أفلام مختارة
دكتور زيفاغو - Doctor Zhivago
يمكن القول إن هذا الفيلم كان الأخير ضمن فئة قصص الحب الأسطورية التي بدأت مع فيلم ذهب مع الريح في عام 1939. وبعدها تحول إلى فئة الكلاسيكيات.
عُرض لأول مرة في 22 كانون الأول/ديسمبر 1965 ولاقى في الحال إقبالا هائلا وحقق أرباحا تُعتبر الأعلى حتى لو حسبناها بأسعار هذا الزمان. كلف إنتاجه حوالى 15 مليون دولار فيما بلغت مكاسبه 112 مليون دولار داخل الولايات المتحدة وأكثر من 200 مليون من عرضه في أنحاء العالم.
***
الكتاب
قصة الفيلم مأخوذة عن رواية كتبها الشاعر والمؤلف الروسي بوريس باسترناك 1890-1960 ولم ينجح في نشرها داخل الإتحاد السوفيتي فتم تهريبها إلى الخارج لتُنشر لاحقا في إيطاليا في عام 1957. وفي عام 1958 حصل باسترناك على جائزة نوبل للآداب تقديرا لمجمل أعماله الروائية والشعرية فقبلها في البداية ثم تراجع عن ذلك بسبب ضغوط سياسية تعرض لها في الداخل.
تدور أحداث الرواية بين 1905 وسنوات الحرب العالمية الثانية والشخصية الرئيسية فيها هو يوري زيفاغو وهو طبيب وشاعر يرتبط بعلاقة حب مع فتاة اسمها لارا. يستعرض الكاتب من خلال هذه العلاقة مراحل تاريخية مرت بها روسيا منها الثورة البلشفية بالطبع. وقد رفضت السلطات الروسية طبع الرواية في حينها معتبرة أنها تنتقد الحكم الشيوعي وتأثيراته على الشعب بشكل عام وحاصرت الكاتب بشكل وبآخر خاصة بعد حصوله على جائزة نوبل وحتى وفاته في عام 1960.
بدأ باسترناك كتابة روايته بعد الحرب العالمية الثانية ولم ينته منها إلا في عام 1956 وتقع في حوالى 600 صفحة وهي معقدة للغاية بأسلوب سردها وتداخلات الأحداث فيها والعلاقات المتشعبة بين مختلف الشخصيات فيها وحتى بالأسماء مما يجعلها تفتقد إلى السلاسة عند القراءة.
وفي عام 2014 صدر كتاب تحت عنوان "قضية زيفاغو" لبيتر فين وبيترا كوفيه ذكرا فيه أن وثائق حديثة لوكالة المخابرات المركزية تم رفع السرية عنها تشير إلى أن الوكالة كانت، بطريقة غير محسوسة، وراء طبع الكتاب وحصول باسترناك على نوبل كوسيلة للضغط على الإتحاد السوفيتي في إطار حرب دعائية، رغم أن اسم باسترناك كان مطروحا في أوساط نوبل منذ الأربعينات.
***
الفيلم
عُرف المخرج ديفيد لين بإنتاج أفلام ضخمة تحقق نجاحات كبيرة منها لورنس العرب في 1962 والجسر على نهر كواي في عام 1957 وقد حصل كلاهما على جائزة أوسكار لأفضل فيلم. وفي عام 1959 قرأ الرواية فأحبها ثم جاءه المنتج كارلو بونتي بمقترح لإخراجها مع حجز دور لارا لزوجته صوفيا لورين. وافق لين على الإخراج ولكنه استبعد لورين ثم ظل يبحث عن ممثلة تقدم الدور كما رسمه لها في مخيلته وكما ورد شرحه في الرواية الأصلية فلم يجد أفضل من جولي كرستي التي كانت ما تزال في بداية طريقها في عالم التمثيل.
أما اختياره عمر الشريف لأداء دور دكتور زيفاغو فأثار استغراب الكثيرين وكان الشريف قد أدى دورا مساندا في لورنس العرب. بل وأثار هذا الاختيار استغراب الشريف نفسه الذي كان يأمل في الحصول على دور جانبي في الفيلم، في أحسن الأحوال.
