- شروط اللذة والالم
١ - العلماء لا يفرقون بين الجسماني والنفساني من اللذات والآلام إلا بحسب الشروط الخاصة بقسم قسم منها ، لان طبيعتها الاساسية ،واحدة، فلا تختلف شروط لذة الثواب عن شروط لذة الاكل الا من حيث الاشتباك والتركيب (۱) . ولربما كان الوهم في اختلاف طبيعتها ناشئاً عن الفرق بين اشتباك شروطهما ، نعم ان الفرق عظيم بين تعقيد شروط لذة الاكل وشروط لذة الثواب ، إلا انك إذا قابلت لذة الاصوات والالحان بلذة المدح والثناء وما شاكلها من المدركات بطريق السمع وجدت الماثلة بينها قريبة ، لأن الفرق
تكلمنا على ماهية اللذة والالم ، وقلنا ان اللذة لا تتولد من انقطاع الالم فحسب ، بل تتولد من الاسباب الخاصة بها ، وكذلك الالم . فهل يجوز البحث في شروط اللذة والالم بحثاً عاماً قبل التفريق بين اللذات والآلام الجسمانية والنفسانية ، وهل يعقل أن تكون لذة الاكل من طبيعة لذة الثواب وراحة الضمير ؟
بين تعقيد شروطها أقل .
٢ - ان لكل من اللذات والآلام الجسمانية والنفسانية شروطاً عامة وشروطاً خاصة تفرق بينها ، فمن ذلك أن اللذات والآلام الجسمانية تابعة لافعال الجسد ووظائفه الآلية ، أما اللذات والآلام الروحانية فناشئة عن فعل النزعات النفسية ، ونحن عند مقارنتها بعضها ببعض ننتبه لهذه الشروط الخاصة
ونهمل الشروط العامة - ينتج مما تقدم أنه لا فرق بين اللذات والآلام الجسمانية والنفسانية بالقياس إلى الشروط العامة ، ولا بالقياس إلى قوانين الحياة الانفعالية . فالملائم الجسماني يختلف عن الملائم النفساني بنوعه الانفعالي لا بطبيعته ، ولا فرق في الماهية كما يقول ( ريبو ) ( بين ألم اليأس أو انقطاع الامل الذي ذكره (ميكل آنج) في مقطعاته وبين ألم البثور والدمامل ٢٠)
بل ان طبيعة كل منها هي عين طبيعة الآخر . ونحن ذاكرون الآن قسما من هذه الشروط الفيسيولوجية والنفسية العامة التي تدل على أن طبيعة الجسماني من اللذات والآلام لا تختلف عن طبيعة النفساني إلا من حيث اللون الانفعالي والصفات الخاصة .
- الشروط الفيسيولوجية
إن هذه الشروط الفيسيولوجية مهمة جداً ، لأنها خارجية محسوسة ، وهي أقرب إلى البحث العلمي من الشروط النفسية الداخلية .
الاعتدال ١٠ - فمن هذه الشروط ما يقارن اللذات والآلام من التبدلات العامة التي تحدث في المجموع العصبي . وهي لا تزال غامضة حتى اليوم ، لأن العلماء لا يزالون مختلفين في أمرها . فمنهم من يقرر وجود حس . خاص يسميه بحس الألم . ومنهم من ينكر ذلك فيعزو حدوث الألم إلى شدة تأثر الأعصاب الحسية بالجملة ( ريشه .). أي الى خروج تأثر الأعصاب عن حد . وسنعود الى هذا البحث عند الكلام على الحواس . ومنهم من يقرر أن اللذات والآلام تنشأ عن تأثير النخاع الشوكي ولا سيما البصلة السيسائية المسماة بالنخاع المستطيل فهي تلعب دوراً هاماً في الحياة الإنفعالية . أما المخ أو الجوهر السنجابي الموجود على سطحه ، فليس له في حدوث الانفعالات إلا عمل قليل ، لأنه مركز الأفعال الذهنية العالية . وللمزاج والافرازات الداخلية، كما رأيت تأثير في النزعات والميول، والتهيجات.
