تدوير مصانع قديمة في بريطانيا لتصبح مراكز ثقافية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تدوير مصانع قديمة في بريطانيا لتصبح مراكز ثقافية

    تدوير مصانع قديمة في بريطانيا لتصبح مراكز ثقافية


    من أبرز هذه الأماكن "سالتس ميل" بالقرب من برادفورد الذي كان أكبر مصنع في أوروبا لدى تدشينه عام 1853 و"بيس هول" في مدينة هاليفاكس المجاورة.
    السبت 2023/11/11
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    حياة ونشاط جديدان

    فكرة التدوير التي كانت تقتصر على النفايات أصبحت اليوم تطال البنايات الخالية والمهجورة، حيث اتجهت المملكة المتحدة إلى تجديد المصانع القديمة وتحويلها إلى مراكز ثقافية وترفيهية في محاولة لبعث الحياة فيها والاستفادة منها.

    هاليفاكس (المملكة المتحدة) - بات عدد كبير من المعامل القديمة في شمال إنجلترا يحتضن أنشطة ثقافية أو يُستخدم لإقامة محال تجارية، مما يعيد ألق الأيام الخوالي إلى هذه المباني التي كانت في ما مضى القلب النابض للتجارة العالمية، قبل أن تُصبح مهجورة ويطالها التقادم مع تراجع الصناعة البريطانية.

    فأصحاب مصانع النسيج في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بادروا إلى تشييد مبانٍ ضخمة أرادوها شهادات “أبدية” على سلطتهم، مستلهمين في ذلك من أسماء كبيرة من عصر النهضة الإيطالية، كعائلة ميديتشي. واستخدم هؤلاء في بناء مصانعهم "حجر يورك" الرملي المحليّ الذي تتوافر منه مجموعة متنوعة بألوان ذهبية، فرسموا بذلك معالم المشهد المدني في وست يوركشير بالقرب من ليدز.

    لكن مع الأفول التدريجي لصناعة النسيج بعد الحرب العالمية الثانية، وما نتج عنه من تراجع النشاط الاقتصادي في المنطقة، أصاب التقادم والتداعي عدداً كبيراً من رموز التاريخ الصناعي البريطاني، وجرى هدم بعضها. إلا أن أخرى أُنقِذَت وحُوِّلَت إلى مواقع ثقافية تحتضن فنانين مشهورين عالمياً كالرسام ديفيد هوكني أو المغني ستينغ.

    ومن أبرز هذه الأماكن “سالتس ميل” بالقرب من برادفورد الذي كان أكبر مصنع في أوروبا لدى تدشينه عام 1853، و”بيس هول” في مدينة هاليفاكس المجاورة. وكان عدد عمال “سالتس ميل” في ذروة مسيرته خمسة آلاف، لكنّ عدد المهتمين بشراء المصنع الضخم والطويل كان قليلاً لدى إغلاق الموقع عام 1986.

    ووجد رجل الأعمال من برادفورد جوناثان سيلفر في الظرف فرصة سانحة، فتولى إدارة الموقع في السنة التالية، لكي يحوّله إلى معرض فني، بمشاركة صديقه الرسام العالمي الشهير ديفيد هوكني، وهو أيضًا من أبناء المعتقد. وقال شقيقه روبن الذي كان إلى الأمس القريب مديراً لمتحف هوكني، "ما رآه جوناثان سيلفر هنا كان مبنى يتمتع بصيانة جيدة، وبما أنه كان في برادفورد، (اعتبر) أنه سيكون المكان المثالي لإنشاء معرض لهوكني".


    ◙ مبنى "بيس هول" في هاليفاكس مبنى مربع ضخم يعود تاريخه إلى عام 1779 كان في ما مضى سوقا لتجارة الأقمشة


    وكان جوناثان سيلفر الذي توفي عام 1997 عرض الفكرة على الرسام خلال إقامته مع الفنان في الولايات المتحدة. ووافق هوكني على إعارة بعض لوحاته، مع أنه وجد الفكرة “غريبة جداً”، في ما كان أفراد عائلة رجل الأعمال يعتقدون أنه “مجنون”، على ما روى شقيقه.

    و”لم يأت أحد”، بحسب روبن، لحضور افتتاح الصالة في نوفمبر، إذ كان عليهم أن يحضروا إلى “مصنع شيطاني مظلم، وسط أمطار غزيرة وضباب ورياح باردة”. لكنّ خطة تحويل المكان “مؤسسة فنية وثقافية لم يكن مثلها موجوداً في شمال إنجلترا في تلك الحقبة”، ما لبثت أن آتت ثمارها في نهاية المطاف.

    وكان من شأن إقبال الزوار الشغوفين بالثقافة لاحقاً جعل الشركات تكتشف إمكانات المنطقة وتدرك كيفية الاستفادة من مثل هذا المبنى ذي الدلالات الرمزية، والذي بات يضم أيضاً متاجر ومطاعم.

    أما مبنى “بيس هول” في هاليفاكس، وهو مبنى مربع ضخم يعود تاريخه إلى عام 1779، وتتوسطه ساحة واسعة تحوطها القناطر، وكان في ما مضى سوقاً لتجارة الأقمشة، فكان مصيره مماثلاً، إذ تحوّل موقعاً للحفلات الموسيقية حيث شهد حفلات لعدد من النجوم والفرق كمغني “أويزيس” السابق نويل غالاغر، وستينغ و”نيو أوردر” ونايل روجرز.

    وبعد أن أصبح الموقع سوقاً عامة على إثر تراجع صناعة النسيج، ثم مكاناً لإقامة بعض الأنشطة، أُنقِذ من الهدم في ستينات القرن العشرين، ثم مجدداً في الثمانينات بفارق صوت واحد خلال التصويت المحلي.

    غير أن المبنى استعاد رونقه بعد ترميمه بتكلفة 19 مليون جنيه إسترليني (22 مليون يورو) وفكرة مديره نيكي تشانس طومسون في تنظيم حفلات موسيقية منذ عام 2018. ونقل عن نويل غالاغر قوله إنه “كان أفضل حفل موسيقي له في الصيف”، في حين “قال نايل روجرز إن ثمة شيئاً سحرياً في هذا المكان”.

    وكما هي الحال مع “سالتس ميل”، سرعان ما اجتذب نجاح "بيس هول" كمكان ثقافي التجار، ممّا أدى إلى تحقيق عائد على الاستثمار قدره ستة جنيهات لكل جنيه مستثمر، وفقا لخبراء مستقلين، مما وفّر موارد ثمينة لبلدية المدينة. وإذا كان تنظيم حفلات الروك يبدو بعيدا جدا عن الرؤية الأصلية لمؤسسي المصنع، فإن نيكي تشانس طومسون “تأمل في أن يكونوا راضين” لأن ذلك “يعني أننا نجحنا في الحفاظ على هذا المبنى الرائع”
يعمل...
X