صالون الجزائر للكتاب يبحث المحاور الأساسية في أدب المهجر
أدباء: التكنولوجيا تحمي الذاكرة التي تدور حولها كتابات المبدعين الجزائريين.
السبت 2023/11/04
فعاليات وندوات تهتم بمستقبل الكتاب
لم يتجاهل صالون الجزائر الدولي للكتاب مكانة أدباء المهجر، وحضورهم ضمن الحراك الفكري والأدبي في الداخل الجزائري، بل حاول تسليط الضوء على قدراتهم وأهم القضايا التي يتطرقون إليها وأهم المحاور التي تسيطر على توجهاتهم الأدبية.
الجزائر - يختتم صالون الجزائر الدولي للكتاب طبعته السادسة والعشرين، السبت، التي انتظمت تحت شعار “أفريقيا تكتب مستقبلها”، وجمعت عارضين وكتابا ومثقفين من 18 بلدا أفريقيا سلطوا الضوء على المكتسبات التاريخية والثقافية للقارة.
وسجل الصالون هذا العام تنظيم العديد من الندوات الفكرية المهمة، من بينها ندوة بعنوان “أدب المهجر” أكد خلالها أدباء ومبدعون جزائريون شباب مقيمون بالمهجر أن “سؤالي الهوية والذاكرة يشكلان محورين أساسيين في بنية الخطاب الأدبي لدى مختلف المبدعين الجزائريين بالمهجر”.
وأوضح الروائي سعيد خطيبي، المقيم في سلوفينيا، خلال هذا اللقاء الذي تم خلاله استعراض تجارب مختلفة، أن “ما يكتب في المهجر على غرار ما يكتب في الداخل يصب في خانة واحدة ويتمحور حول سؤالين جوهريين هما سؤالي الهوية والذاكرة..”.
سعيد خطيبي: ما يكتب في المهجر يتمحور حول الهوية والذاكرة
واعتبر المتحدث أن “مصطلح المهجر لم تعد له ذات الحمولة الجغرافية والسياسية بحكم أننا نعيش في عالم مفتوح فرضته التكنولوجيا الجديدة ولم يعد المغترب مغتربا بل في صلة دائمة مع موطنه”، مشيرا إلى أنه “لا يصح الحديث عن آداب جزائرية بفصلها عن الامتدادات في الدياسبورا”.
وقال ذات المتحدث إن “المهجر والكتابة في المهجر ليس خيارا شخصيا بل حتمته ظروف تاريخية حتمت على الكثير من المبدعين البحث عن أفق آخر في الخارج ..”، مبرزا أن “ضمن هذه الظروف سوف تتوالد أجيال من الكتاب منهم من هاجر ومنهم من ولد بالمهجر”.
وأضاف أن “مساعي الكتابة لم تتغير في خلق نافذة نطل منها على الغربي وفي محاورته بدل الاستسلام له في نقل صورة عن الجزائر تراهن على جمالية الكتابة وليس استعادة الماضي”، مؤكدا أن “التجربة المهجرية ساعدتنا على اكتساب ثقة في أنفسنا وأننا من نصنع صورة عن أنفسنا وليس بمحاكاة لآخر هيمن على أرضنا ومخيلتنا عقودا طويلة”.
واعتبرت الروائية والباحثة الجامعية المقيمة بفرنسا نوال تباني أن الكاتب الجزائري المقيم في المهجر من خلال كتاباته “تمكن من تقديم صورة ونفس جديد في مجالي الرواية والشعر وغيرهما من الأشكال الإبداعية حيث ترتكز في سردها على إبراز ثراء وتنوع مخزون التراث التاريخي والثقافي الجزائري الذي تمثلت في نصوصه وتوظيف التراث والذاكرة والهوية في تطعيم تجاربهم”.
وأضافت أن هذا الكاتب استطاع أيضا “أن يسترجع حضور التراث الشفوي بعناصره التي تعكس الهوية الثقافية وزخمها على غرار تجربتها الذاتية التي استلهمتما من التراث الموسيقي الأندلسي”.
وذكرت الروائية والمترجمة المقيمة بإيطاليا آمال بوشارب أن “الأدب العربي ليست لديه المكانة اللازمة في أوروبا ولا يتم تداوله بصورة واسعة لأن القارئ الأوروبي لا ينجذب نحوه باعتبار أنه يبحث عن الجماليات والغرائبية في توجهاته القرائية فيما تتمحور تيمات وهواجس الأدب العربي حول قضايا السياسة والألم”.
كما سجلت ذات المتحدثة أن “الكثير من الكتاب العرب يكتبون في الصحافة وينحدرون منها ولا يفرقون بين الكتابة الصحفية والأدبية رغم أن لكل سماتها وخصوصياتها وميزاتها، فالكتابة الصحفية تستدعي أدوات سياسية وإبداء الرأي فيما تستدعي الكتابة الأدبية توظيف تركيبة فنية وأدوات في البنية والشخوص”.
