المخرج المغربي محمد عهد بنسودة: السينما الإيجابية والجميلة تنمّي ذوق الجمهور
أفلام مغربية جديدة تتجاوز قضايا الفساد والدعارة والهجرة.
الأربعاء 2023/11/22
انشرWhatsAppTwitterFacebook
رؤية فنية واجتماعية
السينما ليست فنا للتسلية فحسب، فهي قوة ناعمة تروج للثقافات والسياحة ووسيلة تنموية وتعليمية ولها أدوار اجتماعية ومعرفية غاية في الدقة، وهذا ما يعيه عدد من المخرجين المغاربة الذين يحاولون الخروج بالأفلام المغربية من القضايا المعتادة التي ترسم قاع المجتمع إلى قضايا أكثر تنوعا تقدم صورة عن ثقافات المغرب. وهذا ما يتبناه المخرج المغربي محمد عهد بنسودة الذي كان لـ“العرب” معه هذا الحوار.
يبرز محمد عهد بنسودة بفيلمه “مطلقات الدار البيضاء”، الذي يشارك به في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي لفيلم المرأة في مدينة سلا المغربية، في دورته السادسة عشرة، ويعتبر محاولة للدفاع عن سينما تعكس الهوية المغربية بشكل إيجابي.
ويعبّر هذا المخرج عن تفرّده من خلال إنتاج أفلام تعد نفسها اجتماعية في مواجهة كل انحياز أيديولوجي، مع دعوته إلى تقديم أفلام تسعى إلى إظهار المغرب الثقافي، حيث تكون قادرة في الوقت ذاته على تسويق الثقافة المحلية عالميا.
أدوار السينما
محمد عهد بنسودة: السينما تشكل مختبرا حقيقيا لتسويق الثقافة المغربية
في حوار مع “العرب” على هامش المهرجان، يؤكد بنسودة على استمراره في دعم قضايا المرأة التي أصبحت تشكل جزءا أساسيا من أعماله الفنية. ويؤكد على أهمية الحفاظ على النهج نفسه في أفلامه المستقبلية، خاصة في المهرجانات التي تركز على قضايا المرأة والتي يمثل فيها المغرب بأشكال مختلفة.
ويشير بنسودة إلى أن الأفلام الوطنية التي تتناول قضايا مثل المخدرات والفساد والدعارة والهجرة، والتي تشارك في المهرجانات الإقليمية والدولية، قد تؤثر سلبا على صورة المغرب في الخارج.
ويعبّر المخرج بحزن عن أن مثل هذه القضايا لا تمثل المغرب بأكمله وأن هناك جوانب أخرى جميلة في المجتمع المغربي تشمل ثقافته، وعاداته، وتراثه، وحضارته والتنوع الجميل الذي يميزه.
ويؤكد أن السينما تشكل واجهة حية لتصوير الصورة الحالية للمغرب العالمي وتعتبر مختبرا حقيقيا لتسويق الثقافة المغربية، وخاصة للنساء المغربيات في الخارج من خلال المشاركة المتزايدة للأفلام المغربية في المهرجانات الدولية، والتي تحقق نجاحا كبيرا وتحصد جوائز هامة.
ويعتبر بنسودة أن الحضور البارز للسينما المغربية في السنوات الأخيرة، سواء عربيا وأفريقيا ودوليا، يشكل عاملا مهما في نجاح جهود التسويق للسينما الوطنية خاصة في ظل تراجع الأفلام في البلدان المجاورة.
ويرى أن السينما المغربية لم تول الاهتمام الكافي لهذه الجوانب. وليؤكد هذا الرأي، يكشف عن أنه في مرحلة التحضير لأفلام ومسلسلات عالمية تحمل هوية المغرب، بهدف توثيق تجربة المغرب وثقافته عبر القارات.
ويدافع المخرج عن حق المخرجين في اختيار زوايا تناول مواضيعهم بحرية، وفي الوقت نفسه يلاحظ أن هذه الحرية قد تتعارض مع تفضيلات جمهور واسع في المغرب.
ويؤكد أنه من حق الجمهور أن يستمتع بتجربة سينمائية خالية من المواقف المثيرة للجدل، وهو المبدأ الذي يؤمن به في سياق السينما التي تخدم قضايا المجتمع المغربي.
وعندما يتحدث بنسودة عن التحديات التي تواجه السينما في ظل انخراط أقل للجمهور المغربي في دور السينما، يشدد على أهمية بذل جهود إضافية في تنمية الذوق الفني. ويرى أن السينما الإيجابية والجميلة تسعى إلى تنمية هذا الذوق من خلال تقديم أعمال تعكس القيم الفنية والثقافية.
