Mahmoud Samy صور اهل مصر زمان
مواطن مصري يعمل بالعراق يدعى “محمد عبد الهادي”.. وقعت بينه وبين أحد التجار العراقيين مشادة وعراك قام علي إثرها المواطن العراقي بالاعتداء علي المواطن المصري وضربه ضرباً مبرحاً رافضاً إعطاءه أجره الذي تم الإنفاق عليه نظير عمله ، وقام بشتمه وتعنيفه ، و هدده بأنه لن يمكث في العراق بعد اليوم مدعياً أن لديه أقارب في “حزب البعث العراقي” .
انصرف العامل المصري متأثرا بما حدث له ، ولم يكن في جيبه فلسا واحدا ، إذ كان يعمل باليومية وقام بإرسال كل ما معه من نقود إلى أهله بمصر منذ أيام .
ذهب العامل إلى غرفته متألماً ومثقلاً بالهموم , فأخبر أحد الإخوة العراقيين عما حدث معه تفصيلاً ، فتعاطف الجار العراقي معه ، وقام بتهدئته وطمأنته ، وأحضر ورقة وقلماً ، وكتب رسالة إلي الرئيس صدام حسين ، يشتكي فيها مما حدث والتهديد الذي تعرض له هذا العامل ، بعد كتابة الخطاب تردد العامل كثيراً في إرسال الخطاب خوفاً من أي ملاحقات أمنية ودرءاً لأي أذى قد يتعرض له هذا العامل الأربعيني ..
وأيضا لأنه لم يعتقد ـ ولو بنسبة واحد بالمائة ـ أن تصل شكواه إلى الرئيس صدام حسين أو حتى إلي أي مسئول، ظناً منه أن رسالته ستلقى في أقرب سلة نفايات ..
ولكنه بالنهاية ترابط جأشاً وقام في الصباح الباكر بإرسالها إلي رئاسة الجمهورية العراقية من خلال أحد مكاتب البريد ببغداد ، بصحبة الجار العراقي الطيب وعدد من المصريين من أقاربه ..
كانت الأجواء شتوية والبرد قارساً ، والريح تعبث بالنوافذ بكل قوة ؛ الأمر الذي أفزع العامل ظنا منه أن الشرطة العراقية ستقوم بمداهمة منزله لجراءته علي تقديم شكوى في التاجر العراقي أولاً ، ثم لجراءته علي تقديم شكوى مباشرة إلي رئاسة الجمهورية ثانياً .
تمر الساعة تلو الساعة وإذ بالمواطن المصري محمد عبد الهادي ـ تحديداً في العاشرة ليلاً ـ يهب فزعاً على صوت باب غرفته يطرق بشدة ، حينها قال عبد الهادي: “انتهى الأمر الآن وأصبحت يا عبد الهادي في خبر كان” .. قام مسرعاً على الفور بفتح الباب ، فإذا بعدد من رجال الشرطة والحرس الجمهوري يقفون علي بابه ، أخبرهم عبد الهادي أنه لم يفعل أي شيئ ، أقسم لهم بالأحياء والأموات أنه مظلوم …
فربتوا علي كتفه وأخبروه بضرورة ارتداء ملابسه سريعاً حيث تنتظره مقابلة مهمة مع أحد المسئولين العراقيين .. بادروا بالتهدئة من روعه وطمأنته وأخبروه أن حقه سيعود كاملاً ، وهناك مسئول سيقوم بمقابلته بعد نصف ساعة تقريباً ..
فاطمأن المواطن المصري بعض الشيئ وذهب في صحبة رجال الأمن معززا مكرما لا يدري ما سيحدث له ، لكنه شعر بالطمأنينة بسبب تعاملهم الطيب وتهدئتهم له طيلة الطريق ..
ركب محمد عبد الهادي السيارة التي استغرقت مسيرتها نصف الساعة تقريباً ، لا يعرف إلى أين هم ذاهبون به، وما المصير المجهول الذي ينتظره … ظن أنه في أفضل الأحوال سيقابل أحد الظباط أو مسئولي الأمن ” المهمين” ، ..
ولكنها كانت المفاجأة التي دوت فوق رأسه كالصاعقة .. مفأجاة جعلته يفقد توازنه للحظات من فرط الدهشة حتي انتابة ذهول لحظي ..
أيعقل أن يكون هذا هو الرئيس العراقي صدام حسين بشحمه ولحمه …
ظن محمد عبد الهادي أن ما يراه أمامه هو حلم من الأحلام أو عارض من الأعراض التي ألمت به بعد مشاجرة الأمس ..حتي وجد الرئيس العراقي أمامه بشحمه ولحمه.. نعم إنه صدام حسين المهيب الركن ..
بكي حينها المواطن المصري ؛ الأمر الذي جعل الرئيس صدام حسين يربت علي كتفيه ويهدئ من روعه محتضناً إياه بكل مشاعر الأبوة و الأخوة ، ثم أمر الرئيس صدام حسين أحد معاونيه بإحضار كوب من الليمون لتهدئته …وقال له نصاً ” أنت في بلدك ولا تقلق نهائياً .. وحقك راح يرجعلك كاملاً مكملاً ، نحن لا نقبل أبدأ إهانة أي مواطن مصري أو عربي علي أرض العراق أو التعدي علي حق من حقوقه ..
وأمر رجال الأمن فوراً بالقبض علي المواطن العراقي الذي تعدى علي المواطن المصري ، والقبض أيضاً علي من هدد بهم هذا التاجر من رجال البعث أيا كان منصبهم .
كما أكرم وفادته وأمر بتذليل كافة العقبات التي يواجهها وتوفير فرصة عمل للمواطن المصري تناسب سنه وصرف له مبلغاً مالياً كبيراً ، كما أمر بعلاجه بأرقى المستشفيات العراقية ..
وقال الرئيس صدام حسين وبصوت عال للرفيق “عبد حمود ” : ” بلغوا عني للجميع هذا الكلام وعمموه ” المصري أخو العراقي ، واللي يزعَّل مواطن مصري أو يعتدي عليه يزعل صدام حسين رأساً ” ينفذ فوراً يا عبد .
هذا هو الشهيد القائد صدام حسين الذي أحبه المصريون وجميع ابناء الدول العربية وعشقوه ومازالوا يخلدون ذكراه ويترحمون عليه ليلاً، نهاراً، سراً ، جهاراً .
لم يكن صدام ديكتاتوراً كما يروج الغزاة والمستعمرون ، ولم يكن طائفياً مثل دعاة الفتنة وتجار الدين والمواقف ، بل كان زعيماً وقائداً شريفاً قومياً ، يؤمن برسالته تجاه وطنه وتجاه عروبته ودينه .
رحم الله الزعيم القائد صدام حسين ،
وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين.