"كلشي ماكو" يستعيد أصعب أسبوع في تاريخ بغداد الحديث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "كلشي ماكو" يستعيد أصعب أسبوع في تاريخ بغداد الحديث

    "كلشي ماكو" يستعيد أصعب أسبوع في تاريخ بغداد الحديث


    الفيلم يحكي كيف عاش المواطنون العاديون العنف والاقتتال والخطر.
    الأحد 2023/11/19
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    شخصيات تحاول النجاة من الصراع

    بعد مرور عشرين عاما على الغزو الأميركي للعراق، قيل الكثير عن فظائع الحرب، مئات الآلاف من القتلى، دمرت المساجد والمباني، ولكن ماذا عن المواطنين العاديين في ذلك الوقت؟ إنه سؤال تجيب عليه المخرجة العراقية ميسون الباجه جي في فيلمها “كلشي ماكو/ نهرنا.. وسماءنا”.

    أوضحت المخرجة ميسون الباجه جي أنها تريد أن تصور في فيلمها “كلشي ماكو/ نهرنا.. وسماءنا” تحدي العراقيين الذين يعيشون في بغداد. وقالت “أولئك الذين لم يعيشوا كل ذلك (الغزو الأميركي للعراق) يرونهم فقط كضحايا. إنهم لا يرون أن نوعا من الدفء يستمر بين الناس، وأنهم مازالوا يهتمون ببعضهم البعض. هذه طريقة واحدة للبقاء والمقاومة”.

    يبدأ الفيلم من بغداد وفي وقت شتاء عام 2006، في زمن اشتد فيه الاقتتال الطائفي وفرض حظر للتجوال مع استمرار الاحتلال الأميركي للبلاد. افتتاحية الفيلم تنطلق من نهر دجلة وتختم منه حتى أن المخرجة أو الكاتبة عمدت إلى إعطاء اسم النهر لإحدى شخصيات الفيلم.
    حياة بعد الغزو




    تقع أحداث “كلشي ماكو/ نهرنا.. وسماءنا” في بغداد وعلى ضفاف نهر دجلة. ويقدم الفيلم صورة مقنعة للحياة في العراق في زمن الاقتتال الطائفي، والعمل إهداء من مخرجته ميسون الباجه جي إلى شباب العراق عرفانا بشجاعتهم وطموحهم في تحقيق العدالة والحرية.

    وهذا أول فيلم روائي تقدمه مخرجة سينمائية عراقية ومن صناعة امرأتين ينال دعما إنتاجيا على مستوى دولي، حيث التقت المخرجة الباجه جي مع الكاتبة إرادة الجبوري وشاركتها في كتابة الفيلم. وقالت المخرجة “لغرض الحصول على تمويل من صندوق الفيلم الأوروبي كان ينبغي علي الالتزام بالقوانين الأوروبية المتعلقة بجنسيات أعضاء الفريق، وكيفية صرف التمويل الأوروبي”. وقد صوِّر الفيلم بكامله في العراق، وتحديدا في السليمانية وبغداد. في حين أشارت الكاتبة الجبوري إلى إصرار الباجه جي على إنجاز فيلم مستقل تماما.

    بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، كانت صور البلاد التي انتشرت في وسائل الإعلام الرئيسية من الدمار والعنف والسيارات المفخخة، ولكن المخرجة الباجه جي منتجة الأفلام الوثائقية المخضرمة أرادت تصوير هذا الفيلم المقنع لأول مرة في موقع في العراق كي ترسم صورة لشريحة من الناس يعيشون تحت القصف والخطف والقتل، وحاولت تقديم صورة الحياة لحي بغدادي وسط هذا الخراب والسيرك الدموي خلال الأسبوع الأخير من عام 2006 المضطرب.

