مكافآت مانشستر سيتي تهزم «وول ستريت»
المصدر:
التاريخ: 20 نوفمبر 2023
ت +ت -الحجم الطبيعي
يختلف المصرفيون الاستثماريون كثيراً عن لاعبي كرة القدم في العديد من النواحي: فهم يعملون لساعات أطول، ولا يُمكنهم الركض بنفس السرعة، كما أن لديهم عدداً أقل بكثير من المُعجبين والمشجعين. لكنهما يعملان في قطاعين يُكافآن النجوم جيداً، إذ يحصل هؤلاء النجوم على مكافآت سخية وعلاوات كبيرة نظير الأداء العالي، وجلب الإيرادات.
واستناداً إلى قصتين تم تداولهما هذا الأسبوع، فإن الهيكلية تسير على نحو أفضل مع لاعبي الكرة الكبار، مُقارنة بالعديد من المصرفيين في الوقت الحالي. فقد أعلن مانشستر سيتي، أن فاتورة الأجور ارتفعت إلى 423 مليون جنيه إسترليني العام الماضي، بعد صرف مكافآت للفوز بألقاب ثلاث مسابقات كبرى لكرة قدم في المملكة المتحدة وأوروبا. على الجانب الآخر، من المتوقع خفض مكافآت وول ستريت بنسبة 25 في المئة هذا العام، في ظل الركود الذي طال صفقات الأعمال.
مع ذلك، لا يزال المصرفيون الاستثماريون يتقاضون أجوراً عالية، حيث بلغ متوسط الأجر في شركات الأوراق المالية في مدينة نيويورك ما يقرب من 500,000 ألف دولار في العام الماضي. لكن بالمقارنة، فإن نادي مانشستر سيتي يُشبه صندوق تحوط رياضياً، ولديه 520 موظفاً، 11 فقط منهم مطلوبون في ملاعب الدوري الإنجليزي المُمتاز في أي وقت. وهم يكلفون في المتوسط ما يُعادل مليون دولار لكل منهم في الأجور والاستحقاقات.
إن مانشستر سيتي ليس نادياً عادياً، فقد تجاوز ريال مدريد وبرشلونة، ليصبح أعلى الفرق ربحية في أوروبا، حيث بلغت إيراداته 713 مليون جنيه إسترليني العام الفائت، ولأنني عشت لفترة بجانب الاستاد القديم المتهالك للنادي في ماين رود، أعلم جيداً أن المؤسسة القائمة اليوم، لا تشبه ذلك بأي شكل من الأشكال، خاصة بعد التحول الذي حدث للنادي في عام 2008، بعد انتقال ملكيته إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.
يبرز ذلك كيف يُمكن بناء الأندية الرياضية عن طريق تجميع وإدارة مجموعة من المواهب العالية الغالية، بما في ذلك المُهاجم النرويجي ايرلينج هالاند. وهذا مُشابه للشركات المالية، إذا تم بشكل جيد. ويذكرني التركيز الاستراتيجي لمانشستر سيتي ونهجه الصارم في إدارة الفريق، بعصر الشراكة السابق في بنك جولدمان ساكس.
وقد انتبهت وول ستريت إلى الأمر، إذ يعكف مايكل كلاين، وهو صانع صفقات مخضرم، له علاقات بمستثمرين في الشرق الأوسط، على تشكيل بنك استثماري، بالتعاون مع وكالة الفنانين المبدعين في هوليوود. وهو يأمل في الاستفادة من اهتمام صناديق الاستثمار الخاصة والصناديق الاستثمارية السيادية بقطاعي الرياضة والترفيه. ويعد صندوق سيلفر ليك الأمريكي، مستثمر أقلية في شركة مانشستر سيتي القابضة.
فارق آخر مهم بين المصرفيين ولاعبي كرة القدم، هو أن هؤلاء اللاعبين يؤدون عملهم علناً. وهذا يأخذنا إلى جوهر مناقشة قديمة حول «تأثير النجم»: أو قدرة عدد قليل من الأفراد الموهوبين على الحصول على مبالغ استثنائية بفضل التكنولوجيا والعولمة. فكلما كان السوق الذي يُمكن لأي فرد الوصول إليه أكبر، كانت قدرته لأن يصبح ثرياً أعلى بكثير.
