القونوي (محمد بن إسحاق الرومي ـ)
(…ـ 672 أو673هـ/… ـ 1273 أو 1274م)
محمد بن إسحاق الرومي بن محمد ابن يوسف بن علي. كُني بأبي عبد الله، ولُقّب بـصدر الدين لعلو كعبه في العلوم الشرعية والباطنية، وبالقونوي نسبة إلى مدينة قونِيَة التي كانت من أعظم مدن الإسلام في بلاد الروم.
ولا تذكر التراجم وأمهات الكتب شيئاً عن أصله أو أصل أبيه. ويُرجح أنه فارسي أو تركي الأصل، غير أن الصفدي صلاح الدين خليل بن إيبك صاحب كتاب «الوافي بالوفيات» يشير بعبارة مقتضبة إلى أنَّ القونوي هو شيخ الأعاربة بقونية؛ وهذه العبارة ملتبسة تحمل معنيين هما: إما أنه من أصل عربي، وإما أنه أعلم أهل قونية بعلوم اللغة العربية. ولد صدر الدين بقونية، ولا تذكر كتب التراجم تاريخ ميلاده، لكنها تجمع على أنه توفي عام 672هـ أو 673هـ/أي 1273 أو 1274م عن نيف وستين عاماً.
كان القونوي شافعي المذهب كوالده الذي كان صديقاً لابن عربي. وفي الزيارة الأولى التي قام بها ابن عربي عام 607هـ/1210م لمدينة قونية تعرف على صدر الدين وهو طفل، وتزوج أمه بعد وفاة أبيه ورباه وعلمه وثقفه. ويروي الصفدي أنه صحب الشيخ محيي الدين إلى دمشق، وقرأ كتاب «جامع الأصول» على الأمير العالم شرف الدين يعقوب الهذباني؛ ورواه عنه، وقرأه عليه فيما بعد الشيخ قطب الدين الشيرازي. ويروي النبهاني عن القونوي قوله: «اجتهد شيخي العارف ابن عربي أن يشرفني، ويوصلني إلى المرتبة التي يتجلى فيها الحق تعالى للطالب بالتجليات البرقية في حياته»، والواقع أن القونوي كان أثيراً لدى ابن عربي أكثر من بقية تلاميذه، وقد أهداه ابن عربي مخطوط الفتوحات الذي يعدّ -كما يقول عثمان يحيى- هو العمدة في إقامة النص النهائي للفتوحات لقدمه وكماله ووضوح خطه، وقد جعله القونوي وقفاً لمكتبته الخاصة التي أوصى أن تقام إلى جوار قبره؛ لكي يفيد منها طلاب العلم. والمخطوط محفوظ في متحف الآثار الإسلامية باصطنبول. وبعد وفاة ابن عربي زار القونوي قبره في دمشق. وعند عودته ادعى أن الحق تجلى له طرسوس «بالتجلي البرقي على قدر لمح البصر». وكان القونوي قد أوصى أن يدفن في دمشق إلى جوار شيخه، فلم يتهيأ ذلك، وتوفي؛ ودفن في قونية.
جمع القونوي ـ كما يقول فيه طاش كبرى زادة ـ «بين العلوم الشرعية» الظاهرة» و«علوم التصوف الباطنة»، فصار مجمعاً للبحرين وملتقى البدرين. ويعدّ القونوي من الأسماء اللامعة في تاريخ التصوف الإسلامي. فقد شرح «فصوص الحكم» في حياة شيخه ابن عربي وعن طريق القونوي انتشرت آراء ابن عربي في المشرق، فقد أمضى القونوي ثلاثين سنة يلقي دروساً في دمشق وقونية في كتابي ابن عربي «فصوص الحكم» و«الفتوحات المكية». وبعد وفاة ابن عربي ارتحل القونوي إلى قونية، وتولى التدريس فيها، وكان ممن حضر مجالسه فخر الدين العراقي صاحب كتاب «اللمعات» الذي كتبه على هامش دروس القونوي.
وكان القونوي أستاذاً لقطب الدين الشيرازي أشهر شارحي «حكمة الإشراق» للسهروردي. وقد قرأ عنه الشيرازي بقونية، وصاحبه في العلوم الظاهرة والباطنة. وكانت للقونوي اتصالات ومراسلات مع الخواجة نصير الدين الطوسي. وقد أدت علاقات القونوي مع فلاسفة فارس ومتصوفتها إلى انتشار آراء ابن عربي النظرية في الشرق؛ وإلى نشوء الطريقة الصوفية التي عرفت باسم «الأكبرية» نسبة إلى شيخه الأكبر. وكان القونوي أستاذاً للشاعر الصوفي عفيف الدين التلمساني وما تزال مصنفات القونوي مجهولة، فلم تُحقق ولم تنشر بعد. وقد اهتم ابن تيمية بالرد على القونوي وعلى شيخه ابن عربي.
له تصانيف كثيرة منها تفسير الفاتحة: «إعجاز البيان في كشف باب أسرار أم القرآن» و«النصوص في تحقيق الطور المخصوص» و«مفتاح إقفال القلوب لمفاتيح علام الغيوب» و«نصوص مفاتيح العلوم الإلهية والخلايق والمعارف الربانية» و«مراتب الوجود» و«الفكوك في مستندات حكم الخصوص لابن عربي» و«شرح الأحاديث الأربعينية» و«اللمعة النورانية في مشكلات الشجرة النعمانية لابن عربي» و«الرسائل الهادية» و«النفحات الإلهية القدسية» و«لطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام» و«نفثة المصدور» و«تفسير البسملة» و«برزخ البرازخ».