وغير بعيد عن موضوع الذاكرة والهوية، احتضن الصالون محاضرة حول “دور الرقمنة في المحافظة على التراث والذاكرة” أدارها باحثون جامعيون وأكاديميون أجمعوا على ضرورة اعتماد التقنيات الرقمية الجديدة بأسرع وقت للحفاظ على إرث الأجداد التاريخي ونقله.
وخلال كلمة له بالمحاضرة، أوضح الأستاذ الباحث دحمان مجيد أن ثراء وتنوع التراث الثقافي والتاريخي الجزائري الذي يعود إلى الآلاف من السنين، “لا يمكن حصره في الكتب فقط”، مضيفا أن “الوثيقة التاريخية تتميز بماديتها وقيمة محتواها غير الملموسة”.
كما أبرز المحاضر الشروط الأساسية من أجل “رقمنة فعالة”، مشيرا إلى “ضرورة مراعاة الجوانب المادية وغير المادية من جهة، وأهمية إتاحة الوصول إليها للأجيال الشابة من جهة أخرى”.
أما مدير المكتبة المركزية لجامعة بومرداس فاتح بوزاوية فقد أكد أن الذاكرة الوطنية تشكل “نواة الهوية الجزائرية ووجود مجتمعنا”، لافتا إلى ضرورة تكييف الأنظمة المعلوماتية التي تحفظ محتواها إلى يومنا هذا مع الواقع الرقمي الجديد ومع كل هذا التطور التكنولوجي الذي يشهده العلم”، مستشهدا بالأعمال التاريخية والشهادات الصوتية أو المصورة، بين جملة من الأمور الأخرى.
وأردف بوزاوية “علاوة على المنظمات العمومية كالمتاحف والمكتبات الوطنية والمحلية، والمعاهد والمدارس والمؤسسات التي تحمي وتنقل التراث التاريخي والثقافي إلى عامة الناس من خلال إبرازه، يظل تعزيز الأمن في شبكات الإعلام الآلي ضروريا”.
الصالون انتظم تحت شعار "أفريقيا تكتب مستقبلها"، وجمع عارضين وكتابا ومثقفين من 18 بلدا أفريقيا
وأوضح أن تعزيز حفظ التراث الثقافي والتاريخي الجزائري مع تحديث صارم لنظام الأمان المعلوماتي القائم على أحدث تقنيات الرقمنة سيسمحان “بحماية الثقافة والتاريخ الجزائريين من أي محاولة خبيثة ترمي إلى تزوير محتواهما”.
واعتبر المدير العام “للربيع الرقمي” مهدي بن بوبكر أن “تأثير الرقمنة على التراث والذاكرة مهم بالتأكيد خاصة في العالم الذي نعيش فيه حاليا”، مذكرا بأن “الرقمنة تعد فرصة وأنه يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة جدا حول ما يجب الحفاظ عليه”.
وأمام سرعة التطورات العلمية والتكنولوجية، شدد المتحدث على “أهمية تكييف أنظمة القراءة والوصول إلى المعلومات وحفظ وتأمين التراث الثقافي والذاكرة بالطرق الرقمية الجديدة، مع الحرص دائما على ضرورة تسهيل الاطلاع عليها من قبل الأجيال الشابة ونقلها إلى الأجيال القادمة”.
وختم بن بوبكر مشددا على “إمكانية الاكتشاف” التي يعرفها بأنها “تثمين المحتوى بطريقة تسمح للآخرين برؤيته وقراءته”، مشيرا لتبرير أقواله إلى أن “طلب معلومات إلى محرك بحث يتم التعامل معه بواسطة خوارزميات وليس من قبل البشر”.
ويذكر أن الطبعة السادسة والعشرين لصالون الجزائر الدولي للكتاب سجلت حضورا معتبرا لدور النشر المشرقية، وهي بحوالي 260 دار نشر من أصل 1283 دارا مشاركة في الصالون من 61 بلدا، منها 124 مصرية، و48 لبنانية، و31 أردنية، و13 سورية، و16 سعودية، و16 تونسية، و15 إماراتية و5 عراقية.
وإلى جانب احتفائه بالأدب الأفريقي، نظم الصالون أيضا لقاء لتكريم نيلسون مانديلا، الزعيم الجنوب أفريقي الراحل الذي كرس حياته للنضال ضد نظام الفصل العنصري، شارك فيه كتّاب وأكاديميون أفارقة استعرضوا فيه المسار الاستثنائي لهذا “المناضل الكبير” الملتزم بالعدالة والحرية والمصالحة.
