البحيرة: تجمّع مائي كبير نسبيًا راكد أو يتحرك ببطء، ويشغل تجويفًا له مساحة معقولة على سطح الأرض، وتُستخدم أيضًا بصفتها خزانات للمياه.
فُقدت كميات كبيرة من المياه في الثلاثين سنة الماضية؛ إذ تعادل حجم بحيرة ميد -أكبر خزان في الولايات المتحدة- بسبع عشرة مرة.
وجد الباحثون أن أكبر البحيرات والخزانات في العالم فقدت أكثر من نصف ما تحويه من المياه؛ أقل مما كانت عليه قبل ثلاثة عقود، فالمناخ الدافئ واستهلاك الإنسان للمياه هما السبب في ذلك إلى حد كبير.
تُخزِّن البحيرات والخزانات 87% من المياه العذبة السائلة على سطح الأرض، ولكن أظهرت الأبحاث الجديدة التي تستخدم ملاحظات الأقمار الصناعية بجانب البيانات والتصاميم المناخية أن 53% من أكبر البحيرات والخزانات على الأرض تخزّن بداخلها كميات من المياه أقل بكثير مما كانت عليه في عام 1992، إذ يُقدّر إجمالي كمية المياه المفقودة بنحو 602.3 كيلومتر مكعب؛ أي ما يعادل حجم بحيرة ميد بسبع عشرة مرة.
الآن، نحو ربع البحيرات والخزانات فقط، تحتوي على كميات من المياه أكثر مما كانت عليه في عام 1992، ووجد الباحثون أيضًا أن ربع سكان العالم يعيشون داخل أحواض البحيرات الجافة.
أظهرت الأبحاث السابقة رِقاعًا من المناطق الجافة التي تُصبح أكثر جفافًا، والمناطق الرطبة التي تُصبح أكثر رطوبة، إذ تكون آثار التغير المناخي أكثر بروزًا، ولكن الدراسة الجديدة التي نُشرت في 18 مايو 2023 في مجلة العلوم، تُوضح أن البحيرات تجف في المناطق الاستوائية الرطبة وكذلك في المناطق القاحلة.
قال المؤلف الرئيسي للدراسة فانغفانغ ياو، باحث في المناخ في جامعة فيرجينيا لمجلة لايف ساينس: «يشير هذا إلى أن الجفاف يمتد ليشمل جميع أنحاء العالم أكثر مما كان معروفًا في السابق».
أضاف ياو: «إن الدراسة كانت مرتبطةً بأزمة بحر آرال في آسيا الوسطى، التي كانت رابع أكبر بحيرة في العالم قبل أن تبدأ بالجفاف في ستينيات القرن العشرين».
في عام 2014، نشرت وكالة ناسا صورة التُقطت بالقمر الصناعي، تُظهِر أن الجزء الشرقي من بحر آرال الجنوبي قد اختفى تمامًا.
إن انخفاض مستوى المياه في البحيرات يعني تَوفُّر كميات أقل للاستهلاك البشري، بدايةً من الري والاستخدامات الصناعية، إلى إمدادات مياه الشرب المنزلية.
قد تؤثر المستويات المنخفضة للمياه في البحيرات في عمليات إنتاج الطاقة الكهرومائية.
قد تؤثر أيضًا في النظم البيئية للبحيرات، إذ تتعرض الأسماك والطيور المهاجرة للخطر عندما تنخفض نسبة المياه، وعندما تجف البحيرات المالحة.
قد يصبح قاع البحيرة مكشوفًا فيصبح مصدرًا للعواصف الترابية السامة التي تؤدي إلى تدهور التُّرب المجاورة وتسبب مشكلات صحية.
استخدم الباحثون نموذجًا إحصائيًا لتحديد الأسباب الرئيسية الكامنة وراء فقدان المياه في البحيرة والخزان، وُجِد أن ارتفاع حرارة المناخ والاستهلاك البشري هما السببان الرئيسان لفقدان المياه من البحيرات، في حين إن عملية الترسيب؛ أي تراكم الفتات الصخري بعد عمليتي الحت والتعرية، كان السبب الرئيس في فقدان مياه الخزانات.
قال ياو: «تُعد عملية الترسيب كارثة مريبة؛ لأنها تحدث على مدار سنوات وعقود من الزمن».
يعتمد استمرار جفاف البحيرات على الأرض على التفاعل المعقد لعوامل مختلفة، ولكن هذه الدراسة الجديدة قد تعطينا فكرة عما قد يحدث في ظل ظروف مختلفة.
مثلًا، تميل الخزانات التي اكتسبت المياه إلى أن تكون حديثة التكوين، في حين أن الخزانات القديمة كانت أكثر تأثرًا بعمليات الترسيب، ما قد يشير إلى أن تلك الزيادات في تخزين المياه قد تكون قصيرة الأجل.
غالبًا، تقع البحيرات المليئة بالمياه في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، مثل السهول الشمالية الكبرى في أمريكا الشمالية، ووجد الباحثون أن الزيادات في المياه كانت متأثرة على نحو أساسي بزيادة هطول الأمطار.
قال ياو: «إذا بقيت مستويات هطول الأمطار كما هي، فإن تأثير المناخ الحراري واستهلاك الإنسان للمياه قد يصبح مشكلة، لذلك إذا واصلنا العمل كالمعتاد في استهلاك المياه لتلبية احتياجاتنا القصوى، سنجعل الوضع أسوأ».
وضحت الدراسة أيضًا أنه بتغيير طريقة استهلاكنا، نستطيع الحد من نقص المياه في البحيرات.
مثلًا، بحيرة سيفان في أرمينيا، التي زادت فيها نسبة المياه بعد أن سَنَّت الحكومة قوانين للحفاظ على البحيرة والمياه عمومًا في أواخر القرن العشرين.
قال ياو: «إذا اتخذنا عدة إجراءات لإنقاذ المسطحات المائية التي تتأثر بشدة بالأنشطة البشرية، فيمكن عندئذ إنقاذها والحفاظ عليها».