قَصْبِجي (ألكسندر ـ)
(1848 ـ 1893)
ألكسندر قصبجي Alexandre Qasbegi روائي وكاتب مسرحي من جورجيا، ولد في بلدة قصبجي وتوفي في مدينة تيفليس (تبليسي) Tiflis، وهو يتحدر من أسرة أرستقراطية ريفية. بعد حصوله على الشهادة الثانوية في مسقط رأسه توجه إلى موسكو، حيث درس العلوم الزراعية بين 1866ـ1870، انتقل بعدها إلى منطقة القوقاز حيث اشتغل راعياً مع سكان الجبال، فتشرب أسلوب حياتهم وعاداتهم وتفكيرهم، وجمع مادة غزيرة لأعماله الأدبية. وبعد سبع سنوات انتقل إلى تيفليس ليشارك في تحرير القسم الثقافي من جريدة «درويبا» Droeba. وبعد قرابة العامين بدأ العمل مشرفاً درامياً dramaturg في مؤسسة المسرح الجورجي في تيفليس.
يُعد قصبجي الكاتب الواقعي الأكثر التزاماً على الصعيدين السياسي والاجتماعي، متابعاً تقاليد عمل الجماعة الأدبية «تِرغْدالويلي» Tergdaleuli من أجل السيادة الوطنية القومية والخلاص من حكم الوصاية، أياً كان نوعها. إلا أن عدم قدرته على التأقلم مع تطورات أسلوب المعيشة والتغيرات الفكرية والجمالية أدى إلى انعزاله بتدرج سريع عن محيطه حتى فقد توازنه العقلي ومات مجنوناً في أحد مشافي تيفليس.
دخل قصبجي معترك الساحة الأدبية الجورجية منذ عام 1880 بنشره عدداً من القصص والمسرحيات والمقالات، ولاسيما ذات الطابع التاريخي؛ بغرض الإسقاط على الواقع الراهن الذي ابتغى الكاتب تعريته من زيفه وادعائه؛ فقدم في أعماله صوراً غنية عن حياة سكان الجبال بمآسيها وأفراحها، محبذاً الوحدة الوطنية والاستقلال القومي المؤسس على مثال أخلاقي. وقد وجد هذا المثال في نموذج تعايش فلاحي الجبال من حيث التماسك الأسروي والعشائري حفاظاً على قوام الجماعة التي يندمج فيها الفرد كلياً، إيثاراً للمصلحة العامة. وهذا في رأيه مايشكل قوة الشعب الجورجي.
وفي أعماله الرئيسية مثل رواية «إلغودجا» (1881) Elgudza ومجموعة أقاصيص «إليسو» (1882) Eliso ورواية «قاتلة الأب» (1883) Mamis mkwleli ورواية «زعيم القبيلة غوتشا» (1884) Ghewisberi Gotsha صور قصبجي انحلال النظام الاجتماعي الأبوي في ظروف صعود الرأسمالية والاضطهاد الاستعماري وبيَّن في مصائر أبطاله المأسوية التأثيرات المدمرة لذلك على العلاقات مابين البشر.
يصور الكاتب في رواية «إلغودجا» قصة حب الشاب إلغودجا الفتاة الشركسية الجميلة مزاغو Mzago التي اختطفها جنود القيصر الروسي واغتصبها قائدهم. ينقذها إلغودجا ويهرب بها إلى الجبال فيطارده الجنود ويجرحونه، لكن فلاحي الجبل يخبئونه ويضمدون جراحه حتى يشفى ويستقر مع حبيبته في مغار بعيد عن الأنظار، ثم ينضم إلى المتمردين الجورجيين الذين يناضلون من أجل تحرير وطنهم من الاستعمار الروسي حتى يسقط في أحد المعارك شهيد الحب والوطن. وقد مزج الكاتب في روايته ببراعة بين مصير الفرد ومصير الوطن، مضمّناً السرد مشاهد تفصيلية عن المطاردات والمعارك في نسيج فني متقن. حينما صدرت الرواية في قسمين في إحدى المجلات الأدبية الدورية، اختصرت الرقابة الروسية أجزاء كثيرة منها، أما حينما صدرت طبعتها الأولى في كتاب فقد صادرته السلطات بصورة نهائية.
