القرديات
القرديات Simiae أكثر الثدييات رقياً، تقترب أشكالها من الإنسان. تنتمي إلى رتبة الرئيسات [ر] Primata. تمشي على أربعة أطراف، لذلك تسمى رباعيات الأيدي quadriumanous. وهي ثديِيّات متكيفة للحياة الشجرية، تتسلق الأشجار وتقفز من غصن لآخر ومن شجرة لأخرى، يُساعد على ذلك وضع الإبهام المبتعد عن باقي الأصابع والعمودي عليها، (الشكل 1) الأمر الذي يشاهد في راحتي اليد والقدم خاصة في قردة العالم القديم، والذي يساعدها أيضاً على التقاط حتى الطفيليات الصغيرة من بين أشعار فرائها.
انتشارها وبيئتها
يقتصر وجود القردة على أمريكا الجنوبية والوسطى، وعلى إفريقيا والأجزاء الجنوبية والجنوبية الشرقية من آسيا. يعيش معظمها في غابات المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية وفي الغابات المطيرة، حيث يتوافر الغذاء على مدى السنة، وكذلك الحرارة المناسبة. لكن يستطيع بعضها مقاومة الظروف الباردة القاسية مثل الماكاك الياباني (الشكل 2)، الذي يستطيع تحمل برودة شتاء جزيرة هومبشو Hombshu شمال الجزر اليابانية، وهو الوحيد من الرئيسات غير البشرية الذي يستطيع تحمل برودة هذه الجزيرة الشمالية.
صفاتها العامة
تمتاز القردة بقحف كبير الحجم وتراجع في سطح الوجه، كما يُلاحظ قصر الفكوك وسمكها، مع وجود ثخانتين أو نتوءين أو قنزعتين عظميتين فوق الحجاجين. تتمايز أسنانها إلى قواطع وأنياب ورحى أمامية ورحى خلفية. عيونها مستديرة، وهي قوية الإبصار، فهي تقفز من غصن إلى غصن من دون أن تخطئ تقدير المسافة. ويلحق بالحنجرة أكياس طنين واسعة تُمَكِّن الفرد من إصدار أصوات عالية. تنتهي أصابع معظمها بأظافر مسطحة.
ولبعض القردة ذيل طويل يُستخدم للإمساك بأغصان الشجر (ذيول قابضة)، وبعضها الآخر قصيرة الذيل أو عديمته.
تختلف ألوان القردة، ويميل لونها، عموماً، إلى الأسود الرمادي، ولبعضها وجوه ملونة مثل قردة الماندريل Papio sphinx (الشكل 3).
تكاثر القرديات
تتكاثر القردة بالولادة في أي وقت من السنة، لذلك غالباً ما تضم مجموعاتها صغاراً بأعمار مختلفة. وغالباً ما يكون الغَزَل مختصراً، ولا تُمارِس فيه كثيراً مما يشاهد في الحيوانات الأخرى. تبدي الأنثى رغبتها في الاقتران بتغيير سلوكها ورائحتها وبإرسال إشارات بصرية، تتجلى، في قردة العالم القديم، بتغيير لون المناطق العارية من الشعر حول أعضائها التناسلية.
تراوح الدارة الطمثية (الإستيرية) للقردة بين 28و36يوماً، وتلد الأنثى عادة صغيراً واحداً أو صغيرين، لكن بعضها كالمارموت يلد ثلاثة مواليد. وهي ترضع صغارها من ثدييها الصدريين بين 4 - 8 أشهر. وكما في الرئيسات، تكون فترة النمو وتعلم المهارات من البالغين طويلة نسبياً، فالصغار تبقى مع أمّاتها على الأقل حتى الفطام. وفي كثير من الأنواع تبقى الإناث مع مجموعة أمّاتها، أما الذكور فغالباً ما تترك المجموعة لدى بلوغها النضج الجنسي، وغالباً ما تعيش الذكور البالغة منفردة أو في مجموعات عزاب، أو تنتقل إلى مجموعة أخرى لتعيش معها.
لا تعمر القردة طويلاً، لكن يصعب تحديد طول حياتها في البرية. أما في الأسر فتعيش معظم القردة حتى 50عاماً.
