ظاهرة الإخفاء القسري في ليبيا: الميليشيات واجهة لجهات رسمية
تجاوزات عديدة دون تحرك حكومي فعال لمواجهتها.
الأحد 2023/12/03
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نفوذ الميليشيات في تصاعد
رغم مرور أكثر من عشر سنوات على ثورة فبراير، لا شيء تغير في ليبيا، فما تزال الميليشيات المسلحة تدير المشهد من وراء الستار، ويظهر تأثيرها من خلال ظاهرة الإخفاء القسري الذي يطول منتقدي السلطة في الغرب والشرق من صحافيين ونشطاء حقوقيين.
لا تزال الميليشيات والجماعات المسلحة وشبكات الجريمة المنظمة في ليبيا تمارس جرائم الاختطاف بشكل مستمر من دون أيّ رادع، في ما أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة على ضرورة إنهاء كافة حالات الإخفاء القسري، وعرض كافة التحقيقات على النيابة العامة، والانتهاء من التحقيقات وفق جدول زمني محدد.
واستنكر حزب التجمع الوطني الليبي اختطاف أمينه العام من قبل جهاز الأمن الداخلي في العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن الحادثة ترسل إشارات خطرة على حرية وكرامة وحقوق الوطن والمواطن.
وقال الحزب في بيان “في خطوة تعد انتهاكا لأبسط حقوق الإنسان وللأعراف والقوانين والتشريعات قام جهاز الأمن الداخلي في العاصمة طرابلس باعتقال الأمين العام للتجمع الوطني الليبي ورئيس الجمعية الوطنية للمتفوقين والمواهب الدكتور عبدالقادر اللموشي على خلفية مشاركته في اجتماع في جامعة طرابلس يتعلق بحراك أعضاء هيئة التدريس الجامعي للمطالبة بحقوقهم المهدورة بصفته نائبا لرئيس الحراك”.
ورأى الحزب أن هذا التصرف يستهدف ترسيخ ثقافة الخوف والرعب في نفوس القوى السياسية والاجتماعية والمدنية بأساليب لا تليق بمؤسسة من مؤسسات الدولة التي تحترم كرامة مواطنيها وحقوقهم، وفق نص البيان.
واتهم موظفو مصرف الجمهورية آمر هيئة أمن المرافق والمنشآت أسامة طليش باختطاف مدير إدارة فروع طرابلس كمال المزوغي. وأكدوا أن اختطاف المزوغي وتغييبه قسريا هو جزء من محاولة للسطو على حسابات مصرفية تقدر قيمتها بأكثر من 300 مليون دينار، تتبع شركة التطوير والاستثمار العقاري والسياحي المملوكة للدولة الليبية.
وقبل ذلك، تعرض النقيب العام للتعليم الجامعي في ليبيا، عبدالفتاح السايح للاختطاف من مقر النقابة العامة في العاصمة طرابلس، وذلك بعد مشادات في اجتماعه مع رئيس الحكومة، ووزير التعليم العالي وآخرين حول أزمة المدرسين الجامعيين.
وكانت منظمة “رصد الجرائم في ليبيا” أدانت ما وصفته بـ”استمرار حوادث الخطف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي دون إذن قضائي”، محمّلة السلطات الليبية “المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات”.
◙ استمرار حوادث الخطف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي دون إذن قضائي
ودعت النائب العام الليبي إلى “التحقيق في هذه الانتهاكات للعمل على تقديم المسؤولين عنها للعدالة”، مطالبة السلطات بـ“الكشف عن مصير المختطفين والمعتقلين تعسفًا وإخلاء سبيلهم دون قيد أو شرط”، و”تحمّل المسؤولية في إنقاذ أرواح المهاجرين على طول طرق الهجرة وفي البحر”.
ويشير المراقبون إلى أن ظاهرة الاختطاف والإخفاء القسري لا تزال منتشرة في البلاد، وهي وإن كانت تقوم بها جماعات مسلحة، إلا أنها عادة ما تجري بأمر من السلطات الرسمية أو بموافقتها، لاسيما أن الجهات النافذة في شرق وغرب البلاد، لا تزال تعتمد على جماعات تنش من خارج إطار سلطة الدولة.
