"كاينة ظروف": دراما مغربية تحكي عوالم السجون والحلم بالحرية
العمل يتميز بقصته الشيقة التي تناقش قضايا اجتماعية معقدة وعميقة عبر حكايات نساء سجينات يحلمن بالحرية.
الجمعة 2023/11/10
ShareWhatsAppTwitterFacebook
التفاعل مع النساء والتأمل في قضاياهن
الرباط – “كاينة ظروف” أو “هناك ظروف” هو مسلسل اجتماعي أخرجه إدريس الروخ وعرضته القناة الأولى المغربية وحقق مشاهدات كبيرة، حيث يتطرق خلال 30 حلقة إلى عوالم السجون والتوق الكبير إلى الحرية، والكلفة التي تدفعها النساء للاندماج في المجتمع بعد مغادرتهن السجن.
تبلغ مدة كل حلقة 52 دقيقة، وقامت بشرى ملاك بكتابة السيناريو، ويتألق في بطولته فريق ممثلين مميز يضم كلا من راوية، سامية أقريو، ابتسام العروسي، نبيل عطيف، أسامة البسطاوي، عبدالنبي البنيوي وعدد آخر من النجوم.
يتميز المسلسل بقصته الشيقة التي تناقش قضايا اجتماعية معقدة وعميقة عبر حكايات نساء سجينات يحلمن بالحرية، مما يشجع المشاهدين على التفاعل مع شخصيات النساء والتأمل في قضاياهن.
ويتميز العمل أيضًا بأداء جيد للممثلين رغم أن الحوار يخفق أحيانا كثيرة، ومن النقاط السلبية التي قد يلاحظها بعض المشاهدين البطء في تطور الحبكة الدرامية، مما يمكن أن يثير لديهم شعورًا بالملل، كما يمكن أن يصطدم بعض المشاهدين بتوقعاتهم بنهاية أكثر تفاؤلًا رغم الواقعية الشديدة التي انتهجها العمل.
عندما تتناول المسلسلات قضايا وصراعات تتعامل معها الشرائح الاجتماعية في الواقع، بحبكات درامية، يصبح لديها القدرة على جذب اهتمام الجمهور وتحفيزه على التفكير في القضايا والتأمل فيها
في بداية الحلقة الأولى من مسلسل “كاينة ظروف” اعتمد الإخراج على تقنية الفلاش باك (الاسترجاع)، حيث تم تجاهل الترتيب الزمني للأحداث بشكل متعمد لخلق تأثير درامي يلفت انتباه المشاهدين أو لتنفيرهم حسب قدرتهم على فهم عملية السرد، إذ ينتقل المخرج من مشهد تجسده نادية التي تؤدي دورها الممثلة سامية أقريو وهي تحتفل بنجاحها المالي بجوار زوجها الممثل محمد عاطف وزملائها.
ثم ينتقل المتفرج إلى مشهد غنائي من حقبة أخرى نشاهد فيه فنانة العيطة فوزية التي تجسدها الممثلة راوية داخل حفل قديم، والمشهد يُضفي لمسة من الطابع التاريخي على الحلقة ويعكس المشاهد الحداثية الأخرى التي بدأ بها الفيلم، ويشهد للموظب الإبداع في استعماله لتقنية الذكاء الاصطناعي لتجسيد هيئة الممثلة القديرة راوية في عمر أكثر شبابا.
ثم تنتقل الأحداث إلى مشهد أكثر حركية داخل مرقص للشباب، حيث نرى حنان التي تؤدي دورها الممثلة ابتسام العروسي، وهي ترقص في أجواء صاخبة. ووضعت الكاميرا المشاهدين في جوٍ مليء بالحيوية، وهو ما يخالف الترتيب الزمني للحدثين السابقين، إذ أن التقنية الإخراجية تعطي انطباعًا مرتجلا في الوهلة الأولى وتُضيف توترًا في تتبع الأحداث، كما تجمع المشاهد المختلفة بين الشخصيات الرئيسية بطريقة مربكة وتعرض أوجهًا مختلفة من الحالات الاجتماعية، مما يدفع المشاهدين إلى التردد في متابعة باقي السلسلة.
تم تنفيذ المشاهد بإيقاع سريع دون أن نفهم الرابط بينها، مع تجاهل تقنية الاسترجاع التقليدية، وهذا النهج الإخراجي اُستخدم عشوائيا لخلق تأثير تصاعدي للأحداث يثير توتر المشاهد وفضوله، كما تم تقديم مجموعة متنوعة من الممثلين بشكل مختلط مما يخلق صعوبة للمتلقي في محاولة التعرف على الشخصيات وفهم العلاقة بينها.
يتوقف الإيقاع السريع على نحو مفاجئ ليبدأ مشهد مؤثر يروي قصة نادية الشابة الناجحة والثرية التي وقعت في مشكلة قانونية تتعلق بالأموال والتي وجدت نفسها في مواجهة ابنتها التي تنكرت لها ومؤامرات طليقها لإعادتها إلى السجن بتهمة جديدة، كما نتعرف أيضًا على حنان التي غادرت السجن بعد قضية مخدرات، والتي كانت تتمنى أن تستقبلها جدتها التي ربتها بفرحة بعد الإفراج عنها، لكن القدر جعل يوم إطلاق سراحها يوم وفاة الجدة، فتجد نفسها تطرد من قبل خالها وتنتقل لتعيش في الشارع.
كذلك أمضت فوزية التي أدت دورها الممثلة راوية عقوبة طويلة في السجن بعد ارتكاب جريمة قتل زوجها، كما تواجه صعوبة كبيرة في البدء مجددا والاندماج في الحياة بعد خروجها من السجن وتفشل في محاولة العثور على عمل يمكن أن يساعدها على تأمين معيشتها بسبب سجلها الجنائي، وتتصاعد التحديات عندما تحاول البحث عن ابنها.
العمل يتميز بأداء جيد للممثلين رغم أن الحوار يخفق أحيانا كثيرة، ومن النقاط السلبية التي قد يلاحظها بعض المشاهدين البطء في تطور الحبكة الدرامية
تتعدد الصعوبات والعراقيل أمام النساء الثلاثة، ومع ذلك، تحاول هؤلاء النساء دعم بعضهن بعضًا لبدء حياة جديدة والتكيف مع التحديات التي تنتظرهن وقد تم اعتماد اللقطات بين القريبة والقريبة جدا في متتالية المشاهد لإبراز الأبعاد النفسية والتناقضات والصراعات الشخصية والاجتماعية التي تشكل أساس الحبكة الدرامية.
أخذ المسلسل طابع السيتكوم الدرامي في طرحه للأحداث، حيث يُظهر سخرية وتناولًا للوضعيات الاجتماعية وخاصة في ما يتعلق بنوعية الإخراج والأداء، على الرغم من أن النية الأساسية للمخرج هي التوجه نحو عالم السجينات وتسليط الضوء على صعوباتهن وتحدياتهن بعد الإفراج عنهن.
التغيير في الأجواء واللمسات الكوميدية يأتي بعد مرور نصف ساعة على بداية الحلقة الأولى من المسلسل، لكن سيناريو العمل ينتهج نهجًا آخر في الحلقات الأخرى وخاصة في تناول القضايا الاجتماعية والنفسية التي تمس الواقع المغربي، حيث يركز عليها بشكل أوضح يشد انتباه الجمهور ويثير اهتمامه.
عندما تتناول المسلسلات قضايا وصراعات تتعامل معها الشرائح الاجتماعية في الواقع، بحبكات درامية، يصبح لديها القدرة على جذب اهتمام الجمهور وتحفيزه على التفكير في القضايا والتأمل فيها، إذا كان المسلسل يقدم هذه القضايا بشكل مناسب، فقد يكون لديه تأثير إيجابي في زيادة الوعي الاجتماعي وخلق نقاش واسع حول القضايا في المجتمع المغربي، لكن الكوميديا لا تعد وسيلة مناسبة لخدمة هذا النوع من المواضيع.
وبالعودة إلى “كاينة ظروف” يمكن القول إنه يمكن أن يساهم في تطوير الدراما المغربية من خلال اتباع نهج جديد ومبتكر في تقديم القصص والشخصيات، وقد يكون له دور مهم في تسليط الضوء على قضايا اجتماعية هامة وتحفيز بقية المخرجين والمنتجين للمزيد من الإبداع في صناعة المحتوى التلفزيوني في المغرب.
العمل يتميز بقصته الشيقة التي تناقش قضايا اجتماعية معقدة وعميقة عبر حكايات نساء سجينات يحلمن بالحرية.
الجمعة 2023/11/10
ShareWhatsAppTwitterFacebook
التفاعل مع النساء والتأمل في قضاياهن
الرباط – “كاينة ظروف” أو “هناك ظروف” هو مسلسل اجتماعي أخرجه إدريس الروخ وعرضته القناة الأولى المغربية وحقق مشاهدات كبيرة، حيث يتطرق خلال 30 حلقة إلى عوالم السجون والتوق الكبير إلى الحرية، والكلفة التي تدفعها النساء للاندماج في المجتمع بعد مغادرتهن السجن.
تبلغ مدة كل حلقة 52 دقيقة، وقامت بشرى ملاك بكتابة السيناريو، ويتألق في بطولته فريق ممثلين مميز يضم كلا من راوية، سامية أقريو، ابتسام العروسي، نبيل عطيف، أسامة البسطاوي، عبدالنبي البنيوي وعدد آخر من النجوم.
يتميز المسلسل بقصته الشيقة التي تناقش قضايا اجتماعية معقدة وعميقة عبر حكايات نساء سجينات يحلمن بالحرية، مما يشجع المشاهدين على التفاعل مع شخصيات النساء والتأمل في قضاياهن.
ويتميز العمل أيضًا بأداء جيد للممثلين رغم أن الحوار يخفق أحيانا كثيرة، ومن النقاط السلبية التي قد يلاحظها بعض المشاهدين البطء في تطور الحبكة الدرامية، مما يمكن أن يثير لديهم شعورًا بالملل، كما يمكن أن يصطدم بعض المشاهدين بتوقعاتهم بنهاية أكثر تفاؤلًا رغم الواقعية الشديدة التي انتهجها العمل.
عندما تتناول المسلسلات قضايا وصراعات تتعامل معها الشرائح الاجتماعية في الواقع، بحبكات درامية، يصبح لديها القدرة على جذب اهتمام الجمهور وتحفيزه على التفكير في القضايا والتأمل فيها
في بداية الحلقة الأولى من مسلسل “كاينة ظروف” اعتمد الإخراج على تقنية الفلاش باك (الاسترجاع)، حيث تم تجاهل الترتيب الزمني للأحداث بشكل متعمد لخلق تأثير درامي يلفت انتباه المشاهدين أو لتنفيرهم حسب قدرتهم على فهم عملية السرد، إذ ينتقل المخرج من مشهد تجسده نادية التي تؤدي دورها الممثلة سامية أقريو وهي تحتفل بنجاحها المالي بجوار زوجها الممثل محمد عاطف وزملائها.
ثم ينتقل المتفرج إلى مشهد غنائي من حقبة أخرى نشاهد فيه فنانة العيطة فوزية التي تجسدها الممثلة راوية داخل حفل قديم، والمشهد يُضفي لمسة من الطابع التاريخي على الحلقة ويعكس المشاهد الحداثية الأخرى التي بدأ بها الفيلم، ويشهد للموظب الإبداع في استعماله لتقنية الذكاء الاصطناعي لتجسيد هيئة الممثلة القديرة راوية في عمر أكثر شبابا.
ثم تنتقل الأحداث إلى مشهد أكثر حركية داخل مرقص للشباب، حيث نرى حنان التي تؤدي دورها الممثلة ابتسام العروسي، وهي ترقص في أجواء صاخبة. ووضعت الكاميرا المشاهدين في جوٍ مليء بالحيوية، وهو ما يخالف الترتيب الزمني للحدثين السابقين، إذ أن التقنية الإخراجية تعطي انطباعًا مرتجلا في الوهلة الأولى وتُضيف توترًا في تتبع الأحداث، كما تجمع المشاهد المختلفة بين الشخصيات الرئيسية بطريقة مربكة وتعرض أوجهًا مختلفة من الحالات الاجتماعية، مما يدفع المشاهدين إلى التردد في متابعة باقي السلسلة.