ذكاء القردة
دماغ القردة كبير الحجم، وهي معروفة بفضولها وذكائها. وهذا النمو في الدماغ، مع تحرر حركة اليدين والنظر الحاد، وفَّر لها وسعة كبيرة في فعالياتها. فكثير منها يجيد حل المسائل المعقدة ويتعلم من خبراته، لكنها لا تصل إلى مستوى القردة العليا. فبعضها، وخاصة قردة المفلنس (الكابوشين)Cebus capuchin (الشكل 4) تستعمل الأشياءَ أدواتٍ، كاستعمالها الأحجار لكسر الجوز. وبعضها كالسعدان أو الربّاح (البابون)baboon (الشكل 5)، يتعلم استخدام العصي للحصول على الغذاء. لكن كثيراً منها، خلاف القردة العليا مثل الغوريلا والشمبانزي والأورانغ أوتان Orang-outan، لا تتعلم من خبرات بعضها بل من خبراتها الخاصة. والشذوذ الوحيد هو الماكاك الداكن، ففي تجارب حقلية أجريت على هذا القرد، قُدِّمَ له طعام جديد، مثل البطاطا الحلوة والسكاكر المغلفة بالورق. وما إن توصل عدد قليل من أفراد هذا النوع إلى الغذاء حتى انتشر الخبر بين أفراد الجماعة كلها. كما تستطيع القردة تذكر مواقع أشجار الفاكهة وأوقات السنة التي تنضج فيها الثمار.
وهي تتواصل مع بعضها بوضعيات أجسامها وبأصواتها. وبينت التجارب الحقلية الحديثة تَمَكُّن السعدان (البابون) خاصة من الخداع، الأمر الذي يتطلب التفكير بالأشياء الأخرى. وهي تتمتع بآثار من المفاهيم الحسابية، فقد بينت التجارب أن قرد الريزوسMacaca rhesus (شكل 6) قادر على فهم العلاقات بين الأرقام من 1 حتى 9، الأمر الذي يتطلب فهم الأعداد الكبيرة والأعداد الصغيرة.
تعد القردة من أكثر الحيوانات اجتماعيةً. فبعضها يعيش في مجموعات صغيرة، لكن كثيراً منها يعيش في مجموعات كبيرة قد تضم مئات الأفراد. وهي تحمي جماعاتها وتتناوب حراستها عادة وتنبه أقرانها باقتراب الخطر إما بأصواتها أو حركاتها العنيفة. أما الأنواع التي تعيش على الأشجار فتمارس استراتيجية مختلفة ضد أعدائها. فالقرد المفلنس (الكابوشين) مثلاً يطرد المهاجم بالتبول عليه من الأعلى، أو بالقفز للأعلى والأسفل لتسقط أغصان الشجر على المهاجم.
أنواع القردة
تصنف القرديات في أربع فصائل، هي: 1) فصيلة السبوسيات Cebidae وتضم ما يسمى قردة العالم الجديد، 2) وفصيلة بهيات الشعر Callitrichidae التي تضم الهَبّارِيات marmosets والتامارينات 3) tamarines وفصيلة الهَجْرَسِيات Cercopithecidae التي تضم قردة العالم القديم، 4) وفصيلة القردة العليا Pongidae التي تضم إنسانيات الشكل Anthropoidae.
1) فصيلة السبوسيات (قردة العالم الجديد): وتسمى أيضاً عريضات المنخرين Platrrhines، لأن الحاجز الأنفي لدى أفرادها عريض جداً، لذلك تكون أنوفها عريضة وتنفتح فتحاتها الأنفية جانبياً.
وجوهها مسطحة عارية من الشعر، ولبعضها ذيول قابضة يمكن أن تمسك بها الأغصان، وتستطيع بوساطتها دعم جسمها كله أو التقاط بعض الأشياء به.
