اليومُ سيأتي The Day Will Come
يقتطع هذا الفيلمُ الدانماركي مشهده الأول من خريف عام 1967 . في ذلك الوقت كان خيال الطفل " إلمر " مشحوناً بحلم الرئيس " جون كنيدي " ( 1917 ــ 1963 ) في أنتصار أمريكا على السوفييت في مضمار غزو الفضاء ، حيث يُلقي الرئيسُ خطابه . فيما تبدأ دراما الفيلم من مشهد يركض فيه الشقيقان " ايريك " و " إلمر " و هما يحملان سلعتين سرقاها من محلٍ راح صاحبُه يطاردهما حتى أمسك بالشقيق الأصغر " إلمر " من قدمه الحنفاء ، التي بسببها لم يستطع القفز من فوق السياج ، و هكذا يجدان نفسيهما في ( مركز حماية الطفل ) ، لكن يبدو أن المركز قد بات عاجزاً عن تأهيلهما . و في لقاء بين أمهما و مدير المركز يخبرها بأن سجل ابنيها المدرسي ( حافلٌ بالغياب و المشاجرات و شرود الذهن و السرقات ) ، و إذ تعِدُه الأم التي تعاني من مرض السرطان بأن ( كل شيء سيكون بخير ) فإن المدير يخبرها بأنه في حال فشلها في إصلاحهما فإنه سيحيلُ أمرَهما الى الحكومة ، و هذا ما حصل . و من هنا تبدأ هذه القصة المأساوية الواقعية التي حصلت في دار الأيتام ( گود بيارگ ) .
و هذه الدار دارٌ مدنية ، و ليست مدرسةً دينية أو ديراً ، ولكن منذ اللحظات الأولى يتضح أن ما يجري فيها هو أقسى أضعافَ المرات مما يجري في المدارس و الأديرة الكاثوليكية ، ففي تلك الأماكن يتذرع القائمون عليها بالدين لتقويم سلوك الفرد و تصحيح مساره وفق تفسير تعاليم المسيح و طروحات الإنجيل كما يريدها رهبان هذه المدارس و الأديرة ، أما في دار الأيتام هذه فإن التعليمات مدنية حكومية ، غايتها الإصلاح ولكن يتم تطبيقها وفق المزاج و النزعة النفسية لدى القائمين عليها ، و التي قد يُعيدُها علمُ النفس الى خلفيات طفولية مضطربة لدى المشرفين على الدار.
ثمة راوٍ يظهر صوته في بداية الفيلم ليقول لنا بأنه لا يتذكر شيئاً مما يوجد في العالم خارج ( گود بيارگ ) لكنه يتذكر الشقيقين ، و هذا الصوتُ يظهرُ و يختفي بين الأحداث لنعرف أنه أحد نزلاء هذه الدار اللعينة . يقف الشقيقان على هذا العالم غير الطبيعي في هذه الدار منذ استقبال مساعد مديرها لهما ( مثلَ دورَه الممثل الدانماركي " لارس رانثي " ) ، و منذ اللحظة التي يظهر فيها مدير الدار " هيك " سنقرأ ملامح القسوة و اللاإنسانية التي تعكسها عيونٌ حادة جداً و ظلُ ابتسامة خفيف يعكس خبثاً و قسوة لامتناهية ( مثلَ دورَه الممثل الدانماركي " لارس ميكلسن " ، و هو شقيق النجم السينمائي الدانماركي " مادس ميكلسن " ) .
كما الأديرة الكاثوليكية التي اتسمت بالوحشة و الإنعزال في أماكن نائية ، كذا كانت ( گود بيارگ ) . ( كانت الرحلة الى " گود بيارگ " كالرحلة عبر الزمن ، ففي كل كيلومتر نقطعه كأننا نعود في الزمن كثيراً الى الوراء ) ، حقاً إنها العودة الى الوراء ، ليس من حيثُ النأي المكاني بل من حيث الأجواء و طبيعة النظام و نمط العيش في هذه الدار التي تعيدنا الى أجواء و نظام و نمط العيش في الأديرة الكاثوليكية سيئة السمعة من حيث القسوة و تشويه مسار الحياة و الشذوذ الجنسي و الإغتصاب .
