القبانجي (محمد ـ)
(1904ـ 1989)
ولد المغني العراقي الشهير محمد القبانجي في بغداد، وتوفي فيها، وهو سيد من غنى المقامات العراقية[ر. العراق (الموسيقى في ـ)]، ويمتاز من غيره بصوت رخيم وطلاوة تقربه من الأذواق التي تميل إلى الصوت الحسن والأداء المتقن المصوغ فنياً. وهذه الميزة قلما تضافرت في مغن واحد من مغني المقام؛ لأن الأمر يتعلق بالنغم وعدم الخروج عن القواعد التي وضعت للمقام، إضافة إلى مساحة صوته الواسعة والعريضة، وتعبيره المتناهي عن الكلام الذي يغنيه. لم يأت القبانجي من فراغ إذ تعرف على أسرار الأنغام والقطع والوصل والمقامات الرئيسية، والطريقة البغدادية في تلاوة القرآن الكريم، وانضم إلى بطانة المقرئين في الموالد، وتتبع طريقة الملا عثمان الموصلي، ثم خرج عنها إلى أسلوب خاص ابتدعه لنفسه. غنى القبانجي في بداياته في مقهى «الفضوة»، وأدّى التلاوة مع المقرئين في مقهى القيصرية أيام رمضان، فلفت الأنظار إليه بصوته الرائع وتفننه في الأداء. شارك مع نخبة من الفنانين العراقيين في المؤتمر الأول للموسيقى العربية الذي عقد في القاهرة في آذار/مارس عام 1932، وأبلى بلاءً طيباً عند الحديث عن فنّ المقام العراقي وخصوصيته، وغنى في الحفلات التي أقيمت على هامش المؤتمر بحضور الملك فؤاد الأول، فأشجى الحضور بغنائه، ومنهم الملك الذي استعاد غناءه أكثر من مرة.
سافر القبانجي في أعقاب المؤتمر إلى برلين، حيث سجل بعض أعماله على أسطوانات، ومنها مقام على نغمة «اللامي» التي لم تكن معروفة قبله في غناء المقامات، وهي النغمة التي استقى منها محمد عبد الوهاب لحنه المعروف لأغنية «يا اللي زرعتوا البرتقال» الذي غنته المطربة الشعبية رئيسة عفيفي، ثم لحّن وغنى بعد سنوات من نغمة «اللامي» نفسها أغنية «يا اللي نويت تشغلني» التي أثارت إعجاب أم كلثوم، فسألت محمد القصبجي عن مقامها، فأجابها بأن القراء في العراق يستخدمون هذه النغمة في تلاوتهم وتعرف باسم «اللامي»، وإن أول من استخدمها في الغناء هو العراقي محمد القبانجي. تعرف القبانجي في برلين على الملحن والمغني التونسي الشهير خميس الترنان، وكانت برفقته المطربة التونسية حبيبة مسكية، فهام بها، وهامت به، وطلبت منه المجيء إلى تونس، ومنذ ذلك التاريخ غدت تونس محطته الفنية الأثيرة في حلّه وترحاله. في عام 1948 كان مستشار الإذاعة العراقية قد طلب من الفنان الراحل جميل بشير[ر] تأسيس فرقة الإذاعة الموسيقية، وكان جميل بشير عند حسن ظن القبانجي، فكونها من الأساتذة: خفير إلياس (ناي)، ومنير بشير (عود)، وحسين عبد الله (إيقاع)، وخضير شبلي (قانون)، وجميل بشير رئيساً للفرقة، وعندما قدم الفنان الفلسطيني روحي الخماش نازحاً في العام 1950؛ طُلب منه تشكيل فرقة الإذاعة الثانية. وقد رافقت فرقة الإذاعة محمد القبانجي في حفلاته الإذاعية وغير الإذاعية. في عام 1979 رشحه المجلس الدولي للموسيقى؛ للجائزة العالمية للموسيقى لمجمل أعماله، وباعتباره أقوى المغنين العرب في الارتجال في الغناء العربي. اعتزل القبانجي الغناء في السنوات الأخيرة من حياته، ولكنه ظل يغني في بيته لأصدقائه ومحبيه، وفي بيوت أصدقائه هاوياً، وليس محترفاً وإن ظلّ يستقبل الدارسين والمغنين باعتباره المرجع المتميز لفن المقام والغناء العراقيين.
من أهم أعماله الغنائية: «لما أنا خوا ومتى يشتفي منك الفؤاد»، و«سلام على دار السلام»، و«يا ساهراً بالدجى، عن حالتي لا تسل» وغيرها كثير.