تعيش هذه القردة في جنوب أمريكا الاستوائية، خاصة في الغابات المطرية في الأمازون، ويمتد وجود بعضها شمالاً حتى جنوب المكسيك وجنوباً حتى شمال الأرجنتين. من الأنواع الصغيرة التي يربيها الإنسان لألفتها وسهولة تربيتها يذكر القرد المفلنس (الكابوشين) (الشكل 4). ومن أنواع هذه الفصيلة أيضاً القرد العنكبوت spider monkey (الجنس Ateles) (الشكل 7)، الذي يوجد في المكسيك والبرازيل، والقردة العواءة howlers (الشكل 8)، وهي تتعلق بالأشجار بذيلها وتقفز من غصن لآخر برشاقة فائقة، والأواكاري uakaris والساكي sakis والتيتي titis.
2) فصيلة بهيات الشعر: وتضم أنواعاً تحمل صفاتٍ بدائية مثل المخالب، عوضاً عن الأظافر، والذيل غير القابض. لها حجم السناجيب (الشكل 9)، ويراوح لون فرائها بين البني الغامق والأصفر والأبيض.
3) فصيلة الهجرسيات Cercopithecidae (قردة العالم القديم) وتسمى أيضاً نازلات المنخرين Catarrhinae لأن لها حاجزاً أنفياً ضيقاً، لذلك تكون أنوفها ضيقة وفتحات المنخرين لديها تتجه نحو الأسفل.
وهي تضم حيوانات يثخن الجلد حول شرجها وينتفخ ويتلون باللون الأحمر مشكلاً ما يسمى بالثفنات الإليوية ischial callosities. كما تمتاز بتقابل الإبهام مع بقية الأصابع، الأمر الذي لا يوجد لدى قردة العالم الجديد، التي يفتقر بعضها إلى هذا الإبهام كلياً. كما تفتقر أفرادها إلى الذيل القابض، حتى إن قردة الماكاك تقريباً من دون ذيل. حياتها شجرية متسلقة.
تعيش قردة العالم القديم في إفريقيا، وعلى ساحل البحر الأحمر، وفي السعودية واليمن. وتنتشر في آسيا بين أفغانستان حتى اليابان وجزر الفيليبين وسيليبيس وتيمور. لكن بعضها يعيش في شمالي إفريقيا وجبل طارق حتى فرنسا، وفي جزر موريشيوس وبعض جزر الهند الغربية. وهي تضم أنواعاً غالباً ما تشاهد في حدائق الحيوان، خصوصاً الملونة منها، مثل قرد الغينون guenon (الشكل 10) والكولوبوس colobus والماكاك، (القرد الوحيد منها الذي يوجد خارج آسيا، في شمالي إفريقيا وجبل طارق، هو القرد البربري barbary) وقرد ريزوس rhesus (الشكل 6) في القارة الهندية، وهو الذي يستخدم في الأبحاث الطبية. وكذلك قردة اللانغور langur (الشكل 11) الذي يضم القرد المقدس وهو يعيش في جنوبي آسيا.
ومن قردة العالم القديم الضخمة تذكر القردة الملونة الإفريقية الماندريل (الشكل 3).
4) فصيلة القردة العليا Pongidae أو إنسانيات الشكل Anthropoidae: وهي أقرب القردة للإنسان، من النواحي التشريحية والفيزيولوجية والسلوكية والنفسية. تمثلها مجموعتان آسيويتان تضمان الشق gibbon (الشكل 12) والسعلاة orang-outan (الشكل 13)، ومجموعتان إفريقيتان هما الغوريلا (الشكل 14) والبعامة أو الشمبانزي (الشكل 15).
من القردة الآسيوية يعد الشق (الجيبون) أدنى إنسانيات الشكل. وهو الوحيد من هذه المجموعة ذو ثفنة إليوية. يوجد في مناطق محددة من بورما وتايلاند والهند الصينية وسومطرة وجاوة وبورنيو.
كما يذكر من القردة الآسيوية السعلاة [ر] التي ينتمي إليها جنس وحيد هو Pango، يقتصر وجوده على غابات سومطرة وبورنيو.
ومن القردة الإفريقية يوجد من الغوريلا نوع واحد هو Gorilla gorilla الذي يعيش في غابات الكاميرون والغابون والكونغو.
وتعد الغوريلا أكبر الرئيسات، إذ يصل طول الذكر إلى نحو المترين ووزنه إلى نحو 225كغ، ووصل وزن أحد الغوريلات في حديقة حيوان برلين إلى نحو 320كغ.
