- الشعور والشخصية
۲ - الشعور والشخصية : - ليست أحوال الشعور مفارقة للشخصية ، وإنما هي جزء
منها ، فالرغائب والأفكار ليست موجودة بذاتها ، لأنها ملازمة للنفس الشاعرة ،فإما ان تكون هذه الرغبة رغبتي ، واما أن تكون رغبة غيري ، ولكنها لا تعدو في كلا الحالين أن تكون ذات صورة معروفة، وحلية متصفة بصفات الشخصية الشاعرة. وليست كل حالة
استقلال مصبوغة شعورية بمتضمنة معرفة تامة بالشخصية ، بل قد يسبق ادراك الشخصية البين شعور مبهم غامض لا فرق فيه بين الجسد والعالم الخارجي ، ولا بين الجسد والانا . ان عدم أحوال الشعور عن الشخصية لا يدل على وجود ذات ) متافيزيقية ) مفارقة للجسد ، بل يدل على أن أحوال الشعور المتصلة بعضها ببعض تؤلف كلا متسق الأجزاء . ألم تر أن الرغائب متحدة بغيرها من المشاعر والميول، والتصورات ، والاعتقادات ، كأنها بألوان النفس أو مصهورة بحرارتها، حتى لقد يخيل اليك انها تؤلف ذاتاً واحدة، منسجمة الأنغام ، متداخلة الأجزاء ولو كانت الحالة الشعورية مفارقة للأنا لكان العلم بها مستحيلا الا تعدو أن تكون حالتي أو حالتك ، وأن تكون بذلك شخصية. وأني لي الشعور تماماً بما تشعر به أنت . إن نغمة واحدة قد تولد الف احساس مختلف إذا سمعها الف شخص فكما أن علماء الطبيعة يقررون عدم تداخل أجزاء المادة ، كذلك علماء النفس فهي
يقولون بعدم تداخل النفوس
٣ - الشعور اصطفاء (۱) : - ان فاعلية النفس محدودة ، ولذلك كان شعورها بكل ما يحيط بها غير ممكن . وسبب ذلك أنها تصطفي ما هو موافق لأحوالها ، وتهمل الأشياء الأخرى ، هب جماعة من الناس زاروا بلداً واحداً ، فإن كل واحد منهم يختلف عن الآخر بالأشياء التي انتبه لها والذكريات التي حفظها . وكذلك الماشي في الطريق لا يشعر يجميع الأشياء التي يمر بها . فالنفس تصطفي في كل وقت ، تصطفي في الاحساس ، والادراك ، والذاكرة ، وتداعي الأفكار ، تصطفي في اليقظة ، وتصطفي في النوم ، فتدرك من كل شيء صفته البارزة، وتقتصر في الاشارة اليه على هذه الصفة دون غيرها ، ولقد سمى العلماء هذه الظاهرة بضيق ساحة الشعور Etroitesse du champ de la ) . ( Conscience
وليست ظاهرة الاصطفاء هذه خاصة بالشعور وحده ، وإنما هي ظاهرة عامة تشمل المادة والحياة والنفس. فالأجسام الكيموية يعشق بعضها بعضاً ، والنبات يمتص من التراب بعض المواد الغذائية دون بعض ، وآلة اللاسلكي تصطفي بعض الأمواج المعينة ،
وكذلك حواس الإنسان فهي لا تشعر يجميع الموجات الحسية ، لأن العين لا ترى كل موجات النور ، ولا تشعر بما فوق الأحمر ، ولا بما تحت البنفسجي . والأذن لا تسمع كل أمواج الهواء ، بل تهمل السريع والبطيء منها ، ففي الطبيعة إذن كثير من القوى التي نجهلها ، لأن حواسنا لا تطلعنا عليها . حق لقد قال ( غوستاف لوبون ) : إن العلماء استعملوا أنابيب ) كروكس ( مدة خمس وعشرين سنة من غير أن يطلعوا على أشعة ( رونتجن ) الموجودة فيها . وقوة الكهرباء موجودة في الطبيعة منذ القدم ، ولكن الناس لم يطلعوا عليها إلا في العصور الحديثة .
أضف إلى ذلك أن المرء لا يشعر إلا بما له علاقة بمنفعته . فاذا أردت أن تطلع على خلق رجل فانظر إلى الأشياء التي ينتبه لها ، وإلى الأشياء التي يهملها . لأن اختيار الرجل دليل على عقله . وكم مرة ذهلنا فيها عن الأشياء التي تحيط بنا لإهتمامنا ببعض الذكريات ، و انصرافنا إلى بعض الأحلام ، فالنفس لا تشعر إلا بما تهتم به وتصطفيه ، فكأن الإنسان
لا يبني لنفسه إلا بناء موافقاً له ، ولا يقيم إلا حيث يشاء .