    أحداث الفيلم تدور بعد ثلاث سنوات من الغزو الأميركي، في ذلك الوقت كانت قوات الاحتلال قد أنشأت نظاما سياسيا طائفيا أدى إلى الانحدار بالبلاد نحو العنف والبؤس في الحي المختلط دينيا حيث يتم تصوير الفيلم. وعلى الرغم من أن المخرجة تصور بوضوح الرعب في ذلك الوقت، إلا أن هذا ليس فيلما عن الحرب. يتعلق الأمر بالأشخاص الذين يحاولون النجاة من الصراع وهو عام انتهى بشكل لا ينسى بإعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

    الفيلم يقدم صورة الحياة لحي بغدادي وسط الخراب والسيرك الدموي خلال الأسبوع الأخير من عام 2006 المضطرب

    تشير المخرجة إلى أهوال الحرب والعنف الطائفي ووقوع حوادث إرهابية عديدة راح ضحيتها المئات من الأبرياء وتهجير مناطقي مذهبي وكذلك تهجير خارج الوطن وفقدان الأمن والأمان، الانفجارات تصم الآذان والجثث تطفو على سطح نهر دجلة أو مرمية على أرصفة الشوارع. وسط هذه الفوضى التي صنعها الاحتلال تقتل الحياة الطبيعية اليومية وتغتال القدرة على الأحلام. وحين تصبح الحياة في الحاضر معلقة بخيط يكون المستقبل سرابا، في قلب هذه الحياة المتشابكة نتابع بطلة الحكاية الروائية سارة (الممثلة السورية دارينا الجندي) التي تستخدم الآن المهارات من أدبها الإنجليزي لدرجة الدكتوراه لترجمة الأوراق لزملائها العراقيين.

    تظهر لنا المخرجة فترة تمزيق المدينة بسبب الاقتتال الطائفي، وتحصر فيلمها في الأسبوع بين عيد الميلاد وعيد الأضحى الذي سيختتم في ذلك العام بإعدام الرئيس صدام حسين. افتتاحية الفيلم في مشهد سيارة تجتاز نقطة السيطرة في شارع قرب بيت سارة وبعدها نسمع دوي انفجارها وتناثر زجاج نوافذ البيوت القريبة. إنها افتتاحية صادمة تضع الجمهور على حافة ما تبقى من الفيلم.

    المخرجة تظهر لنا فترة تمزيق بغداد بسبب الاقتتال الطائفي وتحصر فيلمها في الأسبوع بين عيدي الميلاد والأضحى

    سارة أم عزباء وروائية، مصدومة في صمت، في وقت من العنف الطائفي الشديد وحظر التجول الليلي في بغداد. تدعونا هي وجيرانها إلى حياتهم اليومية، حيث يشتت عالمهم ويحاولون تجديد شعورهم الهش بالأمل من أجل مستقبل أفضل. يبدأ الفيلم من مشهد للكاتبة سارة وهي تؤشر على خارطة لمدينة بغداد لمواقع التفجيرات والسيارات المفخخة، ومن شرفة بيتها تراقب الشارع وتسمع فيه صوت الطلقات النارية واثنين من رجال الشرطة يقفان في سيطرة قريبة لمنزلها، وعند مرور سيارة بعد تفتيشها يسمع دوي انفجار كبير. بعد انفجار السيارة المفخخة، يسود الظلام في البيوت القريبة وتنطفئ زينة عيد الميلاد في بيت الكاتبة سارة.

    لم تعد سارة قادرة على كتابة روايتها وسط هذا الجنون من القتل والتفجيرات والاغتيالات بكاتم الصوت، لأن كل ما تكتبه سيكون كذبة حسب قناعتها. وتشعر بالعجز في العثور على الكلمات لوصف أهوال الحرب وصدمتها بدقة، فهي تراقب بشكل محموم عدد القتلى وتستخدم مهاراتها في القراءة والكتابة باللغة الإنجليزية لمساعدة جيرانها على ترجمة مناشداتهم إلى القوات الأميركية في الكشف عن مصير أبنائهم المغيبين في السجون.