تبدي الحياة الاجتماعية للغوريلا تقدماً كبيراً نسبة للسعلاة (الأورانغ أوتان)، فالذكر يعيش مع إناثه وأولاده، وتختلط أحياناً مع عائلات أخرى لتكون قبيلة مؤلفة من نحو أربعين فرداً. وهو خطر عندما يكون مع الأنثى، ولا يتردد في مهاجمة المدرب في حديقة الحيوان، وقد يكتفي بترهيبه بإظهار مدى قوته بالضرب على صدره وصياحه العالي. ويعد من حيث الذكاء، مثل الأورانغ أوتان.
تتمّ الغوريلا البلوغ الجنسي في الثانية عشرة من عمرها، ولا يعرف إلا القليل عن حياتها الجنسية لأنها نادراً ما تتكاثر في الأسر.
أما الشامبنزي فهناك نوع واحد فقط هو Pan satyrus، ينتشر على طول الساحل الغربي من إفريقيا، بين سيراليون والبحيرات الكبرى شرق الكونغو.
يقترب الشامبنزي في صفاته التشريحية من الإنسان، من هذه الصفات المخ المتقدم في التطور الذي يحمل تلافيف لا تختلف كثيراً عن تلافيف مخ الإنسان. وهذا ما ينعكس على سلوكه الذي يتميز به من كل الرئيسات الأخرى. ومن الصفات الأخرى التي تلفت النظر تماثل تفاعلات الدم مع الإنسان وعدم رفض زرع النسج.
تعرف الحياة الجنسية للشامبنزي بالتفصيل، بسبب تربيته في الأسر. فهو، ذكراً كان أم أنثى، ينضج جنسياً في السابعة أو الثامنة من العمر، وتدوم الدارة الطمثية (الإيستيرية) عند الأنثى بين 26و27يوماً، ويستمر الحمل بين 8 و9أشهر، وتلد الأنثى مولوداً واحداً فقط يزن نحو 2كغ. ومن الملاحظات التي تمت في الأسر هي، كما يبدو، أن الذكر لا يعتني بالمولود في المراحل الأولى من حياته، حتى يفطم، عندها يبدأ بحمايته واللعب معه. ويعمر الشمبانزي نحو 50 عاماً.
القردة المهددة بالانقراض
كانت القردة في المناطق الاستوائية تصاد من أجل لحمها، أما اليوم فيهددها إزالة الغابات. وتستطيع بعض القردة الحياة في المناطق التي قُطعت أشجارها، لكن القليل يستطيع العيش في المناطق التي اجتثت منها الأشجار تماماً.
أكثر الأنواع المهددة بالانقراض المارموسيت في أمريكا الجنوبية، التي تُلْتَقَط لتُرَبّى حيوانات أليفة في المنازل. وفي إفريقيا يهدد قطعُ الغابات والفراء الملون، كثيراً من قرود الغينيون (الجنس Cercopithecus) والكولوبوس. وفي آسيا يتهدد بالانقراض أيضاً قردة الماكاك macaque واللانغور langurs، ويعتقد أن الماكاك أَسَدي الذيل الذي يعيش في جنوب غربي الهند هو من أندر قردة العالم القديم، وهو أكثر الأنواع المهددة بالانقراض.
بشير الزالق
الشكل (1) تقابل إبهام اليد مع الأصابع الأخرى لدى السعلاة (أورانغأوتان orang-outan) |
الشكل (2) المكاك الياباني |
الشكل (3) قرد الماندريل |
انتشارها وبيئتها
يقتصر وجود القردة على أمريكا الجنوبية والوسطى، وعلى إفريقيا والأجزاء الجنوبية والجنوبية الشرقية من آسيا. يعيش معظمها في غابات المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية وفي الغابات المطيرة، حيث يتوافر الغذاء على مدى السنة، وكذلك الحرارة المناسبة. لكن يستطيع بعضها مقاومة الظروف الباردة القاسية مثل الماكاك الياباني (الشكل 2)، الذي يستطيع تحمل برودة شتاء جزيرة هومبشو Hombshu شمال الجزر اليابانية، وهو الوحيد من الرئيسات غير البشرية الذي يستطيع تحمل برودة هذه الجزيرة الشمالية.
