تل النبي مند،قادش Qadesh مدينة قديمة تقع على بعد ثلاثين كيلومتراً جنوب غربي حمص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تل النبي مند،قادش Qadesh مدينة قديمة تقع على بعد ثلاثين كيلومتراً جنوب غربي حمص

    قادش (تل النبي مند)
    تقع مدينة قادش القديمة Qadesh ـ تل النبي مند الحالي ـ على بعد ثلاثين كيلومتراً جنوب غربي حمص، إلى اليسار من نهر العاصي، وتبعد عن بحيرة قطينة ستة كيلومترات. تبلغ مساحة الموضع عشرة هكتارات، وارتفاعه ثلاثون متراً.
    اكتشفها الباحث تومبسون C.Thompson سنة 1846. نقبت فيها بعثة فرنسية عامي 1921 و1922 برئاسة موريس بيزار M.Pézard، ثم توقف التنقيب فيها إلى بداية الثمانينيات حيث نقبت فيها بعثة إنكليزية، برئاسة بيتر بار P.Parr، واستمرت إلى عام 1990.
    سيطرت قادش في الألف الثاني قبل الميلاد على بقعة من الأرض، امتدت من حمص شمالاً حتى سهل البقاع جنوباً، ومن البادية شرقاً حتى سهل البقيعة غرباً. أفل نجمها في نهاية الألف الثاني في حين لمع نجم مدن أخرى كحمص وربلة، إلى أن استولى عليها الرومان إذ ازدهرت وسميت لاذقية لبنان Laodicea ad Libanum. ورد اسمها في الوثائق بأشكال مختلفة، فهي في لوحات تل العمارنة المسمارية قدشا/قدشي، وجيزا وكينزا.
    ذكرت في نصوص عدة، منها نص من إيمار (مسكنة)، وذلك بعد معركة قادش الشهيرة، كما ذكرت في كتابة آشورية تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وورد اسمها مرات عدة في أثناء المعارك التي جرت بين السلوقيين والبطالمة.
    عثر في قادش على ست سويات سكنية، أقدمها يعود إلى العصر الحجري الحديث، ضمت مستوطنة صغيرة، عثر فيها على بقايا بيوت أرضياتها مرصوفة بالجص الأبيض، وبنيت جدرانها من التراب المدكوك، حوت كثيراً من القطع الفخارية التي تعود إلى النصف الأول من الألف السادس قبل الميلاد. بعد فترة انقطاع عاد الاستيطان إلى الموقع في الألف الثالث قبل الميلاد، حيث عثر على أبنية من اللبن القاسي الذي غطى الأرضيات، ومن هذه الأبنية منشأة ذات مساحة كبيرة وجدران سميكة، عثر فيها على لقى تعود إلى عصر البرونز القديم. ظهرت في سوية الألف الثاني تحصينات من عصر البرونز الحديث، بقي منها غرفتان جدرانهما من اللبن السميك، وعثر على إناء من الفخار المصري المعروف زمن الأسرة الثامنة عشرة، إضافة إلى فخار ميسيني جميل، كما اكتشف نظام دفاعي، يضم ثلاثة جدران متوازية ربط بعضها ببعض بمونة حصوية. أما سوية عصر الحديد في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد، فقد حوت بناء من اللبن والخشب، يتألف من باحة مرصوفة بالحصى تطل عليها غرف مرصوفة أيضاً، ودرج يقود إلى طابق علوي. وهذا البناء دمره حريق، ربما نتيجة هجوم آشوري عليها. انقطع السكن في قادش حتى العصر الهلنستي، حيث وجدت بعض آثار البيوت المتوضعة فوق سوية الحديد، كما عثر على أعمدة وجدران من العصر الروماني في سفح التل.
    ظهرت أهمية مدينة قادش في النصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد، حيث قادت المدينة تحالفات عدة تضم عدداً من الإمارات الكنعانية ضد السيطرة المصرية تارة، وضد السيطرة الحثية تارة أخرى، ثم خضعت للمصريين بعد معركة مجدّو التي خاضتها تلك الممالك بقيادة قادش، وظل المصريون والحثيون يتنازعون عليها حتى وقعت معركة قادش التي جرت على أرضها بقيادة الفرعون رعمسيس الثاني (1290ـ1223ق.م) والقائد الحثي مواتللي (1300ـ1280ق.م) في عام 1285 قبل الميلاد تقريباً؛ وذلك لتقاسم النفوذ على سورية، فبقيت هي وبلاد الشام الجنوبية تحت النفوذ المصري، في حين خضعت الممالك الشمالية للحثيين، وقد قام رعمسيس الثاني بتخليد انتصاره في قادش-حسب زعمه- بالنقوش الكتابية إلى جانب النقوش التصويرية على جدران المعابد المصرية وواجهاتها، وكذلك تحدثت الكتابات الحثية عن نصر مماثل، ويبدو أن نتيجة المعركة لم تكن حاسمة.
    يتحكم موقع قادش في الطريق الواصلة بين الساحل والداخل، ما سمح لها بمراقبة الطريق الذاهبة إلى البقاع، كما تسيطر على طرق المواصلات بين شمالي بلاد الشام وبين جنوبيها، وهي تضم تحصينات طبيعية ممتازة، حيث يحيط بها نهر العاصي ورافده نهر المقديَّة (نهر عين التنور)، وقناة تصل بينهما، كما يحيط بها خندق محفور داخل الحلقة المائية. كما ساعد توافر المياه طوال أيام السنة على قيام الزراعة وتربية الحيوان. وتعد قادش من الأمثلة المهمة على القرى الزراعية الصغيرة التي كان سكانها من أوائل الذين صنعوا الفخار، وهي من أهم المدن القديمة في بلاد الشام.
    إبراهيم توكلنا
يعمل...
X