Sajiyousef Qorqmaz مع اوريج أغا وLougin Zuhair Jabbour.
خطر ببالي هذا الصباح...
زهير جبور .
رحلة حياة ٍشاقة.
لماذا تشعر بأنك غير معني ٍ بالحديث عن زهير جبور ، ربما لأنه من يتحدث عن الآخر، ولا ينتظر أن يتحدث عنه أحد ٌ ما ، ربما لأنه يقيم النشاط ، يحرك الجو الآسن ، يجمع ، يدعو ، يطلع بأفكار كثيرة ، فلا تعتقد أنه ينتظر منك أن تتحدث عنه ، لكن و للحق ، لزهير جبور أياد ٍ بيضاء كثيرة ومهمة على الحركة الأدبية والثقافية ، بل والإعلامية في اللاذقية ، وهو اسم ٌ لا يمر هكذا دون توقف ٍ طويل ...
كتبت في بداية لقاء معه الخميس 21 تموز 1988 في الأسبوع الأدبي :
" لن أصف حالات ٍ يعيشها زهير جبور بشكل ٍ أوضح ، بل سأترك له الحديث عن تجربته ، وصراحته كافية لهذا الحديث ، وليس بحاجة ٍ إلى حافز ٍ ليتحدث بحرارة ، ويدافع عن نفسه ، وحديثنا عن حياته الشخصية ،هو مفتاح الدخول إلى عالمه القصصي ..
في ذلك اللقاء في الأسبوع الأدبي يقول زهير :
" أمضيت فترة ً طويلة من العمر في قهر ٍ حقيقي ٍ ، كنا أسرة ً مؤلفة ً من عشرة أفراد نعيش من دخل رجل ٍ واحد ٍ هو والدي ، وعندما نتناول وجبتنا من (البرغل والعدس )كنا نقول يومها لقد شبعنا .
عملت أجير حلاق ، ونادل في مطعم ، وصانعا ً في محل حلويات ، ولا أزال أذكر الاستغلال البشع من قبل صاحب المحل ، حيث كنت أعمل فيه نهارا ً وفي الفرن ليلا ً ..
يتابع زهير :
مع ذلك كنت أقرأ ، وأحلم أن أرى أسمي في بعض الصحف يوما ً ما ،
وعندما نشرت أول قصة ٍ لي في ( جيل الثورة ) عام 1970 ، اشتريت 20 نسخة ٍ منها ،وتابعت الطريق...
بدأ ت القصة القصيرة في اللاذقية عمليا ً في نهاية الأربعينات، لتحبو في الخمسينات، وتبدأ مرحلة ً من النضوج في الستينات على يد عبد الله عبد، رياض نصور، هاني الراهب، محسن يوسف، خالد الشريقي.
ولتستمر في السبعينات بجهود زكريا شريقي، زهير جبور، وتليه أجيال الثمانينات وما بعدها بعدد ٍ كبير ٍ من القصاصين بعضهم استمر ناجحا ً وآخرون رغم عدم تميز أي صوت ٍ لهم، وآخرون اعتكفوا راضين..
أما في البحث عن الحداثة ، فالقاص زهير جبور أسس لاتجاه ٍ جديد ٍ في قصة اللاذقية، وأصدر أكثر من مجموعة ٍ قصصية ٍ تميزت بحداثتها ورشاقتها، يرى أنه و منذ رحيل زكريا تامر لم تظهر الأجيال المتتالية أي إبداع، لا في مجال القصة ولا في المجالات الأخرى كالشعر أو الرواية:
يقول زهير :
«على ما يبدو فقد أصيبت الأجيال بالعقم . والإبداع قد غاب . وأنّ المقلّدين والمزيفين والمخادعين والدجالين هم الذين يتصدرون الساحة ، وينبغي إعادة النظر بمسألة الإبداع بكاملها دون استثناء لأن كل ما نقرأه مجرد أدب مسطح فارغ ينبغي أن يتوقف نشره في الكتب أو المجلات أوكل ما هو مكتوب . ويتابع :
وأبدأ من نفسي لأنتهي بالآخر.