٢ - ومن الشروط العامة اختلاف القوة والطاقة باختلاف اللذة والألم . فالحالة الملائمة تولد القوة وتزيد الفاعلية الجسدية والذهنية. والحالة المنافية تنتقص قوى الحياة وتبعث على انحطاطها . وقد أثبت ) فره Fere ) بتجارب قياس القوة التي قام بها أن القوة تزداد في اللذة ، وتنقص في الألم . ولكن هذه التجارب المهمة لم تدل بعد على صحة هذا الأمر (1)
إلا في خطوطه العامة . وسينجلي لك ذلك بعد قراءة الفقرات التالية
۳ - لقد دلت التجارب على أن الحالات الملائمة مقرونة بازدياد المبادلات العضوية .
فاللذة تقوي الدورة الدموية في الجسم عامة ، وفي الرأس خاصة، فتؤدي إلى ازدياد لمعان العينين ، واشتداد تقلص القلب وتقبضه . أما الألم فيؤخر الدورة الدموية ، وينقص عدد ضربات القلب ، حتى لقد يؤدي في بعض الاحوال المتطرفة إلى الإغماء . اللذة تقوي التنفس ، وترفع حرارة الجسد ، والالم ينقصها ، فتقل نفحات الغاز الفحمي المنتشرة في الزفير وتضعف حرارة الجسد (۱) .
(T)
(ب)
(ج)
) شکل ١٤ ( بعض الخطوط البيانية الدالة على تغير التنفس
- التنفس الطبيعي : ١٥ مرة في الدقيقة . ب - التنفس في السرور : ١٧ مرة في الدقيقة . ج - التنفس في الحزن : 4 مرات في الدقيقة ) نقلا عن دو ماس )
اللذة تزيد قوة الهضم فتمين كل جزء من أجزاء البدن على الاغتذاء، كما تعين البدن كله على حفظ صحته. وقد قيل ان السرور غذاء للنفس، لانه يساعد على الهضم، فيحفظ
الشباب ، ويطيل العمر ) لانج ) .
وعلى عكس ذلك الألم ، فهو يضعف شهوة الأكل ، ويمنع الإفراز ، ويؤخر فعل الهضم ، ويفسد التغذي. وكثيراً ما يشيب شعر المرء لهول المصائب الشديدة ، لأن شدة شدة الألم تمنع أجزاء الجسد من الحصول على غذائها الطبيعي . وقد دلت التجارب على أن هذه النتائج تنشأ عن أسباب كيميائية . فالألم يغير تركيب الدم، فيسممه بسوء ا الغذاء وامتصاص المواد التي لم تهضم جيداً . وقد يتولد من ذلك سموم موضعية أو عامة تورث الاستعداد للأمراض، فهي بمثابة خمائر تساعد على تفريخ الجراثيم الوبائية . ودلت تجارب ( لهمان ) (١) أيضا على أن الأحوال الملائمة تبعث على ازدياد النبض ، وازدياد حجم ا الساعد ، وانبساط الصدر في أثناء التنفس . بخلاف الالم فإنه يؤدي إلى ضد هذه ا النتائج .
( شكل ١٥ ) رسم النبض
- النبض في الحزن المنفعل ، ب - النبض في الحزن الفاعل ،
ج - النبض في السرور
ب
( نقلا عن دوماس )
- اللذات والآلام مصحوبة ج بتبدل في الحركات ، فاللذة تزيد الحركة
والالم ينقصها . فمن يسره أمر يضحك ويغني ويصرخ ، حق لقد يشبه السكران في عربدته ، وقد حكي عن الكيماوي ) داوي ( أنه رقص في مخبره عندما كشف البوتاسيوم، وبعث الفرح ( ارخميدس ( على الخروج من الحمام عارياً . أما الالم فيتجلى بظاهرتين متباينتين، فإما أن يكون منفعلا ، وإما أن يكون فاعلاً ، فإن كان منفعلا كان صاحبه عديم الحركة ، فاقد النشاط ، كأنما هو بالي الجسم بالهم والوهن والضنى . وان كان فاعل كان صاحبه كثير الحركة والتشنج والتقلص ، شديد الارتعاش والارتجاج والارتجاف . فيرفع صوته، ويمزق جيوبه ، ويكسر ما تقع عليه بده ، وهذا نوع من الاسراف يصبح