مطلقات الدار البيضاء
الفيلم يسرد قصص خمس مطلقات مسلطا الضوء على مشاكلهن مع الرجال والبيئة المحيطة والصعوبات التي يواجهنها
يعتبر فيلم “مطلقات الدار البيضاء” رؤية فنية واجتماعية مميزة يوجه من خلالها المخرج الكاميرا نحو مشاكل وتحديات تواجهها المرأة في مختلف طبقاتها الاجتماعية، سواء كانت مثقفة تحتل مكانة اجتماعية مرموقة أو غير مثقفة، وخاصة بعد تجربة الطلاق.
ويروي السيناريو قصص خمس نساء يظهرن تحدياتهن مع الطلاق، مسلطا الضوء على مشاكلهن مع الرجال والبيئة المحيطة والصعوبات التي يواجهنها في تربية الأطفال في ظل وضعهن الاجتماعي، ويركز على نظرة المجتمع لهن من خلال إطار درامي شيق.
ويبرع المخرج بشكل نسبي في اختيار وإدارة فريق الممثلين، حيث أظهرت أدوار الشخصيات الرئيسية تألقا لافتا، بدأ من مونية لمكيمل إلى بشرى أهريش وصونيا عكاشة، إذ تألق أفراد الفريق بتلقائيتهم وحضورهم القوي أمام الكاميرا.
من جهة أخرى، نجح المخرج في تقديم مدينة الدار البيضاء بشكل جميل، حيث استعرض الوجه الحداثي للمدينة وتنوع فضائها الخارجي والداخلي بطريقة مميزة. ويعكس هذا التصوير الجميل من زوايا متعددة، جهود المخرج في الترويج للمدينة كوجهة سياحية.
وتبدو الأمور واعدة بالنسبة إلى فيلم “مطلقات الدار البيضاء”، الذي فاز بجائزتي الإخراج وأفضل إدارة للممثل في المهرجان الدولي للفنون والسينما في أثينا.
وليس ذلك فحسب، بل شارك الفيلم أيضا في مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة، وشملت مشاركته في العديد من التظاهرات الفنية. وقبل عرضه في قاعات السينما، خاض تجارب متنوعة في المهرجانات العالمية.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي
أفلام مغربية جديدة تتجاوز قضايا الفساد والدعارة والهجرة.
الأربعاء 2023/11/22
انشرWhatsAppTwitterFacebook
رؤية فنية واجتماعية
السينما ليست فنا للتسلية فحسب، فهي قوة ناعمة تروج للثقافات والسياحة ووسيلة تنموية وتعليمية ولها أدوار اجتماعية ومعرفية غاية في الدقة، وهذا ما يعيه عدد من المخرجين المغاربة الذين يحاولون الخروج بالأفلام المغربية من القضايا المعتادة التي ترسم قاع المجتمع إلى قضايا أكثر تنوعا تقدم صورة عن ثقافات المغرب. وهذا ما يتبناه المخرج المغربي محمد عهد بنسودة الذي كان لـ“العرب” معه هذا الحوار.
يبرز محمد عهد بنسودة بفيلمه “مطلقات الدار البيضاء”، الذي يشارك به في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي لفيلم المرأة في مدينة سلا المغربية، في دورته السادسة عشرة، ويعتبر محاولة للدفاع عن سينما تعكس الهوية المغربية بشكل إيجابي.
ويعبّر هذا المخرج عن تفرّده من خلال إنتاج أفلام تعد نفسها اجتماعية في مواجهة كل انحياز أيديولوجي، مع دعوته إلى تقديم أفلام تسعى إلى إظهار المغرب الثقافي، حيث تكون قادرة في الوقت ذاته على تسويق الثقافة المحلية عالميا.
أدوار السينما
محمد عهد بنسودة: السينما تشكل مختبرا حقيقيا لتسويق الثقافة المغربية
في حوار مع “العرب” على هامش المهرجان، يؤكد بنسودة على استمراره في دعم قضايا المرأة التي أصبحت تشكل جزءا أساسيا من أعماله الفنية. ويؤكد على أهمية الحفاظ على النهج نفسه في أفلامه المستقبلية، خاصة في المهرجانات التي تركز على قضايا المرأة والتي يمثل فيها المغرب بأشكال مختلفة.
ويشير بنسودة إلى أن الأفلام الوطنية التي تتناول قضايا مثل المخدرات والفساد والدعارة والهجرة، والتي تشارك في المهرجانات الإقليمية والدولية، قد تؤثر سلبا على صورة المغرب في الخارج.
