اللاشعور
الحالات النفسة 1 ـ هل يشمل الشعور جميع
يظن الانسان لأول وهلة أن كل حالة نفسية شعورية ، وأنه لا فرق بين الشعور والنفس، ولكننا سنثبت في هذا الفصل أن وراء الحياة النفسية الظاهرة حياة ثانية خفية قرب هوى خفي مزق احشاءنا من دون أن نشعر به ، ورب الم داخلي لم نعرف له سببا ، أ فيعرف الانسان كل ما تنطوي عليه نفسه من الأحوال الباطنة ، وهل يدري لماذا أحب هذا وكره ذلك ، إن في نفوسنا نزعات خفية لا نشعر بها إلا عند اشتدادها وظهورها، فكأن الشعور لا يشمل جميع الأحوال النفسية ، ولعله ليس إلا برهة قصيرة من حياة النفس(١ ).
لقد كان أفلاطون يقول : ان النفس البشرية شقيقة المثل، وإنها كانت عالمة بكل شيء قبل اتصالها بالجسد. وقد أورد في كتاب ( المهينون ( أسطورة التذكر دليلا على أن النفس لا تكتسب علمها من التجربة ، بل تتذكر علمها السابق ، فالانسان يعلم مبادىء الهندسة بالقوة، قبل أن يتعلمها بالفعل ، فكأن علمه بها باطني
وطريقة سقراط في ذلك معروفة ، والفلاسفة العقليون يعتقدون أن النفس ليست صفحة بيضاء ( Table Rase ) ، وإنما هي منطوية على مبادى فطرية لا يشعر بها الانسان إلا بعد التفكير والتأمل
لم تخف هذه الحياة اللاشعورية على الفلاسفة ، فقد ذكرها ( ليبنز ( في محاولاته )) وأشار إليها ( ديكارت ( بالرغم من اعتقاده أن النفس لا تنقطع عن التفكير والشعور ، لأنه قال بوجود فكر تلقائي ) pensée spontanee ) لا يترك أثراً واضحاً في النفس كفكر الطفل ، وفكر الرجل الفارق في سبات عميق ، وفكر تأملي ( .Pensée ref lechie ) تحفظ فيه النفس ذكرياتها (٣)
رأي ليبنيز - لاجرم ان (ليبنيز ) قد أكمل الفكرة التي جاء بها (ديكارت) وأدخل على علم النفس فكرة اللانهاية الصغرى كما أدخلها من قبل على العلوم الرياضية . يقول ليبنيز : دان هنالك الف اشارة تثبت لنا ان لدينا في كل لحظة عدداً لا نهاية له من الادراكات التي لا تأمل فيها ولا نظر (۱) . يحدث في النفس تغيرات لا نطلع عليها، إما لانها صغيرة جداً، وإما لأنها كثيرة ، فاذا اتحدت وامتزج بعضها ببعض ادركنا مجموعها بصورة مبهمة و هكذا تمنعنا العادة من الاهتمام بصوت الطاحونة أو صوت الشلال إذا أقمنا بقربها مدة من الزمن. فنذهل عن هذا الصوت ، لا لأنه أصبح غير مؤثر فينا ، بل لأن الآثار التي يولدها تصبح بتكررها غير قوية فتمسي النفس غير شاعرة بها . ان النفس تدرك هذه الآثار الجزئية من غير أن تسمعها وتتأملها . مثال ذلك انك تسمع ضجة أمواج البحر مجتمعة ، ولا تسمع منها شيئاً إذا جاءت منفردة ، الموجة إثر الأخرى ، من غير أن تتحد أصواتها ، فهل هذه الأمواج الصغيرة عديمة الصوت ؟ . كلاه لأنك تدرك صوت الموجة الصغيرة وإن كنت لا تسمعه ، ولولا هذا الإدراك الجزئي لصوت كل موجة صغيرة لما سمعت ضجة الأمواج مجتمعة . وكيف تسمع صوت الضجة الكبرى إذا كنت لا تدرك صوت كل جزء منها على حدة ، لأن الضجة الكلية ناشئة عن أصوات الامواج الجزئية ، فاذا كان صوت
الموجة الجزئية صفراً كان صوت المجموع صفراً أيضاً .
وكذلك الحرج فان الانسان يراه من بعيد بكامله ، ولكنه لا يرى خضرة كل ورقة جزئية على حدتها ، مع أن هذه الخضرة الكلية لم تتولد إلا من هذه الخضرة الجزئية .
