في أمريكا الجنوبية.. النفط خيار أكثر تفضيلاً من الطاقة المتجددة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في أمريكا الجنوبية.. النفط خيار أكثر تفضيلاً من الطاقة المتجددة

    في أمريكا الجنوبية.. النفط خيار أكثر تفضيلاً من الطاقة المتجددة


    المصدر:
    • مايكل ستوت

    التاريخ: 18 نوفمبر 2023
    ت +ت -الحجم الطبيعي

    لدى سورينام؛ وهي موطن لعدد سكان قليل وغابات مطيرة كبيرة، شهرة واسعة بأنها واحدة من بين ثلاث دول فقط في العالم تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي للأرض أكثر مما ينبعث منها. لكن الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية باتت الآن معروفة لسبب آخر؛ فقد اكتشفت شركة النفط الفرنسية توتال ما يقرب من 700 مليون برميل نفط بحري، وتدرس ضخ استثمارات تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار، وهو ما قد يحوّل سورينام إلى مصدر مهم للنفط.

    وبدلًا من البكاء على الفردوس المفقود، اتجه مواطنو سورينام إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن ابتهاجهم. وقال تشان سانتوخي رئيس المستعمرة الهولندية السابقة لصحيفة فاينانشال تايمز: «بإمكانكم تخيل المزاج العام. أخيرًا، أمام الناس أمل كبير، وثمّة مستقبل مشرق ينتظر الجميع».

    إن سورينام تمثل بذلك تجسيدًا لتوجه جديد، فبينما تمثل أمريكا اللاتينية واحدة من أفضل مناطق العالم لإنتاج الطاقة الخضراء، والفضل في هذا يعود إلى احتياطاتها الغزيرة من الطاقة المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أنها بدلًا من هذا تسارع ببناء صناعة إنتاج الوقود الأحفوري.

    ويُعرب كينجسميل بوند من مؤسسي جبل روكي، وهي مؤسسة أمريكية غير هادفة للربح في مجال الطاقة النظيفة، عن أسفه وخيبة أمله، قائلًا: «الناس يفعلون هذا ببساطة لأنهم لم يتخلصوا بعد من عقلية القرن العشرين التي ترى أن الوقود الأحفوري هو الطريق نحو الثراء» رغم إقراره بأن النفط والغاز ذوي التكلفة المنخفضة ما زالا يمثلان خيارًا معقولًا.

    لقد بدأت غويانا، وهي جارة سورينام، تشهد طفرة نفطية بحرية ستضع الدولة البالغ عدد سكانها 800 ألف نسمة بين أكبر 20 دولة منتجة للنفط عالميًا بحلول 2026، ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو ناتجها المحلي لهذا العام بنسبة 37 %، ما يجعلها واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم. وإلى الشرق، تأمل البرازيل أن نفس الجيولوجيا التي جعلت غويانا وسورينام غنيتين ستسفر عن ثروة في مياهها الإقليمية هي الأخرى.

    وزار وزير المالية فرناندو حداد نيويورك في سبتمبر عن استثمارات في مجال الطاقة الخضراء، لكن مجموعة بتروبراس النفطية التي تسيطر عليها الدولة كانت قد التزمت بأن تستثمر أكثر من 80 في المئة من إجمالي إنفاقها الرأسمالي الذي يبلغ 78 مليار دولار على مدى خمس سنوات في استكشاف النفط والغاز، ومعظم الباقي في مجال التكرير. وبإمكان الحقول الجديدة قبالة مصب نهر الأمازون مساعدة البرازيل على الوصول إلى هدف الحكومة بأن تصبح البرازيل رابع أكبر منتج للنفط في العالم بحلول عام 2029.

    وأشار فرانسيسكو مونالدي، خبير الطاقة في أمريكا اللاتينية بجامعة رايس في هيوستن،إلى أنه إذا استقر الطلب على النفط خلال السنوات القليلة المقبلة ثم انخفض ببطء، بحسب ما تشير إليه بعض السيناريوهات، فإن العالم سيظل بحاجة إلى نفط أمريكا اللاتينية.

    وقال: «بما أن المشاريع ذات تكاليف منخفضة وكثافة انبعاثات كربونية أقل من المتوسط العالمي، فأنا لا أرى أن ثمّة أي تناقض».

    وجنوبًا، تعمل الأرجنتين على توسيع إنتاج النفط والغاز الصخري من منطقة ترسيبات فاكا مويرتا في باتاجونيا، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية إنتاجًا قياسيًا قد يتجاوز مليون برميل يوميًا في عام 2028. وتعوض فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطيات النفط الخام في العالم، سنوات من تراجع الإنتاج في ظل التخفيف الجزئي للعقوبات الأمريكية.

    وضخت فنزويلا في الأشهر الثلاثة الأخيرة حتى نهاية أغسطس 747 ألف برميل يوميًا، بزيادة بنسبة الثلث عما كانت عليه قبل عامين.

    ووفقًا لمصادر مطلعة فقد يؤدي قرار واشنطن، الذي صدر في أكتوبر، لرفع جميع العقوبات لمدة ستة أشهر إلى دفع إنتاج فنزويلا إلى أكثر من مليون برميل يوميًا، وربما إلى 1.3 مليون برميل يوميًا في العام إذا استمر تخفيف العقوبات.

    كولومبيا، من جانبها، تسلك مسارًا مختلفًا، فالإنتاج لدى ثالث أكبر منتج للنفط في أمريكا اللاتينية يتراجع ولم تتم أي اكتشافات جديدة كبيرة. وبدلًا من التشجيع على الحفر، زاد الرئيس اليساري جوستافو بيترو قيمة الضرائب على النفط وحظر إبرام عقود تنقيب جديدة، لخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري. لذلك، فقد تراجعت استثمارات القطاع الخاص في مجال النفط بنسبة الثلث هذا العام، وبالفعل هناك نقص في إمدادات الغاز الطبيعي.

    وقد يكون التحول بعيدًا عن الصناعة التي تسهم بثلث صادرات كولومبيا أقل أهمية إذا كانت كولومبيا تسرع تطوير صناعة الطاقة المتجددة، لكن شهر مايو الماضي شهد تخلي شركة إينيل عن مشروع ضخم لمزرعة للرياح في لاغواخيرا بعد سنوات من احتجاجات المجتمعات المحلية.

    وتكشف هذه المسألة عن مشكلة تعيق مشاريع الطاقة المتجددة في أمريكا اللاتينية ألا وهي المخاطر السياسية، وقد يساعد ذلك في تفسير السبب وراء استحواذ استثمارات الطاقة المتجددة لهذا العام على نصف الاستثمار الإجمالي في القطاع بالمنطقة، وهي نسبة أقل بقليل من نسبة الاستثمار في عام 2019.

    وقال فرانسيسكو مونالدي: «أمريكا اللاتينية بحاجة إلى مؤسسات وتنظيمات أفضل بكثير لإدارة مشاريع الطاقة المتجددة. وقد يكون النفط والغاز عاليي المخاطر، لكن عوائدهما مرتفعة للغاية. لذلك، ستذهب شركات النفط لتتحدث إلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، لكن لن يبني أحد مزرعة رياح في فنزويلا».
يعمل...
X