الكتابة إمكانية الوجود الداخلية الوحيدة
... بهذا نعرف منافس فيليس: إنه الأدب. وبالكاد نجد كاتباً ملك عليه الأدب جميع مشاعره أو ضحّى هو في سبيل الأدب مثلما فعل كافكا، الذي كانت الكتابة بالنسبة له - كما كتب لفيليس - إمكانية الوجود الداخلية الوحيدة. لكن إذ لا يمكن إيقاف الوجود لمدة مؤقتة، أو (بدقة أكثر): إذ صمم كافكا نفسه على أساس هذه الإمكانية الوحيدة والحقة للوجود، فقد كان يجب عليه أن يكتب باستمرار فعلاً ومن دون انقطاع، مثلما يزاول موظفو المحكمة في (رواية "المحاكمة") وموظفو القلعة (في رواية "القلعة") "أعمالهم، ومثلما يحسب إله البحر (في قطعة نثرية بهذا الاسم) حركات المياه دون أن يتمكن من اجتياز هذه المياه بنفسه يوماً ما".
لأسباب خارجية وداخلية أيضاً كان هذا مستحيلاً طبعاً. وهكذا تكاثرت في رسائل كافكا إلى فيليس الشكاوى على العمل في المكتب الذي يدمره صحياً ويمنعه من الكتابة، وعلى عجزه عن الكتابة، وعلى عدم كتابته: "لكن عندما لم أكن أكتب، كنت أقع على الأرض، قميناً أن أُكنس إلى الخارج". جاء هذا في رسالة بتاريخ الأول من تشرين الثاني عام 1912 قبيل كتابة قصة "الانمساخ" التي يُكنس فيها غريغور سامسا من حجرته بكل معنى الكلمة... بعد تحوله إلى حشرة وموته.
... كتبت فيليس إلى كافكا أنها تريد، فيما بعد، أن تجلس إليه وهو يكتب. فأجابها بأنه لن يستطيع أن يكتب بحضورها، وشرح لها مدى العزلة التي يحتاجها للكتابة: "ما يزال الليل ليلاً أقل من اللازم". وفي وقت لاحق عاد كافكا إلى الموضوع مرة ثانية وكتب: "من أجل الكتابة أحتاج إلى عزلة، ليس مثل (زاهد)، هذا لا يكفي، وإنما مثل ميت. وبهذا المعنى فإن الكتابة هي نوم أعمق، أي موت".
(فرانز كافكا: "الآثار الكاملة / مع تفسيرات / الجزء الأول
الحكم، الوقّاد، الانمساخ، رسالة إلى الوالد")
... بهذا نعرف منافس فيليس: إنه الأدب. وبالكاد نجد كاتباً ملك عليه الأدب جميع مشاعره أو ضحّى هو في سبيل الأدب مثلما فعل كافكا، الذي كانت الكتابة بالنسبة له - كما كتب لفيليس - إمكانية الوجود الداخلية الوحيدة. لكن إذ لا يمكن إيقاف الوجود لمدة مؤقتة، أو (بدقة أكثر): إذ صمم كافكا نفسه على أساس هذه الإمكانية الوحيدة والحقة للوجود، فقد كان يجب عليه أن يكتب باستمرار فعلاً ومن دون انقطاع، مثلما يزاول موظفو المحكمة في (رواية "المحاكمة") وموظفو القلعة (في رواية "القلعة") "أعمالهم، ومثلما يحسب إله البحر (في قطعة نثرية بهذا الاسم) حركات المياه دون أن يتمكن من اجتياز هذه المياه بنفسه يوماً ما".
لأسباب خارجية وداخلية أيضاً كان هذا مستحيلاً طبعاً. وهكذا تكاثرت في رسائل كافكا إلى فيليس الشكاوى على العمل في المكتب الذي يدمره صحياً ويمنعه من الكتابة، وعلى عجزه عن الكتابة، وعلى عدم كتابته: "لكن عندما لم أكن أكتب، كنت أقع على الأرض، قميناً أن أُكنس إلى الخارج". جاء هذا في رسالة بتاريخ الأول من تشرين الثاني عام 1912 قبيل كتابة قصة "الانمساخ" التي يُكنس فيها غريغور سامسا من حجرته بكل معنى الكلمة... بعد تحوله إلى حشرة وموته.
... كتبت فيليس إلى كافكا أنها تريد، فيما بعد، أن تجلس إليه وهو يكتب. فأجابها بأنه لن يستطيع أن يكتب بحضورها، وشرح لها مدى العزلة التي يحتاجها للكتابة: "ما يزال الليل ليلاً أقل من اللازم". وفي وقت لاحق عاد كافكا إلى الموضوع مرة ثانية وكتب: "من أجل الكتابة أحتاج إلى عزلة، ليس مثل (زاهد)، هذا لا يكفي، وإنما مثل ميت. وبهذا المعنى فإن الكتابة هي نوم أعمق، أي موت".
(فرانز كافكا: "الآثار الكاملة / مع تفسيرات / الجزء الأول
الحكم، الوقّاد، الانمساخ، رسالة إلى الوالد")