    نراقب بطلة الفيلم وهي تجري مسرعة إلى المدرسة القريبة لتأمين وصول ابنتها ريم بأمان، بينما تتشابك قصتها مع قصص جيرانها. صوت طائرات الأباتشي التابعة للجيش الأميركي التي تكشف إضاءاتها لصياد ينام في مركبه في نهر دجلة، ليفتح النهار على مشهد لنهرنا (دجلة) يحمل جثة امرأة مغمورة تطفو على سطحه.
    مصائر متقاطعة



    آثار الاحتلال على مصير الناس


    اختارت الباجه جي إنشاء فيلم يوجد فيه خمس عشرة شخصية مركزية أو أكثر يعرفون بعضهم البعض، ومن مختف الأطياف والمذاهب التي تمثل فسيفساء المجتمع العراقي، ولكن من الناحية العملية ينطوي هذا الشكل على الجمع بين سلسلة من القصص المتشابكة التي تشمل خمس عائلات. واختارت المخرجة القطع في المشاهد ذهابا وإيابا بينها، وفي مشاهد قصيرة عابرة لتقديم صورة سكان محلة صغيرة يحاولون أن يعيشوا حياتهم اليومية على الرغم من هجمات العنف والقتل غير المتوقع التي تعرضهم للمخاطر.

    في قلب الأحداث يروي الفيلم قصة سارة مع ابنتها ريم (زينب جودة) البالغة من العمر 8 سنوات التي ترشحت لجائزة أفضل ممثلة في دور مساعد من جوائز السينما المستقلة البريطانية. والدة سارة المسنة وشقيقها يحيى (أحمد هاشمي) يجد نفسه على مفترق طرق أخلاقي عندما يكشف أن شركته المعمارية تشارك في ممارسات بناء غير آمنة وغير مطابقة للمواصفات مقابل رشاوى المهندسين، ويرفض أن يساهم في هذه الجريمة والفساد الذي ينخر المؤسسة.


    أمل في المستقبل


    وفي ليلة مظلمة تهرب صبيحة أقرب صديقاتها، وهي ممثلة مسرحية مسيحية إلى سوريا التي كانت آمنة وقتذاك بعد تلقيها تهديدات طائفية بالقتل. وتتكفل خسارة سارة لصديقتها صبيحة بإعادة قدرتها وتحفيزها على الكتابة من جديد. ولكن هذا الأسلوب في القفز من شخصية إلى أخرى ومن عائلة إلى أخرى، من المرجح أن يؤدي إلى الارتباك بالنسبة إلى المشاهد.

    من السهل بما فيه الكفاية تحديد الشخصية المحورية، سارة، وعائلة منى (لبوة عرب) التي حرمت من أطفالها بسبب زواج فاشل في الماضي والتي تضع أمها اللوم عليها بأنها تركت أطفالها بكل سهولة وتخلّت عنهم، وتصرخ منى بألم ولوعة بأنها تركت كل شيء وراءها بسبب التعنيف المستمر من قبل زوجها السابق. وهي الآن حامل وتوشك على الولادة وتعيش مع زوجها (باسم حجار) الذي كان أسير حرب سابقا في إيران ثم عاد بعد تغيير النظام ليعمل سائق تاكسي، ووالدتها (سهام مصطفى) التي شل القلق حياتها منذ أن غيّب نظام صدام ابنها إبراهيم قبل 15 عاما وتعاني من الشرود الفكري والحزن والقلق، وينصب جل اهتمامها في البحث عن ابنها بين سجلات المفقودين ومن يعثرون عليه في المقابر الجماعية.

    وتعيش في مكان قريب دجلة المرأة المحبطة (مريم عباس) مع شقيقها نبيل (سامي العلي) الذي يجلس على كرسي متحرك، ونجد عائلة مسيحية تضم صبيحة (بادية عبيد) وابنتها الصغيرة نور. إضافة إلى شخصية البروفيسور سامي، الذي جسّد دوره الفنان كاميران رؤوف، الأستاذ الجامعي الذي حصلت الكاتبة سارة درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي تحت أشرافه، وكان ويزورها بين فترة وأخرى ليتبادلا الحديث في أمور الكتابة ومواضيع تخص الأدب.


