يقدّم الطيارون تقارير حول مواجهة المطبات الهوائية بمعدل 5500 تقرير سنويًا، وقد زاد هذا العدد في السنوات الأخيرة بسبب التغير المناخي. يُعد الهبوط الاضطراري لرحلة لوفتهانزا بعد وقت قصير من الإقلاع آخر مثال للمطبات الهوائية الشديدة.
وقعت عدة أحداث في عام 2023. إذ اضطر الطيار إلى التراجع عن الهبوط بسبب المطبات الهوائية الشديدة في إحدى الرحلات، بينما تسبب مطب هوائي آخر بإصابة 25 شخصًا على متن رحلة تابعة لخطوط هاواي الجوية، إضافة إلى تسجيل عدد من الإصابات في رحلة لوفتهانزا.
على الرغم من ندرة حالات الوفاة بسبب المطبات الهوائية، فقد توفّي راكب على متن طائرة رجال أعمال بفعل مطب هوائي شديد في 4 مارس 2023.
يرى الخبراء أن المطبات الهوائية قد تزداد في السنوات القادمة مع ازدياد قسوة الطقس في جميع أنحاء كوكبنا.
لماذا تزداد المطبات الهوائية سوءًا؟
المطب الهوائي: هو أي تغيير غير منتظم وغير متوقع في حركة الهواء يؤثر في ارتفاع الطائرة وحركتها.
قد تتراوح شدته من هزة خفيفة إلى شديدة، ما يسبب الغثيان والإصابات عند الركاب مثل ارتطام الرأس بالمقعد.
الأسباب الرئيسية للمطبات الهوائية هي العواصف والضغط الجوي والتيارات النفاثة.
عمومًا، يستخدم الطيارون بصرهم والرادار والتقارير الواردة من الطائرات الأخرى لاكتشاف العواصف وغيرها من علامات المطبات الهوائية القادمة قبل أن تبدأ الطائرة بالاهتزاز؛ ما يمنحهم الوقت لتشغيل لافتة (ربط أحزمة المقاعد)، وإرشاد الركاب لأخذ مقاعدهم.
يجب أن يتعامل الطيارون أيضًا مع المطب الهوائي الصافي، إذ لا يوجد له سبب واضح.
قد يؤدي المطب الهوائي الصافي إلى اهتزاز الطائرة قبل أن يتمكن الطيار من إصدار تحذير؛ ما يجعلها خطيرة، ويزداد هذا النوع بالذات بسبب تغير المناخ.
العلاقة بين تغير المناخ والمطبات الهوائية الصافية
السبب الرئيس هو رياح القص، وهو تغير مفاجئ في سرعة الرياح واتجاهها، ويحدث خصوصًا ضمن التيارات النفاثة.
يقول ستيفن بينيت، رئيس لجنة المخاطر المناخية التابعة للجمعية الأمريكية للأرصاد الجوية ومدير The Demex group: «عندما تهب رياح من الغرب بسرعة 160 كيلومترًا في الساعة على ارتفاع نحو 9 كيلومتر، وتهب أيضًا من الشمال بسرعة 48 كيلومترًا في الساعة على ارتفاع نحو 6 كيلومتر، قد تكون مضطربة جدًا بالنسبة للطائرة التي تتحرك بين هذين الارتفاعين».
باختصار، تؤدي رياح القص العالية إلى تيار نفاث غير مستقر ورياح أكثر سرعة.
يؤدي كلاهما دورًا رئيسيًا في المطبات الهوائية الصافية، وقد أدى تغير درجات الحرارة العالمية بالفعل إلى زيادة رياح القص بنسبة 15% منذ عام 1979.
إضافة إلى ذلك، يتطور المطب الهوائي الصافي حول التيارات النفاثة في الارتفاعات الكبيرة، حيث تطير الطائرات عادة.
قالت إيزابيل سميث، عالمة الأرصاد وطالبة الدكتوراه في جامعة ريدينغ والمؤلفة الرئيسية لمقال يتحدث عن اتجاهات المطبات الهوائية الصافية فوق شمال المحيط الأطلسي عام 2023: «تزداد قوة هذه الحزم من الرياح مع تطور الاحتباس الحراري».