وترى إحدى المدارس الفكرية، أن الأمر يتعلق بشكل أساسي بالموهبة أو الموقع المهني، فإذا كنت مصرفياً بارزاً أو محامياً كبيراً، فيُمكنك الآن توسيع نطاق خدماتك، ليشمل العُملاء المُحتملين بشكلٍ أكبر. وكلاين هو أحد الأمثلة على ذلك، حيث تعلم السفر حول العالم بحثاً عن مُستثمرين لضمُهم للصفقات. ولا يحتاج أن يكون الكثير من الناس قد سمعوا به، ليكون عمله مُجزياً للغاية.
الرأي الآخر، هو أن ما يُهم هو الأداء: فالصفة الأكثر أهمية، هي القدرة على جذب الجماهير، وجعل الناس يشاهدونك على التلفاز، أو أن تجذب ملايين المتابعين. المُراد هو الشهرة، حتى لو كنت قد أسستها في البداية بفضل الموهبة. لهذا، جلب ليونيل ميسي الشهرة للدوري الأمريكي للمحترفين لكرة القدم، بانضمامه إلى إنتر ميامي، بعد انتقاله من باريس سان جيرمان، مع حصوله على مقابل مالي ضخم للغاية.
إن نادي مانشستر سيتي يدرك جيداً القيمة المالية لضم لاعبين مشهورين. وكما يقول تقريره السنوي، فبناء فريق قادر على «تقديم الإثارة والترفيه والفوز بالألقاب»، يسمح له أن يضاعف كثيراً عدد مُشجعيه البالغ عددهم 53,000، الذين بإمكانهم حضور كل مباراة تُقام على أرض الفريق. وبالفعل، فقد نجح النادي في أن يجذب جمهوراً تلفزيونياً، يصل إجماليه إلى 786 مليوناً في العام الماضي، و1.5 مليار تفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي: وهذا هو تأثير النجم وراء قيمة علامته التجارية المتزايدة.
والتحدي هنا، هو الحفاظ على انضباط المواهب، كما عانى وول ستريت على مر السنوات. ووفقاً للمقاييس المالية البحتة، يعتمد مانشستر سيتي على النجومية بشكل أكبر من البنوك الاستثمارية، لذلك، استحوذت فاتورة الأجور 59 % من إيراداته العام الماضي. ويساعده في ذلك قدرته على تداول اللاعبين ذوي القيمة كأصول، وهو أمر تحسده عليه البنوك: فقد ساعد الصافي البالغ 122 مليون جنيه إسترليني، الذي حققه في سوق الانتقالات العام الماضي، على تحقيق الأرباح.
إن مكافآت وول ستريت المحبطة من حالة الركود الدوري ستتعافي، وستناقض نظام النجوم الخاص بها. وحسبما أشار ديفيد سولومون، المدير التنفيذي لبنك جولدمان، الشهر الماضي، فإن: «سوق الصراع على أفضل المواهب لا يزال تنافسياً بشدة». كما أن الثروات التي كانت تُحقق في قاعات التداول في البنوك الاستثمارية، أصبحت الآن تُبنى بعيداً عن الأنظار في الاستثمارات الخاصة، أو في صناديق التحوط متعددة الاستراتيجيات.
لكن ثمّة درساً أكبر: تأثير النجوم يتوسع في قطاعات الرياضة والترفيه والتسويق. وكان وول ستريت تعتبر نشازاً بسبب طريقتها في الدفع لنجومها، لكنها الآن تبدو عادية. وسابقاً، كانت أعلى المكافآت تذهب لأولئك الأقرب إلى الأسواق المالية، لكن الشهرة هي وسيلة جيدة بنفس القدر للحصول على مكافآت ضخمة، إن لم تكن أفضل.
عموماً، فإن عبارة «كُن لاعب كرة قدم في الدوري الإنجليزي الممتاز»، ليست نصيحة مهنية عملية لمُعظم الناس، كما أنه من الصعب بما فيه الكفاية، أن تُصبح مصرفياً استثمارياً. ومع ذلك، إذا أُتيح لك الاختيار للعب أدوار النجومية، فاختر الشهرة.