الشخص على أثره فقيراً ، خائر العزم ، منهوك القوى
١ - العلماء لا يفرقون بين الجسماني والنفساني من اللذات والآلام إلا بحسب الشروط الخاصة بقسم قسم منها ، لان طبيعتها الاساسية ،واحدة، فلا تختلف شروط لذة الثواب عن شروط لذة الاكل الا من حيث الاشتباك والتركيب (۱) . ولربما كان الوهم في اختلاف طبيعتها ناشئاً عن الفرق بين اشتباك شروطهما ، نعم ان الفرق عظيم بين تعقيد شروط لذة الاكل وشروط لذة الثواب ، إلا انك إذا قابلت لذة الاصوات والالحان بلذة المدح والثناء وما شاكلها من المدركات بطريق السمع وجدت الماثلة بينها قريبة ، لأن الفرق
تكلمنا على ماهية اللذة والالم ، وقلنا ان اللذة لا تتولد من انقطاع الالم فحسب ، بل تتولد من الاسباب الخاصة بها ، وكذلك الالم . فهل يجوز البحث في شروط اللذة والالم بحثاً عاماً قبل التفريق بين اللذات والآلام الجسمانية والنفسانية ، وهل يعقل أن تكون لذة الاكل من طبيعة لذة الثواب وراحة الضمير ؟
بين تعقيد شروطها أقل .
٢ - ان لكل من اللذات والآلام الجسمانية والنفسانية شروطاً عامة وشروطاً خاصة تفرق بينها ، فمن ذلك أن اللذات والآلام الجسمانية تابعة لافعال الجسد ووظائفه الآلية ، أما اللذات والآلام الروحانية فناشئة عن فعل النزعات النفسية ، ونحن عند مقارنتها بعضها ببعض ننتبه لهذه الشروط الخاصة
ونهمل الشروط العامة - ينتج مما تقدم أنه لا فرق بين اللذات والآلام الجسمانية والنفسانية بالقياس إلى الشروط العامة ، ولا بالقياس إلى قوانين الحياة الانفعالية . فالملائم الجسماني يختلف عن الملائم النفساني بنوعه الانفعالي لا بطبيعته ، ولا فرق في الماهية كما يقول ( ريبو ) ( بين ألم اليأس أو انقطاع الامل الذي ذكره (ميكل آنج) في مقطعاته وبين ألم البثور والدمامل ٢٠)
بل ان طبيعة كل منها هي عين طبيعة الآخر . ونحن ذاكرون الآن قسما من هذه الشروط الفيسيولوجية والنفسية العامة التي تدل على أن طبيعة الجسماني من اللذات والآلام لا تختلف عن طبيعة النفساني إلا من حيث اللون الانفعالي والصفات الخاصة .
- الشروط الفيسيولوجية
إن هذه الشروط الفيسيولوجية مهمة جداً ، لأنها خارجية محسوسة ، وهي أقرب إلى البحث العلمي من الشروط النفسية الداخلية .
الاعتدال ١٠ - فمن هذه الشروط ما يقارن اللذات والآلام من التبدلات العامة التي تحدث في المجموع العصبي . وهي لا تزال غامضة حتى اليوم ، لأن العلماء لا يزالون مختلفين في أمرها . فمنهم من يقرر وجود حس . خاص يسميه بحس الألم . ومنهم من ينكر ذلك فيعزو حدوث الألم إلى شدة تأثر الأعصاب الحسية بالجملة ( ريشه .). أي الى خروج تأثر الأعصاب عن حد . وسنعود الى هذا البحث عند الكلام على الحواس . ومنهم من يقرر أن اللذات والآلام تنشأ عن تأثير النخاع الشوكي ولا سيما البصلة السيسائية المسماة بالنخاع المستطيل فهي تلعب دوراً هاماً في الحياة الإنفعالية . أما المخ أو الجوهر السنجابي الموجود على سطحه ، فليس له في حدوث الانفعالات إلا عمل قليل ، لأنه مركز الأفعال الذهنية العالية . وللمزاج والافرازات الداخلية، كما رأيت تأثير في النزعات والميول، والتهيجات.