صفاتها العامة
تمتاز القردة بقحف كبير الحجم وتراجع في سطح الوجه، كما يُلاحظ قصر الفكوك وسمكها، مع وجود ثخانتين أو نتوءين أو قنزعتين عظميتين فوق الحجاجين. تتمايز أسنانها إلى قواطع وأنياب ورحى أمامية ورحى خلفية. عيونها مستديرة، وهي قوية الإبصار، فهي تقفز من غصن إلى غصن من دون أن تخطئ تقدير المسافة. ويلحق بالحنجرة أكياس طنين واسعة تُمَكِّن الفرد من إصدار أصوات عالية. تنتهي أصابع معظمها بأظافر مسطحة.
ولبعض القردة ذيل طويل يُستخدم للإمساك بأغصان الشجر (ذيول قابضة)، وبعضها الآخر قصيرة الذيل أو عديمته.
تختلف ألوان القردة، ويميل لونها، عموماً، إلى الأسود الرمادي، ولبعضها وجوه ملونة مثل قردة الماندريل Papio sphinx (الشكل 3).
تكاثر القرديات
تتكاثر القردة بالولادة في أي وقت من السنة، لذلك غالباً ما تضم مجموعاتها صغاراً بأعمار مختلفة. وغالباً ما يكون الغَزَل مختصراً، ولا تُمارِس فيه كثيراً مما يشاهد في الحيوانات الأخرى. تبدي الأنثى رغبتها في الاقتران بتغيير سلوكها ورائحتها وبإرسال إشارات بصرية، تتجلى، في قردة العالم القديم، بتغيير لون المناطق العارية من الشعر حول أعضائها التناسلية.
تراوح الدارة الطمثية (الإستيرية) للقردة بين 28و36يوماً، وتلد الأنثى عادة صغيراً واحداً أو صغيرين، لكن بعضها كالمارموت يلد ثلاثة مواليد. وهي ترضع صغارها من ثدييها الصدريين بين 4 - 8 أشهر. وكما في الرئيسات، تكون فترة النمو وتعلم المهارات من البالغين طويلة نسبياً، فالصغار تبقى مع أمّاتها على الأقل حتى الفطام. وفي كثير من الأنواع تبقى الإناث مع مجموعة أمّاتها، أما الذكور فغالباً ما تترك المجموعة لدى بلوغها النضج الجنسي، وغالباً ما تعيش الذكور البالغة منفردة أو في مجموعات عزاب، أو تنتقل إلى مجموعة أخرى لتعيش معها.
لا تعمر القردة طويلاً، لكن يصعب تحديد طول حياتها في البرية. أما في الأسر فتعيش معظم القردة حتى 50عاماً.
ذكاء القردة
الشكل (4) قرد المفلنس (الكابوشين) |
وهي تتواصل مع بعضها بوضعيات أجسامها وبأصواتها. وبينت التجارب الحقلية الحديثة تَمَكُّن السعدان (البابون) خاصة من الخداع، الأمر الذي يتطلب التفكير بالأشياء الأخرى. وهي تتمتع بآثار من المفاهيم الحسابية، فقد بينت التجارب أن قرد الريزوسMacaca rhesus (شكل 6) قادر على فهم العلاقات بين الأرقام من 1 حتى 9، الأمر الذي يتطلب فهم الأعداد الكبيرة والأعداد الصغيرة.
تعد القردة من أكثر الحيوانات اجتماعيةً. فبعضها يعيش في مجموعات صغيرة، لكن كثيراً منها يعيش في مجموعات كبيرة قد تضم مئات الأفراد. وهي تحمي جماعاتها وتتناوب حراستها عادة وتنبه أقرانها باقتراب الخطر إما بأصواتها أو حركاتها العنيفة. أما الأنواع التي تعيش على الأشجار فتمارس استراتيجية مختلفة ضد أعدائها. فالقرد المفلنس (الكابوشين) مثلاً يطرد المهاجم بالتبول عليه من الأعلى، أو بالقفز للأعلى والأسفل لتسقط أغصان الشجر على المهاجم.