أما رواية «قاتلة الأب»، التي رفعت كاتبها إلى مصاف كبار الروائيين الأوربيين فنياً، فهي ذات بنية معقدة في نسيج متعدد المستويات، وأسلوب لغوي متميز يستنطق الشخصية من حيث منبتها الاجتماعي ومستواها الثقافي، حيث لاتكون اللغة بوقاً فكرياً للمؤلف ولا وسيلة جمالية تزيينية في يده، علماً أن الموضوع سياسي اجتماعي بامتياز، مبني على حكاية رومنسية مأسوية. تسرد الرواية قصة ابنة زعيم القبيلة التي تحب راعياً جبلياً يرفضه الأب، في حين يعشقها الشرطي الجورجي الذي يتحكم بمقدرات القرية باسم السلطة الروسية. وقد أدى رفضها له وغيرته المفرطة عليها إلى أن قتل والدها واتهمها بالجريمة زاعماً أنها تخلصت من أبيها لتلحق بحبيبها، وأصر على محاكمتها وإدانتها وتنفيذ الحكم بها، من دون أن يتمكن أحد، مهما كانت صفته، من التدخل لإنقاذها. نتيجة لهذه الجريمة الفاضحة بحق العدالة والشرف يلتحق شباب المنطقة بالمتمردين، بمن فيهم حبيبها الراعي وصديقه المقرب. والجديد في موضوعة النضال الوطني أن الهدف ليس تحقيق الحرية بطرد المحتلين الروس وحسب، بل محاربة كل من تعاون معهم بدءاً من الإقطاعيين وانتهاءً بأفراد الشرطة المحلية، والجديد أيضاً هو انقلاب الشعور الوطني إلى حقد أعمى؛ إذ حينما يُقتل الراعي في إحدى المعارك ضد الروس يصبح صديقه كتلة من الحقد تحصد كل من تجده في طريقها من الروس بغض النظر عما إذا كان الروسي مذنباً أم بريئاً.
ق ل أ
(1848 ـ 1893)
ألكسندر قصبجي Alexandre Qasbegi روائي وكاتب مسرحي من جورجيا، ولد في بلدة قصبجي وتوفي في مدينة تيفليس (تبليسي) Tiflis، وهو يتحدر من أسرة أرستقراطية ريفية. بعد حصوله على الشهادة الثانوية في مسقط رأسه توجه إلى موسكو، حيث درس العلوم الزراعية بين 1866ـ1870، انتقل بعدها إلى منطقة القوقاز حيث اشتغل راعياً مع سكان الجبال، فتشرب أسلوب حياتهم وعاداتهم وتفكيرهم، وجمع مادة غزيرة لأعماله الأدبية. وبعد سبع سنوات انتقل إلى تيفليس ليشارك في تحرير القسم الثقافي من جريدة «درويبا» Droeba. وبعد قرابة العامين بدأ العمل مشرفاً درامياً dramaturg في مؤسسة المسرح الجورجي في تيفليس.
يُعد قصبجي الكاتب الواقعي الأكثر التزاماً على الصعيدين السياسي والاجتماعي، متابعاً تقاليد عمل الجماعة الأدبية «تِرغْدالويلي» Tergdaleuli من أجل السيادة الوطنية القومية والخلاص من حكم الوصاية، أياً كان نوعها. إلا أن عدم قدرته على التأقلم مع تطورات أسلوب المعيشة والتغيرات الفكرية والجمالية أدى إلى انعزاله بتدرج سريع عن محيطه حتى فقد توازنه العقلي ومات مجنوناً في أحد مشافي تيفليس.
دخل قصبجي معترك الساحة الأدبية الجورجية منذ عام 1880 بنشره عدداً من القصص والمسرحيات والمقالات، ولاسيما ذات الطابع التاريخي؛ بغرض الإسقاط على الواقع الراهن الذي ابتغى الكاتب تعريته من زيفه وادعائه؛ فقدم في أعماله صوراً غنية عن حياة سكان الجبال بمآسيها وأفراحها، محبذاً الوحدة الوطنية والاستقلال القومي المؤسس على مثال أخلاقي. وقد وجد هذا المثال في نموذج تعايش فلاحي الجبال من حيث التماسك الأسروي والعشائري حفاظاً على قوام الجماعة التي يندمج فيها الفرد كلياً، إيثاراً للمصلحة العامة. وهذا في رأيه مايشكل قوة الشعب الجورجي.