٢ - ومن الشروط العامة اختلاف القوة والطاقة باختلاف اللذة والألم . فالحالة الملائمة تولد القوة وتزيد الفاعلية الجسدية والذهنية. والحالة المنافية تنتقص قوى الحياة وتبعث على انحطاطها . وقد أثبت ) فره Fere ) بتجارب قياس القوة التي قام بها أن القوة تزداد في اللذة ، وتنقص في الألم . ولكن هذه التجارب المهمة لم تدل بعد على صحة هذا الأمر (1)
إلا في خطوطه العامة . وسينجلي لك ذلك بعد قراءة الفقرات التالية
۳ - لقد دلت التجارب على أن الحالات الملائمة مقرونة بازدياد المبادلات العضوية .
فاللذة تقوي الدورة الدموية في الجسم عامة ، وفي الرأس خاصة، فتؤدي إلى ازدياد لمعان العينين ، واشتداد تقلص القلب وتقبضه . أما الألم فيؤخر الدورة الدموية ، وينقص عدد ضربات القلب ، حتى لقد يؤدي في بعض الاحوال المتطرفة إلى الإغماء . اللذة تقوي التنفس ، وترفع حرارة الجسد ، والالم ينقصها ، فتقل نفحات الغاز الفحمي المنتشرة في الزفير وتضعف حرارة الجسد (۱) .
(T)
(ب)
(ج)
) شکل ١٤ ( بعض الخطوط البيانية الدالة على تغير التنفس
- التنفس الطبيعي : ١٥ مرة في الدقيقة . ب - التنفس في السرور : ١٧ مرة في الدقيقة . ج - التنفس في الحزن : 4 مرات في الدقيقة ) نقلا عن دو ماس )
اللذة تزيد قوة الهضم فتمين كل جزء من أجزاء البدن على الاغتذاء، كما تعين البدن كله على حفظ صحته. وقد قيل ان السرور غذاء للنفس، لانه يساعد على الهضم، فيحفظ
الشباب ، ويطيل العمر ) لانج ) .
وعلى عكس ذلك الألم ، فهو يضعف شهوة الأكل ، ويمنع الإفراز ، ويؤخر فعل الهضم ، ويفسد التغذي. وكثيراً ما يشيب شعر المرء لهول المصائب الشديدة ، لأن شدة شدة الألم تمنع أجزاء الجسد من الحصول على غذائها الطبيعي . وقد دلت التجارب على أن هذه النتائج تنشأ عن أسباب كيميائية . فالألم يغير تركيب الدم، فيسممه بسوء ا الغذاء وامتصاص المواد التي لم تهضم جيداً . وقد يتولد من ذلك سموم موضعية أو عامة تورث الاستعداد للأمراض، فهي بمثابة خمائر تساعد على تفريخ الجراثيم الوبائية . ودلت تجارب ( لهمان ) (١) أيضا على أن الأحوال الملائمة تبعث على ازدياد النبض ، وازدياد حجم ا الساعد ، وانبساط الصدر في أثناء التنفس . بخلاف الالم فإنه يؤدي إلى ضد هذه ا النتائج .
( شكل ١٥ ) رسم النبض
- النبض في الحزن المنفعل ، ب - النبض في الحزن الفاعل ،
ج - النبض في السرور
ب
( نقلا عن دوماس )
- اللذات والآلام مصحوبة ج بتبدل في الحركات ، فاللذة تزيد الحركة
والالم ينقصها . فمن يسره أمر يضحك ويغني ويصرخ ، حق لقد يشبه السكران في عربدته ، وقد حكي عن الكيماوي ) داوي ( أنه رقص في مخبره عندما كشف البوتاسيوم، وبعث الفرح ( ارخميدس ( على الخروج من الحمام عارياً . أما الالم فيتجلى بظاهرتين متباينتين، فإما أن يكون منفعلا ، وإما أن يكون فاعلاً ، فإن كان منفعلا كان صاحبه عديم الحركة ، فاقد النشاط ، كأنما هو بالي الجسم بالهم والوهن والضنى . وان كان فاعل كان صاحبه كثير الحركة والتشنج والتقلص ، شديد الارتعاش والارتجاج والارتجاف . فيرفع صوته، ويمزق جيوبه ، ويكسر ما تقع عليه بده ، وهذا نوع من الاسراف يصبح
الشخص على أثره فقيراً ، خائر العزم ، منهوك القوى
تعليق