المصدر:
- جون غابر
التاريخ: 20 نوفمبر 2023
ت +ت -الحجم الطبيعي
يختلف المصرفيون الاستثماريون كثيراً عن لاعبي كرة القدم في العديد من النواحي: فهم يعملون لساعات أطول، ولا يُمكنهم الركض بنفس السرعة، كما أن لديهم عدداً أقل بكثير من المُعجبين والمشجعين. لكنهما يعملان في قطاعين يُكافآن النجوم جيداً، إذ يحصل هؤلاء النجوم على مكافآت سخية وعلاوات كبيرة نظير الأداء العالي، وجلب الإيرادات.
واستناداً إلى قصتين تم تداولهما هذا الأسبوع، فإن الهيكلية تسير على نحو أفضل مع لاعبي الكرة الكبار، مُقارنة بالعديد من المصرفيين في الوقت الحالي. فقد أعلن مانشستر سيتي، أن فاتورة الأجور ارتفعت إلى 423 مليون جنيه إسترليني العام الماضي، بعد صرف مكافآت للفوز بألقاب ثلاث مسابقات كبرى لكرة قدم في المملكة المتحدة وأوروبا. على الجانب الآخر، من المتوقع خفض مكافآت وول ستريت بنسبة 25 في المئة هذا العام، في ظل الركود الذي طال صفقات الأعمال.
مع ذلك، لا يزال المصرفيون الاستثماريون يتقاضون أجوراً عالية، حيث بلغ متوسط الأجر في شركات الأوراق المالية في مدينة نيويورك ما يقرب من 500,000 ألف دولار في العام الماضي. لكن بالمقارنة، فإن نادي مانشستر سيتي يُشبه صندوق تحوط رياضياً، ولديه 520 موظفاً، 11 فقط منهم مطلوبون في ملاعب الدوري الإنجليزي المُمتاز في أي وقت. وهم يكلفون في المتوسط ما يُعادل مليون دولار لكل منهم في الأجور والاستحقاقات.
إن مانشستر سيتي ليس نادياً عادياً، فقد تجاوز ريال مدريد وبرشلونة، ليصبح أعلى الفرق ربحية في أوروبا، حيث بلغت إيراداته 713 مليون جنيه إسترليني العام الفائت، ولأنني عشت لفترة بجانب الاستاد القديم المتهالك للنادي في ماين رود، أعلم جيداً أن المؤسسة القائمة اليوم، لا تشبه ذلك بأي شكل من الأشكال، خاصة بعد التحول الذي حدث للنادي في عام 2008، بعد انتقال ملكيته إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.
يبرز ذلك كيف يُمكن بناء الأندية الرياضية عن طريق تجميع وإدارة مجموعة من المواهب العالية الغالية، بما في ذلك المُهاجم النرويجي ايرلينج هالاند. وهذا مُشابه للشركات المالية، إذا تم بشكل جيد. ويذكرني التركيز الاستراتيجي لمانشستر سيتي ونهجه الصارم في إدارة الفريق، بعصر الشراكة السابق في بنك جولدمان ساكس.
وقد انتبهت وول ستريت إلى الأمر، إذ يعكف مايكل كلاين، وهو صانع صفقات مخضرم، له علاقات بمستثمرين في الشرق الأوسط، على تشكيل بنك استثماري، بالتعاون مع وكالة الفنانين المبدعين في هوليوود. وهو يأمل في الاستفادة من اهتمام صناديق الاستثمار الخاصة والصناديق الاستثمارية السيادية بقطاعي الرياضة والترفيه. ويعد صندوق سيلفر ليك الأمريكي، مستثمر أقلية في شركة مانشستر سيتي القابضة.
فارق آخر مهم بين المصرفيين ولاعبي كرة القدم، هو أن هؤلاء اللاعبين يؤدون عملهم علناً. وهذا يأخذنا إلى جوهر مناقشة قديمة حول «تأثير النجم»: أو قدرة عدد قليل من الأفراد الموهوبين على الحصول على مبالغ استثنائية بفضل التكنولوجيا والعولمة. فكلما كان السوق الذي يُمكن لأي فرد الوصول إليه أكبر، كانت قدرته لأن يصبح ثرياً أعلى بكثير.