صميم الشريف
(1904ـ 1989)
ولد المغني العراقي الشهير محمد القبانجي في بغداد، وتوفي فيها، وهو سيد من غنى المقامات العراقية[ر. العراق (الموسيقى في ـ)]، ويمتاز من غيره بصوت رخيم وطلاوة تقربه من الأذواق التي تميل إلى الصوت الحسن والأداء المتقن المصوغ فنياً. وهذه الميزة قلما تضافرت في مغن واحد من مغني المقام؛ لأن الأمر يتعلق بالنغم وعدم الخروج عن القواعد التي وضعت للمقام، إضافة إلى مساحة صوته الواسعة والعريضة، وتعبيره المتناهي عن الكلام الذي يغنيه. لم يأت القبانجي من فراغ إذ تعرف على أسرار الأنغام والقطع والوصل والمقامات الرئيسية، والطريقة البغدادية في تلاوة القرآن الكريم، وانضم إلى بطانة المقرئين في الموالد، وتتبع طريقة الملا عثمان الموصلي، ثم خرج عنها إلى أسلوب خاص ابتدعه لنفسه. غنى القبانجي في بداياته في مقهى «الفضوة»، وأدّى التلاوة مع المقرئين في مقهى القيصرية أيام رمضان، فلفت الأنظار إليه بصوته الرائع وتفننه في الأداء. شارك مع نخبة من الفنانين العراقيين في المؤتمر الأول للموسيقى العربية الذي عقد في القاهرة في آذار/مارس عام 1932، وأبلى بلاءً طيباً عند الحديث عن فنّ المقام العراقي وخصوصيته، وغنى في الحفلات التي أقيمت على هامش المؤتمر بحضور الملك فؤاد الأول، فأشجى الحضور بغنائه، ومنهم الملك الذي استعاد غناءه أكثر من مرة.
سافر القبانجي في أعقاب المؤتمر إلى برلين، حيث سجل بعض أعماله على أسطوانات، ومنها مقام على نغمة «اللامي» التي لم تكن معروفة قبله في غناء المقامات، وهي النغمة التي استقى منها محمد عبد الوهاب لحنه المعروف لأغنية «يا اللي زرعتوا البرتقال» الذي غنته المطربة الشعبية رئيسة عفيفي، ثم لحّن وغنى بعد سنوات من نغمة «اللامي» نفسها أغنية «يا اللي نويت تشغلني» التي أثارت إعجاب أم كلثوم، فسألت محمد القصبجي عن مقامها، فأجابها بأن القراء في العراق يستخدمون هذه النغمة في تلاوتهم وتعرف باسم «اللامي»، وإن أول من استخدمها في الغناء هو العراقي محمد القبانجي. تعرف القبانجي في برلين على الملحن والمغني التونسي الشهير خميس الترنان، وكانت برفقته المطربة التونسية حبيبة مسكية، فهام بها، وهامت به، وطلبت منه المجيء إلى تونس، ومنذ ذلك التاريخ غدت تونس محطته الفنية الأثيرة في حلّه وترحاله. في عام 1948 كان مستشار الإذاعة العراقية قد طلب من الفنان الراحل جميل بشير[ر] تأسيس فرقة الإذاعة الموسيقية، وكان جميل بشير عند حسن ظن القبانجي، فكونها من الأساتذة: خفير إلياس (ناي)، ومنير بشير (عود)، وحسين عبد الله (إيقاع)، وخضير شبلي (قانون)، وجميل بشير رئيساً للفرقة، وعندما قدم الفنان الفلسطيني روحي الخماش نازحاً في العام 1950؛ طُلب منه تشكيل فرقة الإذاعة الثانية. وقد رافقت فرقة الإذاعة محمد القبانجي في حفلاته الإذاعية وغير الإذاعية. في عام 1979 رشحه المجلس الدولي للموسيقى؛ للجائزة العالمية للموسيقى لمجمل أعماله، وباعتباره أقوى المغنين العرب في الارتجال في الغناء العربي. اعتزل القبانجي الغناء في السنوات الأخيرة من حياته، ولكنه ظل يغني في بيته لأصدقائه ومحبيه، وفي بيوت أصدقائه هاوياً، وليس محترفاً وإن ظلّ يستقبل الدارسين والمغنين باعتباره المرجع المتميز لفن المقام والغناء العراقيين.
من أهم أعماله الغنائية: «لما أنا خوا ومتى يشتفي منك الفؤاد»، و«سلام على دار السلام»، و«يا ساهراً بالدجى، عن حالتي لا تسل» وغيرها كثير.
صميم الشريف