"كوداك براوني" اسم بارز في تاريخ كاميرات التصوير الفوتوغرافي
5 يناير/ كانون الثاني 2015
لا يبدو المظهر الخارجي لهذا الجهاز مثيرا للانتباه، فهو صندوق كرتوني مغطًى بقماش جلدي وبارتفاع يبلغ 13 سنتيمترا، مع فتحة دائرية في مقدمته. وقد تواجه في الوهلة الأولى صعوبة في تحديد ماهيته، إلا أن كاميرا براوني قد تعتبر أهم كاميرا جرت صناعتها على الإطلاق.
وقبل حلول القرن العشرين، كان استخدام الكاميرات غير عملي ومرهقا، حيث كانت تصنع في ذلك الوقت من كميات كبيرة من النحاس وخشب الماهوغاني، وتقوم بالتقاط الصور على ألواح زجاجية أو معدنية كبيرة، في حين كان وقت الالتقاط يقاس بدقائق.
ولاستخدامها في تصوير أماكن نائية، استخدم الحمالون والمواشي في نقل معدات التصوير تلك. وكان التصوير مهنة تنطوي على الصبر، يتعرض العامل فيها لمخاطر المواد الكيميائية السامة. لذا فإن تلك المهنة كانت تتطلب مستوى بدنيا قويا ولم تكن مناسبة للأشخاص العاديين.
وفي ثمانينيات القرن التاسع عشر، توصل المخترع الأمريكي جورج إيستمان إلى كشف هام حين تمكن من صناعة فيلم تصوير مرن ليحل محل الألواح الزجاجية والمعدنية. وعرضت "كوداك كاميرا" أولى كاميراته للبيع عام 1888، إلى جانب أفلام تكفي لتحميض 100 صورة.
وبعد التقاطها آخر صورة من تلك الصور، أعيدت الكاميرا مرة أخرى إلى كوداك لتطويرها.
وعلى الرغم من أن الصندوق كان غير معقد، إلا أن ثمنه بلغ 25 دولارا، وكان يعتبر مبلغا باهظا آنذاك. لذا كانت تلك الكاميرا تعتبر جهازا يقتنيه الأغنياء فقط.
كاميرا بدولار واحد
وشهد هذا المجال ثورة بعد 12 عاما، لتكون كاميرا كوداك براوني التي صممها ادوارد براونيل شبيهة بكاميرا كوداك الأصلية، إلا أنه أصبح من الممكن استخراج الفيلم من الكاميرا بعد التقاط الصورة، وتجهيزها للطبع من قبل وكلاء البيع لدى كوداك أو الكيميائيين أو حتى في المنزل.
التعليق على الصورة،
لقيت كاميرا براوني رواجا في الأسواق
تخطى البودكاست وواصل القراءة
بي بي سي إكسترا
بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.
الحلقات
البودكاست نهاية
وعرضت كوداك تلك الكاميرا للبيع مقابل مبلغ زهيد بلغ دولارا واحدا، وأصبح في الإمكان شراء الفيلم والتقاط الصور عليه، ومن ثم معالجة وطبع تلك الصور مقابل دولارين فقط.
ولم يصبح من السهل حملها فحسب، بل صار استخدام الكاميرا سهلا وغير مكلف أيضا. وأصبحت تضم سرعة غالق واحدة وبؤرة. وكانت كاميرات براوني في البداية لا تحوي عدسة للكاميرا، وبدلا من ذلك، كانت هناك علامات في الجزء العلوي من الكاميرا كدليل بدائي يشير إلى ما يمكن التقاطه داخل إطار الصورة، لذا فإن محتوى الصورة كان مرهونا بقدر كبير من الحظ.
وقال مايكل بريتشارد، رئيس جمعية التصوير الفوتوغرافي الملكية وصاحب كتاب تاريخ التصوير الفوتوغرافي بخمسين كاميرا: "جعلت كاميرا براوني التصوير الفوتوغرافي أمرا ديمقراطيا بسهولة وذلك من خلال الحجم الهائل لمبيعاتها."
وتابع قائلا: "مع وجود كاميرا بتكلفة دولار واحد لها إمكانيات ونتائج معقولة مع سهولة تحضير الصور الملتقطة وطباعتها عند بائعي الصور، أصبح التصوير الفوتوغرافي أمرا متاحا للجميع بغض النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو مهاراتهم في التصوير."
خطوة عبقرية
وأصبحت كاميرا براوني أيضا مدعومة ببعض الكماليات، بدءا من الألبومات وحتى حقائب تحضير الصور في المنزل، وهو ما ساعد على نشر فكرة أن التصوير أصبح أمرا متاحا للجميع.