هيفرو ديركي
(…ـ 672 أو673هـ/… ـ 1273 أو 1274م)
محمد بن إسحاق الرومي بن محمد ابن يوسف بن علي. كُني بأبي عبد الله، ولُقّب بـصدر الدين لعلو كعبه في العلوم الشرعية والباطنية، وبالقونوي نسبة إلى مدينة قونِيَة التي كانت من أعظم مدن الإسلام في بلاد الروم.
ولا تذكر التراجم وأمهات الكتب شيئاً عن أصله أو أصل أبيه. ويُرجح أنه فارسي أو تركي الأصل، غير أن الصفدي صلاح الدين خليل بن إيبك صاحب كتاب «الوافي بالوفيات» يشير بعبارة مقتضبة إلى أنَّ القونوي هو شيخ الأعاربة بقونية؛ وهذه العبارة ملتبسة تحمل معنيين هما: إما أنه من أصل عربي، وإما أنه أعلم أهل قونية بعلوم اللغة العربية. ولد صدر الدين بقونية، ولا تذكر كتب التراجم تاريخ ميلاده، لكنها تجمع على أنه توفي عام 672هـ أو 673هـ/أي 1273 أو 1274م عن نيف وستين عاماً.
كان القونوي شافعي المذهب كوالده الذي كان صديقاً لابن عربي. وفي الزيارة الأولى التي قام بها ابن عربي عام 607هـ/1210م لمدينة قونية تعرف على صدر الدين وهو طفل، وتزوج أمه بعد وفاة أبيه ورباه وعلمه وثقفه. ويروي الصفدي أنه صحب الشيخ محيي الدين إلى دمشق، وقرأ كتاب «جامع الأصول» على الأمير العالم شرف الدين يعقوب الهذباني؛ ورواه عنه، وقرأه عليه فيما بعد الشيخ قطب الدين الشيرازي. ويروي النبهاني عن القونوي قوله: «اجتهد شيخي العارف ابن عربي أن يشرفني، ويوصلني إلى المرتبة التي يتجلى فيها الحق تعالى للطالب بالتجليات البرقية في حياته»، والواقع أن القونوي كان أثيراً لدى ابن عربي أكثر من بقية تلاميذه، وقد أهداه ابن عربي مخطوط الفتوحات الذي يعدّ -كما يقول عثمان يحيى- هو العمدة في إقامة النص النهائي للفتوحات لقدمه وكماله ووضوح خطه، وقد جعله القونوي وقفاً لمكتبته الخاصة التي أوصى أن تقام إلى جوار قبره؛ لكي يفيد منها طلاب العلم. والمخطوط محفوظ في متحف الآثار الإسلامية باصطنبول. وبعد وفاة ابن عربي زار القونوي قبره في دمشق. وعند عودته ادعى أن الحق تجلى له طرسوس «بالتجلي البرقي على قدر لمح البصر». وكان القونوي قد أوصى أن يدفن في دمشق إلى جوار شيخه، فلم يتهيأ ذلك، وتوفي؛ ودفن في قونية.
جمع القونوي ـ كما يقول فيه طاش كبرى زادة ـ «بين العلوم الشرعية» الظاهرة» و«علوم التصوف الباطنة»، فصار مجمعاً للبحرين وملتقى البدرين. ويعدّ القونوي من الأسماء اللامعة في تاريخ التصوف الإسلامي. فقد شرح «فصوص الحكم» في حياة شيخه ابن عربي وعن طريق القونوي انتشرت آراء ابن عربي في المشرق، فقد أمضى القونوي ثلاثين سنة يلقي دروساً في دمشق وقونية في كتابي ابن عربي «فصوص الحكم» و«الفتوحات المكية». وبعد وفاة ابن عربي ارتحل القونوي إلى قونية، وتولى التدريس فيها، وكان ممن حضر مجالسه فخر الدين العراقي صاحب كتاب «اللمعات» الذي كتبه على هامش دروس القونوي.
وكان القونوي أستاذاً لقطب الدين الشيرازي أشهر شارحي «حكمة الإشراق» للسهروردي. وقد قرأ عنه الشيرازي بقونية، وصاحبه في العلوم الظاهرة والباطنة. وكانت للقونوي اتصالات ومراسلات مع الخواجة نصير الدين الطوسي. وقد أدت علاقات القونوي مع فلاسفة فارس ومتصوفتها إلى انتشار آراء ابن عربي النظرية في الشرق؛ وإلى نشوء الطريقة الصوفية التي عرفت باسم «الأكبرية» نسبة إلى شيخه الأكبر. وكان القونوي أستاذاً للشاعر الصوفي عفيف الدين التلمساني وما تزال مصنفات القونوي مجهولة، فلم تُحقق ولم تنشر بعد. وقد اهتم ابن تيمية بالرد على القونوي وعلى شيخه ابن عربي.
له تصانيف كثيرة منها تفسير الفاتحة: «إعجاز البيان في كشف باب أسرار أم القرآن» و«النصوص في تحقيق الطور المخصوص» و«مفتاح إقفال القلوب لمفاتيح علام الغيوب» و«نصوص مفاتيح العلوم الإلهية والخلايق والمعارف الربانية» و«مراتب الوجود» و«الفكوك في مستندات حكم الخصوص لابن عربي» و«شرح الأحاديث الأربعينية» و«اللمعة النورانية في مشكلات الشجرة النعمانية لابن عربي» و«الرسائل الهادية» و«النفحات الإلهية القدسية» و«لطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام» و«نفثة المصدور» و«تفسير البسملة» و«برزخ البرازخ».
هيفرو ديركي