وأوضح مسؤول الشأن الليبي في منظمة العفو الدولية بسام القنطار أن العديد من النشطاء والصحافيين تعرضوا لاختطاف أو الاحتجاز التعسفي والتهديد من قِبل ميليشيات في ليبيا بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وأشار القنطار في تصريحات صحفية إلى أن الميليشيات في الغرب الليبي استمرت في محاولة إسكات الإعلام المستقل من خلال القبض على الصحافيين وفرض رقابة على وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، لافتا إلى أن قوات قائد الجيش خليفة حفتر فرضت قيودا غير مبررة على وسائل الإعلام خلال أزمة درنة.
وفي أواخر أغسطس الماضي، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن تضامنها مع عدد لا حصر له من ضحايا الاختفاء القسري والمفقودين، داعية السلطات المعنية لمعالجة هذه الظاهرة كجزء من عملية مصالحة وطنية تقوم على الحقوق، وتؤكد حق العائلات في معرفة مصير أحبائها والعدالة الحقة.
وأشارت البعثة إلى أنها وثّقت حالات اختفاء لمن يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون إضافة إلى نشطاء سياسيين من النساء والرجال ومدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء في البرلمان ومحامين وقضاة فضلا عن مهاجرين وطالبي لجوء، في ما بقي مكان وجود الآلاف من النساء والرجال والأطفال غير معروف على مر السنين.
ولفتت البعثة الانتباه إلى أهمية التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري وتقديم الجناة إلى العدالة، داعية الليبيين إلى اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2010.
◙ ظاهرة الإخفاء لا تزال منتشرة، وهي وإن كانت تقوم بها جماعات مسلحة، إلا أنها عادة ما تجري بأمر من السلطات
وعقد بمكتب النائب العام الليبي اجتماع موسع لمتابعة الأوضاع القانونية والمعيشية للموقوفين داخل السجون، بحضور النائب العام المستشار الصديق الصور، ورئيس حكومة الوحدة، ووزيرة العدل حليمة إبراهيم إلى جانب وكيل وزارة الداخلية لشؤون المديريات بشير الأمين، ورئيس جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبدالرؤوف كارة، ووزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء عادل جمعة، وعددٍ من وكلاء النيابة ذوي الاختصاص.
وقال المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة في بيان أن النائب العام قدم للمجتمعين موقفا حول دور النيابات العامة في متابعة تنفيذ المحاضر المحالة من مراكز الشرطة والأجهزة الأمنية، وتفعيل دورها بالشكل الذي يسهم في إرساء مبادئ القانون.
ودعا الدبيبة خلال الاجتماع إلى إنهاء كافة حالات الإخفاء القسري من أيّ جهة كانت، وضرورة عرض كافة التحقيقات على النيابة العامة، والانتهاء من التحقيقات وفق جدول زمني محدد، وطلب من وزارة العدل تطوير السجون وصيانتها وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لكافة الموقوفين، والسيارات المناسبة لنقلهم.
بدورها، قدمت وزيرة العدل شرحا تفصيليا حول الموقوفين بكافة السجون الليبية الذين يتجاوز عددهم 20 ألف موقوف يتمتعون بظروف جيدة، مؤكدة أن العمل مستمر من أجل تحسين الظروف العامة للسجون، وأن جميع الموقوفين يعرضون على النيابة والمحكمة وفق جلساتهم، ولا توجد حالات موقوفة دون إجراءات قانونية تجاهها.
لكن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا أحمد حمزة فند ما قالته وزيرة العدل بأن أوضاع السجناء والسجون جيدة وأنه لا يوجد سجين بها خارج إطار القانون والجميع يعرضون على النيابة العامة والجلسات في المحاكم، مردفا “أود أن أعقّب على هذا التضليل والافتراء المتعمد، فقد سجلنا فقط خلال هذا العام 15 حالة عدم عرض على النيابة العامة لسجناء بأحد مؤسسات الإصلاح والتأهيل التابعة لوزارتها وعدد 10 أوامر إفراج صادرة عن النيابة العامة ومحاكم تقضي بالإفراج عن سجناء وموقوفين ولم يتم تنفيذها بعد وهو ما يمثل عدم التزام وامتثال عدد من مؤسسات الإصلاح التابعة لها بالأحكام والأوامر القضائية الصادرة”.
وربطت أوساط بين الاجتماع الذي انعقد في مكتب النائب العام والتقرير السادس والعشرين الصادر مؤخرا عن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والذي قال إنه تم جمع أكثر من 20 فحصا مبدئيا وإفادة شهود، بالإضافة إلى السجلات الطبية والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو المتعلقة بأدلة ارتكاب جرائم في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا تحت مسؤولية العديد من الجماعات والسلطات المختلفة، معتبرا أن معالجة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الليبيين وغير الليبيين في مراكز الاحتجاز في ليبيا لا تزال تمثل أولوية للمكتب.