    هناك الساعي أبوحيدر، ويقدم الدور الممثل المعروف محمود أبوالعباس، والذي من فمه أخذ عنوان الفيلم حين سئل “شكو ماكو؟”، يرد أبوحيدر “ماكو شي”، وابنه المراهق حيدر (مسلم حسون) الذي يسعى للانتقام من قتلة أمه وأخواته في حادث تفجير، يُغرق أبوحيدر يأسه في الكحول، في حين أن ابنه معرض بشكل متزايد لخطر تجنيده في الميليشيات الطائفية، حينما ينتبه إليه الأب نتيجة تحذير الجار كريم الخبار يكون الأوان قد فات. ونجد صائد السمك والجار الذي خطفوا ابنه لأسباب طائفية، شخصية أخرى بارزة هنا هي البلام رجل القارب (علي كريم) الذي ينام على سطح قاربه وعلى ضفاف نهرنا وتحت سمائنا، الذي يجده الاحتلال في بعض الأحيان يسحب جثث المغدورين من النهر.

    ركزت المخرجة أيضا في فيلمها هذا على التجاذب الطائفي بين السنة والشيعة الذي وصل إلى درجة العمليات الإرهابية والتصفيات الجسدية والاغتيالات. وفي مشهد مؤثر يلخص رسالة كاتبة الفيلم إرادة الجبوري وصورتها المخرجة بشكل رائع يعبر عن البؤس الطائفي الديني، وأثناء خروج البنت ريم من المدرسة، تسأل الطفلة أمها الكاتبة قائلة “يسألني الأطفال هل أنا سنّية أم شيعية، فبماذا أجيبهم هل نحن سنة أم شيعة يا أمي؟”، ترد عليها الأم “إذا سألوك مرة أخرى أجيبي فقط بـ: أنا عراقية”.

    في النهاية تتخلى الكاتبة عن قرارها وتظل في بلدها وفي حوار جميل بينها وبين ابنتها الصغيرة تمرر المخرجة خطابها بسلاسة وبدون مباشرة كون البلد لمواطنيه وأن كل شيء فيه لهم رغم ما وقع ويقع وأن التمسك بالأرض وبالوطن هو أقصى درجات المقاومة بالنسبة إلى المواطن البسيط.

    الفيلم يركز على فضح العنف والتجاذب الطائفي بين السنة والشيعة الذي وصل إلى درجة العمليات الإرهابية والتصفيات الجسدية

    يعتمد النص السينمائي في سرده للحكاية اعتمادا كبيرا على يوميات سجلتها الكاتبة إرادة الجبوري خلال الفترة الدموية للاحتلال الأميركي. وكانت تسجل الأحاديث التي تسمعها أثناء اصطحاب طفلتها إلى المدرسة وخلال التدريس في الجامعة لترسم صورة حياة عراقية وسط هذه الأهوال في بلد محتل، وتلك الجماعات الإرهابية التي تقتل ببشاعة الأبرياء بحجج واهية وخصوصا النساء اللواتي يغتلن ويتم التمثيل بجثثهن ويصلبن في الساحات العامة حتى تتفسخ لحومهن أو يرمى بجثثهن في النهر.

    تتحدث المخرجة عن فيلمها قائلة “عندما يتشظى العالم داخلنا وخارجنا، كيف نحافظ على إحساسنا بأنفسنا وبقصتنا، كيف نحافظ على تماسك حياتنا؟ هل يمكننا أن نكون صادقين مع قيمنا ومعتقداتنا؟ أين نجد الإرادة والشجاعة لمقاومة الضرر وتجديد الشعور الهش بالأمل كل يوم؟ ماذا نحكي لأطفالنا؟ هل يمكننا الاحتفاظ بأي إحساس بالانتماء إلى المجتمع؟ وكيف؟ ما تقدم هو فكرة فيلمنا وهو مستوحى جزئيا من الحوار والمشاهد التي سمعناها وشهدناها أنا وشريكتي في الكتابة إرادة في العراق ما بين عامي 2006 و2007”.

    وتضيف “باستخدام مادة المصدر الواقعية هذه منطلقا خلقنا سردنا الخيالي مما جعل مشاعر شخصياتنا تحضر بالطريقة التي تتيحها الدراما وفي نفس الوقت تحاول التعبير عن الطاقة والخطر والفوضى في الواقع الأوسع الذي تعيشه هذه الشخصيات”.