أدباء: التكنولوجيا تحمي الذاكرة التي تدور حولها كتابات المبدعين الجزائريين.
السبت 2023/11/04
فعاليات وندوات تهتم بمستقبل الكتاب
لم يتجاهل صالون الجزائر الدولي للكتاب مكانة أدباء المهجر، وحضورهم ضمن الحراك الفكري والأدبي في الداخل الجزائري، بل حاول تسليط الضوء على قدراتهم وأهم القضايا التي يتطرقون إليها وأهم المحاور التي تسيطر على توجهاتهم الأدبية.
الجزائر - يختتم صالون الجزائر الدولي للكتاب طبعته السادسة والعشرين، السبت، التي انتظمت تحت شعار “أفريقيا تكتب مستقبلها”، وجمعت عارضين وكتابا ومثقفين من 18 بلدا أفريقيا سلطوا الضوء على المكتسبات التاريخية والثقافية للقارة.
وسجل الصالون هذا العام تنظيم العديد من الندوات الفكرية المهمة، من بينها ندوة بعنوان “أدب المهجر” أكد خلالها أدباء ومبدعون جزائريون شباب مقيمون بالمهجر أن “سؤالي الهوية والذاكرة يشكلان محورين أساسيين في بنية الخطاب الأدبي لدى مختلف المبدعين الجزائريين بالمهجر”.
وأوضح الروائي سعيد خطيبي، المقيم في سلوفينيا، خلال هذا اللقاء الذي تم خلاله استعراض تجارب مختلفة، أن “ما يكتب في المهجر على غرار ما يكتب في الداخل يصب في خانة واحدة ويتمحور حول سؤالين جوهريين هما سؤالي الهوية والذاكرة..”.
سعيد خطيبي: ما يكتب في المهجر يتمحور حول الهوية والذاكرة
واعتبر المتحدث أن “مصطلح المهجر لم تعد له ذات الحمولة الجغرافية والسياسية بحكم أننا نعيش في عالم مفتوح فرضته التكنولوجيا الجديدة ولم يعد المغترب مغتربا بل في صلة دائمة مع موطنه”، مشيرا إلى أنه “لا يصح الحديث عن آداب جزائرية بفصلها عن الامتدادات في الدياسبورا”.
وقال ذات المتحدث إن “المهجر والكتابة في المهجر ليس خيارا شخصيا بل حتمته ظروف تاريخية حتمت على الكثير من المبدعين البحث عن أفق آخر في الخارج ..”، مبرزا أن “ضمن هذه الظروف سوف تتوالد أجيال من الكتاب منهم من هاجر ومنهم من ولد بالمهجر”.
وأضاف أن “مساعي الكتابة لم تتغير في خلق نافذة نطل منها على الغربي وفي محاورته بدل الاستسلام له في نقل صورة عن الجزائر تراهن على جمالية الكتابة وليس استعادة الماضي”، مؤكدا أن “التجربة المهجرية ساعدتنا على اكتساب ثقة في أنفسنا وأننا من نصنع صورة عن أنفسنا وليس بمحاكاة لآخر هيمن على أرضنا ومخيلتنا عقودا طويلة”.
واعتبرت الروائية والباحثة الجامعية المقيمة بفرنسا نوال تباني أن الكاتب الجزائري المقيم في المهجر من خلال كتاباته “تمكن من تقديم صورة ونفس جديد في مجالي الرواية والشعر وغيرهما من الأشكال الإبداعية حيث ترتكز في سردها على إبراز ثراء وتنوع مخزون التراث التاريخي والثقافي الجزائري الذي تمثلت في نصوصه وتوظيف التراث والذاكرة والهوية في تطعيم تجاربهم”.
وأضافت أن هذا الكاتب استطاع أيضا “أن يسترجع حضور التراث الشفوي بعناصره التي تعكس الهوية الثقافية وزخمها على غرار تجربتها الذاتية التي استلهمتما من التراث الموسيقي الأندلسي”.
وذكرت الروائية والمترجمة المقيمة بإيطاليا آمال بوشارب أن “الأدب العربي ليست لديه المكانة اللازمة في أوروبا ولا يتم تداوله بصورة واسعة لأن القارئ الأوروبي لا ينجذب نحوه باعتبار أنه يبحث عن الجماليات والغرائبية في توجهاته القرائية فيما تتمحور تيمات وهواجس الأدب العربي حول قضايا السياسة والألم”.
كما سجلت ذات المتحدثة أن “الكثير من الكتاب العرب يكتبون في الصحافة وينحدرون منها ولا يفرقون بين الكتابة الصحفية والأدبية رغم أن لكل سماتها وخصوصياتها وميزاتها، فالكتابة الصحفية تستدعي أدوات سياسية وإبداء الرأي فيما تستدعي الكتابة الأدبية توظيف تركيبة فنية وأدوات في البنية والشخوص”.