وأشار المكتب إلى التقرير الأخير لبعثة تقصي الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، بما في ذلك عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاختفاء، مؤكدا في الوقت نفسه استمرار تركيزه على ضمان المساءلة عن مثل هذه الجرائم في ليبيا.
◙ الميليشيات استمرت في محاولة إسكات الإعلام المستقل من خلال القبض على الصحافيين وفرض رقابة على وسائل الإعلام
وأجرى فريق مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أكثر من خمس عشرة مهمة في ثلاث مناطق ليبية، وجمع أكثر من أربعة آلاف عنصر من الأدلة.
وتضمنت الانتهاكات وفق مكتب المدعي العام “الحرمان غير القانوني وطويل الأمد من الحرية وغالبًا بمعزل عن العالم الخارجي، وهو ما يرقى إلى حالات الاختفاء القسري، والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، وقتل المعتقلين تحت التعذيب، وفي بعض الحالات عمليات القتل تتم بأسلوب الإعدام وهي ترقى إلى الإعدام خارج نطاق القضاء”.
وأشار التقرير إلى أن المكتب سرع تعاونه مع السلطات، عملا بمبدأ التكامل، ووضع اللمسات الأخيرة على الإسهام الفعال في التحقيقات التي تجريها وكالات إنفاذ القانون المحلية في 6 دول أطراف في الجرائم الدولية المرتكبة في ليبيا، إلى جانب مواصلة التعاون الوثيق مع السلطات الوطنية، بما في ذلك ضمن الفريق المشترك المعني بالجرائم التي تمس المهاجرين.
وبحسب بعثة الأمم المتحدة، فإنه لا حصر لعدد ضحايا الاختفاء القسري، والمفقودين في ليبيا، وأكدت في مناسبات عدة أن الاختفاء القسري لأيّ شخص حتى لو تم الإفراج عنه يعد انتهاكاً خطراً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية”.
ودعت البعثة السلطات المعنية لمعالجة حالات الاختفاء القسري كجزء من عملية مصالحة وطنية.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الحبيب الأسود
كاتب تونسي
تجاوزات عديدة دون تحرك حكومي فعال لمواجهتها.
الأحد 2023/12/03
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نفوذ الميليشيات في تصاعد
رغم مرور أكثر من عشر سنوات على ثورة فبراير، لا شيء تغير في ليبيا، فما تزال الميليشيات المسلحة تدير المشهد من وراء الستار، ويظهر تأثيرها من خلال ظاهرة الإخفاء القسري الذي يطول منتقدي السلطة في الغرب والشرق من صحافيين ونشطاء حقوقيين.
لا تزال الميليشيات والجماعات المسلحة وشبكات الجريمة المنظمة في ليبيا تمارس جرائم الاختطاف بشكل مستمر من دون أيّ رادع، في ما أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة على ضرورة إنهاء كافة حالات الإخفاء القسري، وعرض كافة التحقيقات على النيابة العامة، والانتهاء من التحقيقات وفق جدول زمني محدد.
واستنكر حزب التجمع الوطني الليبي اختطاف أمينه العام من قبل جهاز الأمن الداخلي في العاصمة طرابلس، مشيرا إلى أن الحادثة ترسل إشارات خطرة على حرية وكرامة وحقوق الوطن والمواطن.
وقال الحزب في بيان “في خطوة تعد انتهاكا لأبسط حقوق الإنسان وللأعراف والقوانين والتشريعات قام جهاز الأمن الداخلي في العاصمة طرابلس باعتقال الأمين العام للتجمع الوطني الليبي ورئيس الجمعية الوطنية للمتفوقين والمواهب الدكتور عبدالقادر اللموشي على خلفية مشاركته في اجتماع في جامعة طرابلس يتعلق بحراك أعضاء هيئة التدريس الجامعي للمطالبة بحقوقهم المهدورة بصفته نائبا لرئيس الحراك”.
ورأى الحزب أن هذا التصرف يستهدف ترسيخ ثقافة الخوف والرعب في نفوس القوى السياسية والاجتماعية والمدنية بأساليب لا تليق بمؤسسة من مؤسسات الدولة التي تحترم كرامة مواطنيها وحقوقهم، وفق نص البيان.