وفقًا لسميث، فإن الزيادة في الغازات الدفيئة (غازات الاحتباس الحراري) تحبس الحرارة في طبقة التروبوسفير، وهي طبقة الغلاف الجوي الأقرب إلى سطح الكرة الأرضية.
ولكن، كان يجب أن تتحرر هذه الحرارة في الستراتوسفير، وهي الطبقة التي طبقة التروبوسفير.
إذن، ترتفع درجة حرارة طبقة التروبوسفير على مستوى الكوكب بينما تبرد طبقة الستراتوسفير بسرعة.
تقول سميث: «يؤدي هذا إلى زيادة التدرج في درجة الحرارة بين الطبقتين، ما يزيد من قوة التيار النفاث، الذي يخلق تدفقًا غير مستقر للرياح، ويزيد من المطبات الهوائية الصافية».
يتوقع علماء الأرصاد الجوية أن يتضاعف عدد المطبات بمقدار الضعف بحلول عام 2050.
قال ستيفن بينيت: «ستواجه الرحلات الجوية فوق شمال الأطلسي زيادة أكبر في المطبات الهوائية الشديدة».
قد تلجأ خطوط الطيران إلى مسارات أطول وأكثر تكلفة لتجنب المطبات الهوائية.
تتسبب المطبات الهوائية الصافية بنسبة كبيرة من الحوادث المتعلقة بالطقس على الرحلات الجوية، وتعد سببًا رئيسيًا لتعرض مضيفات الطيران للإصابة.
مع أن الخبراء يتوقعون أن تزداد التغيرات المناخية سوءًا، فإنه لا يجب القلق بشأن المطبات الهوائية في الرحلات الجوية المستقبلية.
قال بينيت: «يبدو أن الطيران قد يصبح أكثر خطورة بسبب تغير المناخ، إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة». قد تتكيف أنظمة تحديد المسار مع هذا التغير، بحيث تتجنب الطائرة المرور بمناطق حدوث المطبات الهوائية.
أضاف بينيت: «أتوقع أيضًا أن تسهل التكنولوجيا الحديثة عملية اكتشاف المطبات الهوائية الصافية في العقود المقبلة، وعندما نأخذ تغيرات المناخ بعين الاعتبار، فقد تصبح الرحلات الجوية أكثر أمانًا مع مرور الوقت بدلًا من كونها خطرة جدًا».
ترى سميث أن المطبات الهوائية الشديدة لاتزال نادرة جدًا.
قالت سميث: «لا تزال المطبات الهوائية الشديدة نادرة الحدوث. مثلًا، إذا كانت الطائرة تسافر عبر المحيط الأطلسي من نيويورك إلى لندن، فقد يكون هناك مطبات هوائية خفيفة بنسبة 3% فقط من الغلاف الجوي، و1% منه مطبات هوائية متوسطة ويندر حدوث مطبات شديدة».
تضيف: «هذه النسبة في تزايد، لذلك قد تواجه الطائرة مزيدًا من المطبات الهوائية في المستقبل، ولكن قد تكون بدرجات خفيفة لا تسبب أية إصابات».
أضافت سميث: «مع ذلك، تحاول شركات الطيران تجنب المطبات قدر الإمكان. لذلك، قد تؤدي المطبات المتزايدة إلى مزيد من مسارات الطيران المعقدة؛ أي سفرًا أطول وأوقات انتظار طويلة، إضافة إلى زيادة استهلاك وقود الطائرات وانبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون».
في الواقع، قد يكلف تجنب المطبات الهوائية شركات الطيران 22 مليون دولار إضافية سنويًا، وزيادة انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون وقد تبلغ ٧٠ مليون كيلوغرام. توصلت أطروحة بحثية إلى أن الطائرات قد تقضي نحو 2000 ساعة إضافية في الهواء سنويًا.
فيما يتعلق بالطيران الآمن، يقدم بينيت وسميث النصيحة نفسها؛ ترك حزام الأمان مربوطًا عند الجلوس حتى ولو سُمح للشخص بنزعه.