وفي أعماله الرئيسية مثل رواية «إلغودجا» (1881) Elgudza ومجموعة أقاصيص «إليسو» (1882) Eliso ورواية «قاتلة الأب» (1883) Mamis mkwleli ورواية «زعيم القبيلة غوتشا» (1884) Ghewisberi Gotsha صور قصبجي انحلال النظام الاجتماعي الأبوي في ظروف صعود الرأسمالية والاضطهاد الاستعماري وبيَّن في مصائر أبطاله المأسوية التأثيرات المدمرة لذلك على العلاقات مابين البشر.
يصور الكاتب في رواية «إلغودجا» قصة حب الشاب إلغودجا الفتاة الشركسية الجميلة مزاغو Mzago التي اختطفها جنود القيصر الروسي واغتصبها قائدهم. ينقذها إلغودجا ويهرب بها إلى الجبال فيطارده الجنود ويجرحونه، لكن فلاحي الجبل يخبئونه ويضمدون جراحه حتى يشفى ويستقر مع حبيبته في مغار بعيد عن الأنظار، ثم ينضم إلى المتمردين الجورجيين الذين يناضلون من أجل تحرير وطنهم من الاستعمار الروسي حتى يسقط في أحد المعارك شهيد الحب والوطن. وقد مزج الكاتب في روايته ببراعة بين مصير الفرد ومصير الوطن، مضمّناً السرد مشاهد تفصيلية عن المطاردات والمعارك في نسيج فني متقن. حينما صدرت الرواية في قسمين في إحدى المجلات الأدبية الدورية، اختصرت الرقابة الروسية أجزاء كثيرة منها، أما حينما صدرت طبعتها الأولى في كتاب فقد صادرته السلطات بصورة نهائية.
أما رواية «قاتلة الأب»، التي رفعت كاتبها إلى مصاف كبار الروائيين الأوربيين فنياً، فهي ذات بنية معقدة في نسيج متعدد المستويات، وأسلوب لغوي متميز يستنطق الشخصية من حيث منبتها الاجتماعي ومستواها الثقافي، حيث لاتكون اللغة بوقاً فكرياً للمؤلف ولا وسيلة جمالية تزيينية في يده، علماً أن الموضوع سياسي اجتماعي بامتياز، مبني على حكاية رومنسية مأسوية. تسرد الرواية قصة ابنة زعيم القبيلة التي تحب راعياً جبلياً يرفضه الأب، في حين يعشقها الشرطي الجورجي الذي يتحكم بمقدرات القرية باسم السلطة الروسية. وقد أدى رفضها له وغيرته المفرطة عليها إلى أن قتل والدها واتهمها بالجريمة زاعماً أنها تخلصت من أبيها لتلحق بحبيبها، وأصر على محاكمتها وإدانتها وتنفيذ الحكم بها، من دون أن يتمكن أحد، مهما كانت صفته، من التدخل لإنقاذها. نتيجة لهذه الجريمة الفاضحة بحق العدالة والشرف يلتحق شباب المنطقة بالمتمردين، بمن فيهم حبيبها الراعي وصديقه المقرب. والجديد في موضوعة النضال الوطني أن الهدف ليس تحقيق الحرية بطرد المحتلين الروس وحسب، بل محاربة كل من تعاون معهم بدءاً من الإقطاعيين وانتهاءً بأفراد الشرطة المحلية، والجديد أيضاً هو انقلاب الشعور الوطني إلى حقد أعمى؛ إذ حينما يُقتل الراعي في إحدى المعارك ضد الروس يصبح صديقه كتلة من الحقد تحصد كل من تجده في طريقها من الروس بغض النظر عما إذا كان الروسي مذنباً أم بريئاً.
ق ل أ