الشقيقان اللذان كانا متحررين من سطوة الأب ، الذي شنق نفسه قبل بضع سنوات ، و من مراقبة الأم التي وقعت فريسة المرض ، يجدان أنفسهما في هذه الدار فريستين لقسوة شديدة و غير طبيعية على يد المشرفين و على يد أقرانهما في الدار أيضاً ، بل أن أحدهما يتعرض للإغتصاب على يد أحد المشرفين ، و الذي ينتقي ضحاياه من الصبية الصغار ( مثل دوره الممثل الدانماركي " سورين سيتر ــ لاسن " ) و لكن كلا الشقيقين امتلكا عزيمةً قوية على المقاومة ، وكان لذكاء الشقيق الأكبر " ايريك " دورٌ كبيرٌ في ذلك ( مثل دوره الصبي " البرت رودبك ليندهارت " ) . في هذه القصة نتلمس الحب الأخوي التلقائي و الحنو الكبير الذي يغمر " ايريك "ُ شقيقه " إلمر " به ( مثل دوره الصبي " هارالد كايسر هيرمان " ) . هذا الحُنو تُـتـَـوّجُهُ بحنوّها معلمةُ اللغة الدانماركية " هامسواي " ( مثلت دورها الممثلة الدانماركية " سوفيا گرابول " ) و التي ستكون مفتاح الخلاص .
رحلةٌ ، عبر ساعة و 59 دقيقة ، يقودنا فيها المخرج الدانماركي " گاسبر نيلسن " ، ليضعنا أمام الحقائق في حياة أشخاص قادتهم حسابات قدرية الى مصائر موجعة ، و ليُرينا كيف أن بعض البشر يتحولون الى وحوش كواسر . إنه فيلمٌ لا يُمكن أن يُنسى ، و هو من انتاج 2016 و قد نال ست جوائز سينمائية .
يقتطع هذا الفيلمُ الدانماركي مشهده الأول من خريف عام 1967 . في ذلك الوقت كان خيال الطفل " إلمر " مشحوناً بحلم الرئيس " جون كنيدي " ( 1917 ــ 1963 ) في أنتصار أمريكا على السوفييت في مضمار غزو الفضاء ، حيث يُلقي الرئيسُ خطابه . فيما تبدأ دراما الفيلم من مشهد يركض فيه الشقيقان " ايريك " و " إلمر " و هما يحملان سلعتين سرقاها من محلٍ راح صاحبُه يطاردهما حتى أمسك بالشقيق الأصغر " إلمر " من قدمه الحنفاء ، التي بسببها لم يستطع القفز من فوق السياج ، و هكذا يجدان نفسيهما في ( مركز حماية الطفل ) ، لكن يبدو أن المركز قد بات عاجزاً عن تأهيلهما . و في لقاء بين أمهما و مدير المركز يخبرها بأن سجل ابنيها المدرسي ( حافلٌ بالغياب و المشاجرات و شرود الذهن و السرقات ) ، و إذ تعِدُه الأم التي تعاني من مرض السرطان بأن ( كل شيء سيكون بخير ) فإن المدير يخبرها بأنه في حال فشلها في إصلاحهما فإنه سيحيلُ أمرَهما الى الحكومة ، و هذا ما حصل . و من هنا تبدأ هذه القصة المأساوية الواقعية التي حصلت في دار الأيتام ( گود بيارگ ) .
و هذه الدار دارٌ مدنية ، و ليست مدرسةً دينية أو ديراً ، ولكن منذ اللحظات الأولى يتضح أن ما يجري فيها هو أقسى أضعافَ المرات مما يجري في المدارس و الأديرة الكاثوليكية ، ففي تلك الأماكن يتذرع القائمون عليها بالدين لتقويم سلوك الفرد و تصحيح مساره وفق تفسير تعاليم المسيح و طروحات الإنجيل كما يريدها رهبان هذه المدارس و الأديرة ، أما في دار الأيتام هذه فإن التعليمات مدنية حكومية ، غايتها الإصلاح ولكن يتم تطبيقها وفق المزاج و النزعة النفسية لدى القائمين عليها ، و التي قد يُعيدُها علمُ النفس الى خلفيات طفولية مضطربة لدى المشرفين على الدار.