وعلق بريتشارد على ذلك قائلا: "أسهمت المنافسات والأندية التي تقام لمستخدمي براوني وكوداك في تعزيز هذا الإحساس بين العامة."
وأصبح هناك أيضا توجه لجذب الأطفال لتلك الكاميرات. فعلى سبيل المثال، كان يجري تغطية علب الكاميرات بشخصية كرتونية من تصميم الرسام الكندي بالمر كوكس.
وتتمثل الخطوة العبقرية وراء كاميرا براوني في أن كوداك كانت شركة صناعة أفلام في الأساس، لذا كانت هذه الكاميرا الجديدة رخيصة الثمن سببا في تزايد الطلب على هذه الأفلام من خلال منح العامة وسيلة لالتقاط الصور مرات ومرات.
وكانت كاميرا براوني قوية وسهلة الاستخدام، ومصممة ليقتنيها الجميع خلال حياتهم اليومية، وهو ما كان أمرا جديدا في ذلك الوقت. لذلك، يعتقد أن كاميرا براوني قد التقطت أكبر كمية من صور القرن العشرين أكثر من أي نوع آخر من الكاميرات.
ومن بين عيوب الأنواع الأولى من هذه الكاميرا أن بابها الخلفي كان أحيانا ما ينفتح في اللحظات غير المناسبة، وكان ذلك واحدا من بين أولى التعديلات العديدة التي أجريت عليها.
أما النوع الثاني من هذه الكاميرا، والذي ظهر بعد 18 شهرا، فقد اعتمد على شكل جديد من الأفلام لا يزال يجري تصنيعه حتى اليوم.
ومع أن آخر خط لإنتاج النوع الثاني من كاميرا براوني قد أغلق عام 1935، إلا أن العديد منها لا يزال متاحا وقادرا على التقاط الصور حتى اليوم.
مفارقة
ويقول غاري كول، أحد المهتمين بمجال التصوير الفوتوغرافي باستخدام هذا النوع من الكاميرات، إن التعود على استخدامها يستغرق وقتا، مقارنة بالكاميرات الحديثة.
صدر الصورة،GARY COLE
التعليق على الصورة،
التقط غيري كول هذه الصورة مستخدما إحدى كاميرات براوني وفيلما يعمل بالأشعة تحت الحمراء
وأضاف: "تتراوح سرعة الغالق في كاميرا البراوني ما بين 1/25 و 1/30 من الجزء في الثانية، لذا فإن عليك حمل الكاميرا بثبات."
كما يرى غوردون ليستر، وهو مصور فوتوغرافي آخر يستخدم ذلك النوع من الكاميرات، أن قلة التقنيات الآلية تزيد من جودة التصوير الفوتوغرافي.
صدر الصورة،GORDON LYSTER
التعليق على الصورة،
إحدى الصور التي التقطها غوردن ليستر
وقال ليستر: "تصل تكلفة التقاط الصورة ومعالجتها في الأساس إلى جنيه استرليني واحد في كل مرة تضغط فيها على زر غالق السرعة. فهي ليست مجرد الضغط عليه لأكثر من مرة فحسب، بل إن الأمر ينتهي بخروجك بعدد من اللقطات التي يمكنك استخدامها أكبر من عدد الصور التي يمكن التقاطها حديثا بشكل رقمي."
وثمة مفارقة هنا. فمنذ قرن من الزمان، قدمت كاميرا براوني بمفردها فكرة اللقطة الفوتوغرافية، وهي صورة يجري التقاطها أثناء الحركة، دون حاجة إلى الحامل ثلاثي الأرجل.
وأصبح التصوير واحدا من الأنشطة اليومية، وهو ما جعل تصوير الحياة الطبيعية ممكنا، بدلا من الصور التي يجري التقاطها للأشخاص بعناية مع مراعاة أن تكون الخلفية المحيطة ثابتة.
لمحة رائعة
وساهمت كاميرات براوني أيضا في توثيق الأحداث التاريخية.
ففي عام 1912، كانت برنيس بالمر البالغة من العمر 17 عاما مسافرة من مدينة نيويورك إلى البحر الأبيض المتوسط على متن سفينة "اس اس كارباثيا"، التي جرى تحويل مسارها لالتقاط الناجين من حادث غرق السفينة تايتانيك.
