عيسى بن سعيد وعرف بابن القطّاع Ibn al-Qatta وزير دولة ابن أبي عامر والآمر الناهي فيها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عيسى بن سعيد وعرف بابن القطّاع Ibn al-Qatta وزير دولة ابن أبي عامر والآمر الناهي فيها

    ابن القطّاع (عيسى بن سعيد)

    عيسى بن سعيد وعرف بابن القطّاع، ولا يعرف سنة ولادته، فهو لم يولد في بيت مشهور، ولم تكن لأيٍّ من أسلافه مكانة مرموقة لا في الدولة ولا في المجتمع. وكل ما عُرف عنه أنه عربي الأصل والجذر، وأنه ينتمي إلى قوم عرفوا ببني الجزيري، وأن سكنه كان في كورة «باغة» الواقعة بين غرناطة وقرطبة، وكانت الكورة هذه تتبع لولاية قرطبة، وأن أباه كان معلماً فيها.
    وتذكر المصادر التاريخية أن عيسى هذا اتصل برجال الديوان في قرطبة وراح يتردد إليهم، وأنه صحب في الديوان «محمد بن أبي عامر» الذي علا شأنه في الدولة كثيراً، بل صار وزير الخليفة «الحَكَم» والحاكم الفعلي في دولته، وأن محمداً هذا قد رفع منزلة عيسى حين بلغ تلك الدرجة.
    وقد ازدادت مكانة عيسى رفعةً وسموّاً بعد وفاة محمد بن أبي عامر وتولي الحكم بدلاً منه ابنه «عبد الملك» إذ صار عيسى وزير دولة ابن أبي عامر والآمر الناهي فيها، وقد آلت إليه مقاليد الأمور بحيث أصبح لا يُقضى أمرٌ من أمور الدولة إلا برأيه ومشورته وتوقيعه.
    وقد سببت له مكانته العالية هذه كثيراً من العداوات، وصار له حسّاد كثيرون، راحوا يدسّون عليه عند عبد الملك للحطّ من شأنه والنيل من مكانته، بل للتخلّص منه أيضاً.
    وكان عيسى حذراً متيقظاً لدسائس أولئك الحساد والمنافسين ومؤامراتهم، ودفعه حرصه وحذره منهم، للتقرّب من وجوه أهل قرطبة ببذل الأموال لبعضهم، ومصاهرة بعضهم الآخر ببنيه وبناته، ولهذه الغاية زوّج ابنه المكنّى «أبا عامر» أخت عبد الملك الصغرى من بنات المنصور محمد بن أبي عامر، للمحافظة على مكانته التي أراد تحصينها بتلك المصاهرة.
    ولكن حساده ومنافسيه والناقمين عليه ظلّوا يوغرون صدر عبد الملك عليه، ويبدو أن وشاياتهم قد آتت ثمارها حين أبلغوا عبد الملك أن عيسى يتصل »بأبي بكر بن هشام بن عبد الجبار بن الخليفة الناصر« والذي هو من أقرباء الخليفة هشام القائم، وكانت فرصة هؤلاء الحساد والناقمين تتيسر لهم في مجالس شراب عبد الملك التي كان ابن القطّاع قد استعفى نفسه منها لضعف شربه.
    وقد بان أثر تلك الوشايات في وجه عبد الملك وفي بعض إعراضه عن عيسى الذي فهم أن الأمور بدأت تتسرب من بين يديه، ودَاخَله الخوف من انقلاب عبد الملك عليه، ولذلك راح يفكر في طريقة يحتفظ بها بمكانته، مبرراً لنفسه الوسيلة التي توصله إلى غايته، وهداه تفكيره للاتصال بأحد أقرباء الخليفة هشام والتآمر معه، ووجد ضالته في شخص المدعو «أبا بكر هشام بن عبد الجبار بن الناصر»، فاتصل به ودعاه سرّاً للقيام على الخليفة «هشام بن المؤيد بن الحكم» وأخذ الخلافة منه، وكان عيسى يرمي من وراء ذلك القضاء على دولة ابن أبي عامر أولياء نعمته قضاءً مبرماً، والاحتفاظ بوزارته في الدولة الجديدة عند الخليفة الجديد.
    وقد قبل أبو بكر بن هاشم البيعة من عيسى وأنصاره على الرغم من تخوفه من الأمر، وراح ابن القطاع عيسى يعدُّ الخطط والرجال لقتل عبد الملك وإنهاء دولته.
    عرف عبد الملك بالمؤامرة التي تحاك ضده، وبعدما تأكد له صحتها، سبق عيسى بخطة مضادة، إذ عقد مجلساً للشراب ثم أرسل يدعو عيسى إلى حضوره، فلما حضر عيسى استقبله عبد الملك بالترحاب، وأظهر له الود، وأدناه من مجلسه زيادة في التكريم إيهاماً له بالصفاء وعدم معرفته بخططه، وبعدما اطمأن عيسى وهدأت نفسه الحذرة، فاجأه عبد الملك لائماً مؤنّباً بل شتمه، وفوجئ عيسى بانكشاف أمره، فنهض يقدّم الاعتذارت الشديدة،ولكن عبد الملك لم يقبل منه اعتذاراته، بل استل سيفاً كان قد وضعه إلى جانب فراشه وانهال بها بضربة على رأسه أصابت وجهه وأسقطته على الأرض، وكان رجال عبد الملك المحيطون به ينتظرون ذلك، فانهالوا عليه بسيوفهم وقطّعوه بلحظات، كما قتلوا صاحبين له كانا قد حضرا المجلس معه، وقد استعظم الناس قتله لأنه كان ذا مكانة كبيرة.
    وبعد قتله أرسل عبد الملك رجاله فدهموا منازل عيسى وكتّابه وأصحابه، واستولوا على ما فيها من أموال، ثم حبس كبار أولاده.
    عبدو محمد
يعمل...
X