"عبدلينيو": نشيد الحرية في مواجهة القيود الاجتماعية
الفيلم يروي قصة تحول شاب مغربي عادي إلى شخصية مميزة، حيث تمتزج فيه عناصر الحب والشغف وحب الحياة.
الأربعاء 2023/11/01
فرد في مواجهة سلطة المجموعة
طنجة (المغرب) - ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الثالثة والعشرين من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، ينافس المخرج هشام عيوش بفيلمه الروائي “عبدلينيو” الذي يقدم رؤية ساخرة لكنها عميقة لقواعد السلوك والسلطة الدينية والخطوط الحمراء في المجتمع المغربي.
الفيلم من إنتاج نورالدين عيوش ويشارك فيه الممثلون علي سليمان وعبدالرحيم تميمي، والبرازيلية إينيس مونتيرو.
يروي هذا العمل السينمائي الذي يأتي كرابع أفلام المخرج قصة تحول شاب مغربي عادي إلى شخصية مميزة، حيث تمتزج فيه عناصر الحب والشغف وحب الحياة، من خلال رؤية مثيرة لكيفية تحول هذا الشاب الذي يعشق بطلة مسلسلات برازيلية إلى شخصية تعبر عن حرية الفرد في مجتمع فقير بإحدى القرى النائية في المغرب.
وتبرز اللقطات والمشاهد حكاية حب معقدة تجمع بين عالمين مختلفين بشكل لافت، إذ تألق الممثل عبدالرحيم التميمي بدور عبدالله المراهق الذي يعيش في مدينة صغيرة بالمغرب، حيث يجد نفسه محاصرًا بين تطلعات والدته لزواجه وبين عشقه الجارف للبرازيل وممثلتها البارزة ماريا التي أدت دورها الممثلة إينيس مونتيرو.
تقدم الحبكة الدرامية للجمهور قصة عاطفية مؤثرة خاصة في المشاهد التي يجسد فيها عبدالله الملقب بعبدلينيو حبه للحياة، محاولا أن يوفق بين الثقافة المحلية وشغفه بالبرازيل. وينقل الفيلم بعمق توتر الصراع الداخلي النفسي والاجتماعي الذي يواجهه عبدالله، حيث يرتبط بكل ما يتعلق بالبرازيل من خلال لباسه وديكورات غرفته، حتى اللغة التي تكون جزءًا من هويته.
هشام عيوش يخطو خطوات جريئة لتجاوز حدود السرد التقليدي ويقدم نقدًا قويًا لانحرافات السلطة الدينية
وتظهر الدراما المحورية في المشاهد التي تبرز حب عبدالله لإحدى بطلات المسلسلات التلفزيونية البرازيلية بأسلوب ما ورائي نوعا ما وجذاب ومثير، وهذا الحب ينقلنا إلى رحلة عاطفية مشبعة بالمشاعر والشغف، حيث يتحدى عبدالله التقاليد والتوقعات الاجتماعية مقابل السعي خلف حلمه واتباع قلبه.
وتبرز نواة الفيلم الرومانسية من جهة والاجتماعية من جهة أخرى التناقض بين الثقافات والصعوبات التي يمكن أن تنشأ من تلاقي العوالم المختلفة بين عبدالله وماريا التي قدمت أداءً مذهلاً وتشد الانتباه بجمالها وجاذبيتها مما يجعل قلب عبدالله ينبض حبا فيها ويثير فضول المشاهد لمتابعتها هي الأخرى.
وتجسد ماريا الفتاة البرازيلية الجميلة وذات القلب الكبير رمزًا للإرادة والشجاعة في مواجهة جشع رجال الأعمال الذين يجتاحون أحياء الفقراء في البرازيل، حيث تعيش حياتها بتفانٍ في الدفاع عن مجتمعها المحروم من أبسط الأشياء التي يتمتع بها المجتمع الحر.
يعمل عبدلينيو في مكتب طوابع البريد، ينجز أعمالا رتيبة تتضمن لصق الطوابع على الظروف، وهو يقاسي وحيدًا في عالم لا يبدو فيه الكثير ليُبهجه، ويتشارك وقته مع زميله وصديقه موكا الذي جسده الممثل سعيد باي، والذي يمارس هوايته الخفية بتصفح مجلات إباحية على أمل أن يعيد إشعال شرارة شهوته الباهتة، وعلى الرغم من ذلك لا يشعر بالفخر بهذه العادة عندما يخرج من مكان عمله.
وتبرز المشاهد التي يقوم فيها عبدلينيو رفقة زملائه بسرد أحداث مسلسله التلفزيوني المفضل في أوقات فراغه، عالما من الحرية وحب الحياة، وخاصة عندما يُقدم دروسًا تحمل في طياتها الكثير من الشغف في حبه لرقصة السالسا مع مشاركته سكان الحي، حيث يكتسب إعجابهم واحترامهم بمهاراته في هذا الفن الجميل.