ومما يدلك على نجاح هذه النظرية التي جاء بها ليبنيز ، كثرة عدد الفلاسفة الذين اتبعوها وقالوا بها ، مثل ) شوبنهور ) و (دوهارتمان ) و ( هربارت ) و ( هاميلتون ) و ( تين ) وغيرهم، فهم يقررون أن وراء الحياة الشعورية حياة ثانية لا شعورية ، إلا أن أدلتهم عقلية محضة ، ومناقشاتهم جدلية ، ولنفحص الآن عن بعض هذه الادلة :
الحالات النفسة 1 ـ هل يشمل الشعور جميع
يظن الانسان لأول وهلة أن كل حالة نفسية شعورية ، وأنه لا فرق بين الشعور والنفس، ولكننا سنثبت في هذا الفصل أن وراء الحياة النفسية الظاهرة حياة ثانية خفية قرب هوى خفي مزق احشاءنا من دون أن نشعر به ، ورب الم داخلي لم نعرف له سببا ، أ فيعرف الانسان كل ما تنطوي عليه نفسه من الأحوال الباطنة ، وهل يدري لماذا أحب هذا وكره ذلك ، إن في نفوسنا نزعات خفية لا نشعر بها إلا عند اشتدادها وظهورها، فكأن الشعور لا يشمل جميع الأحوال النفسية ، ولعله ليس إلا برهة قصيرة من حياة النفس(١ ).
لقد كان أفلاطون يقول : ان النفس البشرية شقيقة المثل، وإنها كانت عالمة بكل شيء قبل اتصالها بالجسد. وقد أورد في كتاب ( المهينون ( أسطورة التذكر دليلا على أن النفس لا تكتسب علمها من التجربة ، بل تتذكر علمها السابق ، فالانسان يعلم مبادىء الهندسة بالقوة، قبل أن يتعلمها بالفعل ، فكأن علمه بها باطني
وطريقة سقراط في ذلك معروفة ، والفلاسفة العقليون يعتقدون أن النفس ليست صفحة بيضاء ( Table Rase ) ، وإنما هي منطوية على مبادى فطرية لا يشعر بها الانسان إلا بعد التفكير والتأمل
لم تخف هذه الحياة اللاشعورية على الفلاسفة ، فقد ذكرها ( ليبنز ( في محاولاته )) وأشار إليها ( ديكارت ( بالرغم من اعتقاده أن النفس لا تنقطع عن التفكير والشعور ، لأنه قال بوجود فكر تلقائي ) pensée spontanee ) لا يترك أثراً واضحاً في النفس كفكر الطفل ، وفكر الرجل الفارق في سبات عميق ، وفكر تأملي ( .Pensée ref lechie ) تحفظ فيه النفس ذكرياتها (٣)
رأي ليبنيز - لاجرم ان (ليبنيز ) قد أكمل الفكرة التي جاء بها (ديكارت) وأدخل على علم النفس فكرة اللانهاية الصغرى كما أدخلها من قبل على العلوم الرياضية . يقول ليبنيز : دان هنالك الف اشارة تثبت لنا ان لدينا في كل لحظة عدداً لا نهاية له من الادراكات التي لا تأمل فيها ولا نظر (۱) . يحدث في النفس تغيرات لا نطلع عليها، إما لانها صغيرة جداً، وإما لأنها كثيرة ، فاذا اتحدت وامتزج بعضها ببعض ادركنا مجموعها بصورة مبهمة و هكذا تمنعنا العادة من الاهتمام بصوت الطاحونة أو صوت الشلال إذا أقمنا بقربها مدة من الزمن. فنذهل عن هذا الصوت ، لا لأنه أصبح غير مؤثر فينا ، بل لأن الآثار التي يولدها تصبح بتكررها غير قوية فتمسي النفس غير شاعرة بها . ان النفس تدرك هذه الآثار الجزئية من غير أن تسمعها وتتأملها . مثال ذلك انك تسمع ضجة أمواج البحر مجتمعة ، ولا تسمع منها شيئاً إذا جاءت منفردة ، الموجة إثر الأخرى ، من غير أن تتحد أصواتها ، فهل هذه الأمواج الصغيرة عديمة الصوت ؟ . كلاه لأنك تدرك صوت الموجة الصغيرة وإن كنت لا تسمعه ، ولولا هذا الإدراك الجزئي لصوت كل موجة صغيرة لما سمعت ضجة الأمواج مجتمعة . وكيف تسمع صوت الضجة الكبرى إذا كنت لا تدرك صوت كل جزء منها على حدة ، لأن الضجة الكلية ناشئة عن أصوات الامواج الجزئية ، فاذا كان صوت
الموجة الجزئية صفراً كان صوت المجموع صفراً أيضاً .
وكذلك الحرج فان الانسان يراه من بعيد بكامله ، ولكنه لا يرى خضرة كل ورقة جزئية على حدتها ، مع أن هذه الخضرة الكلية لم تتولد إلا من هذه الخضرة الجزئية .
ومما يدلك على نجاح هذه النظرية التي جاء بها ليبنيز ، كثرة عدد الفلاسفة الذين اتبعوها وقالوا بها ، مثل ) شوبنهور ) و (دوهارتمان ) و ( هربارت ) و ( هاميلتون ) و ( تين ) وغيرهم، فهم يقررون أن وراء الحياة الشعورية حياة ثانية لا شعورية ، إلا أن أدلتهم عقلية محضة ، ومناقشاتهم جدلية ، ولنفحص الآن عن بعض هذه الادلة :
تعليق