۲ - الشعور والشخصية : - ليست أحوال الشعور مفارقة للشخصية ، وإنما هي جزء
منها ، فالرغائب والأفكار ليست موجودة بذاتها ، لأنها ملازمة للنفس الشاعرة ،فإما ان تكون هذه الرغبة رغبتي ، واما أن تكون رغبة غيري ، ولكنها لا تعدو في كلا الحالين أن تكون ذات صورة معروفة، وحلية متصفة بصفات الشخصية الشاعرة. وليست كل حالة
استقلال مصبوغة شعورية بمتضمنة معرفة تامة بالشخصية ، بل قد يسبق ادراك الشخصية البين شعور مبهم غامض لا فرق فيه بين الجسد والعالم الخارجي ، ولا بين الجسد والانا . ان عدم أحوال الشعور عن الشخصية لا يدل على وجود ذات ) متافيزيقية ) مفارقة للجسد ، بل يدل على أن أحوال الشعور المتصلة بعضها ببعض تؤلف كلا متسق الأجزاء . ألم تر أن الرغائب متحدة بغيرها من المشاعر والميول، والتصورات ، والاعتقادات ، كأنها بألوان النفس أو مصهورة بحرارتها، حتى لقد يخيل اليك انها تؤلف ذاتاً واحدة، منسجمة الأنغام ، متداخلة الأجزاء ولو كانت الحالة الشعورية مفارقة للأنا لكان العلم بها مستحيلا الا تعدو أن تكون حالتي أو حالتك ، وأن تكون بذلك شخصية. وأني لي الشعور تماماً بما تشعر به أنت . إن نغمة واحدة قد تولد الف احساس مختلف إذا سمعها الف شخص فكما أن علماء الطبيعة يقررون عدم تداخل أجزاء المادة ، كذلك علماء النفس فهي
يقولون بعدم تداخل النفوس
٣ - الشعور اصطفاء (۱) : - ان فاعلية النفس محدودة ، ولذلك كان شعورها بكل ما يحيط بها غير ممكن . وسبب ذلك أنها تصطفي ما هو موافق لأحوالها ، وتهمل الأشياء الأخرى ، هب جماعة من الناس زاروا بلداً واحداً ، فإن كل واحد منهم يختلف عن الآخر بالأشياء التي انتبه لها والذكريات التي حفظها . وكذلك الماشي في الطريق لا يشعر يجميع الأشياء التي يمر بها . فالنفس تصطفي في كل وقت ، تصطفي في الاحساس ، والادراك ، والذاكرة ، وتداعي الأفكار ، تصطفي في اليقظة ، وتصطفي في النوم ، فتدرك من كل شيء صفته البارزة، وتقتصر في الاشارة اليه على هذه الصفة دون غيرها ، ولقد سمى العلماء هذه الظاهرة بضيق ساحة الشعور Etroitesse du champ de la ) . ( Conscience
وليست ظاهرة الاصطفاء هذه خاصة بالشعور وحده ، وإنما هي ظاهرة عامة تشمل المادة والحياة والنفس. فالأجسام الكيموية يعشق بعضها بعضاً ، والنبات يمتص من التراب بعض المواد الغذائية دون بعض ، وآلة اللاسلكي تصطفي بعض الأمواج المعينة ،
وكذلك حواس الإنسان فهي لا تشعر يجميع الموجات الحسية ، لأن العين لا ترى كل موجات النور ، ولا تشعر بما فوق الأحمر ، ولا بما تحت البنفسجي . والأذن لا تسمع كل أمواج الهواء ، بل تهمل السريع والبطيء منها ، ففي الطبيعة إذن كثير من القوى التي نجهلها ، لأن حواسنا لا تطلعنا عليها . حق لقد قال ( غوستاف لوبون ) : إن العلماء استعملوا أنابيب ) كروكس ( مدة خمس وعشرين سنة من غير أن يطلعوا على أشعة ( رونتجن ) الموجودة فيها . وقوة الكهرباء موجودة في الطبيعة منذ القدم ، ولكن الناس لم يطلعوا عليها إلا في العصور الحديثة .
أضف إلى ذلك أن المرء لا يشعر إلا بما له علاقة بمنفعته . فاذا أردت أن تطلع على خلق رجل فانظر إلى الأشياء التي ينتبه لها ، وإلى الأشياء التي يهملها . لأن اختيار الرجل دليل على عقله . وكم مرة ذهلنا فيها عن الأشياء التي تحيط بنا لإهتمامنا ببعض الذكريات ، و انصرافنا إلى بعض الأحلام ، فالنفس لا تشعر إلا بما تهتم به وتصطفيه ، فكأن الإنسان
لا يبني لنفسه إلا بناء موافقاً له ، ولا يقيم إلا حيث يشاء .
تعليق