وكانت بالمر تصطحب معها كاميرا براونين، لذا فإن صورها التي التقطتها للناجين وطرق انتشالهم على متن سفينة كارباثيا وصور جبل الجليد كانت من بين الصور الوحيدة التي وثقت لهذه الكارثة. وأصبحت كاميرا براوني خاصتها إضافة إلى صورها التي التقطتها جزءا من مجموعة سميثسونيان المتحفية.
كما شهدت هذه الكاميرات أيضا الحرب، حيث كانت تلك الكاميرات صغيرة وخفيفة بما يكفي ليتمكن الجندي من حملها معه. وسمحت الصور التي التقطت بكاميرات البراوني — إلى جانب الكاميرات المحمولة الأخرى التي جاءت بعدها — للجنود بتوثيق حياتهم اليومية في الخنادق.
وفي وقت سابق من هذا العام، عثر حفيد الجندي البريطاني هوبيرت بيري أوتاواي على صور كان جده قد التقطها، وقدمت تلك الصور لمحة رائعة عن حياة الجندي العادي على الجبهة الغربية قبل قرن من الزمان.
وكان بيرت هاردي واحدا من أكثر المصورين شهرة في بريطانيا بعد سلسلة من اللقطات الفوتوغرافية الشهيرة التي التقطها بكاميرا براوني في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. ويشير بريتشارد إلى أن تلك الصور تثبت أن أي مصور كبير لا يحتاج إلى أحدث المعدات لالتقاط صور فوتوغرافية رائعة.
صدر الصورة،GETTY
التعليق على الصورة،
التقط بيرت هاردي هذه الصورة عام 1951 مستخدما كاميرا براوني
وأصبحت "ذي براوني" أشبه بعلامة توضع على ما يقرب من 100 من الموديلات المختلفة لكاميرات كوداك، كما أصبحت هناك كاميرات قابلة للطي، وأصبح بعضها يستخدم للأغراض السينيمائية والتصميمات الفنية للديكورات.
وتخلت تلك الكاميرات أيضا عن شكلها الذي يشبه الصندوق الجلدي، لتقدم تصميمات أكثر أناقة، وأصبحت تصنع من مواد لدائنية وبلاستيكية.
ويشير بريتشارد في كتابه إلى أن كلمة "براوني" لا تزال تستخدم بين المصورين لوصف أي كاميرا بأنها بها مواصفات أساسية إلا أنه يمكن الاعتماد عليها
5 يناير/ كانون الثاني 2015
لا يبدو المظهر الخارجي لهذا الجهاز مثيرا للانتباه، فهو صندوق كرتوني مغطًى بقماش جلدي وبارتفاع يبلغ 13 سنتيمترا، مع فتحة دائرية في مقدمته. وقد تواجه في الوهلة الأولى صعوبة في تحديد ماهيته، إلا أن كاميرا براوني قد تعتبر أهم كاميرا جرت صناعتها على الإطلاق.
وقبل حلول القرن العشرين، كان استخدام الكاميرات غير عملي ومرهقا، حيث كانت تصنع في ذلك الوقت من كميات كبيرة من النحاس وخشب الماهوغاني، وتقوم بالتقاط الصور على ألواح زجاجية أو معدنية كبيرة، في حين كان وقت الالتقاط يقاس بدقائق.
ولاستخدامها في تصوير أماكن نائية، استخدم الحمالون والمواشي في نقل معدات التصوير تلك. وكان التصوير مهنة تنطوي على الصبر، يتعرض العامل فيها لمخاطر المواد الكيميائية السامة. لذا فإن تلك المهنة كانت تتطلب مستوى بدنيا قويا ولم تكن مناسبة للأشخاص العاديين.
وفي ثمانينيات القرن التاسع عشر، توصل المخترع الأمريكي جورج إيستمان إلى كشف هام حين تمكن من صناعة فيلم تصوير مرن ليحل محل الألواح الزجاجية والمعدنية. وعرضت "كوداك كاميرا" أولى كاميراته للبيع عام 1888، إلى جانب أفلام تكفي لتحميض 100 صورة.
وبعد التقاطها آخر صورة من تلك الصور، أعيدت الكاميرا مرة أخرى إلى كوداك لتطويرها.
وعلى الرغم من أن الصندوق كان غير معقد، إلا أن ثمنه بلغ 25 دولارا، وكان يعتبر مبلغا باهظا آنذاك. لذا كانت تلك الكاميرا تعتبر جهازا يقتنيه الأغنياء فقط.