ثمة راوٍ يظهر صوته في بداية الفيلم ليقول لنا بأنه لا يتذكر شيئاً مما يوجد في العالم خارج ( گود بيارگ ) لكنه يتذكر الشقيقين ، و هذا الصوتُ يظهرُ و يختفي بين الأحداث لنعرف أنه أحد نزلاء هذه الدار اللعينة . يقف الشقيقان على هذا العالم غير الطبيعي في هذه الدار منذ استقبال مساعد مديرها لهما ( مثلَ دورَه الممثل الدانماركي " لارس رانثي " ) ، و منذ اللحظة التي يظهر فيها مدير الدار " هيك " سنقرأ ملامح القسوة و اللاإنسانية التي تعكسها عيونٌ حادة جداً و ظلُ ابتسامة خفيف يعكس خبثاً و قسوة لامتناهية ( مثلَ دورَه الممثل الدانماركي " لارس ميكلسن " ، و هو شقيق النجم السينمائي الدانماركي " مادس ميكلسن " ) .
كما الأديرة الكاثوليكية التي اتسمت بالوحشة و الإنعزال في أماكن نائية ، كذا كانت ( گود بيارگ ) . ( كانت الرحلة الى " گود بيارگ " كالرحلة عبر الزمن ، ففي كل كيلومتر نقطعه كأننا نعود في الزمن كثيراً الى الوراء ) ، حقاً إنها العودة الى الوراء ، ليس من حيثُ النأي المكاني بل من حيث الأجواء و طبيعة النظام و نمط العيش في هذه الدار التي تعيدنا الى أجواء و نظام و نمط العيش في الأديرة الكاثوليكية سيئة السمعة من حيث القسوة و تشويه مسار الحياة و الشذوذ الجنسي و الإغتصاب .
الشقيقان اللذان كانا متحررين من سطوة الأب ، الذي شنق نفسه قبل بضع سنوات ، و من مراقبة الأم التي وقعت فريسة المرض ، يجدان أنفسهما في هذه الدار فريستين لقسوة شديدة و غير طبيعية على يد المشرفين و على يد أقرانهما في الدار أيضاً ، بل أن أحدهما يتعرض للإغتصاب على يد أحد المشرفين ، و الذي ينتقي ضحاياه من الصبية الصغار ( مثل دوره الممثل الدانماركي " سورين سيتر ــ لاسن " ) و لكن كلا الشقيقين امتلكا عزيمةً قوية على المقاومة ، وكان لذكاء الشقيق الأكبر " ايريك " دورٌ كبيرٌ في ذلك ( مثل دوره الصبي " البرت رودبك ليندهارت " ) . في هذه القصة نتلمس الحب الأخوي التلقائي و الحنو الكبير الذي يغمر " ايريك "ُ شقيقه " إلمر " به ( مثل دوره الصبي " هارالد كايسر هيرمان " ) . هذا الحُنو تُـتـَـوّجُهُ بحنوّها معلمةُ اللغة الدانماركية " هامسواي " ( مثلت دورها الممثلة الدانماركية " سوفيا گرابول " ) و التي ستكون مفتاح الخلاص .
رحلةٌ ، عبر ساعة و 59 دقيقة ، يقودنا فيها المخرج الدانماركي " گاسبر نيلسن " ، ليضعنا أمام الحقائق في حياة أشخاص قادتهم حسابات قدرية الى مصائر موجعة ، و ليُرينا كيف أن بعض البشر يتحولون الى وحوش كواسر . إنه فيلمٌ لا يُمكن أن يُنسى ، و هو من انتاج 2016 و قد نال ست جوائز سينمائية .