كان من المستحيل تقريبا تصوير الفيلم داخل الاتحاد السوفيتي نفسه ثم وقع الاختيار على اسبانيا الدافئة !!! واضطر كادر العمل إلى استخدام حجر المرمر الأبيض ونثر البودرة عليه مع رش الأشجار بمادة بيضاء بلاستيكية كي تتلاءم وأجواء الرواية.
أما مشاهد الثلج الحقيقية فانتقل بها لين إلى فنلندا وكندا فيما أمضى العمال 18 شهرا في نصب ديكورات لشوارع موسكو بمبانيها ونقوشها وكل تفاصيلها التي كانت موجودة في عشرينات القرن الماضي. ويُذكر هنا أن أغلب من عمل مع ديفيد لين لا يتذكر منه غير حدته وحرصه الشديد على الدقة إلى درجة الإزعاج حتى أنهم يعتبرونه دكتاتورا حقيقيا. ومما يُذكر عنه أنه لم يكن يلتقي بالممثلين خارج فترات التصوير كي لا يتأثر بوجهات نظرهم.
بعد أعمال تصوير دامت عاما كاملا تقريبا وعملية مونتاج دامت شهرين عُرض فيلم دكتور زيفاغو ليتحول إلى قبلة لمشاهدي السينما ومحبيها وليصبح حديث الجميع في عام 1966 ثم ليتحول عمر الشريف وجولي كرستي إلى نجمين لامعين جدا في سماء هوليوود. هذه الشهرة بلغت حدا جعل مصممي الأزياء يستوحون تصاميمهم الجديدة من ملابسهما فيما تحولت موسيقى الفيلم التي وضعها موريس جار إلى نغم يتردد في كل مكان ونظمت لها كلمات وتحولت إلى أغاني.
ومع كل ذلك، لم يستقبل النقاد الفيلم بشكل جيد بل وجهوا الكثير من الانتقادات للمخرج لأسباب عديدة منها ما اعتبروه سوء اختيار للشريف ولكرستي كبطلين رئيسيين في الفيلم ثم لعدم تناوله أحداثا تاريخية بشكل صحيح حسب قولهم.
وانزعج لين من الانتقادات إلى درجة أنه أقسم بأنه لن يخرج أي فيلم آخر بعده وبالفعل لم يعمل إلا على فيلمين فقط خلال السنوات العشرين اللاحقة.
يتفق الجميع على روعة التصوير والمناظر في الفيلم ولكنه لم يحصل إلا على جوائز أوسكار تتعلق بالجوانب التقنية مثل أفضل مدير فني وأفضل تصميم أزياء. ومع ذلك نجح الفيلم في الحصول على عدة جوائز غولدن غلوب منها أفضل فيلم وأفضل ممثل - عمر الشريف - وأفضل مخرج وأفضل سيناريو وأفضل موسيقى. وكانت جولي كرستي هي الوحيدة التي لم تحصل على جائزة أفضل ممثلة. وبعد الفيلم حصل الجميع على فرص كبيرة في عالم السينما عدا المخرج لين الذي انزوى تقريبا.
أحب المشاهدون الفيلم حتى بعد عرضه بعقود وبدأ النقاد يغيرون موقفهم منه تدريجيا حتى أصبحوا يعتبرونه واحدا من الأفلام الكلاسيكية في تاريخ السينما الأميركية وآخر قصة حب اسطورية رغم عرض أفلام لاحقة جاءت كمحاولات لتقليده منها ريدز والمريض الانكليزي. ويرى مؤرخون لعالم السينما أن عصر القصص الرومانسية العظيمة انتهى بهذا الفيلم وبدأت الناس تعزف عن البحث عن مثل هذه الأفلام فيما تركز اهتمامها بشكل أكبر على مسلسلات تلفزيونية تتناول الموضوعة ذاتها.
لم يُعرض فيلم دكتور زيفاغو في روسيا إلا في عام 1994 فيما نُشرت الرواية هناك في عام 1988. وفي العام نفسه تسلم أحفاد باسترناك جائزة نوبل باسمه. وقبل سنوات تحولت القصة إلى مسرحية موسيقية عُرضت على مسرح برودواي ولكن النقاد دمروها فتوقفت بعد 50 يوم عرض فقط.