ويعبّر المخرج بحزن عن أن مثل هذه القضايا لا تمثل المغرب بأكمله وأن هناك جوانب أخرى جميلة في المجتمع المغربي تشمل ثقافته، وعاداته، وتراثه، وحضارته والتنوع الجميل الذي يميزه.
ويؤكد أن السينما تشكل واجهة حية لتصوير الصورة الحالية للمغرب العالمي وتعتبر مختبرا حقيقيا لتسويق الثقافة المغربية، وخاصة للنساء المغربيات في الخارج من خلال المشاركة المتزايدة للأفلام المغربية في المهرجانات الدولية، والتي تحقق نجاحا كبيرا وتحصد جوائز هامة.
ويعتبر بنسودة أن الحضور البارز للسينما المغربية في السنوات الأخيرة، سواء عربيا وأفريقيا ودوليا، يشكل عاملا مهما في نجاح جهود التسويق للسينما الوطنية خاصة في ظل تراجع الأفلام في البلدان المجاورة.
ويرى أن السينما المغربية لم تول الاهتمام الكافي لهذه الجوانب. وليؤكد هذا الرأي، يكشف عن أنه في مرحلة التحضير لأفلام ومسلسلات عالمية تحمل هوية المغرب، بهدف توثيق تجربة المغرب وثقافته عبر القارات.
ويدافع المخرج عن حق المخرجين في اختيار زوايا تناول مواضيعهم بحرية، وفي الوقت نفسه يلاحظ أن هذه الحرية قد تتعارض مع تفضيلات جمهور واسع في المغرب.
ويؤكد أنه من حق الجمهور أن يستمتع بتجربة سينمائية خالية من المواقف المثيرة للجدل، وهو المبدأ الذي يؤمن به في سياق السينما التي تخدم قضايا المجتمع المغربي.
وعندما يتحدث بنسودة عن التحديات التي تواجه السينما في ظل انخراط أقل للجمهور المغربي في دور السينما، يشدد على أهمية بذل جهود إضافية في تنمية الذوق الفني. ويرى أن السينما الإيجابية والجميلة تسعى إلى تنمية هذا الذوق من خلال تقديم أعمال تعكس القيم الفنية والثقافية.
مطلقات الدار البيضاء
الفيلم يسرد قصص خمس مطلقات مسلطا الضوء على مشاكلهن مع الرجال والبيئة المحيطة والصعوبات التي يواجهنها
يعتبر فيلم “مطلقات الدار البيضاء” رؤية فنية واجتماعية مميزة يوجه من خلالها المخرج الكاميرا نحو مشاكل وتحديات تواجهها المرأة في مختلف طبقاتها الاجتماعية، سواء كانت مثقفة تحتل مكانة اجتماعية مرموقة أو غير مثقفة، وخاصة بعد تجربة الطلاق.
ويروي السيناريو قصص خمس نساء يظهرن تحدياتهن مع الطلاق، مسلطا الضوء على مشاكلهن مع الرجال والبيئة المحيطة والصعوبات التي يواجهنها في تربية الأطفال في ظل وضعهن الاجتماعي، ويركز على نظرة المجتمع لهن من خلال إطار درامي شيق.
ويبرع المخرج بشكل نسبي في اختيار وإدارة فريق الممثلين، حيث أظهرت أدوار الشخصيات الرئيسية تألقا لافتا، بدأ من مونية لمكيمل إلى بشرى أهريش وصونيا عكاشة، إذ تألق أفراد الفريق بتلقائيتهم وحضورهم القوي أمام الكاميرا.
من جهة أخرى، نجح المخرج في تقديم مدينة الدار البيضاء بشكل جميل، حيث استعرض الوجه الحداثي للمدينة وتنوع فضائها الخارجي والداخلي بطريقة مميزة. ويعكس هذا التصوير الجميل من زوايا متعددة، جهود المخرج في الترويج للمدينة كوجهة سياحية.
وتبدو الأمور واعدة بالنسبة إلى فيلم “مطلقات الدار البيضاء”، الذي فاز بجائزتي الإخراج وأفضل إدارة للممثل في المهرجان الدولي للفنون والسينما في أثينا.
وليس ذلك فحسب، بل شارك الفيلم أيضا في مهرجان كان السينمائي في دورته الأخيرة، وشملت مشاركته في العديد من التظاهرات الفنية. وقبل عرضه في قاعات السينما، خاض تجارب متنوعة في المهرجانات العالمية.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
عبدالرحيم الشافعي
كاتب مغربي