وغير بعيد عن موضوع الذاكرة والهوية، احتضن الصالون محاضرة حول “دور الرقمنة في المحافظة على التراث والذاكرة” أدارها باحثون جامعيون وأكاديميون أجمعوا على ضرورة اعتماد التقنيات الرقمية الجديدة بأسرع وقت للحفاظ على إرث الأجداد التاريخي ونقله.
وخلال كلمة له بالمحاضرة، أوضح الأستاذ الباحث دحمان مجيد أن ثراء وتنوع التراث الثقافي والتاريخي الجزائري الذي يعود إلى الآلاف من السنين، “لا يمكن حصره في الكتب فقط”، مضيفا أن “الوثيقة التاريخية تتميز بماديتها وقيمة محتواها غير الملموسة”.
كما أبرز المحاضر الشروط الأساسية من أجل “رقمنة فعالة”، مشيرا إلى “ضرورة مراعاة الجوانب المادية وغير المادية من جهة، وأهمية إتاحة الوصول إليها للأجيال الشابة من جهة أخرى”.
أما مدير المكتبة المركزية لجامعة بومرداس فاتح بوزاوية فقد أكد أن الذاكرة الوطنية تشكل “نواة الهوية الجزائرية ووجود مجتمعنا”، لافتا إلى ضرورة تكييف الأنظمة المعلوماتية التي تحفظ محتواها إلى يومنا هذا مع الواقع الرقمي الجديد ومع كل هذا التطور التكنولوجي الذي يشهده العلم”، مستشهدا بالأعمال التاريخية والشهادات الصوتية أو المصورة، بين جملة من الأمور الأخرى.
وأردف بوزاوية “علاوة على المنظمات العمومية كالمتاحف والمكتبات الوطنية والمحلية، والمعاهد والمدارس والمؤسسات التي تحمي وتنقل التراث التاريخي والثقافي إلى عامة الناس من خلال إبرازه، يظل تعزيز الأمن في شبكات الإعلام الآلي ضروريا”.
الصالون انتظم تحت شعار "أفريقيا تكتب مستقبلها"، وجمع عارضين وكتابا ومثقفين من 18 بلدا أفريقيا
وأوضح أن تعزيز حفظ التراث الثقافي والتاريخي الجزائري مع تحديث صارم لنظام الأمان المعلوماتي القائم على أحدث تقنيات الرقمنة سيسمحان “بحماية الثقافة والتاريخ الجزائريين من أي محاولة خبيثة ترمي إلى تزوير محتواهما”.
واعتبر المدير العام “للربيع الرقمي” مهدي بن بوبكر أن “تأثير الرقمنة على التراث والذاكرة مهم بالتأكيد خاصة في العالم الذي نعيش فيه حاليا”، مذكرا بأن “الرقمنة تعد فرصة وأنه يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة جدا حول ما يجب الحفاظ عليه”.
وأمام سرعة التطورات العلمية والتكنولوجية، شدد المتحدث على “أهمية تكييف أنظمة القراءة والوصول إلى المعلومات وحفظ وتأمين التراث الثقافي والذاكرة بالطرق الرقمية الجديدة، مع الحرص دائما على ضرورة تسهيل الاطلاع عليها من قبل الأجيال الشابة ونقلها إلى الأجيال القادمة”.
وختم بن بوبكر مشددا على “إمكانية الاكتشاف” التي يعرفها بأنها “تثمين المحتوى بطريقة تسمح للآخرين برؤيته وقراءته”، مشيرا لتبرير أقواله إلى أن “طلب معلومات إلى محرك بحث يتم التعامل معه بواسطة خوارزميات وليس من قبل البشر”.
ويذكر أن الطبعة السادسة والعشرين لصالون الجزائر الدولي للكتاب سجلت حضورا معتبرا لدور النشر المشرقية، وهي بحوالي 260 دار نشر من أصل 1283 دارا مشاركة في الصالون من 61 بلدا، منها 124 مصرية، و48 لبنانية، و31 أردنية، و13 سورية، و16 سعودية، و16 تونسية، و15 إماراتية و5 عراقية.
وإلى جانب احتفائه بالأدب الأفريقي، نظم الصالون أيضا لقاء لتكريم نيلسون مانديلا، الزعيم الجنوب أفريقي الراحل الذي كرس حياته للنضال ضد نظام الفصل العنصري، شارك فيه كتّاب وأكاديميون أفارقة استعرضوا فيه المسار الاستثنائي لهذا “المناضل الكبير” الملتزم بالعدالة والحرية والمصالحة.