الشكل (5) السعدان أو الرباح (البابون) | الشكل (6) قرد الريزوس |
الشكل (7) القرد العنكبوت Ateles geoffroyi |
الشكل (8) القرد العواء Alouatta |
الشكل (9) الهبال Cebuella pygmaeus من بهيات الشعر |
الشكل (10) قرد الغينون Cercopithecus aethiops |
الشكل (11) قرد اللانغور Presbytis entellus |
1) فصيلة السبوسيات (قردة العالم الجديد): وتسمى أيضاً عريضات المنخرين Platrrhines، لأن الحاجز الأنفي لدى أفرادها عريض جداً، لذلك تكون أنوفها عريضة وتنفتح فتحاتها الأنفية جانبياً.
وجوهها مسطحة عارية من الشعر، ولبعضها ذيول قابضة يمكن أن تمسك بها الأغصان، وتستطيع بوساطتها دعم جسمها كله أو التقاط بعض الأشياء به.
تعيش هذه القردة في جنوب أمريكا الاستوائية، خاصة في الغابات المطرية في الأمازون، ويمتد وجود بعضها شمالاً حتى جنوب المكسيك وجنوباً حتى شمال الأرجنتين. من الأنواع الصغيرة التي يربيها الإنسان لألفتها وسهولة تربيتها يذكر القرد المفلنس (الكابوشين) (الشكل 4). ومن أنواع هذه الفصيلة أيضاً القرد العنكبوت spider monkey (الجنس Ateles) (الشكل 7)، الذي يوجد في المكسيك والبرازيل، والقردة العواءة howlers (الشكل 8)، وهي تتعلق بالأشجار بذيلها وتقفز من غصن لآخر برشاقة فائقة، والأواكاري uakaris والساكي sakis والتيتي titis.
2) فصيلة بهيات الشعر: وتضم أنواعاً تحمل صفاتٍ بدائية مثل المخالب، عوضاً عن الأظافر، والذيل غير القابض. لها حجم السناجيب (الشكل 9)، ويراوح لون فرائها بين البني الغامق والأصفر والأبيض.
3) فصيلة الهجرسيات Cercopithecidae (قردة العالم القديم) وتسمى أيضاً نازلات المنخرين Catarrhinae لأن لها حاجزاً أنفياً ضيقاً، لذلك تكون أنوفها ضيقة وفتحات المنخرين لديها تتجه نحو الأسفل.
وهي تضم حيوانات يثخن الجلد حول شرجها وينتفخ ويتلون باللون الأحمر مشكلاً ما يسمى بالثفنات الإليوية ischial callosities. كما تمتاز بتقابل الإبهام مع بقية الأصابع، الأمر الذي لا يوجد لدى قردة العالم الجديد، التي يفتقر بعضها إلى هذا الإبهام كلياً. كما تفتقر أفرادها إلى الذيل القابض، حتى إن قردة الماكاك تقريباً من دون ذيل. حياتها شجرية متسلقة.
تعيش قردة العالم القديم في إفريقيا، وعلى ساحل البحر الأحمر، وفي السعودية واليمن. وتنتشر في آسيا بين أفغانستان حتى اليابان وجزر الفيليبين وسيليبيس وتيمور. لكن بعضها يعيش في شمالي إفريقيا وجبل طارق حتى فرنسا، وفي جزر موريشيوس وبعض جزر الهند الغربية. وهي تضم أنواعاً غالباً ما تشاهد في حدائق الحيوان، خصوصاً الملونة منها، مثل قرد الغينون guenon (الشكل 10) والكولوبوس colobus والماكاك، (القرد الوحيد منها الذي يوجد خارج آسيا، في شمالي إفريقيا وجبل طارق، هو القرد البربري barbary) وقرد ريزوس rhesus (الشكل 6) في القارة الهندية، وهو الذي يستخدم في الأبحاث الطبية. وكذلك قردة اللانغور langur (الشكل 11) الذي يضم القرد المقدس وهو يعيش في جنوبي آسيا.
ومن قردة العالم القديم الضخمة تذكر القردة الملونة الإفريقية الماندريل (الشكل 3).