واتهم موظفو مصرف الجمهورية آمر هيئة أمن المرافق والمنشآت أسامة طليش باختطاف مدير إدارة فروع طرابلس كمال المزوغي. وأكدوا أن اختطاف المزوغي وتغييبه قسريا هو جزء من محاولة للسطو على حسابات مصرفية تقدر قيمتها بأكثر من 300 مليون دينار، تتبع شركة التطوير والاستثمار العقاري والسياحي المملوكة للدولة الليبية.
وقبل ذلك، تعرض النقيب العام للتعليم الجامعي في ليبيا، عبدالفتاح السايح للاختطاف من مقر النقابة العامة في العاصمة طرابلس، وذلك بعد مشادات في اجتماعه مع رئيس الحكومة، ووزير التعليم العالي وآخرين حول أزمة المدرسين الجامعيين.
وكانت منظمة “رصد الجرائم في ليبيا” أدانت ما وصفته بـ”استمرار حوادث الخطف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي دون إذن قضائي”، محمّلة السلطات الليبية “المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات”.
◙ استمرار حوادث الخطف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي دون إذن قضائي
ودعت النائب العام الليبي إلى “التحقيق في هذه الانتهاكات للعمل على تقديم المسؤولين عنها للعدالة”، مطالبة السلطات بـ“الكشف عن مصير المختطفين والمعتقلين تعسفًا وإخلاء سبيلهم دون قيد أو شرط”، و”تحمّل المسؤولية في إنقاذ أرواح المهاجرين على طول طرق الهجرة وفي البحر”.
ويشير المراقبون إلى أن ظاهرة الاختطاف والإخفاء القسري لا تزال منتشرة في البلاد، وهي وإن كانت تقوم بها جماعات مسلحة، إلا أنها عادة ما تجري بأمر من السلطات الرسمية أو بموافقتها، لاسيما أن الجهات النافذة في شرق وغرب البلاد، لا تزال تعتمد على جماعات تنش من خارج إطار سلطة الدولة.
وأوضح مسؤول الشأن الليبي في منظمة العفو الدولية بسام القنطار أن العديد من النشطاء والصحافيين تعرضوا لاختطاف أو الاحتجاز التعسفي والتهديد من قِبل ميليشيات في ليبيا بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.
وأشار القنطار في تصريحات صحفية إلى أن الميليشيات في الغرب الليبي استمرت في محاولة إسكات الإعلام المستقل من خلال القبض على الصحافيين وفرض رقابة على وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، لافتا إلى أن قوات قائد الجيش خليفة حفتر فرضت قيودا غير مبررة على وسائل الإعلام خلال أزمة درنة.
وفي أواخر أغسطس الماضي، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن تضامنها مع عدد لا حصر له من ضحايا الاختفاء القسري والمفقودين، داعية السلطات المعنية لمعالجة هذه الظاهرة كجزء من عملية مصالحة وطنية تقوم على الحقوق، وتؤكد حق العائلات في معرفة مصير أحبائها والعدالة الحقة.
وأشارت البعثة إلى أنها وثّقت حالات اختفاء لمن يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون إضافة إلى نشطاء سياسيين من النساء والرجال ومدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء في البرلمان ومحامين وقضاة فضلا عن مهاجرين وطالبي لجوء، في ما بقي مكان وجود الآلاف من النساء والرجال والأطفال غير معروف على مر السنين.
ولفتت البعثة الانتباه إلى أهمية التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري وتقديم الجناة إلى العدالة، داعية الليبيين إلى اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2010.
◙ ظاهرة الإخفاء لا تزال منتشرة، وهي وإن كانت تقوم بها جماعات مسلحة، إلا أنها عادة ما تجري بأمر من السلطات
وعقد بمكتب النائب العام الليبي اجتماع موسع لمتابعة الأوضاع القانونية والمعيشية للموقوفين داخل السجون، بحضور النائب العام المستشار الصديق الصور، ورئيس حكومة الوحدة، ووزيرة العدل حليمة إبراهيم إلى جانب وكيل وزارة الداخلية لشؤون المديريات بشير الأمين، ورئيس جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عبدالرؤوف كارة، ووزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة ومجلس الوزراء عادل جمعة، وعددٍ من وكلاء النيابة ذوي الاختصاص.
وقال المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة في بيان أن النائب العام قدم للمجتمعين موقفا حول دور النيابات العامة في متابعة تنفيذ المحاضر المحالة من مراكز الشرطة والأجهزة الأمنية، وتفعيل دورها بالشكل الذي يسهم في إرساء مبادئ القانون.
