الباحثون يطورون تقنية تتوقع المدن التي ستتعرض للعواصف القاسية مستقبلاً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الباحثون يطورون تقنية تتوقع المدن التي ستتعرض للعواصف القاسية مستقبلاً

    طور الباحثون طريقة جديدة، فُصّلت في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة Nature لتحديد الأماكن التي يُرجح أن تأتي عليها الظواهر المتطرفة، مثل العواصف التي تحدث كل 100 عام، ولمعرفة هل تتغير احتمالية حدوث هذه الظواهر المتطرفة بمرور الوقت، ولماذا.

    بإمكان المدن الاستعانة بهذه المعلومات المهمة لبناء وسائل الحماية من الفيضانات وتجهيزها، مثل بناء حواجز بحرية كبيرة أو محطات ضخ أكبر في أكثر المناطق احتياجًا.
    يقول توماس وال، المؤلف المشارك بالدراسة والأستاذ المساعد في قسم الهندسة المدنية والبيئية وهندسة البناء في جامعة كاليفورنيا وعضو المركز الوطني للبحوث الساحلية المتكاملة التابع لجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة: «لا نريد المبالغة في التصميم وإهدار الأموال على بناء أشياء أكبر من اللازم، فذلك أمر مكلف للغاية».



    ويتبع: «من ناحية أخرى، لا نريد أن نبني أشياء أصغر من اللازم لنكتشف بعد 20 عامًا أننا بخسنا التصميم حقه ونحتاج الآن إلى دفع المزيد من الأموال لتطويع بنيتنا التحتية لمواجهة ما قد يعرض من ظواهر».

    تحلل الدراسة الجديدة اتجاهات هبوب العواصف على مدى السنوات الستين الماضية تقريبًا، وتظهر أنه بالإضافة إلى ارتفاع مستوى سطح البحر تؤثر التغيرات في حدة العواصف على مدى شراسة الفيضانات على طول سواحل أوروبا.

    ومع ذلك، في حين تشهد بعض المناطق زيادة في شراسة الفيضانات تبعًا للتغيرات في حدة العواصف، تشهد بعض المناطق الأخرى انخفاضًا.

    وفقًا للدراسة مثلًا، تزيد احتمالية الفيضانات الشديدة على السواحل الشمالية لاسكتلندا، في حين تنخفض الاحتمالية عند سواحل إسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا والدنمارك.

    يقول وال: «ما كان في السابق حدثًا يُعرض كل 50 عامًا، أصبح الآن حدثًا يعرض كل 30 عامًا في بعض المناطق، لذا هناك زيادة بنسبة 40% تقريبًا في احتمالية وقوع أحداث متطرفة معينة».

    «ولكن في مناطق أخرى، فإن ما كان يومًا ما حدثًا عابرًا كل 50 عامًا، مع احتمال حدوث يبلغ 2% في عام معين في الستينيات من القرن الماضي، أصبح الآن أقرب إلى حدث يقع كل 100 عام مع احتمال حدوث نسبته 1% فقط».
    «تحدث هذه التغييرات فوق مستوى سطح البحر، لذلك بينما تشهد بعض المناطق تأثيرًا مُركبًا لارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة العواصف، يلغي التأثيران بعضهما بعضًا في مناطق أخرى».

    دمج الباحثون في الدراسة بيانات قياس المد والجزر القديمة، التي يرجع رصدها إلى ما بين عامي 1960 و2018، وذلك من 79 موقعًا على طول سواحل أوروبا، في نهج إحصائي طوّروه حديثًا.

    يرتكز هذا النهج على علاقة المنطقة المُعرضة بحدة الظاهرة، ما سيتيح تدريجيًا تعيين التغير في شدة العواصف واسعة النطاق، دون الخلط بينها وبين أخطاء الرصد وتلك التأثيرات التي لا تعدو كونها ضوضاء ذات نطاق محدود.