كاميرا بدولار واحد
وشهد هذا المجال ثورة بعد 12 عاما، لتكون كاميرا كوداك براوني التي صممها ادوارد براونيل شبيهة بكاميرا كوداك الأصلية، إلا أنه أصبح من الممكن استخراج الفيلم من الكاميرا بعد التقاط الصورة، وتجهيزها للطبع من قبل وكلاء البيع لدى كوداك أو الكيميائيين أو حتى في المنزل.
التعليق على الصورة،
لقيت كاميرا براوني رواجا في الأسواق
تخطى البودكاست وواصل القراءة
بي بي سي إكسترا
بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.
الحلقات
البودكاست نهاية
وعرضت كوداك تلك الكاميرا للبيع مقابل مبلغ زهيد بلغ دولارا واحدا، وأصبح في الإمكان شراء الفيلم والتقاط الصور عليه، ومن ثم معالجة وطبع تلك الصور مقابل دولارين فقط.
ولم يصبح من السهل حملها فحسب، بل صار استخدام الكاميرا سهلا وغير مكلف أيضا. وأصبحت تضم سرعة غالق واحدة وبؤرة. وكانت كاميرات براوني في البداية لا تحوي عدسة للكاميرا، وبدلا من ذلك، كانت هناك علامات في الجزء العلوي من الكاميرا كدليل بدائي يشير إلى ما يمكن التقاطه داخل إطار الصورة، لذا فإن محتوى الصورة كان مرهونا بقدر كبير من الحظ.
وقال مايكل بريتشارد، رئيس جمعية التصوير الفوتوغرافي الملكية وصاحب كتاب تاريخ التصوير الفوتوغرافي بخمسين كاميرا: "جعلت كاميرا براوني التصوير الفوتوغرافي أمرا ديمقراطيا بسهولة وذلك من خلال الحجم الهائل لمبيعاتها."
وتابع قائلا: "مع وجود كاميرا بتكلفة دولار واحد لها إمكانيات ونتائج معقولة مع سهولة تحضير الصور الملتقطة وطباعتها عند بائعي الصور، أصبح التصوير الفوتوغرافي أمرا متاحا للجميع بغض النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو مهاراتهم في التصوير."
خطوة عبقرية
وأصبحت كاميرا براوني أيضا مدعومة ببعض الكماليات، بدءا من الألبومات وحتى حقائب تحضير الصور في المنزل، وهو ما ساعد على نشر فكرة أن التصوير أصبح أمرا متاحا للجميع.
وعلق بريتشارد على ذلك قائلا: "أسهمت المنافسات والأندية التي تقام لمستخدمي براوني وكوداك في تعزيز هذا الإحساس بين العامة."
وأصبح هناك أيضا توجه لجذب الأطفال لتلك الكاميرات. فعلى سبيل المثال، كان يجري تغطية علب الكاميرات بشخصية كرتونية من تصميم الرسام الكندي بالمر كوكس.
وتتمثل الخطوة العبقرية وراء كاميرا براوني في أن كوداك كانت شركة صناعة أفلام في الأساس، لذا كانت هذه الكاميرا الجديدة رخيصة الثمن سببا في تزايد الطلب على هذه الأفلام من خلال منح العامة وسيلة لالتقاط الصور مرات ومرات.
وكانت كاميرا براوني قوية وسهلة الاستخدام، ومصممة ليقتنيها الجميع خلال حياتهم اليومية، وهو ما كان أمرا جديدا في ذلك الوقت. لذلك، يعتقد أن كاميرا براوني قد التقطت أكبر كمية من صور القرن العشرين أكثر من أي نوع آخر من الكاميرات.
ومن بين عيوب الأنواع الأولى من هذه الكاميرا أن بابها الخلفي كان أحيانا ما ينفتح في اللحظات غير المناسبة، وكان ذلك واحدا من بين أولى التعديلات العديدة التي أجريت عليها.
أما النوع الثاني من هذه الكاميرا، والذي ظهر بعد 18 شهرا، فقد اعتمد على شكل جديد من الأفلام لا يزال يجري تصنيعه حتى اليوم.
ومع أن آخر خط لإنتاج النوع الثاني من كاميرا براوني قد أغلق عام 1935، إلا أن العديد منها لا يزال متاحا وقادرا على التقاط الصور حتى اليوم.
مفارقة
ويقول غاري كول، أحد المهتمين بمجال التصوير الفوتوغرافي باستخدام هذا النوع من الكاميرات، إن التعود على استخدامها يستغرق وقتا، مقارنة بالكاميرات الحديثة.