4) فصيلة القردة العليا Pongidae أو إنسانيات الشكل Anthropoidae: وهي أقرب القردة للإنسان، من النواحي التشريحية والفيزيولوجية والسلوكية والنفسية. تمثلها مجموعتان آسيويتان تضمان الشق gibbon (الشكل 12) والسعلاة orang-outan (الشكل 13)، ومجموعتان إفريقيتان هما الغوريلا (الشكل 14) والبعامة أو الشمبانزي (الشكل 15).
من القردة الآسيوية يعد الشق (الجيبون) أدنى إنسانيات الشكل. وهو الوحيد من هذه المجموعة ذو ثفنة إليوية. يوجد في مناطق محددة من بورما وتايلاند والهند الصينية وسومطرة وجاوة وبورنيو.
كما يذكر من القردة الآسيوية السعلاة [ر] التي ينتمي إليها جنس وحيد هو Pango، يقتصر وجوده على غابات سومطرة وبورنيو.
ومن القردة الإفريقية يوجد من الغوريلا نوع واحد هو Gorilla gorilla الذي يعيش في غابات الكاميرون والغابون والكونغو.
وتعد الغوريلا أكبر الرئيسات، إذ يصل طول الذكر إلى نحو المترين ووزنه إلى نحو 225كغ، ووصل وزن أحد الغوريلات في حديقة حيوان برلين إلى نحو 320كغ.
تبدي الحياة الاجتماعية للغوريلا تقدماً كبيراً نسبة للسعلاة (الأورانغ أوتان)، فالذكر يعيش مع إناثه وأولاده، وتختلط أحياناً مع عائلات أخرى لتكون قبيلة مؤلفة من نحو أربعين فرداً. وهو خطر عندما يكون مع الأنثى، ولا يتردد في مهاجمة المدرب في حديقة الحيوان، وقد يكتفي بترهيبه بإظهار مدى قوته بالضرب على صدره وصياحه العالي. ويعد من حيث الذكاء، مثل الأورانغ أوتان.
تتمّ الغوريلا البلوغ الجنسي في الثانية عشرة من عمرها، ولا يعرف إلا القليل عن حياتها الجنسية لأنها نادراً ما تتكاثر في الأسر.
أما الشامبنزي فهناك نوع واحد فقط هو Pan satyrus، ينتشر على طول الساحل الغربي من إفريقيا، بين سيراليون والبحيرات الكبرى شرق الكونغو.
يقترب الشامبنزي في صفاته التشريحية من الإنسان، من هذه الصفات المخ المتقدم في التطور الذي يحمل تلافيف لا تختلف كثيراً عن تلافيف مخ الإنسان. وهذا ما ينعكس على سلوكه الذي يتميز به من كل الرئيسات الأخرى. ومن الصفات الأخرى التي تلفت النظر تماثل تفاعلات الدم مع الإنسان وعدم رفض زرع النسج.
الشكل (12) الشق (الجيبون) Hylobates lar |
الشكل (14) الغوريلا Gorilla gorilla |
الشكل (13)السعلاة (الأورانغ أوتان) Pongo pygmaeus |
الشكل (15) الشمبانزي pan satyrus |
القردة المهددة بالانقراض
كانت القردة في المناطق الاستوائية تصاد من أجل لحمها، أما اليوم فيهددها إزالة الغابات. وتستطيع بعض القردة الحياة في المناطق التي قُطعت أشجارها، لكن القليل يستطيع العيش في المناطق التي اجتثت منها الأشجار تماماً.
أكثر الأنواع المهددة بالانقراض المارموسيت في أمريكا الجنوبية، التي تُلْتَقَط لتُرَبّى حيوانات أليفة في المنازل. وفي إفريقيا يهدد قطعُ الغابات والفراء الملون، كثيراً من قرود الغينيون (الجنس Cercopithecus) والكولوبوس. وفي آسيا يتهدد بالانقراض أيضاً قردة الماكاك macaque واللانغور langurs، ويعتقد أن الماكاك أَسَدي الذيل الذي يعيش في جنوب غربي الهند هو من أندر قردة العالم القديم، وهو أكثر الأنواع المهددة بالانقراض.
بشير الزالق