وترى إحدى المدارس الفكرية، أن الأمر يتعلق بشكل أساسي بالموهبة أو الموقع المهني، فإذا كنت مصرفياً بارزاً أو محامياً كبيراً، فيُمكنك الآن توسيع نطاق خدماتك، ليشمل العُملاء المُحتملين بشكلٍ أكبر. وكلاين هو أحد الأمثلة على ذلك، حيث تعلم السفر حول العالم بحثاً عن مُستثمرين لضمُهم للصفقات. ولا يحتاج أن يكون الكثير من الناس قد سمعوا به، ليكون عمله مُجزياً للغاية.
الرأي الآخر، هو أن ما يُهم هو الأداء: فالصفة الأكثر أهمية، هي القدرة على جذب الجماهير، وجعل الناس يشاهدونك على التلفاز، أو أن تجذب ملايين المتابعين. المُراد هو الشهرة، حتى لو كنت قد أسستها في البداية بفضل الموهبة. لهذا، جلب ليونيل ميسي الشهرة للدوري الأمريكي للمحترفين لكرة القدم، بانضمامه إلى إنتر ميامي، بعد انتقاله من باريس سان جيرمان، مع حصوله على مقابل مالي ضخم للغاية.
إن نادي مانشستر سيتي يدرك جيداً القيمة المالية لضم لاعبين مشهورين. وكما يقول تقريره السنوي، فبناء فريق قادر على «تقديم الإثارة والترفيه والفوز بالألقاب»، يسمح له أن يضاعف كثيراً عدد مُشجعيه البالغ عددهم 53,000، الذين بإمكانهم حضور كل مباراة تُقام على أرض الفريق. وبالفعل، فقد نجح النادي في أن يجذب جمهوراً تلفزيونياً، يصل إجماليه إلى 786 مليوناً في العام الماضي، و1.5 مليار تفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي: وهذا هو تأثير النجم وراء قيمة علامته التجارية المتزايدة.
والتحدي هنا، هو الحفاظ على انضباط المواهب، كما عانى وول ستريت على مر السنوات. ووفقاً للمقاييس المالية البحتة، يعتمد مانشستر سيتي على النجومية بشكل أكبر من البنوك الاستثمارية، لذلك، استحوذت فاتورة الأجور 59 % من إيراداته العام الماضي. ويساعده في ذلك قدرته على تداول اللاعبين ذوي القيمة كأصول، وهو أمر تحسده عليه البنوك: فقد ساعد الصافي البالغ 122 مليون جنيه إسترليني، الذي حققه في سوق الانتقالات العام الماضي، على تحقيق الأرباح.
إن مكافآت وول ستريت المحبطة من حالة الركود الدوري ستتعافي، وستناقض نظام النجوم الخاص بها. وحسبما أشار ديفيد سولومون، المدير التنفيذي لبنك جولدمان، الشهر الماضي، فإن: «سوق الصراع على أفضل المواهب لا يزال تنافسياً بشدة». كما أن الثروات التي كانت تُحقق في قاعات التداول في البنوك الاستثمارية، أصبحت الآن تُبنى بعيداً عن الأنظار في الاستثمارات الخاصة، أو في صناديق التحوط متعددة الاستراتيجيات.
لكن ثمّة درساً أكبر: تأثير النجوم يتوسع في قطاعات الرياضة والترفيه والتسويق. وكان وول ستريت تعتبر نشازاً بسبب طريقتها في الدفع لنجومها، لكنها الآن تبدو عادية. وسابقاً، كانت أعلى المكافآت تذهب لأولئك الأقرب إلى الأسواق المالية، لكن الشهرة هي وسيلة جيدة بنفس القدر للحصول على مكافآت ضخمة، إن لم تكن أفضل.
عموماً، فإن عبارة «كُن لاعب كرة قدم في الدوري الإنجليزي الممتاز»، ليست نصيحة مهنية عملية لمُعظم الناس، كما أنه من الصعب بما فيه الكفاية، أن تُصبح مصرفياً استثمارياً. ومع ذلك، إذا أُتيح لك الاختيار للعب أدوار النجومية، فاختر الشهرة.