تم تنفيذ المشاهد بإيقاع سريع دون أن نفهم الرابط بينها، مع تجاهل تقنية الاسترجاع التقليدية، وهذا النهج الإخراجي اُستخدم عشوائيا لخلق تأثير تصاعدي للأحداث يثير توتر المشاهد وفضوله، كما تم تقديم مجموعة متنوعة من الممثلين بشكل مختلط مما يخلق صعوبة للمتلقي في محاولة التعرف على الشخصيات وفهم العلاقة بينها.
يتوقف الإيقاع السريع على نحو مفاجئ ليبدأ مشهد مؤثر يروي قصة نادية الشابة الناجحة والثرية التي وقعت في مشكلة قانونية تتعلق بالأموال والتي وجدت نفسها في مواجهة ابنتها التي تنكرت لها ومؤامرات طليقها لإعادتها إلى السجن بتهمة جديدة، كما نتعرف أيضًا على حنان التي غادرت السجن بعد قضية مخدرات، والتي كانت تتمنى أن تستقبلها جدتها التي ربتها بفرحة بعد الإفراج عنها، لكن القدر جعل يوم إطلاق سراحها يوم وفاة الجدة، فتجد نفسها تطرد من قبل خالها وتنتقل لتعيش في الشارع.
كذلك أمضت فوزية التي أدت دورها الممثلة راوية عقوبة طويلة في السجن بعد ارتكاب جريمة قتل زوجها، كما تواجه صعوبة كبيرة في البدء مجددا والاندماج في الحياة بعد خروجها من السجن وتفشل في محاولة العثور على عمل يمكن أن يساعدها على تأمين معيشتها بسبب سجلها الجنائي، وتتصاعد التحديات عندما تحاول البحث عن ابنها.
العمل يتميز بأداء جيد للممثلين رغم أن الحوار يخفق أحيانا كثيرة، ومن النقاط السلبية التي قد يلاحظها بعض المشاهدين البطء في تطور الحبكة الدرامية
تتعدد الصعوبات والعراقيل أمام النساء الثلاثة، ومع ذلك، تحاول هؤلاء النساء دعم بعضهن بعضًا لبدء حياة جديدة والتكيف مع التحديات التي تنتظرهن وقد تم اعتماد اللقطات بين القريبة والقريبة جدا في متتالية المشاهد لإبراز الأبعاد النفسية والتناقضات والصراعات الشخصية والاجتماعية التي تشكل أساس الحبكة الدرامية.
أخذ المسلسل طابع السيتكوم الدرامي في طرحه للأحداث، حيث يُظهر سخرية وتناولًا للوضعيات الاجتماعية وخاصة في ما يتعلق بنوعية الإخراج والأداء، على الرغم من أن النية الأساسية للمخرج هي التوجه نحو عالم السجينات وتسليط الضوء على صعوباتهن وتحدياتهن بعد الإفراج عنهن.
التغيير في الأجواء واللمسات الكوميدية يأتي بعد مرور نصف ساعة على بداية الحلقة الأولى من المسلسل، لكن سيناريو العمل ينتهج نهجًا آخر في الحلقات الأخرى وخاصة في تناول القضايا الاجتماعية والنفسية التي تمس الواقع المغربي، حيث يركز عليها بشكل أوضح يشد انتباه الجمهور ويثير اهتمامه.
عندما تتناول المسلسلات قضايا وصراعات تتعامل معها الشرائح الاجتماعية في الواقع، بحبكات درامية، يصبح لديها القدرة على جذب اهتمام الجمهور وتحفيزه على التفكير في القضايا والتأمل فيها، إذا كان المسلسل يقدم هذه القضايا بشكل مناسب، فقد يكون لديه تأثير إيجابي في زيادة الوعي الاجتماعي وخلق نقاش واسع حول القضايا في المجتمع المغربي، لكن الكوميديا لا تعد وسيلة مناسبة لخدمة هذا النوع من المواضيع.
وبالعودة إلى “كاينة ظروف” يمكن القول إنه يمكن أن يساهم في تطوير الدراما المغربية من خلال اتباع نهج جديد ومبتكر في تقديم القصص والشخصيات، وقد يكون له دور مهم في تسليط الضوء على قضايا اجتماعية هامة وتحفيز بقية المخرجين والمنتجين للمزيد من الإبداع في صناعة المحتوى التلفزيوني في المغرب.