياً، للمساعدة في ثورة العلوم الوراثية والطب.
من الواضح أن بإمكان هذه الخطة النجاح؛ وما علينا الآن سوى التحرك بسرعة نحو شراكات أخرى للاستفادة من دعم الجهات الخيرية. وهناك قائمة ثرية من الشركاء المحتملين بين العديد من الجهات التي تدعم الجمعيات الخيرية الصغيرة، والتي تلعب دوراً حاسماً في توفير التمويل المبكر للأبحاث الخاصة بأنواع السرطانات ذات فرص النجاة الضعيفة.
وتعزز مرونة هذه الجمعيات الخيرية الاختراعات والابتكارات والمواهب لكن حجمها يجعلها غير قادرة على فعل ذلك بمفردها. لذلك، يتوجب علينا اختبار نماذج تمويل جديدة من خلال بناء شراكات بينها وبين الحكومة.
أحد هذه النماذج الجديدة سيكون اتباع نهج وادي السيليكون، ففي المشاريع الريادية، يتم دعم الأعمال الابتكارية المحفوفة بالمخاطر في مراحلها المبكرة بمبالغ تمويلية صغيرة، معروفة باسم الاستثمار الملائكي. وعندما يكون الكيان جاهزاً للتوسع، يبدأ البحث عن مبالغ أكبر. بالطريقة نفسها، يحتاج توسيع نطاق التمويل للمشاريع البحثية الخيرية الصغيرة إلى التحفيز عن طريق المزيد من الاستثمار.
في المملكة المتحدة يجب أن يأتي هذا الدعم من الحكومة. ويتوجب علينا إنشاء «صندوق النجاة من السرطان» بقيمة 50 مليون جنيه استرليني لبدء نهج من نوع التمويل الاستثماري. وستختار الحكومة والشركاء الأبحاث الواعدة في مرحلة مبكرة بمجال علاج أنواع السرطانات ذات فرص النجاة الأقل، وسيسرع الاستثمار الحصول على النتائج. وعلى عكس الاستثمار الملائكي بوادي السيليكون، فلن تتم مكافأة الجهات الخيرية المانحة بعائدات مادية، بل من خلال تحقيق التقدم البحثي والوصول إلى نتائج صحية أفضل للمرضى.
ثمة ابتكارات جاهزة وتحتاج للاستثمار للتوسع. فعلى سبيل المثال، طور البروفيسور جورج هانا في «لندن إمبريال كوليدج»، بفضل الدعم المقدم من مؤسسة سرطان البنكرياس في المملكة المتحدة وغيرها، منهجاً جديداً ومثيراً ومنخفض التكلفة للفحص المبكر لسرطان البنكرياس من خلال اختبار تنفس بسيط يمكن أن يحسن النتائج الصحية بشكلٍ هائل. ويعد نهج الاستجابة السريعة والريادي ضرورياً لتسريع مثل هذه الاكتشافات في مجال علاج أنواع السرطانات ذات فرص النجاة الأقل.
وهكذا، بإمكاننا تغيير نتائج هذه السرطانات الأشد فتكاً. لكن يتوجب علينا التحرك الآن.