ودعا الدبيبة خلال الاجتماع إلى إنهاء كافة حالات الإخفاء القسري من أيّ جهة كانت، وضرورة عرض كافة التحقيقات على النيابة العامة، والانتهاء من التحقيقات وفق جدول زمني محدد، وطلب من وزارة العدل تطوير السجون وصيانتها وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لكافة الموقوفين، والسيارات المناسبة لنقلهم.
بدورها، قدمت وزيرة العدل شرحا تفصيليا حول الموقوفين بكافة السجون الليبية الذين يتجاوز عددهم 20 ألف موقوف يتمتعون بظروف جيدة، مؤكدة أن العمل مستمر من أجل تحسين الظروف العامة للسجون، وأن جميع الموقوفين يعرضون على النيابة والمحكمة وفق جلساتهم، ولا توجد حالات موقوفة دون إجراءات قانونية تجاهها.
لكن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا أحمد حمزة فند ما قالته وزيرة العدل بأن أوضاع السجناء والسجون جيدة وأنه لا يوجد سجين بها خارج إطار القانون والجميع يعرضون على النيابة العامة والجلسات في المحاكم، مردفا “أود أن أعقّب على هذا التضليل والافتراء المتعمد، فقد سجلنا فقط خلال هذا العام 15 حالة عدم عرض على النيابة العامة لسجناء بأحد مؤسسات الإصلاح والتأهيل التابعة لوزارتها وعدد 10 أوامر إفراج صادرة عن النيابة العامة ومحاكم تقضي بالإفراج عن سجناء وموقوفين ولم يتم تنفيذها بعد وهو ما يمثل عدم التزام وامتثال عدد من مؤسسات الإصلاح التابعة لها بالأحكام والأوامر القضائية الصادرة”.
وربطت أوساط بين الاجتماع الذي انعقد في مكتب النائب العام والتقرير السادس والعشرين الصادر مؤخرا عن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والذي قال إنه تم جمع أكثر من 20 فحصا مبدئيا وإفادة شهود، بالإضافة إلى السجلات الطبية والصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو المتعلقة بأدلة ارتكاب جرائم في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا تحت مسؤولية العديد من الجماعات والسلطات المختلفة، معتبرا أن معالجة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الليبيين وغير الليبيين في مراكز الاحتجاز في ليبيا لا تزال تمثل أولوية للمكتب.
وأشار المكتب إلى التقرير الأخير لبعثة تقصي الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، بما في ذلك عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاختفاء، مؤكدا في الوقت نفسه استمرار تركيزه على ضمان المساءلة عن مثل هذه الجرائم في ليبيا.
◙ الميليشيات استمرت في محاولة إسكات الإعلام المستقل من خلال القبض على الصحافيين وفرض رقابة على وسائل الإعلام
وأجرى فريق مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أكثر من خمس عشرة مهمة في ثلاث مناطق ليبية، وجمع أكثر من أربعة آلاف عنصر من الأدلة.
وتضمنت الانتهاكات وفق مكتب المدعي العام “الحرمان غير القانوني وطويل الأمد من الحرية وغالبًا بمعزل عن العالم الخارجي، وهو ما يرقى إلى حالات الاختفاء القسري، والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، وقتل المعتقلين تحت التعذيب، وفي بعض الحالات عمليات القتل تتم بأسلوب الإعدام وهي ترقى إلى الإعدام خارج نطاق القضاء”.
وأشار التقرير إلى أن المكتب سرع تعاونه مع السلطات، عملا بمبدأ التكامل، ووضع اللمسات الأخيرة على الإسهام الفعال في التحقيقات التي تجريها وكالات إنفاذ القانون المحلية في 6 دول أطراف في الجرائم الدولية المرتكبة في ليبيا، إلى جانب مواصلة التعاون الوثيق مع السلطات الوطنية، بما في ذلك ضمن الفريق المشترك المعني بالجرائم التي تمس المهاجرين.
وبحسب بعثة الأمم المتحدة، فإنه لا حصر لعدد ضحايا الاختفاء القسري، والمفقودين في ليبيا، وأكدت في مناسبات عدة أن الاختفاء القسري لأيّ شخص حتى لو تم الإفراج عنه يعد انتهاكاً خطراً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية”.
ودعت البعثة السلطات المعنية لمعالجة حالات الاختفاء القسري كجزء من عملية مصالحة وطنية.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
الحبيب الأسود
كاتب تونسي