    إذن هذه التجربة مستوحاة جزئيا من تجربة الكاتبة المشاركة في الفيلم إرادة الجبوري، وهي روائية وشاعرة فقدت مثل بطلتها سارة القدرة على الكتابة في السنوات التي تلت الغزو.

    وقالت الجبوري إن النص “مبني على تجارب شخصية مررنا بها أثناء الأزمات التي مر بها العراق، لذا فرغم أن الفيلم هو عمل روائي متخيل إلا أنه متجذر في حقيقة الظروف التي عشناها، فنأمل أن يكون ذلك مبعثا لروح الحياة الواقعية في الفيلم، وفي الأفلام التي تدور أحداثها في بلاد تعاني الحروب أو الكوارث تظهر الشخصيات فيها وتوصف بأنها مجرد ضحايا. قصتنا لا تتجاهل المآسي التي مر بها هؤلاء الناس العاديون في السنوات الماضية، بل تهدف إلى إظهار حياة شخصياتها من جانب مختلف عمّا يكتب عنه في عناوين الأخبار“.
    أداء تمثيلي



    ساعدت حياة الممثلة دارينا الجندي في أدائها المتقن لشخصية الكاتبة، فوالدها الكاتب والصحافي السوري عاصم الجندي كان معارضا للنظام السوري ومطالبا بالحرية والعدالة تم سجنه، وبعد خروجه نفي إلى بغداد عام 1985، حاولت محاربة مجتمعها وتقاليده البالية فأدخلها الأقارب إلى مستشفى الأمراض العقلية عام 2001، ثم هربت إلى باريس التي فتحت لها كل الأبواب والآفاق، وقدمت مسرحية بالفرنسية عن تجربة المصح العقلي الذي أدخلت إليه عنوة.

    عاشت الجندي حياة صاخبة بالأحداث متحررة، الأمر الذي دفعها إلى الاستقرار في فرنسا لأنها وجدت البيئة المناسبة لهويتها الفنية والشخصية. مشروعها المستقبلي فيلم عن الكاتبة اللبنانية مي زيادة مستمد من الكتاب الذي قامت دارينا بتأليفه بالفرنسية عن تجربة الأديبة زيادة مع مستشفى الأمراض العقلية التي أدخلت إليها الكاتبة الراحلة وقضت فيها أحد عشر شهرا.

    تمتلك الممثلة أرشيفا كبيرا من الأعمال التي تنوعت ما بين المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة أيضا، وخاضت بشخصيتها مختلف اللغات سواء العربية أو الأجنبية، وبعد غياب عادت إلى الدراما اللبنانية من خلال مسلسل “بالقلب” إضافة إلى مشاركتها في بطولة مسلسل “النحات”، وهي تحب عملها كروائية وممثلة، فكل مجال منهما هو باب مختلف وعالم مختلف بالنسبة إليها ويأخذها إلى مكان مغاير.

    ولا بد من الإشادة بدور الفنان العراقي المتميز محمود أبوالعباس الذي جسد دور الإنسان العراقي المغلوب على أمره والمستسلم لقدره، ورغم قصر دوره لكنه قدم درسا في الأداء، وكان الأحرى بالمخرجة أن تعطي للممثل (أبوالعباس) مساحة أكبر. ومن الفنانين الذين تميزوا كانت الفنانة لبوة عرب في دور منى (وهي بنت الفنانة العراقية أحلام عرب) هي الأخرى قدمت أداء مبهرا، ونفس الشيء لشقيق سارة يحيى الذي قدم دور الموظف النزيه الذي يرفض التلوث وحلمه الهجرة من هذا الخراب وجسده الممثل أحمد هاشمي بكل اقتدار.