طول الفيلم ثلاث ساعات وعشرون دقيقة
دكتور زيفاغو - Doctor Zhivago
يمكن القول إن هذا الفيلم كان الأخير ضمن فئة قصص الحب الأسطورية التي بدأت مع فيلم ذهب مع الريح في عام 1939. وبعدها تحول إلى فئة الكلاسيكيات.
عُرض لأول مرة في 22 كانون الأول/ديسمبر 1965 ولاقى في الحال إقبالا هائلا وحقق أرباحا تُعتبر الأعلى حتى لو حسبناها بأسعار هذا الزمان. كلف إنتاجه حوالى 15 مليون دولار فيما بلغت مكاسبه 112 مليون دولار داخل الولايات المتحدة وأكثر من 200 مليون من عرضه في أنحاء العالم.
***
الكتاب
قصة الفيلم مأخوذة عن رواية كتبها الشاعر والمؤلف الروسي بوريس باسترناك 1890-1960 ولم ينجح في نشرها داخل الإتحاد السوفيتي فتم تهريبها إلى الخارج لتُنشر لاحقا في إيطاليا في عام 1957. وفي عام 1958 حصل باسترناك على جائزة نوبل للآداب تقديرا لمجمل أعماله الروائية والشعرية فقبلها في البداية ثم تراجع عن ذلك بسبب ضغوط سياسية تعرض لها في الداخل.
تدور أحداث الرواية بين 1905 وسنوات الحرب العالمية الثانية والشخصية الرئيسية فيها هو يوري زيفاغو وهو طبيب وشاعر يرتبط بعلاقة حب مع فتاة اسمها لارا. يستعرض الكاتب من خلال هذه العلاقة مراحل تاريخية مرت بها روسيا منها الثورة البلشفية بالطبع. وقد رفضت السلطات الروسية طبع الرواية في حينها معتبرة أنها تنتقد الحكم الشيوعي وتأثيراته على الشعب بشكل عام وحاصرت الكاتب بشكل وبآخر خاصة بعد حصوله على جائزة نوبل وحتى وفاته في عام 1960.
بدأ باسترناك كتابة روايته بعد الحرب العالمية الثانية ولم ينته منها إلا في عام 1956 وتقع في حوالى 600 صفحة وهي معقدة للغاية بأسلوب سردها وتداخلات الأحداث فيها والعلاقات المتشعبة بين مختلف الشخصيات فيها وحتى بالأسماء مما يجعلها تفتقد إلى السلاسة عند القراءة.
وفي عام 2014 صدر كتاب تحت عنوان "قضية زيفاغو" لبيتر فين وبيترا كوفيه ذكرا فيه أن وثائق حديثة لوكالة المخابرات المركزية تم رفع السرية عنها تشير إلى أن الوكالة كانت، بطريقة غير محسوسة، وراء طبع الكتاب وحصول باسترناك على نوبل كوسيلة للضغط على الإتحاد السوفيتي في إطار حرب دعائية، رغم أن اسم باسترناك كان مطروحا في أوساط نوبل منذ الأربعينات.
***
الفيلم
عُرف المخرج ديفيد لين بإنتاج أفلام ضخمة تحقق نجاحات كبيرة منها لورنس العرب في 1962 والجسر على نهر كواي في عام 1957 وقد حصل كلاهما على جائزة أوسكار لأفضل فيلم. وفي عام 1959 قرأ الرواية فأحبها ثم جاءه المنتج كارلو بونتي بمقترح لإخراجها مع حجز دور لارا لزوجته صوفيا لورين. وافق لين على الإخراج ولكنه استبعد لورين ثم ظل يبحث عن ممثلة تقدم الدور كما رسمه لها في مخيلته وكما ورد شرحه في الرواية الأصلية فلم يجد أفضل من جولي كرستي التي كانت ما تزال في بداية طريقها في عالم التمثيل.
أما اختياره عمر الشريف لأداء دور دكتور زيفاغو فأثار استغراب الكثيرين وكان الشريف قد أدى دورا مساندا في لورنس العرب. بل وأثار هذا الاختيار استغراب الشريف نفسه الذي كان يأمل في الحصول على دور جانبي في الفيلم، في أحسن الأحوال.