ويقتنع عبدلينيو تمامًا بأنه سيقابل ماريا يومًا ما في الحياة الحقيقية وسيتزوجان، ومع ذلك لم يقدر على مواجهة والدته التي تلجأ إلى الشيوخ لكي تزيل عن ابنها سحر الغرام. تستعين الأم بطالب الذي جسده الممثل علي سليمان وهو داعية مسلم متطرف ونجم برنامج تلفزيوني غريب بعض الشيء.
أحيا عبدلينيو روحه النقية في عزم لا يلين، إذ يُجسد الفرصة لتحقيق الحرية والفرح والحب وذلك على الرغم من الغيمة الثقيلة التي تُظلم مدينته، وخاصة في المشهد الذي يبرز صعود عبدلينيو بروحه النقية إلى قمة الجبل الثقيل الذي يغطي مدينته ويواجهه بشغفه وحبه للحياة.
يخطو المخرج هشام عيوش في هذا العمل السينمائي الروائي الجديد خطوات جريئة لتجاوز حدود السرد التقليدي ويقدم نقدًا قويًا لانحرافات السلطة الدينية، مُظهرًا اللعب بحذر واستفزاز ضد تلاعب الزعماء الروحيين وسذاجة الجماهير. إلى جانب ذلك يرصد المخرج الساخر مشاهد المجتمع المغربي الذي يعبأ بالشائعات والأقاويل والتقاليد المتجذرة ويُضيء على العيوب بأسلوب يعكس حبه للفن والنقد.
في هذا الفيلم الساخر يستخدم المخرج اللقطات بشكل مبتكر وفني لتسليط الضوء على تميز عبدلينيو عن المجتمع المنافق والمحدد، من خلال حبه الشديد للممثلة البرازيلية. وتُظهر معظم المشاهد تفرده وتميزه، مما يجعله شخصًا مختلفا عن محيطه ومستقلاً عن القيم والتقاليد السائدة.
وتتأتى باقي المشاهد في الفيلم بشكل متقن وساخر، حيث تظهر جميع الشخصيات التي كانت معادية للبطل تأييدا ودعما، منها عائلته وسكان الحي، فضلا عن الحب العميق الذي يتجلى في جميع جوانب الفيلم. وعلى الرغم من الأداء التمثيلي المبالغ فيه نوعا ما واللمسات الرومانسية الزائدة إلا أن هناك تعبيرات تضيف عمقًا للصراع الذي يجمع شخصيتي ماريا وعبدلينيو. إن حبهما يعتبر جسرًا فعالًا يربط بين أحياء الفقر في البرازيل والأحياء الصغيرة في المغرب، إذ يعكس هذا الجسر التضامن والتعاون عبر الثقافات والحدود ويقدم رسالة إيجابية عن القوة المتجذرة في الحب والمُثُل الإنسانية.
الفيلم يروي قصة تحول شاب مغربي عادي إلى شخصية مميزة، حيث تمتزج فيه عناصر الحب والشغف وحب الحياة.
الأربعاء 2023/11/01
فرد في مواجهة سلطة المجموعة
طنجة (المغرب) - ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الثالثة والعشرين من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، ينافس المخرج هشام عيوش بفيلمه الروائي “عبدلينيو” الذي يقدم رؤية ساخرة لكنها عميقة لقواعد السلوك والسلطة الدينية والخطوط الحمراء في المجتمع المغربي.
الفيلم من إنتاج نورالدين عيوش ويشارك فيه الممثلون علي سليمان وعبدالرحيم تميمي، والبرازيلية إينيس مونتيرو.
يروي هذا العمل السينمائي الذي يأتي كرابع أفلام المخرج قصة تحول شاب مغربي عادي إلى شخصية مميزة، حيث تمتزج فيه عناصر الحب والشغف وحب الحياة، من خلال رؤية مثيرة لكيفية تحول هذا الشاب الذي يعشق بطلة مسلسلات برازيلية إلى شخصية تعبر عن حرية الفرد في مجتمع فقير بإحدى القرى النائية في المغرب.
وتبرز اللقطات والمشاهد حكاية حب معقدة تجمع بين عالمين مختلفين بشكل لافت، إذ تألق الممثل عبدالرحيم التميمي بدور عبدالله المراهق الذي يعيش في مدينة صغيرة بالمغرب، حيث يجد نفسه محاصرًا بين تطلعات والدته لزواجه وبين عشقه الجارف للبرازيل وممثلتها البارزة ماريا التي أدت دورها الممثلة إينيس مونتيرو.
تقدم الحبكة الدرامية للجمهور قصة عاطفية مؤثرة خاصة في المشاهد التي يجسد فيها عبدالله الملقب بعبدلينيو حبه للحياة، محاولا أن يوفق بين الثقافة المحلية وشغفه بالبرازيل. وينقل الفيلم بعمق توتر الصراع الداخلي النفسي والاجتماعي الذي يواجهه عبدالله، حيث يرتبط بكل ما يتعلق بالبرازيل من خلال لباسه وديكورات غرفته، حتى اللغة التي تكون جزءًا من هويته.