صدر الصورة،GARY COLE
التعليق على الصورة،
التقط غيري كول هذه الصورة مستخدما إحدى كاميرات براوني وفيلما يعمل بالأشعة تحت الحمراء
وأضاف: "تتراوح سرعة الغالق في كاميرا البراوني ما بين 1/25 و 1/30 من الجزء في الثانية، لذا فإن عليك حمل الكاميرا بثبات."
كما يرى غوردون ليستر، وهو مصور فوتوغرافي آخر يستخدم ذلك النوع من الكاميرات، أن قلة التقنيات الآلية تزيد من جودة التصوير الفوتوغرافي.
صدر الصورة،GORDON LYSTER
التعليق على الصورة،
إحدى الصور التي التقطها غوردن ليستر
وقال ليستر: "تصل تكلفة التقاط الصورة ومعالجتها في الأساس إلى جنيه استرليني واحد في كل مرة تضغط فيها على زر غالق السرعة. فهي ليست مجرد الضغط عليه لأكثر من مرة فحسب، بل إن الأمر ينتهي بخروجك بعدد من اللقطات التي يمكنك استخدامها أكبر من عدد الصور التي يمكن التقاطها حديثا بشكل رقمي."
وثمة مفارقة هنا. فمنذ قرن من الزمان، قدمت كاميرا براوني بمفردها فكرة اللقطة الفوتوغرافية، وهي صورة يجري التقاطها أثناء الحركة، دون حاجة إلى الحامل ثلاثي الأرجل.
وأصبح التصوير واحدا من الأنشطة اليومية، وهو ما جعل تصوير الحياة الطبيعية ممكنا، بدلا من الصور التي يجري التقاطها للأشخاص بعناية مع مراعاة أن تكون الخلفية المحيطة ثابتة.
لمحة رائعة
وساهمت كاميرات براوني أيضا في توثيق الأحداث التاريخية.
ففي عام 1912، كانت برنيس بالمر البالغة من العمر 17 عاما مسافرة من مدينة نيويورك إلى البحر الأبيض المتوسط على متن سفينة "اس اس كارباثيا"، التي جرى تحويل مسارها لالتقاط الناجين من حادث غرق السفينة تايتانيك.
وكانت بالمر تصطحب معها كاميرا براونين، لذا فإن صورها التي التقطتها للناجين وطرق انتشالهم على متن سفينة كارباثيا وصور جبل الجليد كانت من بين الصور الوحيدة التي وثقت لهذه الكارثة. وأصبحت كاميرا براوني خاصتها إضافة إلى صورها التي التقطتها جزءا من مجموعة سميثسونيان المتحفية.
كما شهدت هذه الكاميرات أيضا الحرب، حيث كانت تلك الكاميرات صغيرة وخفيفة بما يكفي ليتمكن الجندي من حملها معه. وسمحت الصور التي التقطت بكاميرات البراوني — إلى جانب الكاميرات المحمولة الأخرى التي جاءت بعدها — للجنود بتوثيق حياتهم اليومية في الخنادق.
وفي وقت سابق من هذا العام، عثر حفيد الجندي البريطاني هوبيرت بيري أوتاواي على صور كان جده قد التقطها، وقدمت تلك الصور لمحة رائعة عن حياة الجندي العادي على الجبهة الغربية قبل قرن من الزمان.
وكان بيرت هاردي واحدا من أكثر المصورين شهرة في بريطانيا بعد سلسلة من اللقطات الفوتوغرافية الشهيرة التي التقطها بكاميرا براوني في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي. ويشير بريتشارد إلى أن تلك الصور تثبت أن أي مصور كبير لا يحتاج إلى أحدث المعدات لالتقاط صور فوتوغرافية رائعة.
صدر الصورة،GETTY
التعليق على الصورة،
التقط بيرت هاردي هذه الصورة عام 1951 مستخدما كاميرا براوني
وأصبحت "ذي براوني" أشبه بعلامة توضع على ما يقرب من 100 من الموديلات المختلفة لكاميرات كوداك، كما أصبحت هناك كاميرات قابلة للطي، وأصبح بعضها يستخدم للأغراض السينيمائية والتصميمات الفنية للديكورات.
وتخلت تلك الكاميرات أيضا عن شكلها الذي يشبه الصندوق الجلدي، لتقدم تصميمات أكثر أناقة، وأصبحت تصنع من مواد لدائنية وبلاستيكية.
ويشير بريتشارد في كتابه إلى أن كلمة "براوني" لا تزال تستخدم بين المصورين لوصف أي كاميرا بأنها بها مواصفات أساسية إلا أنه يمكن الاعتماد عليها