    في الختام، الفيلم يدافع عن أولئك العراقيين الذين بقوا لإعادة بناء بلدهم، والشباب الذين أظهروا الكثير من المرونة والقدرة على خلق شيء جديد. ويجب ألا ننسى أن البلاد تعرضت لموجة أخرى من الهمجية من قبل داعش بعد بضع سنوات. يستكشف الفيلم كيف يجد الناس الشجاعة لمقاومة العنف والكراهية وتجديد الشعور الهش بالأمل كل يوم. فيلم “نهرنا.. سماءنا” يراهن على الحياة وعشاق الحياة، بسرده قصصا فردية متقاطعة تدور أحداثها في بغداد في زمن العنف الطائفي المكثف وحظر التجول الليلي، الذي حدث خلال الأسبوع الأخير من عام 2006.
    المخرجة ميسون الباجه جي
    • المخرجة السينمائية العراقية ميسون عدنان مزاحم الباجه جي ولدت في الولايات المتحدة عندما كان والدها أحد أعضاء الوفد الدبلوماسي العراقي في منظمة الأمم المتحدة، مخرجة أفلام مقيمة في لندن من أصل عراقي. تلقت تعليمها في العراق والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
    • درست الفلسفة في كلية لندن الجامعية ثم صناعة الأفلام في كلية لندن للأفلام. عملت لسنوات عديدة مونتيرة لعدد من الأفلام الوثائقية والدراما في المملكة المتحدة، وعملت منذ عام 1994 كمخرجة أفلام وثائقية مستقلة، حيث أنجزت أفلاما إلى حد كبير في الشرق الأوسط وحوله.
    • قامت ميسون أيضا بتدريس الإخراج والتحرير السينمائي في بريطانيا وفلسطين (في القدس وغزة وجامعة بيرزيت). في عام 2004 شاركت مع زميلها المخرج العراقي قاسم عبد في تأسيس كلية الأفلام والتلفزيون المستقلة، وهو مركز تدريب سينمائي مجاني في بغداد، أنتج طلابه 17 فيلما وثائقيا قصيرا.
    • تجيد العربية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية. درست علوم السينما بإشراف المخرج ثورولد ديكنسن، كما درست وعملت في فرنسا مع المخرج جين رينوار. وساهمت مع مجموعة من العراقيين والإنجليز في لندن في جمعية المرأة ضد العقوبات والحرب على العراق، مجموعة مقرها في المملكة المتحدة تتكون من نساء عراقيات وغير عراقيات بعد حصار العراق بين 1992 و2002 وغزوه عام 2003.
    • كتبت وصورت عدة أفلام وثائقية عن العراق وفلسطين وغزة والقدس وسوريا ومصر وإيران وأنتجت حتى الآن أكثر من عشرة أفلام أهمها “أصوات من غزة” عام 1988، “المرأة العراقية: أصوات من المنفى” (1994)، “يوم إيراني رحلة إيرانية” (2000). وفي عام 2001 قدمت فيلم “عيش في الماضي شعب القاهرة نموذجا”، وسنة 2004 طرحت فيلم “عودة إلى أرض العجائب”. وفي 2008 عملت مع المخرج العراقي قاسم عبد في فيلمه “حياة بعد السقوط”، ويقصد به الاحتلال الأميركي والبريطاني للعراق.
    المؤلفة إرادة الجبوري
    • أما كاتبة الفيلم إرادة الجبوري فهي كاتبة وباحثة وصحافية وناشطة في مجال حقوق المرأة في العراق، حصلت من جامعة بغداد على شهادتي الماجستير من كلية الفنون والدكتوراه من كلية الإعلام. رسالة الدكتوراه كانت عن صورة المرأة في السينما العراقية من 1946 – 1994.
    • قبل مشاركتها في كتابة فيلم “كلشي ماكو” تعاونت الجبوري مع المخرجة ميسون الباجه جي في مشروع بعنوان “عدسات مفتوحة في العراق” وقد تجسد هذا المشروع بمعرض صور فوتوغرافية وكتاب ثنائي اللغة، كما أنه أصبح محور فيلم وثائقي من إخراج ميسون الباجه جي، وقد نال تنويها خاصا من لجنة تحكيم مهرجان الهندسة المعمارية في روتردام.
    • شرعت الجبوري في إصدار مجموعاتها القصصية منذ العام 1990 بكتاب “شجرة الأمنيات”، ثم تلته بـ”غبار المدن”، ثم نشرت روايتها “عطر التفاح”، و”إينانا ابنة بابل” عمل للأطفال، قبل أن تزيدها بروايتي “في الغابة” و”على مسافة غربة”.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    علاء حسن
    كاتب عراقي
يعمل...
X