هشام عيوش يخطو خطوات جريئة لتجاوز حدود السرد التقليدي ويقدم نقدًا قويًا لانحرافات السلطة الدينية
وتظهر الدراما المحورية في المشاهد التي تبرز حب عبدالله لإحدى بطلات المسلسلات التلفزيونية البرازيلية بأسلوب ما ورائي نوعا ما وجذاب ومثير، وهذا الحب ينقلنا إلى رحلة عاطفية مشبعة بالمشاعر والشغف، حيث يتحدى عبدالله التقاليد والتوقعات الاجتماعية مقابل السعي خلف حلمه واتباع قلبه.
وتبرز نواة الفيلم الرومانسية من جهة والاجتماعية من جهة أخرى التناقض بين الثقافات والصعوبات التي يمكن أن تنشأ من تلاقي العوالم المختلفة بين عبدالله وماريا التي قدمت أداءً مذهلاً وتشد الانتباه بجمالها وجاذبيتها مما يجعل قلب عبدالله ينبض حبا فيها ويثير فضول المشاهد لمتابعتها هي الأخرى.
وتجسد ماريا الفتاة البرازيلية الجميلة وذات القلب الكبير رمزًا للإرادة والشجاعة في مواجهة جشع رجال الأعمال الذين يجتاحون أحياء الفقراء في البرازيل، حيث تعيش حياتها بتفانٍ في الدفاع عن مجتمعها المحروم من أبسط الأشياء التي يتمتع بها المجتمع الحر.
يعمل عبدلينيو في مكتب طوابع البريد، ينجز أعمالا رتيبة تتضمن لصق الطوابع على الظروف، وهو يقاسي وحيدًا في عالم لا يبدو فيه الكثير ليُبهجه، ويتشارك وقته مع زميله وصديقه موكا الذي جسده الممثل سعيد باي، والذي يمارس هوايته الخفية بتصفح مجلات إباحية على أمل أن يعيد إشعال شرارة شهوته الباهتة، وعلى الرغم من ذلك لا يشعر بالفخر بهذه العادة عندما يخرج من مكان عمله.
وتبرز المشاهد التي يقوم فيها عبدلينيو رفقة زملائه بسرد أحداث مسلسله التلفزيوني المفضل في أوقات فراغه، عالما من الحرية وحب الحياة، وخاصة عندما يُقدم دروسًا تحمل في طياتها الكثير من الشغف في حبه لرقصة السالسا مع مشاركته سكان الحي، حيث يكتسب إعجابهم واحترامهم بمهاراته في هذا الفن الجميل.
ويقتنع عبدلينيو تمامًا بأنه سيقابل ماريا يومًا ما في الحياة الحقيقية وسيتزوجان، ومع ذلك لم يقدر على مواجهة والدته التي تلجأ إلى الشيوخ لكي تزيل عن ابنها سحر الغرام. تستعين الأم بطالب الذي جسده الممثل علي سليمان وهو داعية مسلم متطرف ونجم برنامج تلفزيوني غريب بعض الشيء.
أحيا عبدلينيو روحه النقية في عزم لا يلين، إذ يُجسد الفرصة لتحقيق الحرية والفرح والحب وذلك على الرغم من الغيمة الثقيلة التي تُظلم مدينته، وخاصة في المشهد الذي يبرز صعود عبدلينيو بروحه النقية إلى قمة الجبل الثقيل الذي يغطي مدينته ويواجهه بشغفه وحبه للحياة.
يخطو المخرج هشام عيوش في هذا العمل السينمائي الروائي الجديد خطوات جريئة لتجاوز حدود السرد التقليدي ويقدم نقدًا قويًا لانحرافات السلطة الدينية، مُظهرًا اللعب بحذر واستفزاز ضد تلاعب الزعماء الروحيين وسذاجة الجماهير. إلى جانب ذلك يرصد المخرج الساخر مشاهد المجتمع المغربي الذي يعبأ بالشائعات والأقاويل والتقاليد المتجذرة ويُضيء على العيوب بأسلوب يعكس حبه للفن والنقد.
في هذا الفيلم الساخر يستخدم المخرج اللقطات بشكل مبتكر وفني لتسليط الضوء على تميز عبدلينيو عن المجتمع المنافق والمحدد، من خلال حبه الشديد للممثلة البرازيلية. وتُظهر معظم المشاهد تفرده وتميزه، مما يجعله شخصًا مختلفا عن محيطه ومستقلاً عن القيم والتقاليد السائدة.
وتتأتى باقي المشاهد في الفيلم بشكل متقن وساخر، حيث تظهر جميع الشخصيات التي كانت معادية للبطل تأييدا ودعما، منها عائلته وسكان الحي، فضلا عن الحب العميق الذي يتجلى في جميع جوانب الفيلم. وعلى الرغم من الأداء التمثيلي المبالغ فيه نوعا ما واللمسات الرومانسية الزائدة إلا أن هناك تعبيرات تضيف عمقًا للصراع الذي يجمع شخصيتي ماريا وعبدلينيو. إن حبهما يعتبر جسرًا فعالًا يربط بين أحياء الفقر في البرازيل والأحياء الصغيرة في المغرب، إذ يعكس هذا الجسر التضامن والتعاون عبر الثقافات والحدود ويقدم رسالة إيجابية عن القوة المتجذرة في الحب والمُثُل الإنسانية.