كان من المستحيل تقريبا تصوير الفيلم داخل الاتحاد السوفيتي نفسه ثم وقع الاختيار على اسبانيا الدافئة !!! واضطر كادر العمل إلى استخدام حجر المرمر الأبيض ونثر البودرة عليه مع رش الأشجار بمادة بيضاء بلاستيكية كي تتلاءم وأجواء الرواية.
أما مشاهد الثلج الحقيقية فانتقل بها لين إلى فنلندا وكندا فيما أمضى العمال 18 شهرا في نصب ديكورات لشوارع موسكو بمبانيها ونقوشها وكل تفاصيلها التي كانت موجودة في عشرينات القرن الماضي. ويُذكر هنا أن أغلب من عمل مع ديفيد لين لا يتذكر منه غير حدته وحرصه الشديد على الدقة إلى درجة الإزعاج حتى أنهم يعتبرونه دكتاتورا حقيقيا. ومما يُذكر عنه أنه لم يكن يلتقي بالممثلين خارج فترات التصوير كي لا يتأثر بوجهات نظرهم.
بعد أعمال تصوير دامت عاما كاملا تقريبا وعملية مونتاج دامت شهرين عُرض فيلم دكتور زيفاغو ليتحول إلى قبلة لمشاهدي السينما ومحبيها وليصبح حديث الجميع في عام 1966 ثم ليتحول عمر الشريف وجولي كرستي إلى نجمين لامعين جدا في سماء هوليوود. هذه الشهرة بلغت حدا جعل مصممي الأزياء يستوحون تصاميمهم الجديدة من ملابسهما فيما تحولت موسيقى الفيلم التي وضعها موريس جار إلى نغم يتردد في كل مكان ونظمت لها كلمات وتحولت إلى أغاني.
ومع كل ذلك، لم يستقبل النقاد الفيلم بشكل جيد بل وجهوا الكثير من الانتقادات للمخرج لأسباب عديدة منها ما اعتبروه سوء اختيار للشريف ولكرستي كبطلين رئيسيين في الفيلم ثم لعدم تناوله أحداثا تاريخية بشكل صحيح حسب قولهم.
وانزعج لين من الانتقادات إلى درجة أنه أقسم بأنه لن يخرج أي فيلم آخر بعده وبالفعل لم يعمل إلا على فيلمين فقط خلال السنوات العشرين اللاحقة.
يتفق الجميع على روعة التصوير والمناظر في الفيلم ولكنه لم يحصل إلا على جوائز أوسكار تتعلق بالجوانب التقنية مثل أفضل مدير فني وأفضل تصميم أزياء. ومع ذلك نجح الفيلم في الحصول على عدة جوائز غولدن غلوب منها أفضل فيلم وأفضل ممثل - عمر الشريف - وأفضل مخرج وأفضل سيناريو وأفضل موسيقى. وكانت جولي كرستي هي الوحيدة التي لم تحصل على جائزة أفضل ممثلة. وبعد الفيلم حصل الجميع على فرص كبيرة في عالم السينما عدا المخرج لين الذي انزوى تقريبا.
أحب المشاهدون الفيلم حتى بعد عرضه بعقود وبدأ النقاد يغيرون موقفهم منه تدريجيا حتى أصبحوا يعتبرونه واحدا من الأفلام الكلاسيكية في تاريخ السينما الأميركية وآخر قصة حب اسطورية رغم عرض أفلام لاحقة جاءت كمحاولات لتقليده منها ريدز والمريض الانكليزي. ويرى مؤرخون لعالم السينما أن عصر القصص الرومانسية العظيمة انتهى بهذا الفيلم وبدأت الناس تعزف عن البحث عن مثل هذه الأفلام فيما تركز اهتمامها بشكل أكبر على مسلسلات تلفزيونية تتناول الموضوعة ذاتها.
لم يُعرض فيلم دكتور زيفاغو في روسيا إلا في عام 1994 فيما نُشرت الرواية هناك في عام 1988. وفي العام نفسه تسلم أحفاد باسترناك جائزة نوبل باسمه. وقبل سنوات تحولت القصة إلى مسرحية موسيقية عُرضت على مسرح برودواي ولكن النقاد دمروها فتوقفت بعد 50 يوم عرض فقط.
طول الفيلم ثلاث ساعات وعشرون دقيقة