    يقول فرانسيسكو مير كالافات، المؤلف الرئيس للدراسة والعالم الكبير في المركز الوطني لعلوم المحيطات، في ليفربول، في المملكة المتحدة: «سمح لهم ذلك بتنحية العينات المحدودة والصاخبة المعتادة لبيانات قياس المد».

    يقول كالافات: «لقد سمح لنا نهجنا الجديد بالحصول على تقديرات للتغير في التطرف في مستوى سطح البحر، وكانت نتائجنا أكثر موثوقية وأقل غموضًا من تلك التي تسفر عنها الأساليب التقليدية».

    وبالجمع بين محاكاة نماذج المناخ ونموذج حدة العواصف المؤيَّد بالبيانات الضرورية -وهو ما طوّره طالب الدكتوراة والمؤلف المشارك في الدراسة مايكل جيتاشيو تاديسي في جامعة كاليفورنيا- تمكن الباحثون من تحديد إذا كانت التغيرات في حدة العواصف ناتجة عن تقلب مناخي داخلي أو عن أسباب من صنع الإنسان.

    أشارت بيانات الدراسة إلى أن الإنسان تسبب في حدوث تغييرات، مثل زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ما زاد من احتمالية حدوث العواصف الناجمة عن إعصار خافيير في أوروبا عام 2013 بنسبة 20% تقريبًا.

    يقول كالافات: «وجدت دراستنا أن التغيرات في هبوب العواصف على أوروبا منذ عام 1960 قد غيرت احتمالية حدوث تطرف في مستوى سطح البحر مثل ارتفاع مستواه، إضافة إلى أن تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري يؤثر بطريقة ما». «هذه نتيجة مفاجئة، لأنه قبل بحثنا ساد رأي يعزو التغييرات في احتمالية حدوث تطرف في مستوى سطح البحر إلى ارتفاع مستواه، دون الالتفات إلى التغيرات في هبوب العواصف».

    يقول وال إن جزءًا من السبب في ذلك هو أن دور العواصف لم يكن من السهل استنباطه حتى هذه الدراسة.

    ويستطرد: «يعلو مستوى سطح البحر وينخفض فيسبب ظواهر معينة وهو ما علمناه توًا». ونحن نعلم أن ارتفاع مستوى سطح البحر عامل كبير يؤدي إلى مستويات أعلى من هياج البحر، لأن مستوى المياه ببساطة يرتفع. عاصفة مثل عاصفة ساندي عام 2012 لم تكن ذات تأثير يُذكر في عام 1920.

    «ولكن دائما ما يوجد سؤال بلا إجابة، هل يستحث نشاط العواصف المزيد من العواصف أو يتسبب في عواصف أشد؟».

    ومع أن الدراسة حللت السواحل في أوروبا، فإن الباحثين لديهم خطط لتطوير الطريقة وتطبيقها لمعرفة مخاطر الفيضانات الشديدة في الولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم.

    «سيكون من المثير للاهتمام أن نرى إذا كانت التقديرات الأكثر موثوقية تعطينا صورة أكثر وضوحًا لما يمكن أن يخبرنا به الماضي عن التغييرات في حدة العواصف التي حدثت بالفعل على طول سواحل الولايات المتحدة».

    تكثر تفاصيل العمل في أبحاث وال في التغييرات الساحلية، إضافةً إلى دراسة فيضانات المد المرتفع التي تلقب بالفيضانات المزعجة، وفهم العواصف والعوامل المتعلقة بها، مثل تقلب المناخ واسع النطاق.

    وشملت الدراسة أيضا المؤلفة المشاركة سارة ن. سبارو، منسقة برنامج ClimatePrediction.net في مركز أبحاث أكسفورد بجامعة أكسفورد.

    طُوّر نموذج العواصف المستخدم في الدراسة بوصفه جزءًا من المشروع الذي حصد وال على إثره جائزة الممارس الحديث للمهنة من ناسا. وتستمر عملية تطوير النموذج واستخدامه في مشروع جديد، يدعمه فريق علوم مستوى البحر في ناسا ومشروع آخر برعاية مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية تحت برنامج بريفينتس.
يعمل...
X