"هنا اتصلنا مع زهير جبور هاتفيا ً ليؤكد لنا أنه ربما أخطأ حين اتجه إلى الكتابة لأن مجتمعنا اليوم لا يقدر الكتابة ولا الكتاب ، وربما كان نجح لو عمل في مكان ٍ آخر أو مهنة ٍ أخرى لنجح ، لكننا اتفقنا في النهاية أن حرفة الأدب عندما تطغى فلا راد لها ."
ويرى زهير أن أسباب ذلك كامنة ً في الابتعاد عن الثقافة والمطالعة والقراءة، وفوضى النشر، وزج الأسماء في غير مكانها المناسب، لذلك آثر المبدع الحقيقي الصمت، وترك الساحة للفوضويين الذين يساندهم الإعلام ويطرحهم على أنهم الأصل .
زهير جبور الذي كان السبب في إطلاق اسم (اتحاد الكتاب) على الشارع الذي يقع فيه مقر فرع الاتحاد باللاذقية يقول:
«في شارع بيتي لا يوجد خمسة يعرفون أن زهير يكتب القصة القصيرة ».
خلال تكريم ٍ لزهير يقول عبد القادر الحصني :
أيها الصديق الطيب الجميل زهير جبور
أحييك كاتباً مبدعاً حمل هموم أمته ووطنه ودافع عن إنسانية الإنسان فيهما، طالعاً بصوته من ليل الهزيمة متطلّعاً إلى خلاص لا زال مغدوراً.
وهاهو ذا يقف قلمه على معاناة واقعنا في زمنه الأصعب، ويجوس في خرائبه معرّياً مفاسده، وفاضحاً فداحة ما أفرزته البرجوازية الطفيلّية من تحوّلات اجتماعية وسياسية جائرة على وجدان الجماعة.
وإنني إذ أحييك إنما أحييّ الألم الإنساني الذي كابدته بأحاسيسك ومشاعرك قبل أن ينزفه قلمك نحيباً مكتوباً وصراخاً ممزقاً ومرثية موجعة وارتباكاً أمام مصائر شخصيات ومصير أرض باتت تُسحب من تحت أقدامنا كالبساط العتيق.
أعمال زهير جبور الكاملة هي في شخصه كما هي فيما يكتبه:
فبين جنبيّ هذا الرجل نفس تتدفق حيوية، وتتأجج نشاطاً، وتجيش "
يقول زهير :
تناولت أيضا في أعمالي إشكالية العلاقة بين المرأة والرجل فكتبت عن الحب والأنثى التي أطمح إلى رؤيتها في مجتمعاتنا العربية في صورة امرأة تزدان بالمعايير الفكرية والثقافية والجمالية في آن معا نائية عن التقاليد البالية التي تحد من حضورها فالمرأة السورية يجب أن تكون كما هي الآلهة فينوس في أساطير الحضارة السورية والتي يولد الرجل منها فتلتحم بعد ذلك معه لتؤمن استمرارية الحياة وتجددها وجمالياتها.
يقول زهير
ما يشغلني اليوم الحوادث الجارية على أرض الوطن
والتي تغير مجرى الحياة فيه على أكثر من مستوى
لذا أحاول في هذه المرحلة الكتابة عما يجري حولنا
في إطار زوايا صحافية وخواطر أدبية
كما أعيش الواقع الراهن وأزور الأماكن الساخنة
ومواقع الجيش السوري البطل و أتابع الانتصارات التي يحققها.
آملاً في مرحلة لاحقة أن يتمكن من كتابة عمل أدبي
يضاهي في قيمته الإبداعية
ما قدمه شهداء سورية الأبطال من تضحيات
وان يكون عميقاً بما يكفي لتصوير الحوادث المفصلية الحاصلة على أرض سورية اليوم فلا يكون عملاً توثيقياً ويحمل في الوقت نفسه الوقائع التاريخية الراهنة اذ ليس من مهمة الأدب ان يحل مكان التاريخ فالتأريخ حالة مختلفة تماما عن الأدب .
ابن السما الأوغاريتي